الرئيس التنفيذي النجم.. نعمة أم نقمة على شركتك؟
تسلا، بابا جونز، وسي بي إس، ثلاث شركات بتوجهات مختلفة كلياً فالأولى للسيارات والثانية للبيتزا والثالثة مؤسسة إعلامية ولكن ما يجمع بينها هو امتلاكها لرؤساء تنفيذيين نجوم في فترات زمنية محددة. نجومية الرئيس التنفيذي يمكنها أن تكون نعمة للشركات وذلك لأنه دعاية متنقلة يملك القوة والقدرة والكاريزما على جذب الانتباه وبالتالي اكتساب زبائن جدد. ولكنها في المقابل يمكنها أن تكون نقمة وتجارب الشركات الثلاث هي مثال على خطورة الرئيس التنفيذي النجم.
بعد التحول الرقمي للمؤسسات.. ما الذي تبدل في دور المدير المالي؟
القصة الأولى.. تسلا
قبل أن يصبح إيلون ماسك الرئيس التنفيذي في العام ٢٠٠٨، الشركة كانت قد أنتجت أقل من ٢٠٠ سيارة وعلى حافة الإفلاس. بعد عشر سنوات بات بإمكانها إنتاج ٥٠٠٠ سيارة شهرياً كما أن قيمتها السوقية ارتفعت بشكل كبير. داخل الشركة كان ماسك يملك قوة غير مسبوقة. ثم بدأ ينشر التغريدات وراح يتشاجر مع الجميع ولكن تغريدته حول تحويل الشركة إلى خاصة هي التي كلفته منصبه وكلفت الشركة ٢٠ مليون كتسوية.
كيف تُخبر الموظفين بالتقييم السلبي دون جرح مشاعرهم؟ (إنفوجراف)
القصة الثانية.. بابا جونز
جون شناتر أسس إمبراطورية البيتزا بابا جونز ووسعها لتصبح موجودة في أكثر من ٥٠٠٠ موقع وهو يملك أكثر من ٣٠٪ من أسهم الشركة. خلال السنوات الماضية كان وجه الشركة والناطق باسمها والوجه الإعلاني وهو عملياً الوجه الذي يطالعكم في كل مكان في كل جزئية تتعلق ببابا جونز. ثم قرر القيام بتعليقات عنصرية ما جعل الشركة في مأزق. المبيعات تراجعت بشكل كبير والأسهم في البورصة شارفت على الانهيار. والشركة من خلال مجلس إدارتها دفع الملايين من أجل التخلص من شناتر فالمؤسس والرئيس التنفيذي بات يهدد وجود هذه المؤسسة.
القصة الثالثة.. سي بي إس
ليزلي مونفيس امتلك حصة كبيرة جداً من أسهم سي بي إس وحتى أنه في مرحلة ما بات «أقوى» من الشركة نفسها بحكم أنه روج لنفسه على أساس الأداء الجيد والطويل له والبريستيج الخاص به الذي أسس له في عالم صناعة الترفيه. تحت قيادته تحولت سي بي إس من شركة تعاني إلى شركة يعترف بقوتها. تم اتهامه بالتحرش الجنسي ما جعل الشركة في أسوأ مراحلها سواء من ناحية نسبة المشاهدين أو الأسهم والأرباح، قبل أن يستقيل على إثر هذه القضية المعروفة.
ما العبرة من هذه القصص؟
هذه القصص توضح الخط الرفيع بين الفوائد العديدة التي يوفرها الرئيس التنفيذي النجم للشركة وبين المخاطر. هناك توازن دقيق للغاية، فالرئيس النجم يعرض الشركة للكثير من المخاطر ولكن لا يمكن طرده لهذا السبب ولكن الرئيس التنفيذي الذي يقوم بتصرف غير أخلاقي يمكن طرده وهو أيضاً في هذه الحالة يعرض الشركة للخطر. ولكن عند أي حد على نجوميته أن تقف، وهكذا نوع من المخاطرة المكشوفة هل يجب الاستمرار بها الى أجل غير مسمى؟
بما ان الرئيس التنفيذي مطلوب منه المخاطرة، فإن المديرين عليهم أن يجدوا توازناً من نوع ما يزيد من فرص الفوائد ويقلل من المخاطر.
إدخال الخيط في ثقب الإبرة
نعم، هذا هو الواقع، التعامل مع الرئيس التنفيذي النجم والاستفادة منه و«السيطرة» عليه أشبه بإدخال خيط في ثقب إبرة ضيق جداً. الرئيس التنفيذي النجم يملك السلطة والقوة وهو وجه الشركة، ولكن للحد من الأضرار التي يمكنه أن يلحقها بالشركة على الجهات المعنية القيام بهذه الخطوات.
أعضاء مستقلون في مجلس الإدارة: هذا الدرس تعلمناه من تسلا بشكل خاص. يجب أن يتضمن مجلس الإدارة أعضاء مستقلين، ولا نقصد بالمستقلين من الناحية التقنية بل فعلياً مستقلون. والأفضل أن يتم اختيار مستقل ليكون مديراً رئيسياً يملك ما يكفي من الحرية والسلطة التي تمكنه من عقد الاجتماعات سواء بموافقة أو عدم موافقة الرئيس التنفيذي. هذه الخطوة تمنع الرئيس التنفيذي من منع اجتماع أعضاء مجلس الإدارة إلا بحضوره.
الجلسات التنفيذية: الأعضاء المستقلون مع المدير الرئيسي المستقل عليهم أن يلتقوا بجلسات تنفيذية من دون الرئيس التنفيذي. هذه الجلسات تمنحهم الفرصة لمناقشة المخاوف والمخاطر من دون أن تتحول إلى مواجهة ومعارك مع الرئيس التنفيذي.
بيل جورج الرئيس التنفيذي لشركة مدترونيك جعل قيمتها السوقية ترتفع من ١ مليار إلى ٦٠ مليار دولار خلال ١٠ سنوات وهو وبشكل دائم كان يحصل على تقييمات وتوصيات من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين الذين كانوا يلتقون بجلسات تنفيذية من دونه. خبير الحوكمة رام شاران يعتبر الجلسات التنفيذية أفضل وأهم ابتكار على الإطلاق.
دعم نشاطاته التي تهم الشركة: يجب دعم النشاطات التي يقوم بها والتي تعود بالفائدة على الشركة أو التي تهم الشركة. الغاية هنا ليست تغذية الأنا الخاصة به، بل منحها الدعم المناسب من أجل خدمة مصالح الشركة.
بطبيعة الحال لا يمكن تخيل رئيس تنفيذي ناجح لا يملك ما يكفي من الغرور الذي يمكنه من مواجهة ما عليه مواجهته أو الذي لا يملك الثقة الكافية، ولكن المشكلة تبدأ حين يصبح أكثر من رئيس تنفيذي، أي حين يصبح نجماً، وبالتالي غروره يخرج عن السيطرة. النجومية يمكنها أن تصبح مشكلة، لأن الرئيس التنفيذي النجم سيمضي الكثير من الوقت والجهد للعمل على صورته الخاصة وسمعته عوض العمل على زيادة قيمة الشركة.
ضعوا نجماَ آخر في مجلس الإدارة: الرئيس التنفيذي النجم لا يأخد النصائح من الخبراء وذلك لأنه يعتبر أنه أدرى منهم ولكنه يستمع «لزميل» نجم. لذلك يمكن ضم نجم جديد من شركة أخرى إلى مجلس الإدارة وهذا النجم سيكون الناصح الذي سيستمع إليه الرئيس التنفيذي لأنه بالتأكيد لن يستمع إلى أي مدير ليس نجماً.
لا غنى عنه ؟ : يجب عدم السماح للرئيس التنفيذي بأن يمنع مجلس الإدارة من القيام بالأمور الصحيحة والمناسبة للشركة من خلال التهديد بالإستقالة. ورغم أنك تريده أن يكون النجم لكنك لا تريد السماح له بأن يصبح بالفعل لا غنى عنه. المقاربة هذه خطرة للغاية خصوصاً حين تصبح الصورة للمستثمرين بأن الشركة لا قيمة لها من دونه.