كيف يمكنك اكتساب شخصية مدير الدقيقة الواحدة في العمل؟
في عام 1981 نشر المؤلفان سبنسر جونسون وكينيث بلانكارد كتابهما المشترك باسم "مدير الدقيقة الواحدة"، والذي لاقى نجاحًا منقطع النظير من وقتها، فتم بيع 7 ملايين نسخة منه حول العالم، وظل لأكثر من سنتين على قائمة الكتب الأكثر مبيعًا حسب صحيفة النيويورك تايمز، يعود السبب في ذلك إلى المنهجية المختلفة التي أسس لها الكتاب في الإدارة، فجاء بمثابة مرجع حقيقي للمديرين الذين يبحثون عن تحقيق نتائج تساهم في تحسين أداء كلٍ من الفرد والمؤسسة في الوقت ذاته.
من هو مدير الدقيقة الواحدة؟
يحكي الكتاب عن شخص يبحث في رحلته عن المديرين الذين يمكنه التعلّم منهم مبادئ جديدة في عالم الإدارة، ولكنّه كلما سأل أحدهم وجد إجاباتهم تنقسم إلى جزأين: مديرين يهتمون بتحقيق النتائج لكن يأتي هذا على حساب الأفراد وهم الذين يوصفون غالبًا بأنهم "أوتوقراطيون"، ومديرين يهتمون بموظفيهم لكن شركاتهم تخسر وهم الذين يوصفون غالبًا بأنّهم "ديموقراطيون".
هذا الأمر الذي رآه الشاب على أنّه يحقق نجاحًا جزئيًا فقط، فهم بهذا الشكل وكأنّهم يؤدون نصف مهام الإدارة فقط، ويقعون دائمًا في فخ التساؤل حول الاهتمام إمّا بأهداف المؤسسة وإما بالموظفين، في حين أنّ الإدارة الفعّالة هي التي تركز في الأساس على الجزأين، إدارة الأفراد بما يحقق المنفعة للمؤسسة في النهاية.
بعد استمرار رحلة البحث وصل الشاب في النهاية إلى هذا المدير الذي يعرّف نفسه باسم "مدير الدقيقة الواحدة"، وهو مصطلح رمزي يشير إلى الشخص الذي يملك المنهجية التي أراد الكاتبان التأسيس لها في كتابهما، وقاما فيها بوصف ملامح شخصية هذا المدير.
ما هي ملامح شخصية مدير الدقيقة الواحدة؟
"من يشعر بالرضا عن نفسه يحقق نتائج طيبة" تلك هي العبارة التي وصف بيها الكاتبان سبنسر جونسون وكينيث بلانكارد الحالة التي يسعى إليها مدير الدقيقة الواحدة مع موظفيه، لأنّه يؤمن بأنّ أي نجاح يخص المنظمة لا بد وأن يحدث من خلال فريق العمل، فالتركيز على الموظفين هو ما يحسّن النتائج. من هذه النقطة تتشكّل ملامح شخصية مدير الدقيقة الواحدة:
1- التركيز على قيمة الوقت: من أهم الأشياء التي تؤثر على نجاح الإدارة هي إدراك قيمة الوقت، فالكثير من المديرين يعقد العديد من الاجتماعات دون فائدة حقيقية للمشاركين بها، فتنتهي دون الوصول إلى نتيجة يتفق عليها الجميع، نظرًا لأنّها لا تُبنى على ما يحدث مع كل شخص.
لذا يخصص مدير الدقيقة الواحدة وقتًا ثابتًا للاجتماعات، حتى لو يوم واحد فقط في الأسبوع، يستمع فيه إلى ما أنجزوه خلال الأسبوع الماضي، وما هي المشكلات التي واجهتهم والأشياء التي يحتاجون إلى إنجازها خلال الأسبوع القادم، ثم يضع الاستراتيجية الخاصة بالفترة القادمة، بحيث يضمن الوحدة في العمل.
2- التركيز على قيمة الكلمة: يؤمن مدير الدقيقة الواحدة بقيمة الكلمة إلى جانب قيمة الوقت، فهو يتأكد دائمًا من فهم كل فرد للمطلوب منه بالتحديد وكيف ومتى ينبغي فعله دون الاضطرار إلى تكرار هذا الأمر مرة أخرى فيما بعد، ويحرص على إتمام ذلك بأوضح شكل ممكن وباستخدام أقل عدد من الكلمات، ويكتفي بمراقبة أداء الموظف بعد ذلك.
3- فهم طبيعة دور المدير بالتحديد: واحدة من أهم المعضلات التي تواجه المديرين هي طبيعة الدور الذي يجب ممارسته فعلًا من المدير في العمل، فالكثير يتدخل في آلية تنفيذ القرارات عن قرب ظنًا منه أنّ هذا ما يضمن الجودة في الأداء والمهام المنفذة، في حين يتخطى دور الإدارة ذلك الأمر.
يرتكز دور الإدارة الصحيح حول متابعة العمل مع الموظفين دون التدخل في القرارات، مع توفير التوجيه والدعم المطلوب لهم للنجاح في العمل، وهذا لأنّ المشاركة في القرارات يجعل الموظفين مجرد منفذين فقط، بينما ترك الفرصة لهم لاتّخاذ القرارات هو ما يحسن من أدائهم بالفعل.
4- وضع إطار للتدخل مع الموظفين في الوقت المناسب: يجيد مدير الدقيقة الواحدة التدخل مع الموظفين في الوقت المناسب لذلك، فهو غالبًا يقدم النصائح للموظفين الجدد في المقام الأول، وللموظفين القدامى عندما تُطلب منهم مهمة جديدة في العمل، بجانب طبعًا التدخلات المعتادة لكن مع الحرص على القيام بذلك في دور المدير الذي يقدم الدعم لا يمارس المهام.
بالطبع لا يعني مصطلح مدير الدقيقة الواحدة أنّ جميع المهام لا بد وأن تحدث في دقيقة فقط، لكنّه يعني التركيز على ما هو مهم في العمل، وإدراك أنّ النجاح لا يحتاج بالضرورة إلى الوقت الكثير، لكنّه يحتاج إلى استخدام الطرق المناسبة في العمل.
حتى يتمكن مدير الدقيقة الواحدة من تحقيق النجاح لأسلوبه، فإنّه يستخدم ثلاثة أدوات رئيسة لتساعده في العمل، وهي التي سنتناولها بالحديث في المقالات القادمة، الأداة الأولى هي كيفية وضع الأهداف بأسلوب الدقيقة الواحدة، الأداة الثانية هي الثناء لدقيقة واحدة، والأخيرة هي التأنيب لدقيقة واحدة، وجميعها توظّف معًا بما يضمن نجاح هذا الأسلوب.