نجران.. مدينة الأخدود ركيزة المال والأعمال في السعودية
«أن تكونوا قد غبتما وحضرنا.. ونزلنا أرضا بها الأسواق.. واضعا في سراه نجران رحلي.. ناعما غير أنني مشتاق» هذا ما قاله أحد كبار التجار عن مدينة نجران، التى لعبت دورا محوريا وهاما جدًا في القدم، ويعود ذلك لموقعها بمفترق الطرق التجارية القديمة، وكانت وقتها جنوب الجزيرة العربية بشمالها وبالعالم القديم، وتعود الحضارة بها لأكثر من مليون ونصف المليون سنة من وقتنا الحاضر.
نجران.. تاريخ عريق
بدأت مراحل الحضارة في منطقة نجران فيما قبل مليون ونصف المليون سنة من الآن، واستمرت حتى حوالي 2000 قبل الميلاد، ووقتها عُرفت بحضارة العصر الحجري، قبل أن تحل المرحلة الثانية من الحضارة في نجران قبل 1000 سنة قبل الميلاد، بعدها تحولت نحران في الفترة من 600 إلى 300 قبل الميلاد من أبرز المدن التجارية المميزة لحضارة جنوب الجزيرة العربية.
مدينة حائل.. قوس جبل السمراء والعاصمة الإدارية والإقليمية للمنطقة
موقع الأخدود الشهير كانت تقوم عليه مدينة نجران، وكانت النقوش تظهر في هذا الموقع بحروف « ن ج ر ن»، فيما بدأت المرحلة الثالثة من تاريخ نجران في العام 300 قبل الميلاد، لتنتهى في فترة فجر الإسلام، وكانت تُعرف وقتها بالفترة البيزنطية، في شمال شرق نجران، ووقعت وقتها حادثة الأخدود، بسبب اعتقاد الناس هناك بالديانة المسيحية.
شهدت مدينة نجران تحول آخر في تاريخها وقتها بمرحلة رابعة، وهي مرحلة دخول الإسلام، وبدأت في السنة التاسعة والعاشرة من الهجرة، وتحولت نجران إلى سوق من أسواق العرب المشهورة وقتها، وظل الناس يقطونونها حتى القرن الرابع الهجري، وهو ما أكدته بعض الدلائل الأثرية في المتحف بأن الاستيطان لم يتوقف هناك طوال الوقت حتى وقتنا هذا.
نجران.. أهمية اقتصادية
كما ذكرنا من قبل فإن مدينة نجران كان لها أهمية اقتصادية خاصة، منذ القدم بسبب كونها تقبع بمنطقة جغرافية هامة بين شمال وغرب الجزيرة العربية وجنوبًا، وذلك بفترة 400 لـ 450 عام قبل الميلاد، فكانت تتميز بموقع استراتيجي يمقل ممر لقبائل غرب ووسط الجزيرة العربية، وكانت مدينة الأخدود التى تحولت لمدينة أثرية خير شاهد على تلك الفترة التى تحولت فيها المدينة لمركز للتجارة القديمة بطرق التجارة وقتها.
اللبان المر والبخور والعديد من السلع الجيدة كانت تصل إلى مدينة نجران من الهند وجنوب الجزيرة العربية، وكانت تلك السلع الجيدة سبب آخر لشهرة المدينة اقتصاديًا، حيث كان يتم تصدير المنتجات عن طريق خط التجارة القديم الذي كان يمر بحمى شمال نجران، وكانت القوافل تتجمع بهذا الخط الشهير وتنقسم لفرعين أولهما يتجه شمالًا في شرق الجزيرة العربية والآخر لشرق وشمال الجزيرة العربية للمدينة المنورة ومكة وحتى نهر النيل، ويقول المؤرخون إن المعابد المصرية كانت تعتمد على صادرات جنوب الجزيرة العربية من البخور واللبان لممارسة بعض الطقوس الدينية.
انتشرت العديد من الأسواق القديمة وأبرزها: «سوق الأحد في دحضة، سوق الاثنين في بني سليمان، سوق الثلاثاء في بدر الجنوب، سوق الأربعاء قرب العام، سوق الخميس في القابل»، أما عن الأسواق الحالية فأبرزها السوق الشعبي في أبا السعود ويضم العديد من الصناعات اليدوية القديمة والحرف الشعبية، ويمكن أن تشتم فيه رائحة الماضي والحاضر.
نجران.. ركيزة المال والأعمال
أما عن الأهمية التجارية والاقتصادية لنجران، يقول مسعود مهدي آل حيدر، رئيس مجلس الغرفة التجارية الصناعية، إن تلك الغرفة التى رفع عنها الستار في العام 1404 هـ تُعد ركيزة هامة بعالم المال والأعمال، من الناحية المحلية والإقليمية والعالمية ايضًا، مؤكدًا أن القيادة تستهدف تحويلها إلى نموذج للتنمية الاقتصادية في المملكة وتحويلها لمنصة رائدة ومتميزة في رعاية مصالح قطاع الأعمال بنجران.
تطوير الخدمات المقدمة لقطاع الأعمال وتوفير الدعم اللازم للمستثمرين وتيسير إجراءاتهم، وتوفير الاستشارات الاقتصادية والاستثمارية اللازمة لهم، لتحقيق عدة أهداف بين رفع الوقع وتحسين البيئة الاستثمارية والتطوير والدعم وتفعيل دور المرأة وتحفيزها، هذا ما تنشده الغرفة عن طريق توفير المعلومات والبيانات المتعلقة بكافة الأنشطة التي تمارسها المنشآت المنتسبة إليها.
نجران.. مهد بساتين العنب
تتزين ضفاف وادي نجران ببساتين العنب، حيث حولت المنطقة إلى أكثر المناطق التى تمد أسواق المنطقة بالخيرات الغذائية من العنب، بجانب العديد من الفواكه الصيفية التى تجذب المستهلكين من المنطقة وخارجها، حيث تُنتج قرابة الـ 3 آلاف طن سنويًا من العنب بنوعيه الأبيض والأحمر، والمتميز بجودته العالية ويلاقى نظيرها رواجًا هائلًا لدى الجميع.
إلى جانب ذلك تجد في مزراع المنطقة نفسها العديد من المحاصيل الآخرى من الفواكه الصيفية مثل المانجو والتين، فيما تستقبل أسواق المنطقة أيضًا طلائع الرطب من مزارع النخيل.
نجران.. مواقع أثرية
تحتضن مدينة الأخدود ما تبقى من أول مسجد بني في مدينة نجران، ويقع على جانبي المدخل، فيما تنتشر المزيد من النباتات الصحراوية والأشجار وأبرزها شجر الأراك التي يُصنع منها السواك، كما تحتضن المدينة أيضًا العديد من الجدارات الضخمة التى فيما يبدو أنها كانت لقصورة فخمة لأمراء قادة في القدم، وأسوار عالية تبدو أنها كانت تُحيط بالمدينة ومجموعة من الأحجار الضخمة.
تحتضن المدينة أيضًا بئر مطمورة مثمنة الأضلاع، بخلاف المزيد من الآثار والأطلال والنقوش القديمة والرسوم، والكتابات التى تعود لحمير، تم كتابتها بالخط المسند بطريقة الحفر الغائر، بجوار العديد من الأطلال لمنازل القرية.
متحف نجران للتراث والآثار: بمساحة تصل إلى 1693 مترا مربعا، يقع متحف نجران بالضفة اليمنى لوادي نجران بين منطقة الجربة غربًا والقابل شرقًا، ويحدها الطريق الدائري من الجنوب، وتبلغ مقتنيات المتحف الآثرية والتاريخية أكثر من 270 قطعة، ويوجد العديد من القطع الآخرى المُخزنة في مستودعات المتحف في انتظار الوقت المناسب لعرضها.
قصر سعدان: في العام 1100 هـ تم بناء هذا القصر الذي سُمي بقصر سعدان نسبة للقرية التي يقع فيها، ويُعد واحدًا من أقدم البيوت التى تم بناؤها بالطين وكانت تشتهر بها مدينة نجران، ولكنها بدأت في الانقراض بسبب العمران الحديث، فتحولت تلك البيوت إلى مقاصد سياحية.
نجران.. أكلات شعبية
المعصوبة: يتم عملها من خلال وضع الخبز المعمول من حب الذرة ويتم هرسة ليرش عليه المرق، ويقدم هذا الطعام في المناسبات بنجران.
المرقوق: عبارة عن عجين يتم تقطيعه جيدًا على هيئة رقائق صغير ويتم طبخة مع المرق والخضار.