محافظة الخرج .. سلة غذاء المملكة ومهد العيون الجارية
انطلاقا من حملة لمتنا سعودية التي أطلقتها مجلتا الرجل وسيدتي استعدادا للاحتفال باليوم الوطني السعودي التسعين؛ نتعرف في هذا التقرير عن تاريخ محافظة الخرج.. عُرفت محافظة الخرج التى تبعُد 80 كيلومترا من جنوب شرقي العاصمة الرياض، بالزراعة وكانت تحتضن العديد من مزارع الشركات الزراعية الكبرى، إضافة إلى العديد من المشاريع الزراعية والألبان والمشاتل البلدية، وما زالت تحمل شهرة بما تحويه من آثار تاريخية متمثلة في العيون القديمة والمقومات الطبيعية الساحرة، فهي كانت ولا تزال تحتل مكانة خاصة في قلوب السعوديين على خريطة المملكة السياحية.
الخرج.. تاريخ خصب
تُعد الخرج من المواطن القديمة بالمنطقة بأكملها، حيث إن هناك العديد من الشواهد الأثرية بالمحافظة والتى تدل على استيطان الإنسان فيها منذ زمن العصور الحجرية حيث تدل المادة الأثرية التى عُثر عليها على قدم الاستقرار البشري بالمنطقة، حيث أن كل الأدلة تؤكد على أنها سُكنت منذ القدم، ووجدت أدلة على آثار الاستقرار بأماكن مختلفة بمحافظة الخرج وتعود بعضها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، فطبيعتها الخصبة جعلتها جاذبة للبشر.
منذ القدم وحتى الآن تعتبر محافظة الخرج من المحافظات الهامة على الخريطة السياسية والاقتصادية، فتمتلئ المحافظة بالأرض الخصبة الصالحة للزراعة المتعددة، وتشتهر بالصناعات اليدوية القديمة وفنها التراثي التى تزخر بها المنطقة، تحتضن الخرج قصر الملك عبدالعزيز، الذي تم بناؤه في العام 1359 هـ، ويصفه المؤرخون بأنه البوابة التاريخية للمحافظة، وتم ترميمه مؤخرًا من أجل استقبال الزوار كتحفة معمارية سابقة لعصرها.
الخرج.. مهد العيون الجارية
منذ القدم وتزخر المحافظة بالكثير من العيون الجارية التي كانت العامل الرئيسي في انتشار الزراعة على أراضيها، وقبل أن تتحول تلك العيون إلى معلم من معالم المحافظة السياحية البارزة، كانت تلك العيون تستخدم في ري المزراع الموجودة في تلك المنطقة، وأبرزها عينان تقعان في الجزء المتوسط بين الدلم والسيح في شمال غربي جبل الدلم.
العينان هما «الضلع» و «سمحة» وهما متجاوران، وبحسب المتوفر من المعلومات فإن المياه كانت تصل فيها لسطح الأرض، ووتكون عيون الخرج من الكهوف الكارستية المنخفضة التى تمتلئ بالمياة، أما عن عيون فرزان فالتى كانت تُقبل من غربي الخرج، مرورًا بأسفل وادي نساح، كانت تلك العين تفضي إلى منطقة زراعية واسعة، وعلى مجراها كانت هناك قناطر، غزارة المياه في تلك القناطر جعلت فتحاتها واسعة في باديتها وعمية ثم تضيق من النهاية.
تم العثور على العديد من الفخار من النوع الإسلامي، في هذا الموقع الذي كانت مياهه دافئة في الشتاء وباردة في الصيف، ومع تقدم الزمن تم تطويرها في عام 1354 هـ، وبنيت بالخرسانة لسقاية المشروع الزراعي بأوامر من الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، لإيمانه بخصوبة التربة ووفرة المياه وكثرة العيون في تلك المنطقة، وشهدت المنطقة في هذا التوقيت طفرة في المشاريع الزراعية وإنتاج الألبان.
الخرج .. جاذبة للسياحة
يزور المعالم السياحية المختلفة في محافظة الخرج آلاف السياح الذين يأتون إليها من مختلف مناطق السعودية، حيث يحرص المواطنون على زيارة المواقع الأثرية والتراثية، ويتجولون بمشاريع المنطقة الزراعية والحيوانية والألبان، والعيون وبرج الخرج ومشاتل البلدية ايضًا، من أجل الاستمتاع بالإجازة الصيفية، وتشتهر أرض الخرج بسحرها الجذاب وروعتها مع هطول الأمطار.
واحات مزارع ونخيل والمزيد من الألوان المبهجة التى تعكس ضوء الشمس، ويمكنهم التمتع بنزهة برية رائعة، إضافة إلى المناطق السياحية الشهيرة هناك مثل قصر الملك عبدالعزيز «قصر مشرف»، والذي يُعد أحد أبرز المعالم الأثرية، فالملك عبدالعزيز اختار محافظة الخرج لبناء هذا القصر بالتحديد، نظرًا لما حبى الله تلك المنطقة بالسحر والروعة مما جعلها إحدى أفضل مناطق الاستجمام والراحة الشخصية وقتها.
جبل أبو ولد: يُعد أحد معالم المنطقة السياحية ايضًا، فيمكنك أن ترى عنده مساحة شاسعة تحيط به وكأنك ترى أن شيئًا ما ضرب هذا الجبل من الأعلى لتتطاير منه هذه الحجارة التى تناثرت حوله، فتجد على اليمين حجارة ضخمة حُفرت عليها بصمات الزمن وكأنها تُشبه الرجل المسن الذي لا يقوى على الحركة، فشكلت الحجارة شكل دائري قيل أنها سقطت من أعلى الجبل المتناثرة حجارته.
مدينة الدلم: تُعد مدينة الدلم عاصمة الخرج التاريخية، حيث تحتوى تلك المدينة على الكثير من المعالم الآثرية، وشهدت تلك المدينة العديد من المعارك التاريخية لعل أشهرها معركة قوية بين الملك عبدالعزيز وابن رشيد.
قصر أبو جفان: تم تخصيصه في عهد الملك عبدالعزيز للترحيب بحجاج بيت الله الحرام، تم بناء القصر في العام 1366 هـ، ويتمركز في شرق مدينة السيح، ولم يكن للحجاج فقط، بل ولاستقبال القادمين من المنطقة الشرقية بشكل عام، وتحول هذا القصر لمزار سياحي واعد، يستقبل الوافدين لتفقده والتقاط الصور.
بلدة السلمية: تحتضن تلك البلدة العريش الملكي الخاص بالملك عبدالعزيز، كما أنها تحتوي على أوقاف آل سعود في الخرج، تم بناؤها في شمال مدينة السيح.
الخرج.. أهمية اقتصادية وعسكرية
طبيعة المحافظة الجغرافية جعلتها لديها أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للسعودية، فهي بلدة غنية بالموارد الطبيعية، لذا فتحولت لأهم المناطق الجاذبة للاستثمارات وأبرزها مجال الإنتاج الزراعي والذي يمثل 26% من إجمالي الإنتاج الزراعي للخضروات بالمملكة، وتضم المحافظة أكبر الشركات والمزارع بالبلاد، والعديد من مصانع الألبان والدواجن لذا لُقبت بعاصمة الألبان.
تُنتج محافظة الخرج أكثر من 65% من الألبان في المملكة، وتضم أكبر شركات منتجات الألبان وأبرزها شركة الصافي دانون، المراعي، العزيزية، والألبان المزرعة وألبان الخرج، وسنويًا يُقام في المدينة مهرجان للألبان، وهو الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي.
تعتبر مدينة السيح عاصمة محافظة الخرج، واحدة من أهم المدن الصناعية في المملكة، فهي تحتوى على أكبر المنشآت الصناعية وعلى الأخص الصناعات العسكرية، مثل المؤسسة العامة للصناعات الحربية، إضافة إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية والتى تعتبر واحدة من أكبر القواعد الجوية عالميًا، وتضم المحافظة قاعدة الإمدادات والتموين الرئيسية للجيش السعودي.