دعاء ليلة القدر مكتوب وآداب لاستجابة الدعاء فيها
دعاء ليلة القدر مكتوب وآداب لاستجابة الدعاء في تلك الليلة المباركة.
من عظيمِ مِنَنِ الله تعالى على أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لها في أيام دَهْرِها نَفحاتٍ؛ لِيَتعرَّضوا لها، وليفوزوا فيها بعطايا من الله، لأن الأمَّة أعمارُها قصيرة، وآجالها مَحدودة، ومن تلك النَّفَحات الجليلاتِ ليلةُ القدْرِ في رمضان، التي هي خيرٌ من ألف شهر، كما أخبَرَ الله سبحانه وتعالى في كتابِه.
وينبغي أن يكثر المسلم من دعاء ليلة القدر، ودعاء الخير والرحمة في شهر رمضان خاصة، استثمارًا لموسم الخير والبركة، وتعرضا لرحمة اللله تعالى وعفوه.. ولذلك سنخبركم في هذه المقالة ما هو دعاء ليلة القدر، وما الأدعية الأخرى المستحبة في هذه الليلة العظيمة.
لماذا ندعو ونبتهل في ليلة القدر؟
في ليلة القدر يُقَدِّرُ الله سبحانه مقادير الخلائق على مدار العام وهو تقديرٌ ثانٍ؛ إذ إن الله تعالى قد قدَّر كلَّ شيء قبل أن يخلق الخلائق بخمسين ألف سنة، ويُشرع الدعاء فيها والتقَرُّب به إلى اللهِ تبارك وتعالى.
ويُكتَب فيها الأحياء والأموات، والنَّاجون والهالكون، والسُّعداء والأشقياء، والعزيز والذَّليل، وكلُّ ما أراده الله سبحانه وتعالى في السنة المقبلة، يُكتب في ليلة القدر هذه.
قال تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر: 3]، فالعبادةُ فيها أفضل عند الله من عبادة ألفِ شهر، ليس فيها ليلةُ القَدرِ، وألفُ شهر تَعدِلُ: ثلاثًا وثمانينَ سَنَةً وأربعةَ أشهر.
وَوَرَد دعاء ليلة القدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، عندما سألته عائشة رضي الله عنها، وسنذكره لكم في الفقرة التالية.
دعاء ليلة القدر
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القَدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي: اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي).
شرح الحديث:
نستنتج من هنا دعاء ليلة القدر وفوائد أخرى، ففي الحديثِ أنَّ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها سألَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فقالتْ: "إنْ وافَقْتُها"، أي: إنْ أدرَكْتُ ليلةَ القدْرِ، كما في رِوايةِ التِّرمذيِّ وابنِ ماجة.
وليلةُ القدر في العشْرِ الأواخر من شهر رمضان، وسُمِّيَت بذلك لعِظَمِ قَدْرِها؛ لنُزولِ القرآنِ والملائكةِ فيها، وقيل: لأنَّ الذي يُحْييها يكونُ له قَدْرٌ بذلك، وقيل: القدْرُ مأخوذٌ مِن التَّضييقِ، والذي يُرادُ هنا إخفاءُ يَومِها عن الناسِ، وقيل: لتَقديرِ أفعال السَّنة بها؛ فتُكتَبُ فيها أقدارُ تلك السَّنة، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ اللَّفظُ مأخوذًا مِن بعضِ تلك المعاني أو كلِّها.
"فبِمَ أدْعو؟" أي: ما يَفضُلُ مِن الدُّعاءِ في تلك اللَّيلةِ؟
فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى دعاء ليلة القدر وأفضل أنواع الدُّعاءِ في تلك الليلة، وهو: "اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ"، والعفو هو التَّجاوُز عن السيئات، "تُحِبُّ العفْوَ"، أي: تُحِبُّ ظُهورَ هذه الصفة، "فاعْفُ عنِّي"، أي: تجاوَزْ عنِّي واصفَحْ عن زَلَلي؛ فإني كثيرُ التقصير، وأنت أَولى بالعفْوِ الكثير.
وعفْوُ الله تعالى يكونُ في الدنيا والآخرة، وهذا من آداب الدُّعاء؛ أن يُثنِيَ العبدُ على ربِّه سبحانه بصفةٍ تُناسِبُ طَلبَه، وهذا الدُّعاء من جوامعِ الكلِمِ، ومن دَعا به حاز خيري الدُّنيا والآخرة.
وفي الحديثِ: إثباتُ صِفَةِ العفْوِ والمَحبَّةِ للهِ تعالى كما يَلِيقُ بجَلالِه.
وفيه: الحثُّ على الدَّعواتِ المباركاتِ لا سيَّما في الأوقاتِ الفاضلاتِ.
وفيه: بيانٌ لحِرْصِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها على التعلم من هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى معرفة أبواب الخير.
أدعية مستحبة في ليلة القدر
ومن الأدعية التي يستحب الإكثار منها بجانب دعاء ليلة القدر في رمضان وفي غير رمضان:
- (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
- (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ).
- (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ منه عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.
- اللَّهمَّ عالِمَ الغَيبِ والشَّهادةِ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ، رَبَّ كلِّ شيءٍ ومَليكَهُ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ، أعوذُ بِكَ مِن شرِّ نفسي وشرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ.
- يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ.
- (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).
- اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
- اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
- سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
آداب دعاء ليلة القدر
قال تعالى :(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة- 186.
يحسن بالداعي أن يجمل في الطلب، ويكثر من الأدعية المأثورة، وألا يتعدى في دعائه، ويتأدب بآداب الدعاء.
ومن آداب دعاء ليلة القدر:
- استحباب الوضوء.
- استحباب استقبال القبلة.
- استحباب رفع اليدين، وينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه.
- حمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، ويختم بالصلاة على النبي.
- استحباب تكرار الدعاء وطلب المغفرة ثلاثا.
- النهي عن رفع البصر عند الدعاء في الصلاة إلى السماء.
- عدم التعدي في الدعاء.
- تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وغير ذلك.
ومن أسباب إجابة الدعاء:
- تحري الحلال في المأكل والمشرب.
- الاستقامة على طاعة الله وتقواه والإكثار من سؤاله.
ختاما، كان هذا دعاء ليلة القدر مكتوباً وآدابه ومجموعة أدعية مستحبة في رمضان وغير رمضان، ويمكنكم الرجوع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة لتعلم المزيد من الأدعية، راجين المولى أن يتقبل منا ومنكم.
مصادر: