القنوت في اللغة يُطلَقُ على الدعاء، والقيام، والخضوع، والسُّكونِ، والسُّكوتِ، والطَّاعةِ، والصلاة، والخُشوع، والعِبادةِ، وطُولِ القيامِ، وأصْل (قنَت) يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دِينٍ.
والقنوت اصطلاحًا هو الدعاء في الصلاة في مَحلٍّ مخصوص من القيام.
ويدعو المسلمون بدعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاتهم بهدف زوال الابتلاءات التي تصيبهم ونيل الثواب والأجر، لكن ما حكم دعاء القنوت ووقته وصيغته؟ تابع القراءة لتتعلم كل هذا.
صيغة دعاء القنوت
- الصيغة الأولى: عن الحسنِ بن علي رضي الله عنهما، أنَّه قال: "عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت".
- الصيغة الثانية: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يقولُ في آخِر وترِه: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك".
- الصيغة الثالثة: عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: "...وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا".
حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة وصفته وفضائله
- الصيغة الرابعة: عن عطاءٍ: (أنَّه سمِعَ عُبيدَ بنَ عُمَيرٍ يأثُرُ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ في القنوتِ (في الوتر) أنَّه كان يقولُ: اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق).
حكم القنوتِ في صَلاةِ الوِترِ
يُشرَعُ القنوت في الوترِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وروايةٌ عن مالك.
كيفية صلاة الوتر
وردت كيفية صلاة الوتر عن الرّسول عليه الصلاة والسّلام في الحديث الشريف: "أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يوتِرُ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وقُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَكانَ يقولُ: سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ ثلاثًا، ويرفعُ صوتَه بالثَّالثةِ".
- صلاة الوتر أقلها ركعة واحدة، ويُقرأ فيها سورة الفاتحة والإخلاص ثم يركع.
- صلاة الوتر أفضلها 11 ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- إن زاد على ذلك فأوتر بـ15 أو 20 مع الوتر أو ما أشبه ذلك فلا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ أحدُكُمُ الصُّبحَ، صلَّى رَكْعةً واحدةً ، توترُ لَهُ ما قد صلَّى" ولم يحد حداً، فدل ذلك على أنه إذا أوتر بـ5 أو 7 أو 9 أو 11 أو 13 أو 15 أو 17 أو 19 أو 21 أو23 أو أكثر من ذلك فلا حرج، أو أوتر بواحدة فقط أجزأه ذلك.
فضل صلاة الوتر
- أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بصلاة الوتر، ووصيته بصلاة الوتر دلالة على فضل هذه الصلاة وعظمتها وأهميتها في الإسلام، فورد عن أبي هريرة: "أوصاني خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثلاثٍ: صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِرَ قبلَ أن أنامَ".
- وورد في فضل صلاة الوتر عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ أمدَّكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم من حُمْرِ النَّعمِ. قلنا: وما هي يا رسولَ اللهِ؟ قال: الوترُ ما بين صلاةِ العشاءِ إلى طلوعِ الفجرِ"، دَلالة على فضل صلاة الوتر، وأهمية تعلم كيفية صلاة الوتر، وبيان من النبي صلى الله عليه وسلم أنّ قيمة صلاة الوتر أفضل وأثمن من أموال العرب أجمع، والتي دلَّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بحمر النعم، فهي أفضل وأشرف الأموال وأغلى الأثمان عند العرب، وأنّها تضاهي أموال الدنيا، بل وينال بها المؤمن درجة عالية عند الله عز وجل.
وقت دعاء القنوت
- في صلاة الصبح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية، يرفع يديه فيدعو بهذا الدعاء "اللهم اهدني ………… الخ " .
- في صلاة الوتر، في صلاة الوتر وكذلك في النوازل أي (لحظاتِ الشدائدِ والمحنِ والفتن) وفي جميع الصلوات حين يصيب المسلمين بلاء فيقنتون في الصلوات الخمس كما فعله الرسول حين قتل القراء في بئر معونة فقنت شهرًا ثم تركه.
محلُّ دعاء القنوتِ: يكون في الركعة الأخيرة مِن الوترِ، بعدَ الركوعِ، ويجوزُ قبله.
أحكام تخص دعاء القنوت
إليك عدة أحكام عن دعاء القنوت:
- حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: تُسنُّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلَّم بعدَ الفراغِ من دعاء القنوت.
- حكم التأمين خلفَ الإمام في قنوت الوترِ: يُشرَعُ التأمين خلفَ الإمام في قنوت الوترِ.
كيفية قراءة التشهد في الصلاة.. والأدعية المأثورة قبل ختام الصلاة
- حكم رفع اليدين في دعاء القنوت: يُستحبُّ رفع اليدين في دعاء القنوتِ.
- حكم مَسْح الوجه باليدين بعد الفراغ من القنوت: لا يُشرَعُ مَسْحُ الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء في القنوت، وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه عمل لم يثبت فيه خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: أن النُّصوصَ الثابتةَ في رفْعِ الأيدي للدُّعاءِ كثيرة جدا، ولم ترِدْ واقعةُ المسحِ في شيءٍ منها.
ثالثًا: أنَّه لم يثبُتْ عن أحد من الصحابةِ مسْحُ الوجهِ باليدين بعد الدعاء، ويَبعُدُ انتشارُ سُنَّة بينهم ثُمَّ لا تُنقَلُ إلينا، لا سيَّما وهي من السُّننِ الظاهرة، وهذا يُقوِّي عدم المشروعيَّة.
رابعا: أنَّه دعاءٌ في صلاةٍ؛ فلم يستحبَّ مَسْحُ وجهِه فيه كسائرِ الأدعيةِ في الصلاة.
ما يُجتنبُ في دعاء القنوت
ينبغي للإمام أن يجتنب في دعاء القنوت عدَّة أمور؛ منها:
- المُبالَغة في رفْعِ الصَّوتِ بالدُّعاء.
- رفْع الصَّوتِ بالبُكاء.
- تَكلُّف السَّجع.
- الإطالَة على الناسِ في دُعاءِ القُنوت.
ختاما، دعاء القنوت يشرع في الوتر كل ليلة، ويشرع القنوت أيضًا في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة تعدى عليهم العدو أو حصل عليهم شدائد، يدعون الله بتفريجها وإزالتها في جميع الصلوات، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر أو في بعضها.
المصادر: