دليلك إلى إدارة الأزمات داخل شركتك
على الرغم من التخطيط الجيد، فلا يمكن لأحد التنبؤ بأنّ الأمور ستسير على ما يرام دائمًا، سواءً لبعض الأخطاء المحتملة من فريق العمل، أو حتى ظروف خارجة عن الإرادة مثل جائحة كوفيد 19 وآثارها على الجميع. لذا، فمن الضروري تعلم كيفية التعامل مع المشاكل الطارئة، وهنا يظهر دور إدارة الأزمات داخل الشركة.
ما هو تعريف الأزمات بالنسبة للشركات؟ وما هي أهمية إدارة الأزمات؟
يمكن تعريف الأزمة على أنّها الحدث المفاجئ غير المتوقع، الذي يؤدي إلى اضطرابات كبيرة بين الأفراد في بيئة العمل. نتيجة لذلك يتأثر أداء الموظفين، وتحدث حالة من عدم الاستقرار داخل الشركة. تحدث الأزمة غالبًا في فترة قصيرة، وينتج عنها مشاعر الخوف والقلق بين الجميع. من أجل فهم دور إدارة الأزمات في التعامل مع هذه الأحداث الطارئة، فمن المهم فهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الأزمات:
- المشكلات التكنولوجية في البرمجيات المستخدمة.
- اختلاف وجهات النظر بين الأفراد في فريق عمل الشركة.
- السلوكيات غير القانونية مثل التلاعب بالبيانات أو المعلومات.
- عدم قدرة الشركة على دفع التكاليف الخاصة بها وتواجه خطر الإفلاس.
- القرارات الخاطئة التي تؤثر في طريقة سير الشركة.
- الوعود الكاذبة إلى العملاء، التي سرعان ما يكتشفونها عند استخدامهم الفعلي للمنتج أو الخدمة.
ببساطة، قد تحدث الأزمات لأي سبب داخل الشركة. لذلك فدور إدارة الأزمات هو التعامل مع الأمور بالطريقة الصحيحة، واتّخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة، للعودة إلى المسار الطبيعي مرة أخرى. يمكن تعريف إدارة الأزمات على أنّها فن، يتعلق بكيفية التعامل مع الأحداث غير المتوقعة، وفائدته تشمل الشركة والأفراد في الوقت ذاته. وجود إدارة الأزمات يؤثر في عقلية الموظفين، من خلال النقاط التالية:
- تساعد إدارة الأزمات الأفراد على التفاعل مع الأحداث غير المتوقعة بذكاء، بدلًا من مشاعر الخوف.
- تزيد من قدرة الموظفين على التكيف وتقبل التغيّرات بسهولة، دون السماح للأزمة أن تترك أثرًا سلبيًّا عليهم.
- يؤدي وجود إدارة الأزمات إلى توقع الأزمات المحتملة قبل حدوثها من الأساس، من خلال ملاحظة العلامات واتخاذ الاحتياطات اللازمة للتعامل معها.
- يمكن لفريق العمل فهم الأزمة وقت وحدوثها، وتحليلها جيدًا من أجل معرفة الأسباب، ثم اتخاذ القرارات المناسبة، من خلال ابتكار أفضل الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها وفقًا للموقف.
5 من أهم خصائص إدارة الأزمات
تسعى إدارة الأزمات إلى اتخاذ خطوات سريعة طوال الوقت، سواءً قبل حدوث الأزمة من خلال توقعها، أو في أثناء الأزمة للتعامل معها، أو بعد الأزمة للتخلص من الآثار الجانبية لها. لذا، هناك مجموعة من الخصائص الضرورية الواجب توافرها في إدارة الأزمات.
1- التنسيق المباشر بين جميع الأقسام المعنية بالأزمات، سواءً ستتأثر بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك من أجل زيادة حجم المجهود المبذول من الجميع للتغلب على الأزمة.
2- التواصل الفعّال في أوقات الأزمات، وعدم الانتظار أو اعتماد شخص على الآخر، بل لا بد من المبادرة في هذا الموقف.
3- منح الصلاحيات الكافية للأشخاص المسؤولين عن إدارة الأزمات، وذلك من أجل تعزيز قدرتهم على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت الصحيح، بدلًا من تضييع الوقت في سلسلة من التواصل الداخلية بلا فائدة.
4- في أوقات الأزمات، لا بد من التواصل المستمر مع جميع الأفراد المعنيين بالمشكلة: الموظفين الداخليين، العملاء، أصحاب الأسهم في الشركة، وسائل الإعلام. مع الحرص على الصدق في التعامل مع الأزمة، والتحرك سريعًا حتى لا تتسبب في مشكلة أكبر نتيجة للشائعات.
5- الشيء الأهم في إدارة الأزمات هو الهدوء والصبر، بدلًا من الخوف. كذلك القدرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة سريعًا. كل ذلك يؤدي إلى امتلاك رؤية أكثر وضوحًا للأحداث الحالية، وبالتالي اتخاذ الخطوات الصحيحة في الموقف.
كيف يمكنك وضع خطة ناجحة من أجل إدارة الأزمات؟
تتطلب إدارة الأزمات امتلاك خطة واضحة المعالم، بشأن الخطوات العملية للتعامل مع الأزمات والمواقف المختلفة. وجود خطة لإدارة الأزمات هو شيء لا غنى عنه، إذ دائمًا ما تكون فترة الازمات هي فترة حرجة، ولا بد من التعامل معها بحذر وتخطيط محكم. يمكنك وضع خطة إدارة الأزمات عبر الخطوات التالية:
1- تقييم المخاطر المتوقعة
تحتاج في إدارة الأزمات تحديدًا إلى العمل بالاعتماد على مبدأ الإدارة الاستباقية. إذ لا يجب عليك انتظار حدوث الأزمات لتبدأ في اتّخاذ التصرفات المناسبة، بل لا بد من توقع هذه الأزمات مسبقًا للتعامل معها. يؤدي ذلك إلى تحجيم المخاطر كثيرًا، وتجنب الأكثير من الأزمات.
لذا، الخطوة الأولى هي النظر جيدًا بشأن التهديدات المحتملة بجوانبها المختلفة، سواءً كانت أموراً داخلية في الشركة متعلقة بالفريق أو التكنولوجيا الداخلية المستخدمة مثلًا، أو خارجية مثل القوانين والأوضاع الاقتصادية وغيرها. من خلال تقييم هذه المخاطر، سيكون بالإمكان تحديد طريقة التعامل معها جيدًا.
2- تحديد الآثار السلبية المحتملة من الأزمات
عند التفكير في إدارة الأزمات، فإنّ ذلك يحدث بناءً على وجود آثار سلبية محتملة للأزمة. مثلًا وجود أزمة تنقص المبيعات إلى النصف هو أمر سيئ جدًا، أمّا أزمة أخرى تؤثر على المبيعات بقيمة 5%، فهي قد لا تستحق التفكير في آلية التعامل معها، والسبب في ذلك هو أنّ إدارة الأزمات قد تكلف الشركة أكثر من الخسارة في هذه الحالة.
لذا، قبل التفكير في الإجراء المناسب، من المهم تحديد الآثار السلبية المحتملة من الأزمات، وبناءً على ذلك أخذ القرار بالتدخل من خلال إدارة الأزمات أو التفكير في طريقة أخرى للتعامل مع الأزمة. من أهم الآثار السلبية التي لا بد من التعامل معها سريعًا:
- انهيار حجم الدخل عن المتوقع بطريقة كبيرة.
- زيادة التكاليف التي تتحملها الشركة نتيجة لأي تغيرات في السوق.
- مشكلة في سمعة الشركة لدى العملاء والمجتمع.
- عدم رضا العملاء عن المنتجات أو الخدمات بطريقة تجعلهم لا يقبلون على الشراء.
- التعارض مع القوانين والأنظمة المتغيرة.
3- التفكير في الاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع المواقف المختلفة
بناءً على توقع الآثار السلبية المحتملة، يأتي دور إدارة الأزمات في التفكير بشأن الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها للتعامل مع كل موقف. إذ لكل حالة هنا تفاصيلها الخاصة، التي تتطلب تدخلًا مختلفًا من الشركة، ومن الجيد التفكير في حلول مسبقة لهذه الآثار.
يمكن أن تشمل الحلول لمشكلات العملاء، مكالمات من خدمة العملاء بهدف إصلاحها واكتساب رضا العميل، وتحويل شعوره بالضيق إلى شعور بالرضا. مثلًا لحل مشكلة التكاليف، فيمكن التفكير في قائمة الموردين المحتملين للتعامل معهم، لضمان وجود أكثر من اختيار. وهكذا يمكن تطوير حل لكل أثر سلبي، ليتم تفعيله في الوقت المناسب.
4- وضع خطة التنفيذ
من الأشياء التي تساهم في نجاح إدارة الأزمات هي ردود الأفعال السريعة. إذ تؤدي هذه الردود إلى استيعاب غضب العملاء، وحسن التعامل مع الموقف قبل تفاقم المشكلة، وزيادة الغضب لدى المجتمع الخارجي.
لذا، يمكنك في الخطوة السابقة تطوير خطة بدون تواريخ مسبقة، لكن تحتوي على خطوات واضحة المعالم. في هذه الخطوة تبدأ في تحويلها إلى خطوات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، بالتالي توفّر الكثير من الوقت الذي يضيع في التفكير بشأن الحلول، وتكون إدارة الأزمات مبادرة لحل المشكلات سريعًا.
5- إشراك الأشخاص المناسبين في كل أزمة
قد تفضل وضع فريق أساسي مسئول عن إدارة الأزمات، وهذا شيء جيد. لكن من المهم الانتباه إلى التغيّرات في كل أزمة، فلا توجد أزمات ثابتة أبدًا. وبالتالي لا بد من الحرص على تضمين الأشخاص المناسبين في كل أزمة تحدث مع الشركة.
إذا كانت المشكلة تكنولوجية، فمن الضروري الاستعانة بأشخاص لديهم خبرة في التكنولوجيا للتواجد من أجل المساهمة في حل هذه المشكلات، وبالتالي ضمان أنّ مشاركاته ستكون ذات قيمة. عندما تكون المشكلة في التكاليف، فيمكن إشراك أفراد من إدارة المشتريات أو المبيعات والتسويق، وهكذا.
بالطبع ليس ضروريًّا طوال الوقت اختيار الأفراد في إدارة الأزمات بناءً على تخصصهم. لكن يمكن أيضًا اختيار بعض الأشخاص بناءً على قدراتهم العقلية، وثقة الشركة في أنّهم سيكونون مناسبين للاشتراك في هذه الأزمة ومحاولة حلها من خلال أفكارهم المتميزة.
يمكن أيضًا الاستعانة بأشخاص من خارج الشركة، مثل المتخصصين في بعض المجالات، وذلك من أجل الحصول على نصيحتهم وأفكارهم للتعامل مع الموقف. إذ في الواقع كثيرًا ما تكون مشاركات هؤلاء قيّمة لدرجة أنّها توفر على الشركة مبالغ طائلة.
من المهم ألّا تنسى في اختيار الأفراد المسؤولين عن إدارة الأزمات، أن تضع الشخص الذي سيتولى مهمة الحديث مع وسائل الإعلام، إمّا من خلال تصريحات صحفية، أو في لقاءات تلفزيونية، أو حتى يمكنك أنت إعداد مؤتمر خاص بالشركة للحديث عن هذا الأمر، وتوضيح بعض النقاط.
6- مراجعة الخطط دوريًّا وتطوير إدارة الأزمات
من الجيد جعل إدارة الأزمات هي طريقة للتفكير داخل الشركة، وبالتالي النظر إلى الأمر دائمًا في هذا الإطار. في الحقيقة هذا شيء مهم ضمن أنواع التخطيط المفيدة داخل الشركات، إذ تفضل بعض الشركات الاعتماد على التخطيط المتعلق بمسألة إدارة الأزمات.
لذا، راجع الخطط التي تضعها دوريًّا، للتأكد من جودة المقترحات الخاصة بها، وكذلك من أجل تحديثها وفقًا للأوضاع الجديدة التي تتطور، والحلول المبتكرة التي تظهر من حين لآخر. كذلك عندما تضع أي خطة جديدة داخل الشركة، فمن المهم إشراك إدارة الأزمات في ذلك، من أجل وضع خطة لإدارة المخاطر المحتملة، بالتالي تضمن دائمًا أنّ كل عملية تخطيط في الشركة لا تهمل المخاطر المحتملة.
ختامًا، إدارة الأزمات هي عقلية داخل الشركة، لا بد من استخدامها باستمرار. حتى إذا لم تضع فريقًا ليتولّى هذه المسؤولية، فهذا دورك أنت كمدير أن تجعل الجميع يفكرون بهذه الطريقة في وظائفهم اليومية. عندما يفهم الفريق قيمة إدارة الأزمات، سيسعى إلى تضمين المشكلات المحتملة كجزء من تفكيره في أي قرار، وبالتالي تضمن أنّ هناك أفكارًا مستمرة للمساهمة في إدارة الأزمات، وهو المطلوب من أجل عبور الشركة لبر الأمان باستمرار.
المصادر: