كافح كورونا بالبرمجة.. أفي شيفمان وموقعه الإلكتروني يحصدان شهرة عالمية
وضع أفي شيفمان البالغ من العمر 17 عاماً بصمته في عالم متعطش للحصول على معلومات موثوقة حول الفيروس التاجي "COVID-19" منذ أن سمع بأولى الإصابات في الصين في شهر ديسمبر 2019، وقرر استخدام مهاراته في الكمبيوتر التي تعلمها بنفسه لابتكار موقع على شبكة الإنترنت يتتبع الإصابات حول العالم ويقدم معلومات صحيحة حول كيفية انتقاله والوقاية منه.
قام طالب المدرسة الثانوية الأمريكي من منطقة ميرسر أيلاند بالقرب من سياتل في ولاية واشنطن، بتأسيس موقع إلكتروني يتابع التحديثات العالمية لوباء "COVID-19" الذي ينتشر بشكل متسارع في جميع العواصم والمدن حول العالم، ويجمع معلومات حول المرض من عشرات الأخبار الدولية والمواقع الحكومية.
في الوقت الذي لم تسجل فيه إصابات داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو في أي بلد آخر في العالم، بدأ أفي شيفمان العمل على موقعه الإلكتروني مع تسجيل الصين لأولى الإصابات فيها، واستمر في العمل طوال الليل وحتى ساعات الصباح الأولى، وخلال أيام حصل الموقع "ncov2019.live" على ملايين المشاهدات والزيارات والرسائل يومياً، بما في ذلك رسالة من رجل تم عزله في بكين خلال الأيام الأولى لتفشي المرض في الصين. وقال شيفمان عبر صفحته على "FaceTime": "إن كل ما أردته هو جعل الوصول إلى البيانات المتعلقة بالفيروس أمراً سهلاً، ولم أعتقد أبداً أنها ستكون بهذا الحجم".
يذهب شيفمان إلى مدرسة ميرسر أيلاند الثانوية، وبدأ بتعليم نفسه علوم الكمبيوتر منذ أن كان في السابعة من عمره، كما قام بإنشاء أكثر من ثلاثين موقعا إلكترونيا، ولديه شعار خاص به يقول "البرمجة وسيلة إبداعية عظيمة". كان أحد مشاريعه الأولى في المدرسة الابتدائية أطلق عليه اسم "a stick-figure animation hub"، بالإضافة إلى بعض المواقع التي كانت تختص بنتائج مباريات الألعاب الرياضية في مقاطعته، وموقع يعرض توقعات الطقس على كوكب المريخ. وفي هذا الإطار، قالت والدته ناتالي آشر: "إن أفي يفكر بطريقة مبدعة وينتقل من أمر إلى آخر بسرعة كبيرة، ولكنني أحاول أن أجعله يركز بشكل أكبر، وهو يرى أن ما يقوم به يضاهي الأعمال الفنية".
أخذ شيفمان عشقه للبرمجة من والده الذي يعمل في هذا المجال، وبدأ العمل على الإصدار الأول من الموقع في أواخر ديسمبر حيث كان من الصعب جداً إيجاد معلومات عن الوباء، وتم كتابة أجزاء كبيرة من الموقع بالاعتماد على مقاطع تعليمية من موقع يوتيوب، وقبل إطلاق النسخة الثانية من الموقع قضى يومين كاملين في غرفته وهو يعمل بشكل متواصل وتمكن من تدقيق المعلومات والأرقام مع عشرات المصادر، ولا يزال أفي يعمل على الموقع بشكل يومي لتصحيح مكامن الخلل والأخطاء التي ما زالت تحدث.
قد يبدو الاسم الرسمي للموقع صعباً إلا أنه كان الاسم غير الرسمي الذي تم إطلاقه على الفيروس في أيامه الأولى، ولكن بعد أن تم اعتماد اسم رسمي للوباء حوال العالم، فإن أفي سيقوم بإعادة تسمية الموقع بعد أن اشترى مجالاً يسمى "GermTracker.com" ليكون من الأسهل تذكره وتتبعه، كما يمكن استخدامه في المستقبل لوضع معلومات عن أوبئة عالمية أخرى.
وجد أفي تفاعلاً كبيراً في مجتمعه وأصبح أصدقاؤه ومعلموه يستخدمون الموقع لمعرفة المزيد عن هذا المرض وأماكن انتشاره، كما قدم بعض المختصين بالبرمجة العديد من النصائح والمساعدة له من أجل تحسين الموقع. وقال شيفمان أنه يتلقى حوالي 100 بريد إلكتروني يومياً البعض منها لإصلاح أخطاء الموقع وأخرى حول الإعلانات والمقابلات التلفزيونية، ويذكر أن شيفمان قد رفض وضع أي نوع من الإعلانات على موقعه على الرغم من أن أعداد الزوار أصبحت تتجاوز 30 مليون زائر يومياً.
عدم الثقة بالنفس أزمة يعاني منها المبرمجون.. لماذا وصلوا لهذه الحالة؟
أخذ شيفمان التهديد بالفيروس على محمل الجد قبل أن يفعله العديد من الآخرين، ويأمل أن تساهم التكنولوجيا بشكل إيجابي في مواجهة هذه الأمراض والأحداث العالمية. وقد لاحظ خلال مراقبته الإجراءات التي اتخذتها الدول لمواجهة الفيروس أن العديد من البلدان غير مجهزة للتعامل مع هذا النوع من الأوبئة، وكانت بعض الدول تقوم بإدارة الأزمة بشكل أفضل من غيرها مثل كوريا الجنوبية.
يسعى شيفمان بشكل دائم إلى اكتساب مهارات جديدة من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين والدراسة، وذلك من أجل تحقيق مشروع جديد مبتكر قد يغير العالم، كما أنه لا يهتم بتقليد أي شخص ويستمتع بقراءة رسائل الشكر التي تأتيه على موقعه. يأمل المراهق الذي يخطط للسفر حول العالم لمدة عام أو عامين بعد إنهائه للمدرسة الثانوية، أن يصبح رائد أعمال مبدعا وصاحب مشروع مؤثر يغير وجه العالم.