كيف يمكنك إعداد الدليل التنظيمي المناسب لشركتك؟
تبحث الشركات باستمرار عن التنظيم المثالي للعمل، ولذلك فهي تحتاج إلى الاعتماد على جميع العوامل التي من شأنها المساعدة على تحقيق هذا الهدف. بين الأدوات المهمة التي يجب الاهتمام بها، هو الدليل التنظيمي للشركة. في هذا المقال سنتحدث عن كل ما يتعلق بإعداد الدليل التنظيمي المناسب للشركة.
ما هو الدليل التنظيمي؟
يمكن تعريف الدليل التنظيمي على أنّه مستند، قد يكون مكتوباً، أو ملف على هيئة PDF، يُستخدم داخل الشركة كعامل مكمل لـ سياسات الشركة والهيكل التنظيمي الخاص بها. بالتالي، فهي وثيقة ضرورية ولا بد من الاعتماد عليها داخل الشركة لضمان سير العمل على ما يرام.
إيجابيات الدليل التنظيمي
بالطبع توجد العديد من الإيجابيات من الاعتماد على الدليل التنظيمي للشركات، لكن يمكن تضمين هذه الإيجابيات في الفوائد الثلاثة التالية.
1- مرجعية للعمل والقرارات: يمكن الاعتماد على الدليل التنظيمي كمرجعية أساسية داخل العمل، يمكن من خلالها اتّخاذ القرارات المختلفة. مثلاً عند النقاش على طبيعة مهمة معينة ومن المسؤول عنها، يمكن بالعودة إلى الدليل التنظيمي معرفة الإجابة على هذا الأمر. من خلال ذلك يمكن تجنب الخلافات المحتملة نتيجة سوء الفهم بين الأفراد داخل الشركة.
2- تسهيل العمل اليومي: من خلال وجود الدليل التنظيمي كمرجعية، يصبح بالإمكان تسهيل العمل اليومي بين الأفراد، فلا يحدث أي اختلاف على المهام نتيجة وجود المرجعية. إلى جانب أنّ الدليل التنظيمي يمكن العودة إليه سريعاً، فلا يكون بإمكان أحد التفكير في التلاعب بالأمور، فتسير الأمور بسلاسة داخل الشركة.
3- تأهيل الموظفين الجدد: تملك كل شركة النظام الخاص بها، وبالتبعية الدليل التنظيمي الذي يوضح آلية التعامل مع الأمور المختلفة. لذا، يمكن الاعتماد عليه في تأهيل الموظفين الجدد داخل الشركة، لتعريفهم بكل ما يتعلق بها وطريقة العمل، من أجل الوصول إلى جعل الموظفين الجدد يفعلون كل شيء وفقاً لرؤية الشركة، لا بناءً على معرفتهم السابقة فقط.
سلبيات الدليل التنظيمي
على الرغم من فوائد الدليل التنظيمي والإيجابيات التي تحصل عليها الشركة من استخدامه، إلّا أنّه توجد بعض العيوب التي تؤثر على إمكانية تجهيزه داخل الشركة. تعد أبرز هذه السلبيات هي النقطتان التاليتان:
1- الوقت المستغرق في تجهيزه: قد يستغرق إعداد الدليل التنظيمي الكثير من الوقت، وذلك نتيجة الرغبة في الخروج بالنتيجة المثالية. إلى جانب الحاجة إلى المراجعة والتدقيق جيداً. لذا، في حالة الاتجاه لإعداد الدليل التنظيمي لا بد من الانتباه إلى عامل الوقت جيداً وتقديره بطريقة صحيحة، حتى لا يؤثر انتظاره على سير العمل في الشركة.
2- الجمود في المحتوى: لعل هذا هو العيب الأكبر وهو أنّ الكلمات المكتوبة لا تقدر على التعامل مع التغيرات المستمرة في العمل. بالتالي، قد يكون هناك الكثير من الجمود في المحتوى، بينما تتغير بيئة العمل باستمرار. في هذه الحالة، إمّا تجد الشركة نفسها ملتزمة بمحتوى قد لا يصلح مع الوقت الحالي، وإما ستضطر إلى بذل المجهود من أجل إصلاح هذا الأمر.
ما عناصر الدليل التنظيمي؟
يحتوي الدليل التنظيمي على العديد من العناصر المهمة، وقد تضيف الشركات العناصر التي تراها مناسبة لها وفقاً لرغبتها، لكن العناصر الأساسية في الدليل التنظيمي هي العناصر التالية:
1- الأهداف والسياسات العامة للشركة: يجب أن يتواجد هذا العنصر في الدليل التنظيمي، لأنّه يستخدم لتوضيح الأهداف العامة التي ترغب الشركة في تحقيقها، وما هي السياسات والقيم التي تتبعها في أداء العمل داخل الشركة.
2- طريقة تنظيم العمل: يتضمن تنظيم العمل العديد من العوامل التي تحتاج الشركات إلى الانتباه إليها عند كتابة الدليل التنظيمي، وذلك لأنّها ستكون المرجعية الأساسية لمعرفة كل شيء عن العمل والمهام والمسؤوليات. تشمل طريقة تنظيم العمل النقاط التالية:
- الأقسام الرئيسة أو الفرعية داخل الشركة، وما هي الأهداف المطلوبة بالضبط من كل قسم.
- الوصف الوظيفي الخاص بكل مهمة داخل هذه الأقسام.
- توزيع المسؤوليات بين أقسام الشركة المختلفة، وطرق التواصل بينها في العمل.
- التسلسل الإداري بين الأدوار المختلفة داخل الشركة.
- حجم العمالة المطلوبة للعمل بنجاح في كل قسم.
- طرق تنفيذ المهام داخل الشركة.
3- تعريف المصطلحات المستخدمة في العمل: في بعض الأحيان تستخدم الشركات مصطلحات خاصة بها، ولذلك يمكن في الدليل التنظيمي مشاركة المصطلحات الرئيسة التي تستخدم في العمل، بهدف التأكد من استيعاب الموظفين لها جيداً، وضمان سير العمل بنجاح دون أي تعطيل أو تشتت.
كيف يمكن كتابة محتوى الدليل التنظيمي؟
تتطلب عملية إعداد الدليل التنظيمي الكثير من التخطيط والتجهيز، حتى تقدر على الوصول إلى النسخة المثالية منه التي تتوافق مع احتياجاتك بالضبط. لذا، تساعدك الخطوات التالية على إتمام هذه المهمة:
1- تحديد الغرض من الدليل التنظيمي
قبل أي شيء لا بد من تحديد الغرض من الدليل التنظيمي بالنسبة للشركة، وما الأهداف التي ترغب في تسجيلها كجزء منه. ليس ضرورياً الاعتماد على الدليل التنظيمي فقط من أجل عملية تنسيق العمل، فلا تحاول وضع كل شيء بداخله، فقط فكر جيداً بشأن الهدف النهائي المطلوب تحقيقه من خلاله.
2- تحديد الموضوعات المرغوب وجودها في الدليل التنظيمي
بناءً على الغرض سيكون بإمكانك تحديد الموضوعات المرغوب وجودها في الدليل التنظيمي، وسيكون بإمكانك البدء بوضع الخطوط العريضة له وتجهيز محتواه بالشكل المناسب. من المهم في هذه الخطوة التفكير بطريقة شمولية في جميع الموضوعات المطلوب تسجيلها كجزء من الدليل التنظيمي.
أيضاً لا بد من الفهم بأنّ قيمة الدليل التنظيمي في مساعدتك على تنظيم العمل، لذا اهتم جيداً بالتفكير في كل الأمور التي تراها تتفق مع طبيعة شركتك، لا ما تراها مناسبة في المطلق، إذ أنت تحتاج إلى الدليل التنظيمي الذي يتوافق مع وضعية شركتك فقط.
3- الاعتماد على الأشخاص المعنيين بالأمر لجمع مدخلاتهم في الدليل
لا يجب عليك العمل على إعداد الدليل التنظيمي بمفردك، بل يمكنك الاعتماد على الأشخاص الذين يرتبط وجودهم مع محتوى الدليل. من المهم هنا التوضيح لهؤلاء الأفراد بأنّك لا تبحث عمّا يرغبون به، بل عمّا يرونه صواباً لتنفيذه.
على سبيل المثال، إذا طلبت وجود مديرين الأقسام داخل الشركة، وتواصلت معهم بشأن اختيار توزيع المسؤوليات في العمل. في بعض الأحيان قد يفكر الشخص بأن يضع المسؤولية على قسم آخر حتى لا يعمل هو بها، لا لأنّها تتواجد في هذا القسم بالفعل.
بالتالي، لن يؤدي ذلك إلى إعداد الدليل التنظيمي المناسب للشركة، ولكنك ستجد في النهاية أنّك تملك دليلاً تنظيمياً يتوافق مع هوى ورغبات الأشخاص. لذا، استعن بالأشخاص الذين سيقدمون لك المدخلات المناسبة التي تتفق مع أهداف الشركة، لا من يضعون مدخلات تتفق مع أهدافهم الشخصية.
4- صياغة المسودة الأولى
بناءً على نتائج الخطوات الثلاث الأولى، سيكون لديك القدرة على صياغة المسودة الأولى للدليل التنظيمي. ليس ضرورياً كتابة الدليل بنفسك، بل يمكنك إسناد المهمة لمن تراه مناسباً لها. إذا فعلت ذلك، فلا بد من الإشراف على جميع التفاصيل، وأن تتأكد من جميع الصياغات الواردة في الدليل التنظيمي وأنّها تتفق مع ما تريده بالفعل.
لا بد من تحديد وقت معين للانتهاء من المسودة الأولى، فلا يجب التسليم لفكرة التأخير بلا داع، وأن تقنع ذاتك بأنّ الجودة يمكن أن تجعلك تتأخر. إذا شعرت بصعوبة في صياغة جزء معين، فضع صياغة مبدئية له، وتأكد أنّ مرحلة المراجعة ستساعدك على تنسيق كل شيء من جديد وبكفاءة عالية.
5- مراجعة المسودة الأولى من جميع الجوانب
بعد الانتهاء من المسودة الأولى من الدليل التنظيمي، فلا بد من بدء عملية المراجعة جيداً لمحتواها، مع التركيز على فحصل كل الجوانب في الدليل. يمكن أن تشمل عملية المراجعة النقاط التالية:
- الجوانب القانونية: التأكد من صياغة الدليل التنظيمي بما يتفق مع اللوائح والأنظمة القانونية.
- الجوانب الفنية: التأكد من أسلوب كتابة الدليل التنظيمي بالطريقة المناسبة، مع حسن اختيار الكلمات التي تعبّر عما تريده بالفعل.
- الجوانب التقنية: التأكد من جودة التفاصيل الواردة في الدليل التنظيمي، وأنّها فعلاً مناسبة للشركة ووضعها الحالي، وستساعد على تحقيق أهدافها.
بالطبع ليس ضرورياً تنفيذ المراجعة بنفسك، بل الأفضل الاستعانة بمتخصصين في كل الجوانب، مع البحث عن مدخلات من الأشخاص الذين ساهموا من البداية في كتابة الدليل التنظيمي. مثلاً لا بد من الاستعانة بخبير في القانون لمراجعة المحتوى من الجانب القانوني.
6- إجراء التعديلات للوصول إلى النسخة النهائية من الدليل التنظيمي
بعد الانتهاء من جمع التعديلات على المسودة الأولى، يمكنك البدء في إجراء التعديلات المطلوبة. لا تتعجل أبداً إصدار النسخة النهائية من الدليل التنظيمي لأنّها ستكون معتمدة وستستخدم على إطار واسع، فلا توجد أي مشكلة من إعداد أكثر من مسودة حتى تصل إلى النسخة النهائية.
في النهاية الشيء الهام هو شعورك بالرضا عن الدليل التنظيمي، وأن تكون النسخة الأخيرة حقاً ناتجة عن التعامل مع جميع التعديلات المطروحة على جميع الجوانب، فتضمن في النهاية امتلاك الدليل التنظيمي المناسب للشركة.
7- توضيح آلية التعديل على الدليل التنظيمي
من العيوب التي تحدثنا عنها في الدليل التنظيمي هي الجمود الذي يتعلق بمحتواه، وبالتالي عدم توافقه مع التغيرات الحادثة. مثلاً قد يكون الدليل التنظيمي يتحدث عن قواعد العمل من المكتب، بينما في الفترات الأخيرة ازداد كثيراً الاعتماد على العمل من المنزل، وعدم تغيير الدليل التنظيمي ليتوافق مع هذا التغيير قد يجعله بلا فائدة.
في الوقت ذاته لا يمكن السماح بسهولة لإجراء التعديلات على الدليل التنظيمي، إذ سيفتح هذا المجال لأي شخص لإجراء التعديلات بما يتوافق مع رغباته الشخصية. إذاً تحدث هنا معضلة حول الطريقة المناسبة للتعديل على الدليل التنظيمي.
لذا، يمكن التغلب على هذا الأمر ببساطة، من خلال توضيح آلية التعديل داخل الدليل التنظيمي نفسه، عبر تحديد الخطوات التي يجب القيام بها من أي شخص عند رغبته في التعديل.
على سبيل المثال، عند رغبة الشخص في التعديل، فإنّه يتواصل مع رئيس مجلس الإدارة، ويقدم طلب به مجموعة معينة من البيانات بشأن التغيير. بعد ذلك قد يحدد رئيس مجلس الإدارة قبول هذه التعديلات أو لا. أو قد يشكل لجنة تكون هي المسؤولة عن الأمر لأخذ القرار النهائي.
ختاماً، يتطلب إعداد الدليل التنظيمي بذل الكثير من الجهد والوقت، لكن في النهاية هذا الدليل هو إحدى الأدوات المهمة في العمل، التي يجب الاهتمام بها حقاً ومنحها الاهتمام المناسب، لأنّ وجود الدليل التنظيمي يسهل العمل بعد ذلك، ويوفر الكثير من الوقت الذي قد ينتج عن عدم الفهم والجدل بشأن المهام. يمكنك من خلال هذه الخطوات البدء في إعداد الدليل التنظيمي المناسب لشركتك.