كيف تعثر على الشريك المناسب لشركتك الناشئة؟
قد يكون تأسيس شركة هو أحد الأحلام التي يتمنى الكثير من الأفراد تحقيقها في حياتهم، تلك اللحظة التي يمكنهم فيها تحويل أفكارهم الشخصية إلى أرض الواقع والعمل من أجل تنفيذها. لكن بالطبع هذه ليست بالمهمة البسيطة على الإطلاق، بل تحتاج إلى عمل ومجهود مستمر.
لذا، تظل هناك العديد من التحديات التي قد تخوضها إذا قررت بدء شركتك الناشئة، ومن أهم الوسائل التي يمكنها مساعدتك في هذا الأمر هو أن تشارك غيرك في تنفيذ فكرتك، حتى يمكنكم العمل سويًا ومشاركة الرحلة بتفاصيلها معًا، ويبقى السؤال كيف يمكنك الوصول إلى الشريك المناسب لشركتك الناشئة؟
لماذا من الأفضل العمل مع شريك؟
قد يظن البعض أنّ الأفضل بالنسبة له هو العمل بمفرده عند الرغبة في تنفيذ أفكاره، لأنّ هذا يمنحه مساحة واسعة من الحرية وأخذ القرارات دون الاضطرار لمشاركة غيره في ذلك. لكن في الواقع فإنّ امتلاك شريك يقلل من صعوبة تأسيس الشركة، ويسرّع من إمكانية نجاحها. من أهم الأسباب التي تجعل الأفضل لك العمل مع شريك:
1- الخيار الأفضل للمستثمرين: عند رغبتك في الحصول على استثمار، ستجد أنّ أغلب المستثمرين يفضلون الشركات التي تحتوي على أكثر من شريك، وذلك لأنّه يضمن لهم قدر من الاستمرارية بسبب توزيع المسئوليات على أكثر من فرد بدلًا من فرد واحد فقط، كما أنّ وجود الشركاء يعني قدرا أوسع من الخبرات، وهو ما يعني بالنسبة لهم إمكانية أكبر للنجاح.
2- تحمّل المخاطر معًا: يقوم عمل الشركات الناشئة على المخاطرة المحسوبة، لكنّها في النهاية تظل موجودة وتؤثر على رحلة عمل الشركة، وبالتالي فإنّ وجود شريك يؤدي إلى المشاركة في المخاطرة، سواءً دفع جزء من رأس المال، أو حتى التفاصيل النفسية الخاصة بصعوبات التنفيذ، سيكون بالإمكان المشاركة فيها، ويتشجع كل فرد بشريكه.
3- زيادة في الإمكانيات: يؤدي وجود الشركاء إلى تعظيم الإمكانيات، فعلى سبيل المثال كل شريك لديه قدر من الخبرات في مجال تخصصه، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه الخبرات في توزيع المهام داخل الشركة، وبالطبع التخصصية تؤدي إلى تحسين في النتائج.
كيف تعثر على الشريك المناسب للعمل معك؟
ماذا عن اختيار أحد أصدقائك أو أقاربك ليشاركك؟ أنت تعرفه جيدًا وهذا يجعله خيارًا مناسبًا، تعتبر هذه واحدة من الطرق التي يمكن الاعتماد عليها في اختيار الشريك، لكن في الواقع هذا ليس التسلسل الصحيح للاختيار، بل توجد بعض القواعد التي من شأنها مساعدتك في اختيار الشريك المناسب، وإن انطبقت المعايير على شخص قريب منك فهنيئًا لك.
1- حدّد احتياجات الشركة: طبقًا لفكرة المشروع الخاصة بك، ترى ما هي الاحتياجات المتوقعة؟ هل تنوي عمل تطبيق على الهاتف أو موقع إلكتروني؟ إذًا أنت بحاجة إلى متخصصين في البرمجة. يجب عليك أولًا تحليل الاحتياجات الخاصة بالشركة وتخصصها، وكل الموارد التي سيتطلبها العمل فيما بعد.
2- حدّد نقاط قوتك وضعفك: ما هي الأشياء التي تجيدها ويمكنك الاستفادة منها في الشركة؟ ما هي الأشياء التي يصعب عليك القيام بها وقد تحتاج إلى مساعدة بها؟ فإذا كنت تملك خبرة في التسويق، فلا حاجة لك لاختيار شريك يشبهك في الخبرة التسويقية، الأفضل هنا هو التفكير في شريك يملك خبرة في البرمجة.
3- ركّز على القيم المشتركة: لا يقتصر الأمر على أنّ شريكك يكمّل جوانب النقص لديك أو يضيف لك بخبراته، لكن كذلك سيكون هناك مجال للعديد من النقاشات الهامة بينكم، وبالتالي لا بد من وجود نظام مشترك للقيم، يسهّل عليكم اتّخاذ القرارات المختلفة في أثناء العمل، ويمنع الخلافات المحتملة على مدار عمل الشركة.
4- الهدف والطموح المشترك: مع توفر كل الشروط الماضية، يتبقى فقط التأكد من وجود هدف وطموح مشترك بينكما للعمل على الشركة. لا يقتصر الأمر على شعورك بوجود هذا الهدف، لكن تحتاج إلى التأكد من قابلية وجوده في الواقع فعلًا، فإنشاء الشركة بصعوباتها قد يستغرق وقتًا طويلًا، ويتطلب قدرًا كبيرًا من الاستمرارية في المحاولة حتى النجاح.
أين يمكنك أن تعثر على شريكك المناسب؟
يمكنك أن تبدأ في تطبيق هذه المعايير على اختياراتك حتى يمكنك في النهاية الاستقرار على الشريك المناسب لشركتك، ويُفضل أن تقوم بكتابة ما يشبه بالوصف الوظيفي للشريك الذي تبحث عنه، بحيث يمكنك مشاركة هذه التفاصيل واستخدامها في رحلة البحث. ولأنّ رحلة العثور على الشريك ليست سهلة، يمكنك البحث في الأماكن التالية:
1- قائمة الأهل والأصدقاء: تذكّر أن الشرط الرئيسي لاختيار أحد أقربائك أو أصدقائك هو انطباق جميع المعايير عليه، وقدرته على تنفيذ الوصف الوظيفي المطلوب. حتى لا يؤدي ذلك إلى حدوث أي خلاف بينكما في المستقبل، لأنّ العلاقات في العمل تختلف تمامًا عن العلاقات الشخصية، وتحتاج لاختيار شخص يفهم هذا الأمر جيدًا، ويكون لديه القدرة على الفصل والتركيز على العمل.
2- الفاعليات المختلفة: توجد العديد من الفاعليات المختلفة التي يشترك بها روّاد الأعمال والراغبين في عمل مشاريع خاصة، قد يشمل ذلك برامج تدريبية مخصصة للمشاريع الناشئة، وقد يشمل فاعليات للتشبيك ومؤتمرات وورش عمل تابعة لمؤسسات تهتم بالشركات الناشئة، ويمكنك فيها التعرّف على العديد من الأشخاص الذين قد يناسبونك في الشراكة.
3- مواقع التواصل الاجتماعي: أصبحت هناك العديد من المجموعات المتخصصة في ريادة الأعمال على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يتواجد بها روّاد الأعمال، يمكنك بكتابة منشور على أحد هذه المجموعات بالوصف الوظيفي أن تصل إلى الأشخاص المهتمين بالشراكة معك.
ماذا تفعل عند اللقاء مع شريكك المناسب؟
أيًا كانت الطريقة المتبعة في الوصول إلى الشريك، فإنّ الأمر يتطلب لقاء للحديث عن التفاصيل. يُفضل دائمًا اختيار شخص تعرفه جيدًا، أو ضمن دائرة معارفك المقرّبة، بحيث تكون أكثر اطمئنانًا له عند العمل، وفي النهاية هناك بعض الخطوات التي يجب عليك إتمامها قبل العمل سويًا.
1- الاتفاق على الفكرة: في البداية يجب عليك التأكد قدر الإمكان من جدية الشريك قبل الغوص في تفاصيل الفكرة، فيمكنك أولًا طرح فكرة مبدئية لقياس إقباله وحماسه، وبعد ذلك يمكنك استعراض التفاصيل الكاملة للفكرة والنقاش حول قابلية نجاحها في الواقع.
ستحتاج في هذه الجزئية للتأكد من تحقق معايير اختيار الشريك، من خلال نقاش تفاصيل توضّح لك نظام القيم الخاص به وأهدافه وطموحاته. كلّما كنت تعرف الشخص، كلّما كان ذلك أسهل. ولا حاجة للتعجّل حتى لو استغرق هذا الأمر أكثر من مقابلة، حتى تصل إلى درجة الطمأنينة المطلوبة.
2- كتابة الاتفاق: بمجرد شعورك بأنّ كل شيء مجهّز للعمل، يجب عليكما كتابة الاتفاق بينكما، والذي يشمل تفاصيل المهام والدور المتوقع من كل فرد، وكذلك حصص الملكية الخاصة بكل شريك. يجب عليك ألّا تؤجل هذه النقطة أبدًا، فهي من ناحية ستضمن لكما الاتفاق قبل البدء وبالتالي تجنب أي صدامات مستقبلًا، ومن ناحية أخرى ستكون بمثابة لقاء عن قرب مع طريقة تفكير شريكك.
3- وضع الخطة والبدء: سجلتما الاتفاق بصورة مكتوبة ووافق عليها الطرفان؟ يمكن لكما الآن العمل على تحويل فكرة الشركة إلى أرض الواقع، وتجهيز خطة العمل المناسبة وتوزيع الأدوار بناءً على ذلك، واستكمال التفاصيل الخاصة بإنشاء الشركة.
ماذا لو كنت بدأت بالفعل.. هل يمكن البحث عن شريك؟
من المهم إدراك أنّ الحاجة إلى شريك لا تنتهي عند بداية الشركة فقط، وبالتالي قد تكون قد بدأت بالفعل في شركتك، وتحتاج إلى التوسع في المرحلة الحالية، وتبحث عمّن يساعدك في أمور الشركة، وهنا يمكنك التفكير في البحث عن شركاء.
تذكّر دائمًا أن تطبّق المعايير الخاصة باختيار الشريك حتى يمكنك الاطمئنان لاختيارك، وأن تفهم بأنّ دور الشريك يتخطى فقط المشاركة في إدارة الشركة أو المساهمة برأس المال، وإلّا فإنّه يمكنك تعيين شخص للإدارة للقيام بالأولى، أو البحث عن مستثمر للثانية.
فالشريك الحقيقي هو الشخص الذي ترى في وجوده فرصة للشركة للتوسع وتحقيق المزيد من النجاحات، وأنّ وجوده معك سيسهّل على الشركة الاستمرارية ويزيد من فرص نموها، وبتالي تحقيق المزيد من النجاحات والأرباح.
العمل في الشركات الناشئة هو عبارة عن مجهود مستمر يوميًا، وسعي متواصل في محاولة الوصول إلى النجاح المطلوب، وكثير من اللحظات الصعبة في سبيل تحقيق ذلك. لذا إن كنت تفكر في البدء في شركتك الناشئة، ضع في اعتبارك وجود شريك يقتسم معك صعوبات الطريق، ويرافقك في رحلة النجاح.
المصادر: