رواد أعمال ناجحون: "النوم مخلوق للخاسرين"
لا يجوز التطرق لمسألة النوم وكيفية إدارته في عالم الريادة وكبار المسئولين وطرق تعاملهم مع الأدوار المنوطة لساعات الراحة على الصعيدين الجسدي والعقلي دون المرور بأبرز تعليقات أكثر الشخصيات المناهضة لذلك النداء الإنساني الطبيعي، وهو المهندس والمصمم العالمي إيلون ماسك، صاحب سيارات تسلا الكهربائية، والذي يرى: "النوم مخلوق لكل خاسر" أو ذلك التصريح الذي قال فيه: "النوم ليس خيارا متاحا لي".
4- 5 ساعات نوم يوميا.. عادات بعض المتفوقين مهنيا
بدوره، يتحدث رجل الأعمال روب فيزنتال، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Blade للطيران، عن علاقته اليومية بالنوم، مشيرا إلى أنه يقضي ساعتين مغمض العينين ويستيقظ دون أي منبه في تمام الساعة 3 صباحا ليواصل دورة العمل المتمثلة في إجراء المكالمات التليفونية في الخارج وتسجيل رحلات الطيران للشركة طول الليل. ثم تبدأ فترة النوم الثانية التي لا تدوم أكثر من ساعتين من الزمن، لتكون الحصيلة النهائية لساعات النوم لدى التنفيذي فيزنتال مجرد 4 ساعات في أيام العمل ولا تزيد عن 5 ساعات في أيام الإجازة الأسبوعية.
ويري روب فيزنتال، البالغ من العمر 52 عاما، أن من يغمض عينيه ويبتعد عن ساحات المشاركة الخارجية لمدد زمنية تترواح ما بين 5 إلى 9 ساعات فقد انضم لقائمة الأشخاص غير التنافسيين، وأضاف قائلا: "من يطمح لقيادة الأعمال واعتاد النوم في فترات القيلولة هو من الخاسرين لا محالة".
التباهي والتفاخر بعدم النوم 5 أيام متواصلة.. إنه إيلون ماسك
كما تجدر الإشارة لآخر تصريحات القيادي إيلون ماسك، والتي أدلى بها لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وأكد خلالها أنه سجل ساعات دوام متواصلة دون انقطاع أو نوم بلغت نحو 120 ساعة بمصنع شركته.
إلا أن تفاخر وتباهي ماسك بما أعلن عنه مؤخراً لم يثر فحسب اهتمام الأطباء، ولكنه أثار حفيظة الإعلامية الأمريكية الشهيرة إريانا هافنجتون أيضا، التي كتبت على مدونتها للمبتكر إيلون ماسك عبارات تحذيرية جراء ما يرتكبه في حق نفسه البشرية، وجمل أخرى تحثه على منح عقله وجسده فرصة الانغلاق لبرهة من الوقت، والخلود للنوم.
من جانبه، أعرب التنفيذي روب فيزنتال عن بالغ تقديره واحترامه لشخص الإعلامية إريانا، وأضاف قائلا: "من الممكن أن نتفق أو نختلف على مسألة التعامل مع آلية النوم، وبعيداً عن الحقائق المثبتة بشأن ذلك، إلا أن هناك منافسات رهيبة تدور رحاها بين المصانع المختلفة في مدينة نيويورك" مؤكدا أنه غير مقتنع بإلزامية النوم لـ8 ساعات لكل شخص وأن هناك واحد إلى 3% من العامة يدرجون تحت مصطلح "النائمون لفترات قصيرة" وهؤلاء الذين يخلدون للنوم والاسترخاء لمدة لا تزيد على 6 ساعات ليلا.
واقع الحياة العملية لايسمح بالنوم للفترات المنصوص عليها علمياً
وبالرغم مما تثبته الدلائل العلمية بشأن فوائد النوم صحيا، وما يقابلها من مشاكل وأمراض مصحوبة في حالة افتقار الجسم البشري للحظات الراحة التي يتطلبها فأغلب المدراء والمسئولين يقضون كامل لياليهم في العمل وببساطة لا تعد مسألة النوم بالنسبة لهم خيارا متاحا أو سهل تفعيله وتطبيقه خصوصا في أوقات السعي لتحقيق النجاحات المرجوة في مواقع العمل.
كما أن كثير من المؤسسين الناشئين يؤكدوا أن ساعات النوم على مضاجعهم تتراوح بين 4 إلى 5 ساعات كل ليلة بينما تصل ساعات العمل قرابة 100 ساعة أسبوعيا، وإلى ذلك من الطبيعي أن تطرأ تغييرات كاملة على الصعيد الزمني بشأن ثقافة وسياسات المؤسسات في حالة بدء تأسيس المشروعات أو استمرارية عجلة العمل، فعلى سبيل المثال يظل كامل طاقم المهندسين في حالة استيقاظ طول ليالي التحضير والإعداد لإطلاق منتج جديد.
إلى ذلك تؤكد واحدة من مواطني تشيلي رغبتها الشديدة في الخلود للنوم طويلا، ولكن واقع الحياة العملية لا يسمح بذلك وتخص الأمر على العاملين بنيويورك حيث أن ثقافات العمل السائدة بتلك المدينة قائمة على المدد الزمنية الطويلة والتي يصل مداها إلى 16 و17 ساعة عمل متواصلة.
الافتقار الذهني والجسدى للنوم يصيب أصحابه بعدم التركيز أو تقبل الغير لهم
وفي دراسة بحثية حول علم الأعصاب تم إصدارها عام 2017 توصل العلماء الباحثون إلى أن الأناس لا يصنعون قرارت سيئة إلا في حالة حرمان أجسادهم وعقولهم من النوم والراحة، حيث تصبح أحكامهم مائلة للأسوأ دائما، خاصة مع الحالات المزمنة التي تُفعل نمط الحرمان لديها.
بدوره يقول الدكتور ميشيل جراندنر، مدير برنامج أبحاث الصحة والنوم بكلية الطب في جامعة أريزونا إن القدرة على التركيز وصنع القرارات الصائبة وإدارة المعلومات المعقدة تصبح من الأمور الصعبة على من هم مصابون بالوهن والضعف فضلاً عن الدمار الملحق بأعصابهم بسبب قلة النوم، بالإضافة إلى ذلك يؤكد أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا، بيركلي ماثيو ووكر، في دراسة بحثية أجراها مع مجموعة من الباحثين، أن تقديم العمل وجعله أولوية على إشباع رغبة النوم يتسبب بالضرورة في أن تتحول إلى قائد غير محبوب أو مفضل حيث وجد العلماء الباحثون أن افتقار الأجساد البشرية لساعات الراحة لا يعيق فحسب أساليب المشاركة والتعامل مع الآخرين ولكن يولد لدى الغير حالة من عدم القبول أو الرغبة في التواصل مع هذه النوعية من الشخصيات.
فالنوم هو المعيار الأوحد والأكثر تأثيراً لاستعادة الصحة الذهنية والجسمانية، وأضاف السيكولوجي وطبيب الأعصاب ووكر نقلاً عن مؤلفه بعنوان: "لماذا ننام؟" إن النوم هو نظام دعم حياتي ومسألة بيولوجية ضرورية غير قابل التفاوض عليها، وقد وضع يده وأشار في هذا الكتاب إلى عدد من الروابط ذات الصلة بنقص ساعات النوم والإصابة بالأمراض كالسرطان، والزهايمر، وأمراض السكري، والجلطات، والسمنة، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم.