ما هي الخطايا القاتلة في عالم الأعمال التي تُسقط آلاف الشركات والمسؤولين؟
الآلاف من الشركات تنهار بسبب تسرع مسؤوليها في اتخاذ قرارات تبدو مدمرة لأنشطتها التجارية رغم سهولة تفاديها، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة، مثل: كيف لمؤسسة يقودها مسؤول يحصل على رواتب بملايين الدولارات سنويًّا، أن تضع نفسها في مشكلات كبيرة؟ ويشهد التاريخ على الكثير من الشركات و المشاريع المختلفة التي فشلت وانتهت قصصها بعد جهود مؤسسيها والقائمين عليها لترويجها والتي انتهت بعلان إفلاسها وفقدت على إثر ذلك آلاف الوظائف.
وفيما يلي نسلط الضوء على عدد من المخاطر التقليدية التي تُسهم في إسقاط الشركات والمسؤولين والتي يمكن تسميتها "الخطايا القاتلة" في عالم الأعمال :
ما هو "قانون البيتزا" الذي وضعه جيف بيزوس لزيادة إنتاجية موظفي أمازون؟
الغطرسة
عيّن جاري هوفمان مديرا تنفيذيًّا لشركة "نورثيرن روك" في "نيوكاسل" المتخصصة بالرهن العقاري التي اشترتها الحكومة البريطانية بعد سنوات من التعثر. ومن أبرز ما لاحظه هوفمان مدى الرفاهية في المكاتب والبنايات الفاخرة للغاية، لذا أكد حينها بأن القيادة فقدت التواصل مع العالم الحقيقي؛ حيث إن المكاتب كانت كبيرة للغاية، وفصلت المسؤولين عن الموظفين، بل إن العاملين كان بعضهم في معزل عن بعض.
وبعد أن توسعت "نورثيرن روك" في منح رهون عقارية جاذبة للغاية، وبشكل سريع، وتمويلات من خلال قروض قصيرة الأجل، قال "هوفمان" إنه كلما توسعت الشركة أصبح الأمر أكثر أهميةً وصعوبةً في الإدارة. ولو لم يكن المسؤولون حريصين من تلقاء أنفسهم، فلن يبلغهم أحد بمدى الأخطاء القاتلة التي تُرتكب، وهو ما يمكن وصفه بـ"الغطرسة" في الإدارة.
كيف تنال ترقيتك بطريقة دبلوماسية وتصبح الموظف المتميز؟
الخوف
عُين "بيل جريمزي" المدير التنفيذي لـشركة "DIY" للتجزئة في عام 1996، التي كانت على حافة الهاوية بعدما دخلت في مرحلة من التعثر؛ حيث كانت على وشك الانهيار بسبب واقعة احتيال محاسبي بيد أن "جريمزي تمكن " من تغيير ثقافة الشركة كليًّا، وجذب تمويلات من المستثمرين. ومن أبرز تكتيكاته الإدارية قضاء أسبوع كل عام في فرع مختلف لاكتشاف المشكلات التي يعاني منها الموظفون. وفي إحدى المقابلات أكد "جريمزي" عدم التقليل من تأثير قادة الأعمال، لا سيما الذين يتمتعون بشجاعة في اتخاذ القرار وصف "جريمزي" هؤلاء المسؤولين الذين يزرعون الخوف في نفوس الموظفين بشأن احتمالية الإقالة بـ"الطغاة".
الرضا عن النفس
قال "هوفمان" إن أي شخص يمكن أن ينمو سريعا، ولكن يجب التأكد من أن هذا النمو السريع للغاية لا يصاحبه مخاطر شديدة، على سبيل المثال، هناك شركات الطيران منخفض التكلفة التي تحاول جذب العملاء الساعين لدفع تذاكر رحلات رخيصة، لكن البعض منهم يتعرض لصدمات مالية تعرضهم للانهيار. فمثلا تعثرت العام الماضي شركتا "مونارك إيرلاينز" و"إير برلين" بعد تعرضهما لخسائر فادحة، وكان على المسؤولين لديهما التأكد من فعل كل شيء يؤدي إلى الربحية. وفي ضوء ذلك أوضح "هوفمان" أنه لابد أن تركز الشركات والمسؤولون على الربحية والنمو فقط؛ كي تكون قيادتها راضية عن نفسها، لكنها تنسى مثلًا العملاء الذين تتغير سلوكياتهم وأنماط اهتماماتهم باستمرار.
من غسل الأطباق وجمع الطوابع لصاحب ثروة بالمليارات.. هكذا تربع مايكل ديل على قمة عالم التكنولوجيا
الطمع
يرى جريمزي أن مجالس الإدارات والمسؤولين التنفيذيين يمكثون الكثير من الوقت بشكل مبالغ فيه وهم قلقون بخصوص رواتبهم ومكافآتهم لاسيما المناصب القيادية منهم لذا فقد أكد أن مديري الشركات في بريطانيا على وجه الخصوص أصبحوا جشعين للغاية، ونصح بضرورة التوقف عن ذلك ومشاركة المكافآت عبر الهيكل المؤسسي للشركة وتوصيل ذلك إلى الموظفين. وبناء عليها اتخذ جريمزي شركة "جون لويس" مثالًا يُحتذَى به في عدم الجشع؛ حيث إنها تطلق خطة توزيع نصيب من الأرباح على الموظفين سنويًّا.
السطحية
تهتم بعض الشركات ببناء واجهة تبدو جيدة أمام العملاء والأسواق. ويحدث ذلك من خلال إنفاق كثير من الأموال على مبادرات تسويقية أو ابتكار وسائل إدارية أو اتباع صيحات الموضة. كما تُرصد ميزانيات ضخمة يتم إنفاقها على المستشارين وفي بعض الأحوال توزيع المسؤولية على شركات أخرى خارجية، مثل شركة "Enron" التي بنت واجهة بارزة في السوق أخفت جميع مشكلاتها العميقة لكنها انهارت بالفعل عام 2011 مما أدى إلى سقوطها الذي كان من أبرز انهيارات الشركات في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. ووصف خبراء ما فعلته الشركة بـ"السطحية"؛ حيث كان من الأسهل إحداث تغييرات حقيقية في ثقافتها وطريقة تعاطيها مع الأسواق والمستهلكين بشكل حقيقي.