ماذا سيحدث إذا تركت لموظفيك فرصة تحديد حجم رواتبهم؟
لدى شركة سماركتس، الشهيرة في لندن، سياسة مُختلفة وغير عادية تتعلق بدفع الرواتب، إذ أنها تسمح لموظفيها بتحديد رواتبهم، ومعرفة قيمة الرواتب التي يحصل عليها زملائهم.
وقال جيسون تروست، المدير التنفيذي للشركة، إن الأمر ليس سهلاً أو رائعًا كما يبدو، فهي عملية مجنونة وصعبة ولكنها تؤتي بثمارها.
بدأ الأمر منذ ثلاثة أعوام، عندما اقترح تروست تطبيق نظام جديد في الشركة يسمح للموظفين بتحديد قيمة رواتبهم. وجاءته الفكرة مما وصفه رغبة الشركة الحثيثة لتطبيق سياسة تقوم على الشفافية.
يعتقد تروست أن سياسة الرواتب التي تتبعها شركته هي الأكثر عدالة وشفافية، ويقول إنها تعطي الموظفين شعورًا بأنهم يتحكمون في مسيرتهم المهنية، ويسيطرون أكثر على مناصبهم.
كيف تعمل سياسة تحديد الرواتب؟
في شركة سماركتس، لا يحصل الموظف على راتبه نتيجة للمحادثات التي يُجريها مع الإدارة العُليا، عوضًا عن ذلك، كل شخص يحدد المبلغ الذي يرغب في الحصول عليه، ثم يصوّت زملائه على هذا المبلغ، ويحددون ما إذا كان يستحقه أم لا، ثم يُنشر راتب كل موظف على قاعدة بيانات ومعلومات داخلية خاصة بالشركة بإمكان الجميع الاطلاع عليها، ويتم دعوتهم لإعادة التفاوض على الراتب مرتين سنويًا.
قالت انجيلين موليت ماركي، المهندسة الفرنسية التي عملت في مكتب سماركتس في بريطانيا لأربعة أعوام، إن هذه العملية لم تكن سهلة أبدًا في البداية، وقد تسببت في حدوث خلافات كبيرة بين الموظفين، ولكن في نهاية الأمر خلق هذا النظام بيئة صحية جدًا في الشركة.
وفي كل الأحوال، سيتحدث الموظفون عن التناقضات في الرواتب، سواء كانت المعلومات الخاصة برواتبهم تُنشر أمام الجميع أم لا.
تقول ماركي إن نشر المعلومات عن الرواتب أمام الجميع يجعل بيئة العمل صحية أكثر، لأنه يجعل الموظفين يشعرون بالمساواة، وبأنه لا يوجد تمييز بينهم، ولا يحصل أحدهم على راتب يفوق الأخر بنسبة كبيرة.
عيوب النظام
وبالرغم من أن فوائد هذا النظام وتأثيره الإيجابي على بيئة العمل، إلا أنه له سلبياته وعيوبه أيضًا، حيث يقول تروست إنه بعد تطبيق هذه السياسة بفترة وجيزة، قام أحد الموظفين المعترضين على هذه السياسة بمضاعفة الأجر الذي يحصل عليه، وفي نهاية الأمر حصل على 400 ألف دولار تقريبًا.
ويصف المدير التنفيذي للشركة هذه الواقعة بالمزعجة والتي تسببت في تضييع وقت الشركة، ومع ذلك، فإن السماح للموظفين بتحديد قيمة الرواتب التي يحصلون عليها، يجعل العمل أكثر مرونة.
يقول تروست إن هذا النظام يجعل الجميع يتعامل بطريقة أكثر انسانية، فإذا كان أحدهم في حاجة لشراء منزل ورغبوا في الحصول على المزيد من المال، فهم بالتأكيد سيحصلون على مرادهم، وهذا أمر رائع.
ويرى تروست أن هذا النظام مفيد للأشخاص الذين يكونوا جيدين في وظائفهم ولكنهم لا يستطيعون التفاوض من أجل الحصول على الرواتب التي يستحقونها.
عملية ليست سهلة
إلا أن تطبيق هذه العملية لم يكن سهلاً أبدا. يقول تروست إن كونك تتبع سياسة شفافة كتلك أمر مُخيف جدًا، يخيف الجميع.
ويقول تروست إن الموظفين لا يريدون معرفة مقدار الرواتب التي يحصل عليها زملائهم، لأنهم لا يريدون أن يعرفوا ما إذا كانوا يحققون مكاسب أكبر منهم أم لا، كما أن المديرين سيشعرون بهذه الطريقة أنهم يفقدون السيطرة على الوضع.
ويرى المدير التنفيذي أنه يتبع هذه السياسة ليس لأنها فكرة جيدة فقط، ولكنه يريد أن تصبح شركته مثالاً يحتذى به، بالإضافة إلى أنه يرغب في التأكيد أن شركته تُحلق خارج السرب وتختلف عن باقي الشركات في بريطانيا.
ويدعو تروست باقي المديرين التنفيذيين والمسؤولين على تطبيق هذه السياسة الخاصة بالرواتب في شركاتهم، ويوضح أن الأمر قد يكون أسهل بالنسبة للشركات الناشئة الأصغر سنًا، ولكنه يزداد صعوبة مع كبر حجم الشركة وزيادة عدد موظفيها.
ويقول تروست إنه إذا كانت الشركة لديها الشجاعة في التعامل مع كافة الظروف التي تمر بها، فإن الأمر سيتسحق العناء.