من هو الشاعر الذي قتله شعره؟ لقب بـ «معجزة عصره»
الشعر موهبة ميز بها الله سبحانه وتعالى بعض الأشخاص ولكل شاعر مدرسته الخاصة، وبالكاد لم يخطر ببال أحد الشعراء أن يتسبب الشعر في إيذاء أحدهم، لكن الأمر أحيانًا وصل حد القتل، ولهذا نقدم لكم في مقالنا هذا إجابة على تساؤل من هو الشاعر الذي قتله شعره؟
من هو الشاعر الذي قتله شعره وما هو البيت الذي قتله؟
لا يستطيع أحد معرفة كيف يفكر الشاعر أو ما يدور برأسه فقد يأخذه خياله لشيء لا يستوعبه عقل، ولكن كان يعتقد البعض أنه إذا وصل الحد بما يكتبه الشاعر من أذى لن يصل إلى حد القتل، وهو ما ثُبت عكسه بسبب الأحداث التي كانت تحدث بعد صدور أبيات وقصائد الشعر في القرون الفائتة.
كان بعض المقربين من الشعراء آنذاك يحاولون توجيه النصائح لهم، بأن يبتعدوا عن معالجة وتناول بعض الأشياء في قصائدهم، خوفًا من احتمالات تأثير تلك القصائد على أصحابها، وردود أفعال الآخرين، وتكهنوا وقتها بأنه قد تقتل بعض الكلمات صاحبها، وهو ما حدث مع الشاعر الذي قتله بيت من شعره وهو "أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي بن أبي الطيب" وأطلق عليه أيضًا أبو الطيب المتنبي.
ولد المتنبي في مدينه الكوفة بالعراق ونجح في إلقاء الشعر وحفظه عن الشعراء السابقين له منذ أن كان في التاسعة من عمره ولقب بأنه معجزة عصره والشاعر الذي لن يتكرر، فقد ألف أكثر من 400 قصيدة تعكس شكل الحياة في القرن الرابع الهجري، عاش المتنبي في مدينة حلب السورية، تحت رعاية "سيف الدولة الحمداني"، ونجح المتنبي أن يحتل مكانة رفيعة بين جموع الشعراء في تلك الفترة.
وصف البعض المتنبي بأنه يتنفس الشعر فقد كان المتنبي يلقي أنواعًا كثيرة من الشعر، كالشعر الهجائي والرثاء والمدح وشعر الفخر والاعتزاز حيث إنه كان يتحرى دومًا تأليف قصائد من نوع «شعر الفخر»، الذي كان يغلب عليه في فترة من الفترات.
اقرأ أيضًا| قصائد شعر عن الوطن لأكبر شعراء العرب
واستطاع المتنبي من خلال شعره إيصال الكثير من الرسائل التى يكمن بها الحكم والفلسفات المختلفة، فمن كان لا يستحق الثناء لدى المتنبي يقوم بهجائه، دون أن يهاب العقاب أو رد الفعل، وكان لا يتردد في فعل هذا، كان المتنبي معتزًا بشعره وبنفسه فهل من الممكن أن يكون جاء بخاطره أن هذا الشعر سيكون السبب الرئيس في وفاته؟
رحلة المتنبي مع الشعر
قبل أن نستعرض الشعر الذي أدي لقتل المتنبي سنتحدث عن نبذة من حياة الشاعر الشخصية وعلاقته بشعره، فمن الأسباب الأساسية في تكوين عقلية الشاعر وكيانه هي البيئة التي نشأ بها وطبيعة الحياة التي ترعرع فيها منذ الميلاد حتى الوفاة.
نشأ المتنبي في الكوفة وقد شهد صراعات ومشاحنات بين الملوك والأمراء فقد عاصر انهيار الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي، فقد عاصر المتنبي أشد فترات العصر الإسلامي عنفا بين أطراف الدولتين.
معاصرة المتنبي لهذه الصراعات كانت العامل الأساسي في جعله يلقي أفضل أبيات الشعر، فقد استغل أجواء البيئة المحيطة به أفضل استغلال كما أنه تقرب للبلاط الملكي، حتى وصل به الأمر إلى أنه كان يسبح بحمد الحاكم مزهوًا بالموهبة التي منحها له الله.
اقرأ أيضًا| لعشاق الشِعر.. عينة من أعمال كبار الشعراء العرب
بعد أن تقرب المتنبي من أبي فراس الحمداني خلال تسع سنوات من حياته أصبح هو شاعره المفضل الذي يستعين به كلما خرج الي معاركه، وأصبح هو الشاعر الذي يشيد به ويحمسه للقتال، وأصبح الثنائي بمثابة الصديقين الحميمين وذلك لأنهما كانوا تقريبا في السن نفسه، ما جعل الحاشية يكيدون له المؤامرات بعد غيرتهم الشديدة منه.
فهناك بعض المؤامرات التى تعرض فيها للإهانة علي يد «ابن خالويه»، أحد حاشية الملك فكان المتنبي لا يكل من مدح حاكمه في كل مناسبة وفوجئ بأن الحاكم لا ينصره في هذه المعركة، ما أدى ذلك إلى اتساع الفجوة بينهما، وقرر المتنبي حينها أن يترك القصر دون رجعه بعد أن مكث به أكثر من 9 سنوات معتقدًا بذلك أنه قد ابتعد عن المؤامرات، ولم يكن يعلم أن بخروجه من القصر هي بداية مؤامرة قتله.
فهناك بعض الأقاويل التي تؤكد أن السبب الحقيقي وراء خروج المتنبي من قصر سيف الدولة الحمداني متجهًا لمصر التي كان يحكمها حينها "الإخشيد" أنه قد نقل للحاكم أن المتنبي قد ألقى بعض أبيات الشعر في "خولة" شقيقة سيف الدولة، فقد كان هذا محرمًا حينها داخل البلاط الملكي، ما دفع سيف الدولة أن يُعادي المتنبي وينهي صداقته به.
اقرأ أيضًا| الشاعر فهد المساعد لـ«الرجل»: مكالمة أعادتني للكتابة وطموحي مسرحية غنائية
ما هو البيت الذي قتل صاحبه؟
بعد أن قتل المتنبي أطلق عليه البعض الشاعر الذي قتله شعره من سبعة حروف، دون تحديد ما هو الشعر بين قصائد الـ 400 الذي كان سببًا في قتله، ولكن هناك أقاويل شائعة حول قتل المتنبي أنه كان يسير مع ابنه وخادمه برحلة خارج الكوفة، فالتقوا بقاطع طريق يدعى "ضبة بن يزيد الأسدي"، وحاول أن يناوشه فهجاه المتنبي بقصيدة شعر مطلعها:
«ما أنصف القوم ضبه وأمه الطرطبّه
وإنما قلت ما قلت رحمة لا محبه»
علم خال ضبة بما حدث فقد كان رجلاً مفتول العضلات قوي البنيان فأراد الانتقام لابن أخته فهاجم المتنبي وقتله هو وابنه وخادمه.
وقيل أيضًا، إن المتنبي أراد أن يهرب من ضبة خاصة أن الأبيات كان قد هجاه بها في وقت سابق، فقال له الخادم كيف تهرب وأنت القائل: «الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ».
فخشي المتنبي أن يقول الناس عنه هرب، فرجع إليه، فقتله ضبة.