كيف تتعامل مع موظف يرفض «كل شيء»؟ كنز لا يقدر بثمن
في كل فريق عمل هناك ذلك الشخص، الذي وبشكل دائم يقوم برفض كل شيء. هو الأول الذي يبدأ بالحديث عن سلبيات الفكرة، والأول الذي يبدأ بالعثور على مكامن الضعف فيها، ثم يبدأ بالشرح وبالتفصيل الأسباب التي تجعل تلك الفكرة غير ناجحة على الإطلاق. سلبي بشكل دائم، ورغم أن بعض النقاط التي يذكرها قد تكون منطقية تماماً، ولكن أسلوبه في طرحها وشعوره بأنه يحق له التعبير عن رأيه، رغم أن أحداً لم يطلب منه ذلك تجعل تقبل ما يقوله صعبا للغاية.
قصة من كل مكتب عمل
هذه القصة موجودة في كل مكان عمل. موظف يعمل ما هو مطلوب منه ولا اعتراض ولا شكاوى على حجم التزامه بعمله وبأخلاقياته المهنية. ولكنه يحب أن يناقش كل شيء، كل طلب وكل مهمة. الأمر خارج عن سيطرته لكونه يملك التفكير النقدي، ولكن نمط تفكيره هذا قد يشوش عليه بعض الحقائق إذ إنه يمكنه أن يميل للإيمان بأنه يحق له قول ما يريد قوله لأي شخص في الشركة مهما كان منصبه.
هذا الموظف ولأن المدير بداية الأمر سيحاول استيعابه وتحويل التفكير النقدي هذا باتجاه الإبداع، ستتحول مقارباته لتصبح أقرب إلى السلبية العدوانية، وستستمر اعتراضاته بالتزايد ما سيدخله في مواجهات مع الزملاء، وبالتالي إمكانية تحول مكان العمل إلى بيئة سامة مرتفعة جداً.
نتائج تصرفات عقلية كهذه رافضة لكل شيء ومعترضة على كل ما يُطرح هي أنه يتم إضاعة وقت الآخرين، ويتم تجميد التطور والتقدم والسير إلى الأمام؛ لأنه وبشكل دائم سيتم التوقف عند نقطة محددة.
التعامل مع هذه النوعية من الأشخاص تحد كبير لأي مدير، وذلك لأن القائد عليه أن يشجع على المواجهة الصحية، ولكنه في الوقت عينه عليه أن يحافظ على بيئة عمل متناغمة.. وهناك خيط رفيع للغاية يفصل بين ما هو صحي وبين ما هو سام. فكيف يمكن التعامل مع أشخاص كهذه، والإستفادة من نمط تفكيرهم النقدي من دون السماح لهم بتدمير بيئة العمل؟
الأولوية لوضع الحدود الواضحة تماماً
إن لم يتم وضع الحدود فإن النقد البناء سيتحول إلى أسلوب تواصل قائم على التعجرف وعلى السلبية العدوانية. على المدير أن يكون واضحاً تماماً حول أي نوعية من التصرفات مقبولة في مكان العمل وأي تصرفات ممنوعة كلياً. يمكن للمدير الإشارة إلى مجموعة من التصرفات التي قام بها الموظف وربطها وبدقة بالمناسبات التي حدثت فيها، ثم يتم وصف تصرفات الموظف من دون إطلاق أي نوع من الأحكام عليها أو تصنيفها في هذه الخانة أو تلك، وفي النهاية يتم شرح تأثير التعليقات أو التصرفات التي قام بها على العمل وعلى فريق العمل.
خلق بيئة متقبلة بشكل محدود
الأمر أشبه بتخصيص «وعاء» يمكّن الشخص الذي يرفض كل شيء من التعبير عما يفكر به ولكن في المكان المناسب والتوقيت المناسب ولفترة محدودة. مثلاً اجتماع مع هذا الشخص الذي يملك التفكير النقدي بشكل منفرد، الإستماع الى وجهات نظره، عدم مقاومة الأفكار التي يطرحها ثم شكره على التفكير بالمشروع من وجهة نظر مختلفة تمكن الشركة من رؤية نقاط الخلل. ما يصار إلى القيام به هنا، هو ما يقوم به كل قائد عظيم، وهو جعل الموظف يشعر بالتمكن من خلال دعم نقاط قوته بشكل إيجابي وجعله يدرك بأنه يساهم بتحسين العمل.
الشخص الذي يرفض كل شيء والذي يجد مكامن الخلل في الخطط ليس النوع الذي تريد الشركة التخلص منه، على العكس الشركات تحتاج لهكذا نوعية من الأشخاص؛ لأنهم يمكنهم رؤية الخطوات الناقصة قبل حدوثها، ولكن على الشركة أن تحاول «احتواء» السلبية التي تترافق مع تفكيرهم ذلك كي لا يؤثر على فريق العمل كاملاً.
تشجيع التفاؤل
الذين يرفضون كل شيء يقعون في فخ رؤية الأمور والمواقف بشكل محدود ووفق مبدأ إما أبيض أو أسود. الأفكار هي إما جيدة أو سيئة، التوجيهات إما صحيحة أو خاطئة. كما أن كل تركيزهم ينصب على محاولة العثور على الحل «الصحيح».. وهذه المقاربة معركة دائمة وطويلة لأن المثالية لا وجود لها. في المقابل هم أيضاً يملكون مقاربة تشاؤمية حين يتعلق الأمر بشرح الأمور أي أنهم يميلون إلى اعتبار المشكلة دائمة ومنتشرة. لتشجيع العقلية المنفتحة والتفاؤل يمكن جعل الموظفين، ومن ضمنهم الرافض لكل شيء، ينخرطون في حديث موجه باتجاه الحلول. أي عند طرح أي نقطة يمكن مثلا الطلب وبشكل واضح لا لبس فيه الحديث عن الأسباب التي قد تجعل الفكرة ناجحة قبل الحديث عن مكامن الخلل فيها. ثم يمكن طلب اقتراحات من أجل تحسين الفكرة أو تعديلات مقترحة لجعلها أفضل.
الغاية هنا الانطلاق من مبدأ التفاؤل من خلال «الافتراض» بأن الفكرة ستكون ناجحة ثم البناء على ذلك.
العمل على مقاربتك الخاصة للمواجهة والرفض
التعامل مع الذين يرفضون كل شيء محبط، ولكن يجب الحذر من الوقوع ضحية «شيطنة» هؤلاء. إن كان النقاش أو الجدال أو عدم موافقتك الرأي على كل شيء يزعجك فأنت على الأرجح لا تسمح لوجهات النظر الأخرى بالظهور.
عليك ككقائد أن تقوم بإعادة تقييم قدرتك على التعامل مع الرفض والانتقاد والمواجهة. المعترضون يجعلونك ترى «الجانب» الآخر الذي لا يمكنك رؤيته، كما أن رفضهم ليس موجه ضدك شخصياً، أي عليك عدم التعامل مع الأمر وكأنه مسألة شخصية لانه ليس كذلك على الإطلاق.