الابتكار في زمن كورونا.. هكذا تطور فضول وإبداع فريق العمل
مساعدة فريق العمل على تطوير عقلية قائمة على الفضول والابتكار هي واحدة من أكثر المقاربات فاعلية لتحفيز إبداعهم وقدرتهم على تقديم الحلول المبتكرة والفريدة من نوعها. تعزيز هذه الخصال يمنح أعضاء الفريق المساحة الذهنية التي يحتاجون إليها للتوصل الى طرق ذكية ومقاربات جديدة ليس فقط لحل المشاكل بل لتنمية الأعمال وضمان ازدهارها.
دورك كمدير هو توفير البيئة الصحيحة وهي البيئة المنفتحة التي تستمع لكل الآراء وترحب بكل وجهات النظر وذلك لأن هذه البيئة هي التي ستسمح لهذه العقلية التي تسعى إلى زرعها بالنمو.
القائد عليه أن يكون نموذجاً يحتذى به سواء لناحية العقلية الفضولية أو لناحية الإبداع والإبتكار. الفضول يعني توجيه الاهتمام نحو «الآخر» وهذا الآخر قد يكون شخصاً أو معلومة أو أيا ما يثير الاهتمام ويدفع إلى اكتشاف المزيد، ككقائد عليك أن تكون فضولياً من خلال الاهتمام بالآخرين ومحاولة فهم أعضاء الفريق وتطلعاتهم وآمالهم ومشاعرهم. العقلية الإبداعية تتطلب الأمان النفسي وهذا يتم توفيره من خلال الشفافية والتواصل الواضح والصريح والبيئة الآمنة التي تحتفل بالفشل كما تحتفل بالنجاح.
جائحة كوفيد ١٩ أكدت لنا أن المرونة أساسية للنجاة من الأزمات، والمرونة تتطلب مقاربات مبتكرة نابعة من عقلية فضولية تؤدي إلى الابتكار. ولهذا السبب يجب تخصيص الوقت والموارد لرعاية فرق العمل وتوجيهها نحو عالم الابتكار والفضول والإبداع. فكيف يمكن تحقيق ذلك؟
وضع القواعد الأساسية الفعالة
يجب توفير البيئة المناسية لحث جميع أعضاء فريق العمل على تقديم أفكارهم، ولكن لتحقيق ذلك يجب أن يشعر أعضاء الفريق بالراحة التي تمكنهم من مشاركة أفكارهم مع الآخرين. ولهذا السبب الخطوة الأولى يجب أن تكون بوضع قوانين وقواعد غير قابلة للنقاش تمنع إطلاق الأحكام على الآخرين أو انتقادهم عند القيام بعصف ذهني بحثاً عن أفكار جديدة أو لحل مشكلة ما. القواعد هذه لا تتعارض مع مبدأ النقاش، فالنقاش يقوم على احترام الآخرين وأفكارهم وليس على الانتقاد.
بطبيعة الحال لن يلتزم الجميع بالقوانين وبالتالي دورك هنا هو القيام بعد كل إجتماع بتحديد الفئة التي التزمت بهذه القواعد وتلك التي لم تلتزم. الفئة الثانية يجب إعادة توجيه أعضائها مرة تلو الأخرى كي تتمكن من خلق البيئة الصحية التي تسعى إليها.
تشجيع الفشل
برغم أن الفكرة قد تبدو عديمة الجدوى ولكنها في الواقع عملية ومنطقية. عند طرح الأفكار والموافقة عليها فهي من الناحية النظرية كانت تبدو قابلة للتطبيق وإمكانية نجاحها مرتفعة. ولكن في عالم الأعمال ما قد يبدو مثالياً نظرياً قد لا ينجح عند التجربة الفعلية. ولكن عند الفشل لا يجب التعامل مع الأمر على أنه كارثة بل يجب الإحتفال بهذا الفشل. عندما تفشل الفكرة بعد تجربتها هذا يعني أنه تم اكتشاف الأسباب التي جعلتها تفشل رغم أنها كانت نظرياً تملك كل مقومات النجاح. الاكتشاف هذا لا يقل أهمية عن إكتشاف أسباب نجاح الفكرة. الفشل هو من مؤشرات الابتكار حاله حال النجاح لذلك يجب الاحتفال بهما. حين لا يتم التعامل مع الفشل على أنه نهاية العالم فحينها سيكون هناك مساحة أكبر للابتكار والإبداع.
وضع الحدود
الغالبية تظن بأن الحدود هي عدو الابتكار والإبداع ولكن الواقع مغاير تماماً. الأبحاث والدراسات أظهرت بأن الحدود تضاعف الإبداع ورغم ذلك القادة وفي محاولة منهم لتحفيز الإبداع يتجاهلون وضع الحدود وذلك لأنهم يتمسكون بالمفهوم المغلوط هو أن الحرية تؤدي إلى مزيد من الابتكار والإبداع. وضع الحدود يعني توجيه الإبداع نحو القنوات الصحيحة، فلا يمكن ترك فريق العمل يتخبط ضمن أفكار لا حدود لها وإلا لن يتم الوصول الى نتيجة. عند وضع الحدود على القائد توضيح سبب وضعها، وتشجيع الفريق على الإبتكار ضمنها ما سيزيد الإبداع ويوفر الوقت ويحقق النتائج.
خلق مساحة آمنة
الفضول يعني طرح الأسئلة والتجربة وبما أن التجربة قد تؤدي الى النجاح أو الفشل فمن الأهمية بمكان أن يكون هناك بيئة آمنة تمكن فريق العمل من طرح كل الأسئلة، مهما كان نوعها، ومن الاعتراف بالأخطاء دون الخوف من إطلاق الأحكام عليهم، توفير منتديات للحوار المفتوح يحفز الفضول، وفرق العمل الفضولية هي التي تحقق المزيد كما أنها أكثر قدرة على التكيف مع التغييرات وأكثر مرونة خلال الفترات الصعبة.
إعطاء كل فرد «ملكية» هدف ما
واحدة من الطرق المبتكرة لخلق الإلهام لفريق العمل هي بمنح كل فرد ملكية لهدف خاص به. الأمر هذا يختلف عن توزيع المهام، وذلك لأنه عند السعى لهدف ما، كل شخص يحتاج الى خلق رؤية شاملة ولاستخدام الابتكار والإبداع لتحديد كيفية تحقيق ذلك. عندما تكون الأفكار خاصة بهم، حينها سيملكون الحماسة والتحفيز والشغف لإحياء هذه الأفكار.
تبديل الأدوار ليوم واحد
كيف يمكن لشخص فهم ما نوعية العمل الذي يقوم به الآخر المشاكل التي يختبرها إن كان ينظر الى الصورة من الخارج؟ بعض الشركات تعتمد ومنذ سنوات مبدأ خلق التماهي والتعاطف من خلال تبديل الأدوار. فليوم واحد في العام يطلب من كل عضو من أعضاء الفريق بإمضاء يوماَ كاملاً مع زميل يقوم بمهام مختلفة كلياً عنه. المقاربة هذه تؤسس لمشاعر التماهي والتعاطف والحشرية بين فرق العمل المختلفة في الشركة. النتائج التي حققتها الشركات إيجابية جداً خصوصاً لناحية تحفيز الحشرية والإبداع ولناحية توطيد العلاقات بين فرق العمل ولكن ما يجب معرفته هو أن التتفيذ ليس سهلاً ويتطلب الكثير من الصبر.
نموذج «نضج» العمل
الإبداع يحتاج كما قلنا لوضع الحدود ويحتاج إلى الوضوح وذلك كي يتمكن الشخص من التركيز على ما هو هام. نموذج «نضج» العمل هو معيار يقيم العمل وفق ملاحظات المدير المسؤول ولكن بعيداً عن جدية التقارير وأجواء التقييمات الرسمية المخيفة. النموذج يمكنه أن يكون غاية في البساطة وعبارة عن «ممتاز، عظيم، جيد، عادي، أقل من عادي، سيئ». الأشخاص وفرق العمل تقيس نفسها وفق هذه المعايير بالاستناد إلى الملاحظات التي قدمها لهم المدير عن كل ما تم إنجازه. هذا النموذج التقيمي البسيطة للغاية يجعلهم يعرفون المكان الذي يقفون فيه والمكان الذي يجب التطلع إليه.
تقبل الصراع الإبداعي
الشركات التي تشجع على وتحتضن الصراع الإبداعي تخلق فرق عمل فضولية ما يجعلها مبدعة ومبتكرة وهذا ما يجعلها تتفوق على المنافسين. يتم بناء الصراع الإبداعي من خلال جعل التواصل المفتوح مقاربة منهجية. وبما أنه تم خلق بيئة آمنة فحينها كل شخص سيتحدث عن أفكاره وسيشارك الجميع بما يفكر به وبالمقاربات الخارجة عن المألوف التي يريد إعتمادها. الأجواء هذه ستؤدي الى خلق صراع إيجابي بناء يؤدي الى نتائج مبتكرة.
تخصيص وقت للتطور والنمو
يجب تخصيص على الأقل ٣٠ دقيقة أسبوعياً لأعضاء فريق العمل من أجل تطوير أنفسهم في مجالات جديدة أو مجالات لا يألفونها بشكل كبير في مجال عملهم. التطور هو وقود الابتكار، كما أن المعلومات الجديدة التي سيكتسبونها ستثير الكثير من الأسئلة وبالتالي المناقشات والاقتراحات.
القيادة من خلال التركيز الدائم على العملاء
ككقائد عليك أن تجعل العميل أولية كما عليك تمكين الفريق بحيث يتمكن من وضع العميل في المرتبة الأولى دائماً. الفرق التي تركز على العميل وتعمل على الأمور بحيث تكون موجهة إلى الخارج وفي هذه الحالة العميل، فهي تطرح وبشكل دائم الأسئلة الفضولية المناسبة والتي تتمحور كلها حول ما الذي يمكن القيام به بشكل أفضل من أجل توفير تجربة مثالية للزبون. المقاربة هذه ومع مرور الوقت ستجعل فريقك يصل الى مرحلة يمكنه توقع حاجات الزبون كما سيتمكن من التنبؤ بالمشاكل التي ستفرض نفسها مع هذا الزبون أو ذاك وبالتالي وضع الحلول المحتملة التي يمكن اعتمادها.
المصدر: ١