لا يعرفه كثيرون.. قصة نجاح كونوسكي ماتسوشيتا مؤسس باناسونيك
إذا تأملنا في قصة نجاح كونوسوكي ماتسوشيتا، مؤسس باناسونيك، فسوف نجدها قصة رائد أعمال ناجح بدأت باختراع قابس كهربائي ووصلت إلى إنشاء علامة باناسونيك التجارية التي يعرفها الكل في جميع أنحاء العالم، ورحل عن العالم بعد أن ترك أصولا تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، وباتت شركته تدر أرباحاً تتجاوز قيمتها 42 مليار دولار.
وما يثير الاهتمام هو أن الكثير من الناس لا يعرفون من هو ماتسوشيتا، لأنه كان شخصاً يعمل في صمت، ولم يكن مثل غيره من رجال الأعمال الكبار الذين يرغبون في تحقيق الشهرة وأن يعرفهم الجميع.
بداية بطيئة لكونوسوكي ماتسوشيتا، مؤسس باناسونيك
مثل العديد من رواد الأعمال الناجحين، ينتمي كونوسوكي ماتسوشيتا، مؤسس باناسونيك لعائلة متواضعة، وُلد في قرية صغيرة في اليابان، ولم يكن مستقبله واعداً ولم تخلُ حياته من المصاعب والمشاكل، رغم امتلاك أسرته لمساحات واسعة من الأراضي بقرية واسا بمحافظة واكاياما، إلا أنها خسرت كل شي بسبب مضاربة والده في الأرز، ما دفعهم إلى بيع كل ممتلكاتهم واضطروا إلى الانتقال إلى شقة صغيرة لا تكفيهم، عاش فيها مع إخوته السبعة الآخرين.
خُيل إليه أنه سيعيش حياة تعيسة ومليئة بالمصاعب والمشكلات، بعد أن اُجبر على الحصول على وظائف وهو في عامه التاسع.
في نهاية المطاف، حصل كونوسوكي ماتسوشيتا، على وظيفة في شركة أوساكا لايت، وحصل على العديد من الترقيات، حتى وصل إلى وظيفة مُفتش، كان هذا جيداً بالنسبة له، ولكن بعد اختراع مقابس إضاءة جديدة، وكانت مختلفة تماماً عما يوجد بالأسواق في ذلك الوقت، تغيرت أهدافه لاسيما وأن الاختراع الجديد لم يحصل على استحسان مديره، ما زاد رغبته في تحقيق النجاح.
وبينما أكمل عامه الثاني والعشرين، اتخذ قراراً كبيراً، فترك وظيفته الثابتة، ودون أي خبرة في العمل ودون امتلاكه للمال اللازم، افتتح شركته الخاصة، وبدأ هو وزوجته العمل و3 مساعدين آخرين في منزلهما الصغير، وقاما ببيع البضائع والمنتجات كمندوب مبيعات.
بدايات غير موفقة لكونوسوكي ماتسوشيتا، مؤسس باناسونيك
لم يكن الأمر بسيطاً في بداية الأمر، خاصة وأن التجار لم يرغبوا في التعامل معه، رغم اعترافهم بأن الاختراع الجديد كان مُبتكراً ومختلف عن غيره تماماً، إلا أنه ظل يكافح حتى تمكن من الاتفاق مع أحدهم. وبحلول عام 1922، كانت شركته تنتج منتجات جديدة كل شهر.
وجد ماتسوشيتا الطرق المثالية لتطوير استراتيجيات العمل، واستطاع مواجهة منافسيه، وتأكد من أن السعر الأقل بنسبة 30 % والجودة الأفضل بنسبة 30 % يساعدون الشركات على تحقيق نجاح كبير، وهي الاستراتيجية التي اتبعها مع مرور الوقت، وبعدها حقق نجاحاً عظيماً وهائلاً.
الطريق نحو مصابيح الدراجات
كان ماتسوشيتا ماهراً في العثور على الأسواق المناسبة لطرح منتجات شركته وبضائعها، وهو ما فعله مع مصابيح الدراجات والتي كانت مطلوبة للغاية في بلاده، ولكنها لم تكن رائجة بسبب سمعتها السيئة وسوء تصنيعها من قبل مُصنعين وشركات أخرى.
حاول ماتسوشيتا تفادي الأخطاء التي اقترفها الآخرون وطرح الاختراع، ورغم أنها لم تحقق انتشاراً كبيراً في بادئ الأمر، إلا أنها حققت نجاحاً واضحاً، ومع مرور الوقت حققت نجاحاً مدوياً، وبعدها طرح المدفأة الكهربائية، والسخان الكهربائي، ثم الراديو... التي حققت نسبة مبيعات خيالية.
الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية
أدى الكساد العظيم عام 1930 إلى انخفاض المبيعات بشكل كبير، ما دفع ماتسوشيتا إلى اتخاذ قرار حاسم تمثل في عدم الاستغناء عن الموظفين واتخذ قرارات أخرى تساعد الشركة على الوقوف على قدميها. خفض ماتسوشيتا عدد ساعات العمل لتصل إلى 50 % وفي المقابل دفع مستحقات الموظفين بالكامل، وكان طلبه الوحيد هو أن يساعده من يعمل معه على بيع البضائع المتراكمة في المخازن، وساعده هذا الموقف الحكيم على النجاة خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة.
وبعد أن دمرت الحرب العالمية الثانية اليابان، خسرت شركة ماتسوشيتا العديد من صفقات التصنيع لاسيما بعد خسارة طوكيو الحرب، وكان على ماتسوشيتا إلكتريك التعامل مع قيود إضافية.
لم يفقد ماتسوشيتا الأمل وعمل جاهداً على استعادة ثقة مديري الشركة لأنه اعتقد أن الشركة يمكن أن تصبح رائدة في مجالة الإلكترونيات العالمية، وأعاد بناء شركته التي حققت نمواً كبيراً، ومع مرور الوقت تمكن من تحقيق طفرة كبيرة تمثلت في تقديمه لأول جهاز تليفزيون باللونين الأبيض والأسود عام 1952، والذي حقق نجاحاً كبيراً. وفي عام 1960 قدم أول تليفزيون ملون، وفي هذا الوقت أصبحت شركة باناسونيك اسما معروفا في شركات صناعة الإلكترونيات.