رائد الأعمال المهند المروعي للرجل: تعلم الأسرار واصنع بصمتك
بدأ حياته العملية موظفاً، ولكن اهتمامه وشغفه بالبحث عن مشروعه الخاص لم يتوقف للحظة، أسس ثماني شركات انتهت معظمها إلى الخسارة، إلى أن قادته قدماه إلى أوغندا، وهناك اشترى أراضي زراعية، وجد بها شجرة قهوة، وكانت تلك الشجرة نقطة انطلاقه في ريادة الأعمال.
رائد الأعمال المهند علي المروعي المدير التنفيذي والشريك المؤسس لشركة أضواء القهوة المحدودة، التقتْه مجلة الرجل ليتحدث عن تجربته والطرق التي سلكها للوصول، وكيف تمكّن من تحويل حبات البنّ إلى مشروع مربح ورائد على مستوى المملكة العربية السعودية.
البدايات
التحق في بداية حياته العملية بالوظيفة، فبعد حصوله على ماجستير في إدارة الأعمال، وماجستير آخر في ريادة أعمال من كلية الأمير محمد بن سلمان، عمل المروعي موظفاً في إحدى الشركات، استمر ما يقارب عشر سنوات، ولكن في ذات الوقت لم يتوقف للحظة عن سعيه لتأسيس مشروعه الخاص. يقول: "إلى جانب عملي الوظيفي، أسست نحو ثماني شركات، ثلاث منها فقط حققت ربحاً جيداً وتم بيع ملكيتها لآخرين، في حين انتهت الخمس المتبقية إلى فشل، ولم تستمر لأسباب تقنية، أو لوجستية، ومنها ما لم تحقق أي ربحية، وكبّدتنا جملة من الخسائر حتى سبع سنوات ماضية".
أوغندا
أما عن السبب الذي أوصله إلى أوغندا، يروي المروعي لمجلة الرجل: «قبل سبع سنوات وتحديداً بعدما تكبّدت آخر خسارة، بدأت في مشروع المنتجات العضوية وكنت أبيعها على المقربين، ولأن لديّ حبّ التعلّم بدأ مفهوم زراعتها يلفت انتباهي، فقرّرتُ حينها الاستزادة من المعرفة بها، وكيفية زراعتها، وكان لديّ صديق أمريكي الجنسية متزوج من امرأة (أوغندية)، حدّثتُه عن فكرة المشروع فاقترحَ السفر إلى أوغندا لرؤية المزارع والمنتجات الطبيعية، وأثناء الحديث قررتُ السفر معه في أول رحلة له وكان لي ذلك".
في أوغندا اشترى أراضي بمساحة «خمسة هكتارات» لزراعة منتجات عضوية، وكانت الصدفة حينما وجد في أحد الأراضي شجرة تحمل فاكهة الكرز (ولكن في الحقيقة لم تكن كرزاً)! يقول: «في خلال واحدة من الجولات التي كنّا نتفقد فيها الأراضي لفت نظري شجرة تحمل ثمارا كرزية الشكل واللون، حينها سألت المختص الذي يرافقني عنها، وقلت: «بإمكاني زراعة شجر الكرز ما دامت موجودة في الأرض». فردّ عليّ متعجباً «وأين هي الكرز»؟ وحين أشرتُ إلى الشجرة، أخبرني أنها شجرة قهوة، بل وجعلني أقطف واحدة منها وأتذوق طعمها المائل إلى فاكهة العنب، حينها وفي التوّ واللحظة قررتُ تسجيل شركة رسمية في أوغندا لزراعة وتصدير حبات القهوة وكانت الشركة تحت مسمى (agrinexus)».
القهوة كالنفط
يكشف المروعي بأن تجارة القهوة في أوغندا مثلها مثل تجارة النفط، حيث تتطلب كثيراً من الإجراءات والموافقات من السلطات الحكومية، وإرسال كثير من البيانات والتفاصيل عن أصحاب الشركات.
ويضيف: «لكن تيسّرت الأمور وأصبحت الشركة واحدة من ضمن 40 شركة تمتلك حق التصدير من أوغندا إلى الخارج».
لم تكن شركة القهوة هي الفرصة الوحيد التي استطاع أن يقتنصها رائد الأعمال المهند المروعي، خلال هذه الزيارة، التي باتت زيارات متوالية، حيث أسّس أيضاً شركة أخرى لمتابعة الأراضي التي يمكن استثمارها حيث بدأ بشراء أراضٍ وبناء مجمعات سكنية وبيعها.
التعلّم أولاً
قبل أن ينطلق في مشروعه بدأ المروعي بتعلّم أسرار المهنة في أوغندا، يقول: "لا يمكن أن تبدأ عملاً وأنت تجهل أسراره، انتسبت للمنظمة الأوغندية التابعة للحكومة والمختصة بالقهوة، وبدأت من الصفر، وحمل أكياس حبات القهوة لنقلها وتخزينها، ومن ثم تدرجتُ على مدار ستة شهور حتى انتهت الدورة التدريبية، ومن ثمَّ بدأت بشحن كميات من القهوة إلى السعودية".
ولم يكتفِ بهذا، فشد الرحال إلى المملكة المتحدة مستكملاً مسيرته التخصصية في مجال القهوة واكتشاف أدق تفاصيلها، وكل هذا وهو لا يزال على رأس عمله الوظيفي.
سعيه هذا قاده ليصبح أحد أعضاء كلٍّ من المنظمة العالمية للقهوة المختصة، ومعهد الجودة. وكلتا الجهتين من تحدد المعايير العالمية، وتمنح الرخص المهنية، ليصبح المروعي واحداً من 17 شخصاً فقط على مستوى السعودية، مدرباً معتمداً من المنظمة، وواحداً من 40 شخصاً على مستوى الخليج، إضافة إلى أنه حاصل على رخصة مقيّم قهوة.
وبحسب المروعي، فإن القهوة لديها عدة تقييمات، حيث إنها تُقيَّم من صفر إلى مائة: ( 0-70) القهوة التجارية، (70– 80) القهوة الممتازة، (80 – 100) القهوة المختصة وهي مجال تخصصه. وكل نوع له مميزاته، ونكهته، ورائحته، وطريقة معينة في التحميص، ومن ثمّ سعر مختلف.
أضواء القهوة
بعد نجاح شركته الأوغندية، تم اختيار المروعي من قبل كلية الأمير محمد بن سلمان لريادة الأعمال لتأسيس لَبنات مشروع الكلية من ضمن ما يقارب عشرين شخصاً آخرين على مستوى السعودية.
ويتابع: "في بداية وجودي مع الكلية كان القرار بتأسيس شركة أضواء القهوة المحدودة للاستشارات والتدريب، والشركة تقوم بعمل استشارات ودورات تدريبية للمقاهي على مستوى المملكة، وأيضا لدينا المقاهي الخاصة بنا تحت اسم (آش) وحاليا لدينا ثلاث فروع في جدة، ولدينا خطة خلال العام الحالي: التواجد في كلٍّ من الرياض، أبها، المدينة، جيزان، والشرقية، إضافة إلى الأكشاك الصغيرة التي ستكون في أماكن متفرقة. أيضاً نقوم بتحميص القهوة وبيعها للمقاهي، ونستورد البنّ الأخضر ونبيعه داخل الأسواق السعودية".
وأشار إلى أن شركة الأضواء للقهوة مبنية على شراكة رباعية ما بينه وبين كل من عمرو بنجر، ومحمد أبو غزالة، وعماد خواجة، وقد تأسست في عام 2018م.
القهوة المختصة
يركّز رائد الأعمال المروعي على التخصص كاشفاً أن شريحة رواد الأعمال في مجال القهوة المختصة داخل السعودية لا تتجاوز نسبتها 10-15% فقط من مجمل مقاهي القهوة التجارية والممتازة. مضيفاً: "تكمن الصعوبة في تثقيف العميل بمفهوم القهوة المختصة، لذلك أنا أجد أن جميع المتعاملين معنا هم شركاء للنجاح، ولا نزال في تزايد".
ويتابع: على المستثمر تثقيف نفسه وزيادة وعيه بالنوعيات المختلفة، لأن الزبون يستطيع أن يفرّق ما بين كوب القهوة المميز والعادي، وثانياً عليك أن تُنشئ لنفسك بصمة حتى تجذب شريحة الذائقة لهذا النوع من المشروبات الساخنة وإلّا ستقع في الفخ".
وينصح المروعي بعدد من النقاط لبداية ريادة أعمال في مجال القهوة:
- دورات في القهوة من المنظمات المختصة بما يقارب دورتين إلى ثلاث لتثقيف نفسك.
- دراسة السوق جيدا لمعرفة نقطة البداية.
- دراسة هوية المكان وقصته وبصمته المميزة من واقع ما يؤمن به.
- الاحتكاك بأصحاب الخبرات السابقة والتعلم منهم، والسؤال بلا تردد أو خوف.
العشاق يسألون
وصول مفهوم القهوة المختصة إلى السعودية 2014، يرى المروعي أن "المجال جميل جدّاً، ويحقّق نسبة أرباح جيّدة، وأن عشاق هذا النوع والمهتمين يسألون بداية عن مصدر القهوة، ولتكون مختصة تبدأ من المزرعة، من حيث خصوبة تربتها، وتقليمها، وارتفاعها، ولأخذ أول حصاد يكون ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، وبعد ذلك يصبح المحصول سنويّاً، ومن ثم تكون مرحلة المعالجة من تجفيف، أو مغسول، أو عسلية وغيرها، ومن ثم نذهب للقهوة الخضراء، ثم المحمصة، ثم إلى المقهى، وتنتهي هذه الدائرة بالزبون".
موضحاً أن القهوة المختصة مكلفة جداً، وعلى كل من يعمل في هذا المجال أن يكون متقناً للعمل جدّاً من حيث درجة التحميص والتي لا تتراوح بين 12 - 16 دقيقة وبطريقة معينة، إلى كيفية إعداد كوب القهوة بطريقة ممتازة والتي تُحضَّر ما بين 30 ثانية إلى 3 دقائق بحسب نوعيتها.
وعن شريحة هذا النوع من القهوة قال: "ذائقة القهوة في السنوات الخمس الأخيرة اختلفت تماماً، حيث أصبح العميل يطلب القهوة الإثيوبية والتي لها مميزاتها، أو القهوة الأوغندية ولها خصائص مختلفة، أو الكولومبية، أو البرازيلية، والقهوة في السعودية وضعتها في خريطة تنافس أفضل الدول التي سبقتها بسبب الانفجار الحاصل في ذات التوجه".
مبيناً أن العميل يطلب كوب قهوة مختصة لأنه يعلم تماماً أنها ممتازة ويعرف مصدرها، إضافة إلى أن سعر الكوب أصبح مقارباً جداً للتجارية، أو الممتازة.
دورات مجانية
يعمل المروعي على دورات مجانية لتثقيف كامل المجتمع، يقول: "نقوم بعقد فعاليات من ست إلى اثنتي عشرة مرة على مدار الشهر لمحبي تعلم أسرار المهنة، أو التعرف على القهوة وخصائصها بشكل عام، وكل هذه الفعاليات مجانية من باب المسؤولية المجتمعية".
ويتابع: "لعل اسم المقهى (آش) يجمع هذه الرؤية في نقاطه الثلاث الموجودة في الشعار، (الصحة، المجتمع، الإبداع) فالمقهى يوفر زوايا للفنانين لعرض إبداعاتهم الفنية، ولوحاتهم الهادفة ونقوم بعمل التسويق لها بدون أي مقابل، ومجتمعيّاً نعقد دورات مجانية لرائدي الأعمال، والمبتدئين في مجال القهوة، ولكن للأسف توقفنا حالياً بسبب كورونا".
ولفت إلى أنه تم تجهيز وتصميم المقهى بحيث يستوعب الدور العلوي ما يقارب 250 إلى 300 شخص عند عقد الدورات التدريبية.
جوجوتسو وبطولات
جانب آخر من شخصية المروعي يتعلّق برياضة «جوجوتسو» القتالية اليابانية، حيث حقّق ما يقارب سبع بطولات ما بين محلية وخليجية ودولية، ووصل إلى مرحلة أن أصبح مدرباً معتمداً لها.
الحلم
يعمل رائد الأعمال حالياً على التواجد في كامل الشرق الأوسط إضافة إلى السوق المحلية. قائلاً: "لديّ حلم بأن يكون تحت مظلة الشركة لا يقل عن عشرة آلاف موظف يعملون في تخصصات مختلفة. لذلك، فإن الخطة المستقبلية أن نتواجد في كامل الشرق الأوسط. وعلى المدى القصير نحن بصدد التواجد في أغلب أنحاء السعودية إضافة إلى دولة الإمارات".