الرئيس التنفيذي لصناعات الاماراتية: المزاجية والمدير الناجح لا يلتقيان
الرجل- دبي:
"اخترت الهندسة الكهربائية تخصّصاً جامعياً، لاهتمامي منذ الصغر بالأعمال الهندسية، ولقناعتي بأن الكهرباء عنصر أساسيّ في حياتنا، فهي المحرك الرئيس لكل الأدوات التي نستعملها وتدخل في ضروريات حياتنا اليومية".
الكلام لسهيل مبارك بن عثعيث العامري، الرئيس التنفيذي لـ " صناعات " احدى أضخم الشركات القابضة في مجال الاستثمار الصناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، و التي تدير عدداً من الأصول الصناعية المملوكة لحكومة أبوظبي، ويعمل في مختلف شركاتها آلاف الموظفين.
يتمتع المهندس سهيل العامري بخبرة تفوق 22 عاماً في إدارة المشاريع الصناعية، بما في ذلك مشاريع قطاع النفط والغاز، والتي اكتسبها خلال عمله مع شركة أبوظبي للعمليات النفطية البرية "أدكو".
ويرأس العامري مجلس إدارة شركة "أركان" لمواد البناء، كما أنه عضو في مجلس إدارة شركتي حديد الإمارات والفوعة، ويحمل المهندس العامري درجة البكالوريوس في تكنولوجيا الهندسة الكهربائية من جامعة كولورادو تيك . "الرجل" التقته" وكان الحوار التالي:
- حدثنا عن بداياتك؟
درست درجة البكالوريوس في جامعة كولورادو التقنية؛ كانت فكرة الدراسة في أمريكا صعباً استيعابها بعض الشيء كوني نشأت في بيئة محافظة، وما نسمع به عن صخب الحياة في أمريكا وسرعة إيقاعها، ولكن بحمد الله وتوفيقه، تمكنت سريعاً من التأقلم بالمحيط الجامعي، خاصة أنه كان معي بعض الإخوة من الدولة ومن الدول العربية الشقيقة، إضافة إلى أن الدراسة أخذت معظم الوقت هناك، إذ كان لا بدّ من التحضير للمحاضرات، لا سيّما أن المجال واسع ومتجدد، ويتطلب الاطلاع والبحث المستمرين، ومواكبة المستجدات أولاً بأول.
بعد تخرجي في عام 1991، التحقت بالعمل مع شركة "أبوظبي للعمليات النفطية البرية" (أدكو)، في وظيفة مهندس إنتاج بقسم التطوير والصيانة، وكلفت بمشروع تطوير وصيانة آبار البترول بحقل بوحصا، ومن هناك بدأ اهتمامي بالمجال الصناعي.
· لنتحدث عن بدايتك مع شركة "صناعات" القابضة والمنصب الذي تشغله حالياً.
بدأت مسيرتي العملية مع الشركة في عام 1997، بوظيفة مدير إدارة المشاريع، وكان ذلك قبل أن يتمّ تأسيسها تحت اسم "الشركة القابضة العامة" في عام 2004، وقبل أن تندمج الأخيرة مع شركة أبوظبي للصناعات الأساسية، تحت لواء واحد وهوية مؤسسية جديدة، هي "صناعات" في عام 2012.
وعند الاندماج تمّ تكليفي قيادة صناعات، وكان من المهم في أول سنتين من تولّي هذا المنصب، أن أعمل بشكل وثيق مع فريق الإدارة على دمج جميع أعمال الشركتين، ووضع استراتيجية خاصة للشركة التي تعمل على دعم رؤية أبوظبي الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليص الاعتماد على النفط.
كما كان من الضروري في أول سنتين، أن ندرس المشاريع التي كانت تحت التخطيط، لمعرفة جدواها وإن كانت تقع ضمن الاستراتيجية الموضوعة. فضلاً عن ذلك انصبّ جلّ اهتمامنا في تنمية الموارد البشرية المواطنة وتنمية مقدراتها وتطويرها، وتوفير بيئة عمل جاذبة للمواطنين.
· ما الذي تحمله للشركة من طموحات؟ وما أهدافك التي تسعى إليها؟
إنني أؤمن تماماً بأن "صناعات" تستطيع أن تستمرّ في تحقيق المزيد من التميّز والريادة في القطاع الصناعي، وأن تسهم بصورة أكبر في ازدهار أبوظبي - خاصةً - ودولة الإمارات العربية عموماً، وذلك عبر قناتين، أولاهما توسعة الشركات التابعة لها حالياً وتنميتها، من خلال الاستثمار في تنويع منتجاتها، أو رفع حجم إنتاجها عن طريق إنشاء مصانع حديثة وكبيرة. أما القناة الثانية فهي استهداف المزيد من الاستثمارات الاستراتيجية الجديدة، إما عن طريق الدخول في شراكات مع جهات صناعية متخصّصة، سواء كانت أجنبية أو محلية، أو عن طريق تأسيس شركات صناعية تغطي مجالاً معيّناً، وتكمل سلسلة الإنتاج الصناعي، إما عن إنتاج مواد أولية لمشاريع أخرى في الدولة، أو استخدام ما تنتجه هذه المشاريع كمواد أولية لتصنيع منتجات تلبّي الطلب المحلي أو الإقليمي أو العالمي.
ولهذا طموحي بالنسبة لـ "صناعات" هو أن تكون عاملاً فاعلاً في تعزيز القدرات الصناعية للإمارة، وأن تسهم في رفد الاقتصاد الوطني بصورة مستدامة.
· بالنسبة للكوادر الإماراتية؛ ما خططكم فيما يتعلق بتوطين الوظائف؟
نفتخر اليوم بكون أغلبية طاقم الإدارة العليا في "صناعات" ، مؤلفة من إماراتيين يمتلكون المعرفة والخبرة والمهارات اللازمة للارتقاء بإمكانات أبوظبي الصناعية، ونحن نؤمن تماماً بأن نجاح استراتيجيتنا واستدامة أعمالنا، يعتمدان على وجود كفاءات وطنية قادرة على تنمية الشركة على مدى عقود قادمة، وذلك من خلال تطوير الكفاءات الصناعية الشابة في الإمارة، ليكونوا روّاد القطاع الصناعي في المستقبل.
· "صناعات " اسم معروف فأين تكمن أهميتها في السوق الإماراتي؟
تعدّ "صناعات" إحدى كبرى الشركات القابضة في مجال الاستثمار الصناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مملوكة بالكامل لحكومة أبوظبي. وقد ركزنا على إنشاء وتطوير وتعزيز ودعم الشركات والأصول الصناعية في الإمارة التي تتطلب موارد ضخمة من رأس المال من جهة، وتتمتع بمزايا تنافسية من جهة أخرى، ما من شأنه تحقيق رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030.
ويأتي استثمارنا في القطاع الصناعي عبر أربعة مجالات رئيسية وتمكينية مساندة، وهي المعادن، وخدمات النفط والغاز، ومواد الإنشاء والبناء، وإنتاج المواد الغذائية والمشروبات، وقد طورنا شركات رائدة وقادرة على المنافسة محلياً وعالمياً؛ فعلى سبيل المثال، تعدّ شركة "حديد الإمارات"، وهي إحدى شركاتنا، أكبر مصنع متكامل للحديد في الدولة، وهي تغطي احتياجات السوق المحلية والإقليمية، وتصدر المنتجات العالية الجودة من أبوظبي إلى الأسواق العالمية. ومثال آخر عن شركاتنا هو شركة الإنشاءات البترولية الوطنية، والتي تعدّ رائدة في مجال الخدمات الهندسية والتوريدات والإنشاء والتشغيل التجريبي في مشاريع تطوير حقول النفط والغاز البحرية والبرية، إذ توفر خدماتها لعملاء عالميين داخل الدولة وخارجها.
· برأيك ما مواصفات المدير الناجح؟ وكيف تقود فريقك للوصول الى افضل النتائج؟
أهم مواصفات المدير الناجح، هي ما يستمدّها من الذات والمجتمع والقانون، كما يشترط فيه بعض المواهب الشخصية والفطرية، فضلاً عن قدرته الإبداعية العامة والمرونة مع الظروف. كما يجب أن يتحلى المدير بالأفق الواسع والنظرة الشامل، فهو قادر على تحديد الأهداف الأساسية البعيدة المدى، والسعي إلى تنفيذ الأهداف ضمن أولويات متوازنة، والعمل على أساس تحقيق النجاح.
ومن المواصفات التي يستمدها من الذات، تلك التي تتعلق بالرغبة في اتقان العمل وتحسينه، والانضباط واحترام الوقت، كما أنه يحترم القوانين والأنظمة، ويتحلى بالصدق في إنجاز الوعود ويسعى إلى تحقيقها بكل إمكاناته.
المدير الناجح:
أن يكون قيادياً فيتحمّل المسؤولية عن الأعمال أو الفشل، ويتحلى بالموضوعية في اختيار العناصر لإشغال الوظائف، فتكون قراراته واضحة ومتأنية، بعيدة عن المزاجية والأهواء والميول، وهو يحسن توزيع العمل على المرؤوسين حسب قدراتهم، بعد أن سعى للتعرف إلى هذه القدرات، وهو يقوم بتطوير تشجيع العمل الجماعي، وإفساح المجال لظهور المرؤوسين الأكفاء، لأنه يثق بالناس، كما على المدير أن يكون السند للمرؤوسين عبر تأييدهم في ممارسة الصلاحيات وتحمّل المسؤوليات، وذلك عن طريق الحزم في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، باعتبار أن الوظيفة مسؤولية أكثر من كونها وجاهة ومعاشاً. القيادة الناجحة تشمل القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب، بالإضافة إلى القدرة إلى تنمية الشعور بالانتماء والولاء للمنشأة بين جميع الموظفين.
ومن أهم المواصفات في المدير الناجح هي اهتمامه بالتدريب المستمرّ لشخصه ولمرؤوسيه، أفراداً وجماعات، حتى يكون دوماً مدرباً ومتدرباً، فيشجّع البحث العلمي والتطلع إلى المستجدات المعاصرة محلياً وعالمياً.
· عادة ما يُسأل المدير عن تحفيز الموظفين وتأهيلهم، هل هناك خطط تهدف الى تطوير الكوادر؟ وما رؤيتكم في ذلك؟
تطوير الموارد البشرية، خاصة الإماراتية، هو أحد أبرز الأهداف الاستراتيجية التي نسعى إلى تحقيقها، وهو جزء من مساهمة "صناعات" في تطبيق رؤية أبوظبي الاقتصادية لعام 2030. وتقوم "صناعات" وشركاتها التابعة بتوفير مجموعة مميّزة من برامج التدريب والتطوير الموجهة إلى المواطنين الإماراتيين التي تقوم على تدريبهم وتطويرهم على عدد من المهارات اللازمة في المجال الصناعي. كما نقدم لموظفينا الطموحين منحاً للدراسة في أفضل الجامعات العالمية، ممّا يتيح لهم فرصة تعزيز إمكاناتهم ومهاراتهم، لتصبح مساهمتهم في نجاح الشركة والدولة بشكل عام أكثر فعالية.
· التوع في اعمالكم هل يؤدي الى تشتيت الجهود؟ وكيف تتجاوزون هذه المشكلة؟
التنوع في محفظتنا الاستثمارية كان مقصوداً، إذ تندرج الشركات الصناعية السبع التابعة لنا تحت أربعة مجالات تم تحديدها ضمن رؤية أبوظبي 2030، والخاصة بتطوير القطاع الصناعي في الإمارة. وهذه المجالات الأربعة حيوية جداً، وفرص النموّ في كل منها كبيرة جداً. وتجدر الإشارة هنا إلى أننا لا ندخل أي مجال قبل دراسته بدقة، وتقييم إمكانات النموّ المطلوبة والقدرة على تحقيق العوائد المرجوّة، كما نركز كثيراً على الطلب المحلي والإقليمي لأي مشروع، وإن كان بإمكاننا سدّ الثغرات وتحقيق بعض من الاكتفاء الذاتي لأيّ منتج.
· ما تطلعات الشركة على المستوى المستقبلي؟ وما خططها؟
سنواصل في السنوات القليلة القادمة التركيز بشكل خاص على الفرص المتعلقة بالمعادن، وذلك نظراً للطلب المتزايد على المنتجات المعدنية، ونتوقع أن نستثمر في الفرص المرتبطة بالمعادن الحديدية والمعادن غير الحديدية، مثل الألمنيوم التي تشمل الصناعات التحويلية، ومشاريع أخرى لإنتاج أنابيب نحاسية وأخرى من الزنك.
كما سنواصل تنفيذ استراتيجية أعمالنا الرامية إلى رفع قيمة الشركات التابعة لنا إلى أقصى حدّ ممكن، وتعزيز مساهمتنا في الناتج المحلي لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات عموماً، وتعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسة، وهي النموّ والاستدامة والجدوى الاقتصادية.