النمو أم الربحية: كيف تختار الأنسب لشركتك الناشئة؟
تبدو الأمور واضحة دائمًا للشركات التقليدية التي يبدو أسلوب عملها محددًا من اللحظة الأولى، لكن عندما يتعلّق الأمر بالشركات الناشئة فإن طبيعة عملها دائمًا ما تكون معقدة في كل شيء، ويظل هناك العديد من التحديات التي تواجه الشركات حتى يمكنها تنفيذ أعمالها كما ترغب.
واحدة من أهم هذه التحديات هي التفكير في الاستراتيجية الأنسب للعمل، لا سيّما في المراحل الأولى من عمر الشركة، وكيف يمكن الاختيار ما بين النمو والربحية، بالطبع يعتمد القرار على طبيعة عمل الشركة ورغبة المؤسسين، لكن من المهم فهم كل شيء عن الاستراتيجيتين قبل الاختيار.
النمو: الحصول على حصة سوقية أكبر
تركّز الشركات في حالة النمو على تحقيق أكبر انتشار ممكن لها، مع عدم التركيز في هذه الحالات على الربحية، من أهم الشركات التي ما زالت تستخدم هذه الاستراتيجية هي أوبر، التي ما زالت تعاني من الخسارة، لكن في مقابل النمو.
مميزات استراتيجية النمو
1- يمكن من خلال استخدام استراتيجية النمو جذب المستثمرين المحتملين، حيث يرى المستثمرون في النمو فرصة أكبر للانتشار وإمكانية لتحقيق النجاح مع المستقبل.
2- يمكن الاستفادة من النمو في الحصول على تمويل إضافي من المستثمرين الحاليين الموجودين فعلًا.
3- عندما نجد أنّ شركة يمكنها تحقيق الانتشار الواسع، فإنّ هذا يجذب انتباه وسائل الإعلام للحديث عنها، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذا الأمر في معرفة الناس بالشركة، والذي يمكن استغلاله للوصول إلى التمويل والشراكات.
4- الميزة الأهم بالطبع هي الحصول على حصة سوقية أكبر عن المنافسين، مما يؤدي إلى انتشارها بالشكل المطلوب، ويمنحها قدرا من الأفضلية على المنافسين.
عيوب استراتيجية النمو
1- يرتفع معدل حرق رأس المال للشركة لتحقيق استراتيجية النمو، وهذا الأمر يصبح معقدًا عندما لا يكون للشركة قدر مناسب من السيولة لاستخدامه.
2- في حالة عدم تمكن الشركة في الحصول على التمويل في أحد الجولات، فإنّ هذا قد يترتب عليه توقف العمل كليًا داخل الشركة.
الربحية: الحصول على الأموال
على الرغم من توجّه الكثير لمسألة النمو في البداية لتحقيق الانتشار المطلوب، فإنّ بعض الشركات تجد في الربحية الأولوية الأكبر لها، نتيجة الحاجة إلى تحقيق أكبر قدر من الربح في البداية حتى يمكن للشركة الاستمرار في أعمالها، لا سيّما الشركات التي لا يكون بإمكانها الحصول على استثمارات.
مميزات استراتيجية الربحية
1- يؤدي الاعتماد على استراتيجية الربحية إلى إنشاء نموذج عمل قوي وفعّال، لأنّه يكون السبب الرئيسي في تحقيق الأرباح.
2- تساعد الاستراتيجية في جذب المستثمرين مع الوقت الذين يعجبون بنموذج العمل الخاص بالشركة، ويمنح أصحابها فرصة أكبر للتفاوض أثناء جولات التمويل.
3- يكون للشركة القدرة على التحكم في مصيرها، فلا ترتبط بوجود المستثمرين، ولا تضطر إلى غلق أعمالها عندما تكون هناك ظروف سيئة، فمقدار الأرباح التي تملكها سيكون لديها القدرة على المتابعة دائمًا.
عيوب استراتيجية الربحية
1- يؤدي غياب النمو إلى صعوبات في جمع التمويل في المراحل الأولى من الشركة، وفي جولات التمويل قد تحصل الشركة على تقييم أقل.
2- يؤدي غياب التمويل إلى صعوبات في تطوير المنتج بالشكل المطلوب مع الوقت.
المزج بين النمو والربحية لتحقيق الأنسب لشركتك
من المهم بالطبع إدراك أهمية كل من النمو والربحية لشركتك، فكلاهما ضروريان للنجاح، وفي الوقت ذاته يمكن أن يكون أحدهما هو مقدمة للآخر، يعتمد هذا على وجود خطة واضحة ومحددة تمكنك من تحقيق الاثنين في أرض الواقع.
في حالة مثلًا قررت أن تضع النمو في المقدمة، وبدأت في البحث عن مستثمرين لتحصل على تمويل منهم، ونجحت في الوصول إلى المستخدمين، فأنت على طريقك الصحيح، ويمكنك أن تبدأ بعد ذلك في التحوّل إلى تحقيق الأرباح.
فيمكنك أن تظهر للمستثمرين خطتك التي ستنفذها لتتحول إلى تحقيق الأرباح، لكن عليك أن تفعل ذلك مع وضع المستخدمين في اعتبارك دائمًا، فإذا كنت قد وضعت سعرًا منخفضًا لمنتجك، مع تقديم جودة عالية في كل الجوانب الأخرى كالتسليم وخدمة العملاء، وقررت أن تزيد السعر بشكل كبير أو أن تقلل من جودة ما تقدمه، فمن المتوقع أن يؤثر ذلك على المستخدمين وقد تخسر بعضهم.
تذكّر أنه من المهم دائمًا أخذ القرار في إطار دراسة للسيولة المتوفرة معك، وإن كان لديك القدرة لتوفير الأموال المطلوبة لتحقيق النمو أو لا، لأنّ هذا يتحكم في استمراريتك في العمل.
أمّا إذا قررت اختيار الأرباح في المقدمة، فتأكد من التفكير في خطة واضحة للنمو بثبات، ربما تضطر في هذه الحالة لوضع هوامش ربح عالية، بحيث تترك المجال لشركائك والتجار الذين تتعامل معهم للحصول على المقابل المستحق، وفي الوقت ذاته تحقق الربح الذي تريده.
لا أحد يخفي أهمية النمو والربحية للشركات، ويعتمد الأمر على طبيعة عمل كل شركة والأنسب لها حسب المرحلة التي تتواجد بها، لكن في النهاية من الضروري الجمع بين الاثنين للاستمرارية.
المصادر: