كيفية إنشاء خريطة مفاهيم تساعدك على عملية التعلم
لماذا تحتاج إلى إنشاء خريطة مفاهيم ؟ لأن التعلم اليوم لا يتعلق حول الدراسة بجد فقط، لكن حول الدراسة بذكاء.
إذ يمكنك من خلال خرائط المفاهيم (Concept Maps) تحقيق العديد من الفوائد، مثل تحصيل المعرفة وفهم المحتوى بطريقة سهلة، مع توفير في وقت عملية التعلم.
بالتالي، يمكنك دائمًا استخدام الطرق التي تساعدك على تحقيق التعلم الذكي مثل خرائط المفاهيم والخرائط الذهنية.
ويعد إنشاء خرائط المفاهيم من أهم الطرق التي من شأنها مساعدتك على الدراسة والتعلم الذكي.
إذًا ما هي طريقة إنشاء خريطة مفاهيم ذات فاعلية؟ هذا ما سوف نجيب عنه تفصيلاً في هذا المقال.
ما معنى خريطة مفاهيم؟
يعني مصطلح خريطة مفاهيم التمثيل المرئي للمعلومات، حتى يكون من السهل رؤيتها والاستفادة منها.
ويعد الاعتماد على خرائط المفاهيم شائعًا لدى أولئك الذين يفضلون نمط التعلم البصري، فهم يتحفزون أكثر بالصور، وتساعدهم على تحقيق نتائج أفضل من عملية التعلم.
بالطبع لا يقتصر الأمر فقط على أولئك، لكن يمكن لأي شخص استخدام خريطة المفاهيم كجزء من عملية التعلم.
يمكن أن تأخذ خريطة المفاهيم أكثر من شكل، فلا توجد طريقة واحدة لاستخدامها، لكنّها تعتمد دائمًا على الهدف الذي تريده.
لكنّها تركّز على شيء أساسي، وهو آلية تبسيط المفاهيم، فتمكنك من رؤية الصورة الكبيرة لموضوع التعلم. إذ يمكنك البدء بالمفاهيم الرئيسة، ثم الانتقال من بينها وفقًا للارتباطات الخاصة بكل مفهوم.
يمكن لأي شخص استخدام خريطة المفاهيم، سواءً كان هو المسئول عن العملية التعليمية (المعلم، المحاضر، المدرب، الميسر)، أو المتلقي للتعلم. إذ الجيد في أنّها أداة تعليمية مفيدة للجانبين، فيمكن للمعلّم استخدامها لتوصيل الدروس بطريقة بسيطة، ويمكن للطالب الاعتماد عليها كأداة للتعلم.
فوائد إنشاء خريطة مفاهيم في التعلم
لا يتعلق الأمر فقط برغبتك في التمثيل المرئي للبيانات، إذ يمكنك من خلال إنشاء خريطة مفاهيم الحصول على العديد من الفوائد، التي تؤثر على عملية التعلم بالإيجاب. من أهم هذه الفوائد:
1. تسهيل عملية التعلّم: تساعدك خريطة المفاهيم على الربط بين المفاهيم الجديدة، والمفاهيم السابقة المرتبطة بها. بالتالي، سيكون لديك القدرة على تحقيق أهداف التعلم بسهولة، دون أي مشكلة ولا قلق بشأن صعوبة المفاهيم. كما أنّ إنشاء خريطة التعلم يوفر لك قدرًا من التنظيم في الدراسة، يمكنك الاستفادة من هذا الأمر في مراجعة ما تعلمته لاحقًا.
2. تشجّع التفكير الإبداعي: إذا لم تعتمد على خريطة مفاهيم فارغة وجاهزة للاستخدام، فعلى الأغلب ستهتم بإنشاء خريطة مفاهيم خاصة بك، وهنا ستبدأ في التفكير الإبداعي لإنشاء الشكل المناسب لخريطة المفاهيم التي ترغب في الحصول عليها، وبالتالي تشجعك على الإبداع دائماً.
3. تشجيع التفكير النقدي: عندما تبدأ في إنشاء روابط بين المفاهيم، ومحاولة خلق علاقات بينها معًا، ستحتاج إلى التفكير النقدي لفعل ذلك. فالأمر هنا لا يقتصر على اختيار المفاهيم المتشابهة وجمعها معًا، لكن على التفكير جيدًا في ماهية هذه العلاقات، ولماذا يجب جمع المفاهيم. كما أنّ ذلك يؤدي إلى فهم أوضح لها.
4. التركيز على المفاهيم الأساسية: يؤدي الاعتماد على خريطة مفاهيم إلى تعلّم التركيز على المفاهيم الأساسية. إذ تعمل خريطة المفاهيم بالانتقال من المفهوم الأساسي، إلى المفاهيم الأخرى المرتبطة معه، وهكذا حتى يصل إلى المفاهيم الأقل في الترتيب. يسهّل ذلك تذكّر المعلومات لاحقًا.
5. تلخيص عملية التعلم: في النهاية يساعد إنشاء خريطة مفاهيم على تلخيص عملية التعلم، وبالتالي التأكد من تحقق الأهداف ووضوح الصورة الكبيرة المطلوب وصولها. كما أنّ هذا يجعل أثر التعلّم يظل موجوداً لأطول فترة ممكنة، ويمكن اللجوء إلى خريطة المفاهيم في المراجعة.
كما ذكرنا في نهاية الفقرة السابقة، لا يقتصر الأمر فقط على المتعلم، لكن يمكن أيضًا للمعلّم الاستفادة من جميع النقاط التي تحدثنا عنها في هذه الفقرة مع طلّابه. فإذا قرر توظيف خريطة مفاهيم كأداة تعليمية، فهو من خلالها سيتولى تحفيز التفكير الإبداعي والنقدي لدى المتعلمين، وسيساعدهم على فهم المحتوى بسهولة، والتركيز على المفاهيم الأساسية وتلخيص عملية التعلم.
كيفية تصميم خريطة مفاهيم لاستخدامها في التعلم؟
في الحقيقة لا توجد طريقة واحدة لإنشاء خريطة مفاهيم، ولا يمكن لأحد الحكم على طريقة معينة بأنّها صحيحة أو خاطئة. إذ يعتمد الأمر فقط على رغبتك في التصميم، والهدف الذي تريد تحقيقه. وبالطبع تختلف الأهداف من شخص لآخر. لكن هناك بعض الخطوات التي من شأنها مساعدتك على إنشاء خريطة مفاهيم جيدة، تحقق لك الفوائد المذكورة، وذلك عبر الخطوات التالية:
1. تحديد المفهوم الرئيس: تذكّر أنّ كل شيء في النهاية يدور حول المفهوم الرئيس. لذا، أنت بحاجة أولًا إلى اختيار هذا المفهوم، لأنّه سيتحكم في طريقة تصميم باقي الخطوات.
2. إنشاء رسم مناسب للمفهوم: كما ذكرنا، إذا لم تكن تعتمد على خريطة مفاهيم فارغة موجودة مسبقًا، فأنت تحاول خلق واحدة لك. لذا، يمكنك التفكير بشأن الشكل الأنسب لهذا المفهوم، وهنا يمكنك الاعتماد على الإبداع كما تريد. مثلًا إذا كنت تنشئ خريطة مفاهيم لأجهزة الإنسان، يمكنك رسم صورة بسيطة لإنسان، والاعتماد عليها في كتابة المفاهيم.
3. كتابة المفاهيم من ذاكرتك أولًا ثم العودة إلى المحتوى الأساسي: بما أنّها وسيلة للتعلم، فيمكنك البدء بكتابة المفاهيم من ذاكرتك. أولًا سيساعدك هذا على تقييم التعلم وفهمك له، وثانيًا سيخبرك بالنقاط التي ما زلت تحتاج إلى مراجعتها مرة أخرى. بعد الانتهاء من ذلك، يمكنك العودة إلى المحتوى الأساسي، وتعديل ما كتبته أو إضافة المزيد بناءً على رؤيتك.
4. ركّز على ارتباط المفاهيم: كما ذكرنا، فالهدف الأساسي لأي خريطة مفاهيم هو الربط بينها. لهذا يمكنك البدء في التفكير حول العلاقات بين هذه المفاهيم، وكيف يمكنك جمعها معًا في الخريطة، وما هو الشكل الأمثل لذلك، ليعكس لك بالفعل الترابط والتدرج بين المفاهيم.
مثال عملي على إنشاء خريطة مفاهيم
لنأخذ مثالًا عمليًا على إنشاء خريطة مفاهيم بالشكل الأبسط لها. لو أنني أرغب في إنشاء خريطة مفاهيم عن كتابة المحتوى. سيكون كتابة المحتوى هو المفهوم الأساسي.
ثم بعد ذلك سأفكر في المفاهيم الأخرى المرتبطة معه، بالنسبة لي ستمثل هذه المفاهيم هيكل المحتوى. مثلًا: العنوان، المقدمة، قلب المحتوى، الخاتمة.
هكذا تكوّن لدي التصور عن المفاهيم الأكثر ارتباطًا بالمحتوى. سأقوم بتناول كل مفهوم، وما هي المفاهيم المرتبطة به. مثلًا:
- العنوان: جذب القراء وسيكون مفهومه هو (الجذب)، احتواؤه على الكلمة المفتاحية الأساسية المرتبطة بالموضوع وسيكون مفهومها هو (الكلمة المفتاحية).
- المقدمة: توضيح ما سيكون عنه المحتوى بالنسبة للقارئ وسيكون مفهومها هو (توضيح فكرة المحتوى).
- قلب المحتوى: الحديث عن الأجزاء المهمة المرتبطة بفكرة المقال وسيكون مفهومها هو (الفقرات)، استخدام أسلوب سهل وبسيط في الكتابة، وسيكون مفهومها هو (البساطة في الأسلوب)، تنظيم المحتوى جيدًا وسيكون مفهومها هو (تنسيق المحتوى).
- الخاتمة: عرض لأهم الأفكار الواردة في المحتوى، وسيكون مفهومها هو (تلخيص المحتوى).
كما ترى، من خلال عرض المفاهيم الرئيسة، أصبح لدينا خريطة مفاهيم مكتملة، يمكن العودة إليها لمعرفة كل شيء عن هيكل المحتوى. تذكّر في الختام أنّ الأمر لا يتعلق بشكل الخريطة، لكن بالقدرة على الاستفادة منها. لذا، تأكد من تصميم خريطة مفاهيم تتوافق مع أهدافك النهائية، ستحقق الفوائد التي تحدثنا عنها في المقال.