التعامل مع إفراط أخبار كورونا.. تحكم في الأمر قبل أن يؤذيك
من الطبيعي أن نجد أنفسنا راغبين في متابعة الأخبار خلال أزمة عالمية مثل جائحة فيروس كورونا، فنحن لا نعلم إلى متى سنظل نعيش مع القيود، وكيف ستتأثر الوظائف وما وقعه على الحالة الاقتصادية، ونشعر بالقلق الشديد إزاء احتمالية إصابتنا أو اصابة احبائنا بالفيروس التاجي، لكن يبقى السؤال كيف يؤثر فرط التعرض للأخبار المتعلقة بمرض كوفيد-19 على حالتنا الصحية والعقلية؟
قالت جاكلين بوليس، طبيبة نفسية متخصصة في علاج الاكتئاب واضطرابات القلق في مستشفى ماكلين، إن حاليًا يشعر أغلبنا بقدر من عدم اليقين لم يسبق له مثيل، وفي هذه الحالة فإن أدمغتنا سوف تبحث عن أكبر قدر ممكن من المعلومات كي تشعر بأنها استعادت قدرتها على السيطرة والتحكم.
أوضحت بوليس أن الالتصاق بشاشات التليفزيون ومتابعة البرامج الحوارية والإخبارية، والحرص على الاطلاع على أحدث مستجدات الوباء قد يساعدنا على تخفيف حدة الشعور بالقلق على المدى القصير، ولكن هذه السلوكيات لها تأثير معاكس على المدى الطويل.
فعلى المدى الطويل سوف تزيد هذه السلوكيات من قلقنا من خلال تغذية هذا الاعتقاد بأنه إذا كان لدينا قدر كاف من المعلومات فإننا سنقدر على التحكم فيما يحدث حولنا، بالإضافة إلى ذلك فإن البحث عن الشعور باليقين حيال المستقبل سيزيد من شعورنا بالقلق، فحسب الخبراء فإنه من المستحيل أن نكون ملمين بكل شيء متعلق بكوفيد-19.
هل يمكن أن يكون القلق مُفيدًا؟
حتى خلال الظروف العادية، فإن مشاهدة التلفزيون لفترة طويلة والتعرض المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يصبح مشكلة تؤثر على تفاعلنا مع المواقف المختلفة وتتعارض مع أداء أدوارنا ومسؤولياتنا. حسب الدراسات والأبحاث فإن التعرض إلى الشاشات قبل النوم قد يؤدي إلى الأرق واضطرابات النوم، ما يجعلنا أكثر عرضة للقلق والتقلبات المزاجية.
المشكلة هنا تتمثل في أن بعض الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب قد يلجأون إلى مشاهدة التلفزيون أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة للإلهاء، وصرف الانتباه عن المشاكل.
تمثل جائحة فيروس كورونا تحديًا كبيرًا للعقل البشري بسبب مدى سرعة فهمنا لها، ويجدر الإشارة إلى أن القلق عاطفة تكيفية تساعدنا على الاستجابة للتهديدات المستقبلية، وبالتالي لا نستطيع التوقف عن متابعة الأخبار والتقارير الخاصة بفيروس كورونا، ونسعى إلى الوصول إلى كل ما هو جديد طوال الوقت.
قبل العودة للعمل بعد أزمة كورونا..اتبع هذه الخطوات للإعداد النفسي والذهني
تحكم فيما تستطيع السيطرة عليه
نظرًا إلى التغيير الذي حدث في جداولنا بسبب الوباء، بعضنا اضطر إلى العمل من المنزل، فيما تم تسريح آخرين من أعمالهم بسبب تبعات انتشار الفيروس الاقتصادية، فأصبح لدينا الكثير من الوقت لمتابعة الأخبار سواء تلك المعروضة في التليفزيون أو على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المرجح أن تؤدي التغييرات في الروتين والتباعد الاجتماعي إلى زيادة شعورنا بالقلق والخوف والحدة والغضب، علاوة على الكثير من المشاعر السلبية الأخرى، ما يحفز الدماغ إلى مشاهدة المزيد من الأخبار، بحثًا عن أي شيء يطمئنا أو علامة تشير إلى أن الأزمة أوشكت على الانتهاء.
وفقًا لبوليس، فإننا نستطيع التعامل مع القلق في هذا الوقت من خلال تقبل فكرة أن هناك أمور خارجة عن سيطرتنا، واقترحت إعادة تركيز انتباهنا على الأمور التي يمكننا السيطرة عليها والتحكم فيها، مثل غسل اليدين بشكل متكرر، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وارتداء الأقنعة الواقية (الكمامات)، والاعتناء بأنفسنا من خلال اتباع روتين صحي، وتناول طعام مُفيد، وممارسة الرياضة والحصول على قسط مُريح من النوم، والبقاء على اتصال دائم مع احبائنا.
التقليل من التعرض للأخبار
علاوة على ذلك، علينا التقليل من مقدار التعرض للأخبار، واتخاذ مجموعة من الخطوات للحد من ذلك، يتمثل ذلك في تحديد المعلومات المفيدة التي تساعدنا على معرفة طرق البقاء آمنين، مثل كيفية ارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة، والتوقف عن متابعة بعض الأخبار غير المفيدة مثل البحث عن عدد الحالات الجديدة في كل مكان بالعالم، وقراءة المقالات المتعلقة باللقاح الذي يعالج الفيروس، لأنها تزيد من شعورنا بالقلق.
في الوقت نفسه علينا أن نكون انتقائيين بشأن الوسائط الإعلامية التي نتعرض لها، ما يعني أن نتابع الأخبار ونطالع المستجدات المتاحة على المصادر الموثوقة، مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ووسائل الإعلام المحايدة.
وكذلك يُنصح بأهمية تحديد الوقت الذي تقضيه في التعامل مع أخبار كوفيد-19، على سبيل المثال لا تطالع الأخبار المتعلقة بالفيروس التاجي سوى مرة أو مرتين فقط يوميًا، مع الابتعاد عن مصادر القلق المتمثلة في المجموعات والأشخاص والوسائط المختلفة التي تثير القلق بداخلنا، وكتم إشعارات التطبيقات الخاصة بالفيروس، كي لا نتعرض له طوال الوقت.