محمد فهد الحارثي يكتب : صوت الأقلية
القلة هي صوتها الأعلى، الخير موجود ولكنّ ضوضاء القلة يغلب الكثرة؛ هذا الذي يتصيّد، وآخر يتشمّت، وأصوات لا تشبهنا لكنها موجودة. هي بثور تشوّه وجه القمر. نحن لسنا بهذه السلبية والناس يغلب الخير عليهم والكلمة الطيبة.
تبدو الصورة غريبة، هذا الاحتقان في منصّات شبكات التواصل، وهذا التشفّي والسلبية، هي صور ليست لنا، بل هي صوت شاذّ ومحدود، ولكنه يملك ضجيجاً عالياً، وضوضاء مزعجة.
لا تنزعج مما تسمع من هذا الضجيج، هذه الأصوات الاستثناء، ما لم تسمعه هو النقيض. يجب أن لا نخسر إيماننا بأن الخير موجود، وأنّ تضخم الأصوات النشاز، هو لصمت الأصوات الخيّرة، ليس ضعفاً، بل قناعة بأن الحق بيِّن ولايحتاج إلى إيضاح.
وتستغرب لماذا تظهر هذه الصورة السلبية، وكيف تحوّلت منصّات اجتماعية، يفترض أن تظهر أخلاقنا وقيمنا ورقيّنا إلى شيء آخر مختلف تماماً. وكيف أصبحت هذه المنصّات وسيلة للتشهير والشائعات، وبثّ عبارات الكراهية والعنصرية والتطرف. وهي برغم الضجيج الذي تفتعله، فإن خلفها قلةً صغيرةً، لا تعكس الراي العام، أو توجهات الأغلبية.
وحينما تظهر تهديدات خطرة، مثل أمراض تهدد الجميع، تصبح هذه الوسائل أكثر عرضة للاستغلال، من قبل الشائعات وإثارة الذعر، واختلاق الروايات، في تصرف لا يعكس مبادئنا وأسلوبنا.
في مثل هذه الأزمات يفترض أن صوت العقل والحكمة والتروّي هو الذي يسود. فالسلام الاجتماعي، مسؤولية جماعية. وكلّما ازداد الوعي، تقلص تأثير تلك القلة التي تسعى للسلبيات والتشاؤمية وإرباك الرأي العام.
وفي كل أزمة نكتشف أن مجتمعنا يخرج أقوى من قبل، فهناك أزمات كبيرة مرت وحروب في المنطقة، لكنّ التلاحم الوطني ووعي الأفراد والقيم العميقة الموجودة في المجتمع، هي التي تشكل صمام أمان لحماية المجتمع وسلامته.
تعلمنا الحياة أن الأزمات جزء من مشوار رحلة الحياة، وأننا بقدر ما نستوعب أنها مراحل مؤقتة وستمضي، بقدر ما يكون تعاملنا أكثر واقعية وهدوءاً وإدارتنا أكثر اتزاناً وثقة.
السطر الأخير:
الأزمات منعطفات صعبة لكنّها تفتح فضاءً جديداً ..