تطور تقنيات الخدمات السحابية ودورها الضروري في عالم الأعمال
يعتبر بعض الخبراء أن "الإنترنت" هو الثورة العلمية الجديدة بعد الثورة الصناعية وما سبقها من ثورات التقدم والتطور في الحضارات، فبعد انفتاح شبكة الويب لجميع الأشخاص حول العالم ساهمت في تغيير معايير ووظائف وسياسات واقتصادات بعالمها الافتراضي.
بعض هذه التغييرات كانت ولا تزال نحو الأفضل، حيث إن الخدمات السحابية من الأمثلة الأقوى على ذلك لدورها الرئيس في أي شركة صغيرة كانت أم كبيرة بل وحتى على صعيد الاستخدام الشخصي البسيط.
ما هي الحوسبة السحابية ؟.. تعريف مبسط
ما هي الحوسبة السحابية وما هو تعريفها، سؤال يشيع تكراره على محركات البحث عبر الانترنت، لذا فالتعريف المبسط يعني أنها تقنيات توفر مساحات تخزين وخدمات يمكن استخدامها من أي مكان عبر الانترنت.
اقرأ أيضًا: في ظل كورونا.. كيف يحقق المديرون التنفيذيون أكبر استفادة من المنصات السحابية؟
الخدمات القائمة على الحوسبة السحابية، أو التي تسمى بـ «الخدمات السحابية»، تستغني تماما عن وحدات التخزين الخاصة، فالجهاز الخاص بالمستخدم، سواء الحاسوب أو الهاتف الذكي أو اللوحي، هو مجرد وسيلة للتعامل مع الخدمات، التي يتم تخزين ناتجها في وسائط «يؤجرها المستخدم» عبر الانترنت.
ظاهرة الخدمات السحابية ودورها
الخدمات السحابية هي البداية تعريف لمجموعة من الخدمات واسعة النطلق والأهداف تقدم بصورة خاصة أو عامة لأشخاص معينين أو لجميع الناس، ولكن يشاع استخدامها أكثر بين الشركات ومؤسسات التجارة الرقمية.
هل غيرت التطبيقات السحابية قواعد اللعبة في الهجمات الإلكترونية؟
ترتكز الخدمات السحابية بشكل رئيس ودائم على خدمة الإنترنت، فمن خلال هذه الخدمات يتم نقل الخدمات من المركز الخادم إلى الزبون، وقد أطلق عليها تسمية "السحابية" كتعبير مجازي لسرعة ومرونة انتقال الخدمات إلى أنحاء العالم كافة فهي أشبه بالسحابة المحملة بمئات وآلاف البيانات والمعلومات.
تعمل الخدمات السحابية من خلال مجموعة كبيرة من الحواسب والأجهزة المضيفة التي يقال عنها خوادم ومراكز بيانات، وهي نقطة الانطلاق الرئيسة لإرسال البيانات إلى المستفيد، وعادة لا تتوفر مجانًا لأنها توفر على الشركة شراء أي معدات إضافية لتخزين بياناتها أو التواصل مع بعضها وإنما يمكن القيام بذلك بسهولة عبر الاتفاق مع شركة أخرى مزودة لمثل هذه الخدمات.
ينقسم دور الخدمات السحابية إلى قسمين رئيسين هما :
-
الخدمات العامة
-
الخدمات الخاصة
يُطلق على الخدمات العامة تعريفًا بسيطًا وهي التطبيقات والامتيازات الشائعة اليوم وعادة ما يتم الحصول عليها مجانًا أثناء استخدامك للإنترنت ولا تتطلب أكثر من حساب مجاني، أبرزها تطبيقات سحابية مثل مستندات جوجل و Dropbox وهنالك خدمات أخرى تقدم امتيازات مجانية لمساعدة المشاريع الصغيرة على إنجاز الوظائف والتعاون مع بعضها بسهولة دون الحاجة إلى التواصل عن قرب.
دراسة جديدة تكشف أن الاعتماد على التقنيات السحابية لا يراعي المخاطر الأمنية
أما الخدمات الخاصة فهي موجهة أكثر نحو أصحاب الشركات ومتطلباتهم الخاصة، يمكن لهذه الخدمات أن تكون حصرية ولا تباع للعامة وإنما تأتي من طلب الشركة المستفيدة ولكن يمكن أيضًا أن تمنح لعامة الناس مقابل أجر مادي لكن الاستخدام الشائع لها ينطوي تحت دائرة الاستخدام الخاص والسري وذلك بهدف الحفاظ على سرية بيانات الشركة ومعلومات نشاطها وما إلى ذلك.
من المحتمل أيضًا أن تستخدم شركة مزيجًا من النوعين لإتمام عملياتها اليومية وتسهيل التواصل والتعاون بين موظفها، كأن تحافظ على بيانتها السرية في خوارزمية خاصة من الخدمة السحابية المغلقة وبنفس الوقت تضيف لقاعدة بياناتها خدمة سحابية عامة متاحة لجميع الموظفين.
أنواع الخدمات السحابية
-
خدمات برمجية "SaaS" : هي نفسها التي تحدثنا عنها في الأعلى وتشمل جميع الخدمات المقدمة للزبائن بصورة برمجية بحتة مثل تخزين البيانات وإدارة البريد الإلكتروني وأدوات إدارة المشاريع.
-
خدمات البنية التحتية "IaaS" وهي خدمات غير شائعة بين عوام الناس (يمكن اعتبارها من الخدمات الخاصة) ومخصصة لضمان عمل الخدمات البرمجية بشكل جيد عبر استضافتها وتقديم المصادر اللازمة لاستمرار عملها بهدف توفير عناء ذلك على مزود الخدمة نفسه.
-
الخدمات المنصية "PaaS" وهي عبارة عن منصة تقدم للمهتمين قاعدة بيانات ونظام تشغيل ولغات برمجية، يمكن استخدام هذه الموارد معًا لتطوير وبرمجة تطبيقات وخدمات تعمل بالكامل عبر الويب أو بالأحرى التقنيات السحابية.
في ظل كورونا.. كيف يحقق المديرون التنفيذيون أكبر استفادة من المنصات السحابية؟
أهمية الخدمات السحابية
تلعب الخدمات السحابية دورًا رائدًا في عالم الأعمال ومن السهل ملاحظة مجموعة كبيرة من الإيجابيات :
-
تخفيض التكاليف عبر منح الشركات والمهتمين عمومًا بكافة امتيازات الخدمة السحابية مقابل اشتراك شهري أو سنوي، مما يقلص أي تكاليف ناتجة عن شراء برامج باهظة أو معدات حاسوبية بآلاف الدولارات بالإضافة إلى توفير التكاليف اللاحقة بما يخص صيانة الأجهزة والبرامج وضمان عمل الأجهزة المضيفة للخدمات، فكل ذلك يتاح للشركة مباشرة دون عناء.
-
تتيح الخدمة السحابية تعاملا مرنا مع الشركات والمؤسسات، فالشركة المهتمة بخدمة معينة تقوم بشراء اشتراك بها على الفور، وعندما تنتهي من هذه الحاجة تقوم بإلغاء الاشتراك وإنهاء التكاليف، وتستطيع الشركة في أغلب الحالات تحديد مدة الاشتراك بما يتوافق مع حاجتها، وهذا يعطي أي مشروع عمل مرونة كبيرة في تجميع حاجته من الموارد وثم التخلص منها عند إتمام المشروع.
-
تستطيع الشركة التي تعمل عبر الخدمة السحابية أن تتعامل مع ظروف أنشطتها بمرونة كبيرة، فسواء كانت هذه الظروف متعلقة بالموظفين لديها أو بزيادة أو نقصان الزبائن والإيرادات، يمكن بسهولة تدارك الموقف عبر توسيع أو تقليص باقة خدماتها حسب الوضع الراهن.
-
تضمن الخدمة السحابية حماية البيانات والمعلومة الهامة من كارثة أمنية في المؤسسة أو أخطاء تشغيلية من الممكن أن تؤدي إلى حذف وتخريب الملفات المخزنة محليًا، فطريقة عمل التقنية السحابية تتوقف على مئات الخوادم المضيفة مما يقلل كثيرًا من خطر خسارة أي جزئية صغيرة من البيانات ويضمن سهولة استعادتها بأي وقت.
-
إزالة الحدود بين الناس كان ولا يزال من أبرز ميزات الخدمة السحابية فيمكن من خلالها إنشاء جلسة تواصل رقمية بين عشرات الموظفين المقيمين في دول متفرقة أو ضم جميع فريق العمل إلى منصة واحدة تُشرف على واجباتهم عن بعد وتساهم في تحسين سير العمل.
-
لا يحتاج قسم التكنولوجيا في أي شركة للقلق حول جودة التطبيقات والمنصات المستخدمة لطرح خدماتها أو إن حان الوقت لتحديثها، فكل ذلك يتم تلقائيًا عبر مزود الخدمة الذي يراقب حالة خدماته باستمرار ويعمل على تحديثها على مدار الساعة.
مصاعب ومتاعب إنشاء الخدمة
على نقيض السهولة الممنوحة للشركات، فإن تقديم الخدمة بحد ذاته أمر محفوف بالمتاعب فسوف تحتاج إلى ميزانية مالية جيدة وموظفين خبراء لإنشاء خدماتك الخاصة وطرحها للبيع، وربما الموظفون هم العنصر الأهم في مرحلة الإنشاء لأنهم سيكونون المسؤولين عن توفير الخدمات بالمقاييس والجودة المناسبة.
مهارات المستقبل (8): توجيه الخدمات طريقك لإرضاء احتياجات العملاء
كما يقول الخبراء إنه من الضروري وضع دراسات وتجارب حتى تتمكن من الوصول إلى الحد الممكن لقدراتك والإيرادات المتوقع الحصول عليها شهريًا أو سنويًا، وعندما تمتلك المعدات والخبراء الضرورية وترسم خطة المستقبل القريب لعملك، سوف تحتاج بعدها لفهم عملية ترخيص الخدمات وإرسالها إلى الزبائن بأفضل صورة ومن الضروري التحلي بالمرونة لمقابلة شروط الزبون وتوقع الاصطدام بمشاكل قانونية وبذل الجهد الكافي لجذب الزبون وتعريفه بالخدمات.
إلى أين الطريق؟
طريق التطور لهذه الخدمات لم يتوقف أبدًا وانتشار الخدمات السحابية يزداد يومًا بعد يوم وذلك يفتح أفقا أكبر لكمية ونوع الخدمات والتطبيقات المطروحة وتدريجيًا سوف تستمر بمساعدة الشركات على تسهيل حياتها اليومية وأنشطتها.
تُفضل الكثير من الشركات تحويل جزء كبير من طريقة عملها إلى الخدمة السحابية، ونرى أن المستقبل القريب سوف يشهد المزيد من الإقبال على هذه الخدمة لما تقدمه من مزايا لا غنى عنها وليس من الغريب في السنوات القادمة أن تنتقل الشركات الحالية إلى الخدمة السحابية بنسبة 100% بدلاً من الانتقال الجزئي الشائع في الوقت الحالي.
تركت الخدمة السحابية أثرًا كبيرًا في طريقة عمل الأشخاص بدايةً مع المجموعات البسطة ووصولاً إلى الشركات الضخمة، وأدت تدريجيًا إلى تغيير معالم الإدارة المعاصرة وفرضت نفسها بين رواد الأعمال فقد رسمت أنوارا غير مسبوقة لإدارة وتشغيل الشركات.