بول سينجر.. الإرهابي المالي ومصاص دماء الدول المتعثرة ماليا
لفترات طويلة تصدر اسم بول سينجر الملياردير الأمريكي المتخصص في السندات المتخلفة عن السداد، العناوين الرئيسية للصحف والمواقع الإخبارية الذي لطالما اعتبر المستثمر النشط الأكثر خشية في العالم من قبل صناديق التحوط والشركات المنافسة وحتى بعض البلدان.
باول سينجر (رجل أعمال).. المستثمر الأكثر إثارة للخوف
اشتهر بول سينجر (72عاما) وهو مدير صندوق التحوط إليوت مانجمنت الذي لا يتجاوز عدد العاملين به الـ300 موظف ويدير أصولًا بقيمة 34 مليار دولار، بأنه المستثمر الأكثر إثارة للخوف في العالم بسبب حدته وعناده، ونتيجة لذلك خاض الكثير من الصراعات ضد العديد من الدول التي تعاني من صعوبات مالية بعدما اشترى ديونها السيادية قبل أن يقوم بمقاضاتها، رافضاً إعادة الهيكلة أو أي حلول وسط أخرى.
صراعات كبيرة خاضها بول سنجر
وتأتي الأرجنتين كخير مثال على الصراعات الكبيرة التي خاضها بول سينجر ضد الدول والتي امتدت 15 عامًا نظرا لتخلفها عن سداد الديون، حتى إنه تحكم بمصير هذه الدولة ذات الـ43 مليون نسمة في فترة من الفترات وحولها لدولة منبوذة، تخشى تحليق طائراتها الرئاسية في الجو، بل إنه صادر ذات مرة إحدى السفن الحربية التابعة لها وكاد يجعلها تجثو حرفياً على ركبتيها.
بول سينغر وأسوأ أزمة مالية
ويأتي تحكم بول سينجر في الأرجنتين بعد الكساد الكبير الذي عانت منه ما بين عامي (1998 – 2002) إثر إصدارها كما غير مسبوق من السندات الحكومية، مما أدى لهبوط اقتصادها خلال تلك الفترة بنسبة 28%، وتعثرها في السداد لتدخل أسوأ أزمة مالية في تاريخها وفي هذا الوقت كان المستثمرون الأمريكان أغلب من قام بشراء تلك السندات وفي حين وافق معظمهم على الحصول على 30% فقط من المبالغ المستحقة لهم، رفض البقية بمن فيهم سينجر الصفقة، وأصروا على الحصول على 100 سنت مقابل كل دولار من القيمة الاسمية لتلك السندات وهو ما جعل صندوق التحوط الذي يملكه سينجر في عام 1977 الممثل العام للمستثمرين الرافضين للصفقة.
حملة مضادة من سينجر
وفي عام 2012 استطاعت المجموعة الرافضة للصفقة التي يتزعمها بول سينجر استصدار أمر قضائي يحظر على الأرجنتين الدفع للـ93% الموافقين على الصفقة، قبل أن تقوم بسداد القيمة الاسمية الكاملة لما يحمله سينجر وشركاؤه
وهو ما تسبب في تجرؤ صندوق إليوت مانجمنت على الاستيلاء على إحدى السفن التدريبية الضخمة التابعة للبحرية الأرجنتينية بأحد الموانئ بغانا بعد حصوله على حكم قضائي يتيح له الاستيلاء على السفينة، وذلك بعدما قدم للمحكمة ما يثبت أن الأرجنتين مدينة له بالأموال.
لماذا يتمتع الأمير محمد بن سلمان بشعبية جارفة في المملكة؟.. مشاهد عفوية تجيبك
خلاف قانوني
وبسبب مخاوف من محاولة استيلاء الدائنين عليها استقلت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز في عام 2013 طائرة خاصة في رحلة لها إلى آسيا والشرق الأوسط بدلاً من طائرتها الرئاسية وهو ما دفع الأرجنتين لشن حملة مضادة ضد ما سمتهم بـالإرهابيين الماليين، حاولت خلالها التركيز على فكرة مفادها، أن إعطاءها صناديق التحوط ما تريده سيعرضها لمطالبات لا تستطيع تحملها أو دفعها.
وبعد خلاف قانوني استمر لما يقرب من 15 عاماً انتهت الازمة بين سينجر وحلفائه والحكومة الأرجنتينية بتسوية لقضية في عام 2016 والتي حصل بموجبها بول سينجر على 2.28 مليار دولار، رغم أنه حين أقدم على شرائها لم يكن يملك ما يساوي قيمتها الاسمية، وإنما اشتراها مقابل نسبة ضئيلة جدا مما جعل عائده من هذا الاستثمار اقترب على الأرجح من 2000% وعلى إثر ذلك وصفته رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا بالإرهابي مصاص الدماء.
تكتيكات غير نظيفة
ولنفس السبب رفع بول سينجر دعوى قضائية ضد حكومة بيرو البلد الإنديزي الفقير قبل 20 عاماً وتحديدا في عام 1998 وخلال جلسة استماع عقدتها محكمة أمريكية أثناء نظرها الدعوى قال مدير صندوق التحوط إليوت مانجمنت "أنا لست هنا للتفاوض إما أن تقوم حكومة بيرو بدفع القيمة الكاملة للسندات التي اشتريناها منها أو سنمضي قدماً في مقاضاتها".
لكن هذا الكلام كان بمثابة إقرار جريء من سينجر بتكتيكاته غير النظيفة وهي النقطة التي ارتكز عليها قرار القاضي الفيدرالي الأمريكي "روبرت سويت" برفض الدعوى المرفوعة مؤكدا أن صندوق سينجر انتهك قانون ولاية نيويورك الذي يمنع شراء ديون الدول.