كيف تؤسس مشروعاً ناجحاً دون مغادرة وظيفتك الحالية؟
بالطبع بدء مشروع ناجح هو أحد الأحلام التي يسعى إليها العديد من الأفراد، وهو حلم مستحق لأي شخص، ما دام يشعر أنّ لديه الإمكانيات لذلك. لكن من الناحية الأخرى، هناك الوظيفة الحالية، وبالتالي يدور تساؤل باستمرار، ماذا نفعل مع هذه الوظيفة؟ في هذا المقال سنتحدث عن كيفية تأسيس مشروع ناجح، دون الاضطرار إلى ترك الوظيفة الحالية.
بالطبع كأي خيار نقوم به، لا بد من وجود بعض المميزات أو السلبيات في داخله. لذا، لا بد من الانتباه إليها جيداً، ودراسة الخيار في ظل وجودها، إذ يساعد ذلك في الوصول إلى القرار الصحيح في نهاية الأمر.
مميزات بدء مشروع تجاري في أثناء العمل بوظيفة
عندما تؤسس مشروعك أثناء عملك في وظيفة أخرى، يمنحك هذا مصدراً للدخل، يمكنك الاعتماد عليه في حياتك الشخصية، وكذلك في الإنفاق على المشروع حتى يصبح مشروعا ناجحا. لا سيّما أنّ المشروع في البداية يحتاج إلى وجود مصدر للتمويل، وقد لا يحقق ربحاً من بدايته، بل يحتاج الأمر إلى وقت حتى الوصول إلى نقطة الربحية. أثناء ذلك ماذا ستفعل؟ تؤمن لك الوظيفة هذا الجزء.
أمّا في حالة فشل المشروع لأي ظرف، وهذا محتمل بالطبع في الوقت الحالي، فوجود الوظيفة الحالية يؤمن لك أيضاً مسألة الدخل، فلا تضطر إلى البدء مرة أخرى. على العكس، تخيّل لو أنّ شركتك فشلت مثلاً بعد تأسيسها بفترة، إلى جانب المشكلات التي ستقع بها، فأنت لا تملك مصدراً للدخل، وتحتاج إلى وقت للبحث عن وظيفة أخرى للعمل بها.
عيوب بدء مشروع تجاري في أثناء العمل بوظيفة
يسعى البعض إلى الاستفادة من هذه المميزات، لكن في الوقت ذاته هناك بعض العيوب في هذا الخيار. أهمها هو الضغط المستمر. هذا الضغط لا يقتصر فقط على المجهود البدني، لكن أيضاً العقلي والنفسي وكل شيء. في المعتاد، أنت تنتهي من الدوام، وتعود إلى منزلك لقضاء حياتك اليومية، سواءٌ مع الأهل أم الأصدقاء، أو حتى لا تفعل أي شيء.
أمّا عندما يكون لديك مشروع خاص بك تسعى لجعله مشروعاً ناجحً، فأنت ستنتقل من عمل لآخر، وغالباً ستجد أنّك تقضي اليوم بأكمله في العمل، لا تفعل أي شيء لحياتك. حتى وأنت في وظيفتك، ستشعر بانشغال البال والذهن، وقد تضطر إلى الخلط بين الاثنين، وهو ما قد يؤثر سلباً على إنتاجيتك في الوظيفة، ويسبب لك بعض المشكلات.
بالطبع كل هذا مع احتمالية حدوث مشكلة في عملك، في حالة اكتشاف أنّك تملك مشروعاً خاصا بك، لا سيّما وأنّه سينظر إلى أي خطأ في العمل في ظل هذه النقطة، حتى إذا لم يكن هناك أي علاقة بينهما. في النهاية يعرف مديرك أنّك ستغادر الشركة يوماً ما في حالة وجود مشروع خاص بك.
عناصر تأسيس مشروع تجاري ناجح
قبل أي شيء، أنت بحاجة إلى التفكير في بعض العناصر المهمة، التي ستساعدك على تحقيق المميزات من وجود الوظيفة، ويمكنك من خلالها التحكم في العيوب قدر الإمكان.
1- هل هناك تعارض بين وظيفتك الحالية ومشروعك؟
إذا كنت تسعى إلى تأسيس مشروع ناجح، في نفس المجال الذي تعمل به شركتك الحالية، فهذا الأمر يعني أنّك ستكون منافساً للشركة. بالتالي، لا يصح الاستمرار في الوظيفة، نتيجة لوجود تعارض بين الاثنين. وفي حالة اكتشاف ذلك، ستكون مشكلة كبرى بالنسبة لك، وقد تؤثر على سمعتك وسمعة مشروعك، الذي لا يزال في خطواته الأولى.
إذا لم يكن هناك تعارض، يمكنك الانتقال إلى التفكير في الجزء التالي، هل أنت بحاجة لإخبار أحد في شركتك بالأمر؟ إذا لم يكن هناك داعٍ لذلك، وأنت متأكد أنّه لا يوجد ما يمنع تأسيسك لمشروع من الناحية القانونية، فيمكنك البدء دون استشارة أحد، والعودة مستقبلاً لتوضيح هذا الأمر في الوقت المناسب.
2- اختيار فكرة مشروع ناجح
لا تحاول اختيار فكرة معقدة تحتاج إلى مجهودك وتواجدك الدائم من البداية ليكون مشروعًا ناجحًا. بل حاول اختيار فكرة بسيطة، أو حتى وضع التصور الأنسب للفكرة المعقدة، بحيث لا يضطرك الأمر إلى التضحية بالوظيفة. يمكنك في البداية التركيز على اختيار الفكرة لتجربتها، والتأكد من أنّها ملائمة، من خلال تطوير منتج بالحد الأدنى من المميزات (MVP)، لحين التأكد من جودة الفكرة.
بالطبع يجب ألا تعمل بمفردك أبداً في هذه الحالة، بل لا بد من الاهتمام بوجود شركاء، يمكنهم تولي الجزء الأكبر من المهام في البداية، أو حتى أشخاص يمكنك التبديل معهم، بحيث يتولى كلٌ منكم التركيز على المشروع في وقت يختلف عن الآخر، فتضمن التشغيل المستمر للمشروع، دون حدوث ضرر لأحد.
3- التفكير في موعد ترك الوظيفة
كما ذكرنا، تعد الوظيفة خياراً جيداً في حالة فشل المشروع، لكن ماذا لو لم يفشل؟ بالطبع هذا الخيار الأساسي الذي ترغب به، فأنت هدفك من البداية هو تنفيذ مشروع ناجح. لذا، يجب عليك التفكير في موعد ترك الوظيفة، ووضع خطة تساعدك على فعل ذلك. مثلاً بعد الانتهاء من مرحلة معينة في المشروع.
قد يفكّر البعض أحياناً أنّه لا يرغب في خسارة الوظيفة، حتى مع ضمان تنفيذه مشروعا ناجحا، فهي تمنحه مميزات معينة مثلًا، كالمعاش عند التقاعد وغيرها. هذا جيد بالطبع، لكن العبرة بالقدرة على تنفيذه؟ إذا كان الأمر مرهقاً لك، فستجد أنّك مع الوقت تقصر في الاثنين، الوظيفة والمشروع. وقد يؤدي ذلك إلى خسارة كل شيء.
لذا، عندما تتاح لك الفرصة، اترك الوظيفة وركّز على مشروعك. هذه أمانة ومسؤولية عليك، سواءٌ أكان من ناحية الوظيفة التي لا تستحق منك التقصير. أم المشروع الذي يحبو وأنت من يمكنه تعليمه المشي. أم من ناحيتك أنت كشخص له إمكانيات وطاقة وحياة شخصية ليعيشها، فلا تريد أن تشغل نفسك بالعمل فقط.
خطوات بدء مشروع ناجح
بعد الانتهاء من جميع التفاصيل الماضية، يمكنك البدء الآن في الخطوات الفعلية لبدء مشروع ناجح. سيشمل ذلك الخطوات الأربع التالية:
1- اختيار الشركاء وتوزيع المهام
كما ذكرنا أنت بحاجة إلى وجود شريك. في الحقيقة حتى إذا كنت تعمل على مشروع دون امتلاك وظيفة، فوجود الشركاء ضرورة لا بد منها لإنشاء مشروع ناجح في أغلب الأحيان. لذا، اهتم بـ اختيار الشركاء المناسبين، الذين يمكنهم إضافة الخبرة إلى المشروع.
بعد ذلك، يمكنكم الاتفاق على توزيع المهام. نظراً لأنّك تعمل في وظيفة أخرى، يمكنك إسناد مهمة الإدارة إلى شخص آخر، وتركيز دورك على مهام محددة فقط. يساعدك هذا في تخصيص دورك، وبالتالي إمكانية القيام بالمهام التي لا بد من وجودك بها، وفي الوقت ذاته لن يعطل سير العمل نتيجة لعدم وجودك.
2- وضع جدول العمل الخاص بك
أنت ستكون في حالة تنقل بين الاثنين دائماً، لذا سيصبح الأمر مرهقاً مع الوقت، وقد يؤثر على تركيزك وإنتاجيتك في الاثنين. قد لا يتعلق الأمر بعدم القدرة، لكن أحياناً بالتخطيط السيئ، وعدم القدرة على التفاعل مع الوضع الجديد بالشكل المناسب. لذا، من أجل ضمان سير الأمور جيداً، سواءٌ للحفاظ على أدائك في الوظيفة، أو لإنشاء مشروع ناجح، أنت بحاجة إلى وضع جدول العمل الخاص بك.
يشمل هذا عدد ساعات العمل، والمهام التي ينبغي لك القيام بها. احرص على ثبات هذا الجدول من ناحية عدد الساعات. أمّا المهام فوفقاً للأهم حالياً بناءً على أولوياتك.
أياً يكن جدول عملك، خصص وقتاً للراحة والخروج من ضغط العمل، والاهتمام بالحياة الشخصية. سيساعدك هذا كثيراً على المدى البعيد في حياتك، لتجنب مشكلات ضغط العمل، أو تقليل أثرها بأكبر قدر ممكن.
3- الاتفاق على آلية التقرير
أنت غير متواجد في الشركة، لكن في الوقت ذاته لا تريد تفويت أي شيء، لتضمن أنّ المجهود يؤدي إلى امتلاكك مشروعا ناجحا.
لذا، لا بد من الاتفاق على الآلية المناسبة لإرسال التقارير إليك والمواعيد المناسبة. سيضمن لك هذا البقاء على تواصل دائم مع جميع الأفراد المهمين داخل الشركة، والتأكد من كون كل شيء يسير على ما يرام.
يشمل الاتفاق تحديد الوسيلة المناسبة للتواصل، سواءٌ على البريد الإلكتروني أو تطبيق معين مثل تريللو أو حتى على الواتساب.
يشمل الاتفاق كذلك الموعد المتوقع لاستلام التقارير، حتى لا تشغل بالك بالأمر سوى في موعده فقط، فيساعدك ذلك في التركيز على وظيفتك.
4- احفظ حق وظيفتك الحالية
ليس معنى امتلاكك للمشروع ورغبتك في أن يكون مشروعاً ناجحاً، أن تجعل الأولوية الكاملة له، وتقصر في حق وظيفتك الحالية. سواءٌ استغلال وقت العمل الخاص بها لأداء شيء آخر، رغم وجود بعض المهام المطلوبة منك. أم استغلال الموارد الخاصة بوظيفتك من أجل العمل.
في الواقع الأمر مهم من الناحيتين: الناحية الشخصية فلا تريد مخالفة قواعد الصواب والخطأ، وترتكب فعلاً قد يشعرك بالضيق من ناحية نفسك مع الوقت. والناحية العملية، هي أنّ هذا سيؤثر على سمعتك بطريقة سلبية، وأنت على العكس من ذلك، تحتاج لأي شيء إيجابي لتسويق نفسك، ومن ثم تسويق مشروعك بالشكل الصحيح.
بدء مشروع ناجح ليس أمراً سهلاً في المعتاد، ومع وجود الوظيفة فالأمر معقد غالباً. لذا، انتبه جيداً إلى جميع التفاصيل التي تمر بها، وتجنب التقصير في حق نفسك، فهي كل ما تملكه، وأي ضرر عليها سيؤدي إلى مشكلة أكبر. لذا، وازن بين وظيفتك وعملك وكذلك حياتك الشخصية، ستحصل على الإنجاز الذي تريده في الاثنين؛ حياتك العملية والشخصية.
المصادر: