عبد الله عسيري: المصادفة قادتني إلى ريادة الأعمال وتأسيس شركات ناشئة
عدت من الولايات المتحدة ولم يكن لدي أي مخطط لدخول ريادة الأعمال
أسست أول شركة بالشراكة مع أحد الزملاء وكان مصيرها الفشل.
تعلمت من الفشل وأنشأت "وقود التقنية" عام 2013، وحتى اللحظة وحققنا وجوداً جيداً داخل السوق السعودي
"لوسيديا" تهتم بتحليل مواقع التواصل وهي قصة معقدة
4 ملايين ريال حصيلة تعاقدات واستثمارات لشركات استقطعت لها حصة في " لوسيديا"
نعمل على تدريب المتميزين من الشباب السعودي واستقطابهم ولدينا خطط توسعيه محلية ودولية
البطاقة التعريفية:
الاسم: عبد الله محمد حسن عسيري.
مكان وتاريخ الميلاد: خميس مشيط 1987.
التعليم: بكالوريوس هندسة كمبيوتر ولاية فرجينيا الولايات المتحدة 2011.
حاصل على ماجستير في علوم الحاسب من جامعة الملك عبد الله (كاوست)، وحالياً يدرس ماجستيراً ثانياً في كلية الأمير محمد بن سلمان.
الاهتمامات: المجال التقني والشركات الناشئة في المجال التقني، وريادة الأعمال أيضاً.
المناصب:
- المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لوسيديا.
- مؤسس وشريك إداري في شركة وقود للتقنية.
- عضو مجلس إدارة شركة فني.
- مستشار شركات ناشئة تقنية في برنامج بادر.
أغلق مؤخراً جولة استثمارية جمعت نحو 4 ملايين ريال، هدفها توسيع العمل في شركته "لوسيديا" والمتخصصة في تحليل مواقع التواصل، وهي الشركة الوحيدة في السعودية في المجال، ما جعلها محط اهتمام المستثمرين. حيث تهدف إلى رصد محتوى شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر، فيس بوك، انستغرام، فليكر..)، وتحليلها. كما ترصد أهم الأخبار والمقالات من أكثر من 200 مليون موقع الكتروني، ومن أكثر من لغة.
" لوسيديا " لم تكن أول مشاريع عسيري، بعد عوته من الولايات المتحدة، فهو مهتم بالشركات الناشئة في المجال التقني بحكم تخصصه، ما أفرز شركات عدة أسّسها منذ عودته. ولأن لكل رائد أعمال قصة خلف شركته وشراكاته التقت مجلة "الرجل" عبد الله عسيري، وحاورته عن أهم محطات النجاح، ومكامن الصعوبة، ولماذا كان الفشل.
عاد من الولايات المتحدة، يحمل كثيراً من الطموح، إلا أن رؤيته لم تكن مستبصرة مجال ريادة الأعمال في السعودية، والتوجه لإنشاء شركة مستقلة، بل على العكس، حيث كان متخوفاً جداً من التهور وافتتاح عمل خاص، بحكم أن الفترة الماضية لم تكن مشجعة، وكانت تطلب من وجهة نظره مبالغ مالية ضخمة، لذلك قرر استكمال دراساته العليا، وبالفعل انتسب إلى جامعة الملك عبد الله (كاوست)، لدراسة ماجستير في الحاسب، إلا أن المصادفة وضعت أمامه الفرصة، وقال "في عام 2011 انتدبتني الجامعة لحضور فعالية في العاصمة الرياض، ولأول مرة أتعرف إلى ريادة الأعمال وكيفية بناء شركة بفكرة مختلفة ومتميزة بدون الحاجة إلى رأس مال كبير، وبالفعل هذه المصادفة غيرت مجرى تفكيري، وحملت هذا التوجه واختزلته داخل عقلي ورجعت إلى جدة كوني لا أزال طالب ماجستير".
عند عودته تحدث إلى أحد زملائه عن أفكار تراوده لتأسيس عمل خاص، وبالفعل أسّس الشركة تحت اسم "رفيق التسوق"، برأس مال يتجاوز نصف مليون ريال، بالشراكة مع بعض المستثمرين، كان غرضها التسوق باستخدام التطبيقات الذكية، واستمرت الشركة عاما ونصف العام، وحققت نجاحا جيدا في بدايتها، إلا أنها بدأت تتراجع، وتخسر يوماً بعد يوم ليغلق عسيري أول مشاريعه.
لم أستسلم وبدأت مشروعي التقني:
رغم المشكلات والإخفاقات في المشروع الأول، كان لا بدّ من اتخاذ القرار بوقفه وإغلاقه، خصوصاً بعد وصول الشركة إلى حال متردية من الخسارة، إلا أن طموح عسيري ومثابرته وحماسته لم تتوقف، لذا كان القرار بإنشاء شركة أخرى. واستكمل حديثه قائلاً "خلال العام والنصف السابقة استثمرت كثيراً من الجهد، والوقت، والمال، والصحة حتى أني توقفت عن استكمال دراسة الماجستير، خلال تأسيس الشركة، وكان المتبقي فصلاً دراسياً واحداً، لذلك قررت الاستفادة من الأخطاء السابقة من جهة، ومن الخبرة العملية والسوقية من جهة أخرى، لذلك كان القرار بإنشاء شركة ثانية، وكانت تحت اسم "وقود التقنية" عام 2013، وفعلياً كانت بلا رأس مال، وبالشراكة مع اثنين، وشمّرنا نحن الثلاثة عن سواعدنا، وعملنا بدون أي موظفين، بين تأسيس، وتسويق، ومبيعات. وبعد بضعة أشهر، بدأنا نحصد ثمار تعبنا، بمردود مادي جيد، ومن ثم بدأنا باستقطاب أول موظف، وبدأت الشركة بالنمو، حتى باتت اليوم من غرفة صغيرة وثلاثة شركاء فقط، إلى شركة ذات كيان حقيقي يعمل تحت مظلتها 25 موظف".
حققت الشركة تقدماً ملموساً، حيث أبرمت اتفاقات مع وزارة الداخلية السعودية، وأرامكو، وجامعة كاوست وغيرها.
" لوسيديا " قصة معقدة:
في عام 2015، فكر عبد الله عسيري، أو بمعنى آحر لفته، أنه لا توجد شركات تحلل النص العربي في مواقع التواصل، بتحليل مشاعر الناس وتغريداتهم، حيث إن التقنيات المتوافرة تدعم اللغات الأجنبية، مثل الانجليزية، والألمانية، والروسية وأي لغة أخرى، ولكن لم يكن هناك أي دعم للعربية، ما أنشأ فجوة كبيرة في الأسواق. ولأن عسيري أصبح يمتلك الخبرة في إنشاء شركات رقمية قرر بناء "لوسيديا". وقال"استقطبت شركاء يمتلكون خبرة متميزة جداً في التحليل الرقمي، والذكاء الصناعي، ليتكون فريق من أربعة شركاء، عبد الله عسيري، وحاتم كاملي، ومحمد ملياني، والدكتور مازن مليباري، وكان الرابط بيننا، الاهتمام في المجال التقني، ومؤخراً انضم إلينا الدكتور زهير خياط".
وبحسب ما بينه عسيري، أن فكرة "لوسيديا"، لم يكن إطلاقها سهلاً، حيث إن عامين من البحث والمشاورات والمجهود والتحليل، سبقت إطلاق المشروع بنسخته الأولى. وقال "تعد الشركة الأولى في السعودية لدعم وتحليل مواقع التواصل، وتدعم اللغة العربية، وفي العالم لا تتعدى الشركات الداعمة للنص العربي اثنتين أو ثلاثاً، لصعوبة تطويع التقنية لتحليل ما يكتب في مواقع التواصل، وكثير من المواقع الإخبارية، والصحفية. ولعل هذه كانت أكبر التحديات التي واجهتنا في "لوسيديا"؛ بل إننا وبعد هذا الوقت من إطلاق المشروع، ما زلنا نطور ونبحث ونحسن من جودة الشركة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى الموظفون العاملون في هذا النوع من القطاعات التقنية، يجب أن يمتلكوا مهارات عالية جداً، يصعب إيجادها في السعودية، وعادة في حال وجودهم يكون منتسباً إلى شركات ضخمة وبراتب عالٍ. وكان استقطاب أصحاب الخبرة والمهارات العالية من أكبر التحديات، ولكن بفضل الله، ومع نجاح الشركة، استطعنا تجاوز هذه النقطة، ولعل وجود الدكتور زهير خياط وهو المدير التقني للمشروع من أهم نجاحاتنا".
ولم يكن هذا التحدي الوحيد الذي واجه عسيري، فقد كانت ثقة الشركات الكبرى بشركة ناشئة ومحلية، مقابل وجود شركات وتعاقدات عالمية تحدياً وصعوبة آخرين، ورغم أن اسم الشركة أصبح بوجود جيد في السوق المحلي، فإن عسيري، يهدف إلى استقطاب الشركات الحكومية الكبرى للتعامل مع "لوسيديا"، فضلاً عن أهم الشركات في القطاع الخاص وبالفعل بدأ التغلب على هذه الصعوبة وترسيخ قواعدهم في عدد من هذه القطاعات.
مبادرة الاستثمار الجريء و4 ملايين ريال:
مؤخرا أغلقت "لوسيديا" جولة استثمارية تحت مسمى "الاستثمار الجريء" بمبلغ 4 ملايين ريال، لاستثمارات ضختها لتوسع عمل الشركة وسرعة نموها يقول عسيري "قدمت الشركة السعودية للاستثمار الجريء التابعة لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة هذه المبادرة، وجزء من هذا المبلغ يعود للشركة حيث دخل أحد الأطراف المستثمرة في "لوسيديا" و جهات أخرى، مثل شركة "بياك"، وهي تابعة لـ BIF، وشركة بنيان القابضة وغيرها من المستثمرين".
ويعزو عسيري ضخ هذه الاستثمارات في "لوسيديا" إلى مؤشر النمو العالي والسريع، الذي حققته الشركة، رغم سنواتها القليلة، فضلاً عن أنها لا تزال تعد من ضمن الشركات الناشئة، وكان الهدف من هذه الاستثمارات، كذلك، توسع الشركة والخروج من السوق المحلي إلى الأسواق المجاورة ومن ثم إلى السوق العالمي.
وبين عسيري أن " لوسيديا " أنشئت برأس مال يقارب مليون ريال سعودي، فيما بلغت قيمتها السوقية الحالية لها 6 أضعاف. ومن المتوقع زيادة قيمتها إلى عشرة أضعاف خلال الخمس سنوات القادمة.
حجم سوق البيانات يساعد على دخول هذا المجال:
يقدر الخبراء أنه بحلول عام 2020، ستحتوي الإنترنت على نحو 40 ألف زيتابايت من البيانات الجاهزة للتحليل واستخلاص المعلومات، فيما قدروا حجم سوق البيانات العالمية بـ 27.3 مليار دولار، عام 2016، تبلغ حصة الشرق الأوسط منها 4.50% هذه الأرقام والتحليلات لحجم سوق البيانات جعلت عبد الله عسيري، يدخل في هذا السباق المحموم، ليكون أول من قص الشريط في استغلال هذا السوق قائلاً "حجم سوق البيانات ضخم جداً، ونموه سريع وهذا جعل الاستثمار في هذا القطاع واعداً جداً، ولدينا ميزة أننا الشركة الوحيدة في السعودية التي استطاعت الولوج إلى سوق البيانات والتعامل معه، وتحقيق هذا النجاح ما شجع كثيراً من الشركات الكبرى الاستثمار في "لوسيديا"، واستقطاع حصة لها، ليس هذا فقط، بل حالياً بدأنا بدراسة دخول بعض الشركات الأجنبية من الولايات المتحدة، وبريطانيا. وفي الفترة القادمة لدينا هدف بعمل جولة استثمارية أخرى لضخ رأس مال أكبر، وتحقيق نسبة نمو أسرع وأكبر وأوسع، واستراتيجية الاستحواذ على حصة سوقية كبرى".
مبيناً أن الشركة حالياً بصدد تعاقدات لتحليل بيانات منصات مشهورة جديدة، سيفصح عنها بمجرد إبرام الاتفاقيات، وموجهاً أن عمل مثل هذه الاتفاقيات ليس بالسهولة المتوقعة، ضارباً مثلاً بتويتر الذي استغرق نحو الشهرين من الوقت والاجتماعات والمحادثات، حتى عقدت الاتفاقية، ومقابل مبالغ ضخمة.
" مايكروسوفت" تدعم "لوسيديا" وتبرم اتفاقية جديدة معها:
قدمت شركة "ما يكروسفت" عبر برنامج أقرته لدعم الشركات الريادية الواعدة التي حققت نجاحاً ملموساً دعماً لشركة "لو سيديا"، وعن هذه الاتفاقية تحدث عبد الله قائلا "تقدم "ما يكروسفت" دعماً مادياً للشركات التقنية الواعدة في العالم، والدعمنفسه، تقدمه "ما يكروسوفت" السعودية، وقد تواصلوا معنا، بعد اطلاعهم على نشاطنا، وحجم النمو الذي حقق خلال الفترة الماضية، وكانت فرصة ممتازة بين الطرفين، ومن هنا عقدنا اتفاقية لدعم "لوسيديا "، بنصف مليون ريال وهذا المبلغ مخصص في دعم السيرفرات، وخوادم ما يكروسوفت".
كل هذه الاتفاقيات والتوسع الملحوظ جعل الشركة مطمحاً أمام الشباب السعودي للتدريب أو التوظيف، وعن هذا قال عسيري "بدأنا بتدريب الشباب السعودي منذ اليوم الأول لوجود "لو سيديا" مشروعاً واقعياً، وبالفعل نستقطب عدداً من الشباب خلال الصيف، من كل الجامعات السعودية، أو من حديثي التخرج، أو حتى من طلاب الثانوية العامة، وفي حال تلمسنا موهبة وقدرة أحد الشباب في ذات المجال نجتذبه للعمل داخل المجموعة، وننظم كثيراً من المحاضرات، والندوات عن طريق المؤتمرات، والجامعات، وغيرها من المناسبات بين فترة وأخرى".
وبحسب عسيري بدأت "لوسيديا" بشخص واحد، وحالياً عدد موظفيها 13، ويتوقع أن يصل إلى 20، خلال الفترة القادمة.
فيما تمتلك " لوسيديا" خطة توسعية، حيث تعمل على افتتاح أول مقر لها في العاصمة الرياض، خلال 2019، فيما تتجه الخطة خلال 2020 لافتتاح مقر في الإمارات، وتحديداً دبي بحكم وجود كثير من الشركات الأجنبية.