كيف تتعامل مع الفائض في المعلومات التثقيفية الرمضانية؟
النصائح والمعلومات في كل مكان خلال شهر رمضان. لا مجال للهرب من المقالات والتقارير والتحقيقات التثقيفية في شهر رمضان، فهي ستلاحقك أينما ذهبت.. على مواقع التواصل، خلال مشاهدتك التلفزيون وعند دخولك لموقعك المفضل.
بطبيعة الحال هكذا مواد هامة للصائم، فهي تساعده على معرفة ما الذي يفيده وما الذي يضر به، وما الذي عليه فعله كي يكسب شهر رمضان وغيرها الكثير من الامور الصحية والدينية والإجتماعية والزوجية والشخصية وحتى تلك التي تؤثر على وضعه المادي.
ولكن المشكلة تكمن في أن النصائح والمعلومات عديدة كما أن المصادر التي تقدمها لا تعد ولا تحصى. وعليه الشعور بالضياع وعدم القدرة على إستيعاب كل شيء وارد، في المقابل قد يشعر الشخص بانه لا يملك الطاقة التي تكفي للقيام بكل ما ينصح به.
المشاعر هذه طبيعية جداً لان ما يحصل خلال رمضان هو إغراق الصائم بفائض من المعلومات. ورغم أن النية «صافية» ولكن التأثيرات السلبية للفائض هذا كبيرة وعليه يصبح من الأهمية بمكان الحد من المعلومات التي تحصل عليها خلال شهر الصيام.
الثمن الباهظ الذي تدفعه بسبب فائض المعلومات
الغالبية تظن بانها ومن خلال الإطلاع على ما يصادفها والقيام بكل ما عليها القيام به وقراءة أكبر عدد ممكن من الكتب خلال شهر رمضان فهي تثقف نفسها وتتعلم شيئاً جديداً يفيدها، وبالتالي تكون أكثر أنتاجية. ففي نهاية المطاف جزء من كون الشخص من الفئة المنتجة هو تعلم ما لا يعرفه.
ولكن الفائض في المعلومات يؤدي الى إنعدام كلي وكامل لاي إنتاجية من أي نوع كانت. في الواقع الفائض المعلوماتي يمكنها أن يجعل العقل في حالة من الشلل لانه في حال لم يتم تطبيق أو إستخدام المعلومات التي تعلمتها للتو فستخسر ٧٥٪ منها لاحقاً. ما يعني ان كل هذه المعلومات التي تحاول إستيعابها دفعة واحدة هي مضيعة للوقت لا أكثر.
الأمر بصورة مبسطة هو كالتالي، قرأت عشرات المقالات عن كيفية المحافظة على إنتاجيتك خلال شهر رمضان، وانت حالياً تجلس أمام جهاز الكمبيوتر تحاول فرز أي نصيحة عليك إعتمادها وقد تحاول تذكر بعضها لانك نسيت الجزء الأكبر منها. وبالتالي وبعد الجماد هذا والشعور بالضبابية الدماغية ستجد نفسك تعتمد المقاربة القديمة نفسها التي كنت تعتمدها قبل الإطلاع على الكم الهائل من المعلومات حول الانتاجية. أي مضيعة مضاعفة للوقت وعدم الإستفادة على الإطلاق.
لذلك ولتجنب هذه المعمعمة حاول الإلتزام بالنصائح التالية.
حدد الأمور التي تريد التركيز عليها
البداية تكون بتحديد المجالات التي تريد أن تعمل عليها وتجعلها أفضل على الصعيد الشخصي. ومن هذه النقطة يمكنك إختيار المجالات التي تحتاج للعمل عليها. فهل تحتاج لتعلم القواعد الصحيحة للصيام؟ أم تحتاج لمساعدة كي تتمكن من ختم القرآن في رمضان؟ أم تحتاج لنصائح تساعدك على المحافظة على إنتاجيتك خلال الشهر؟
حين تكتشف المجالات التي تحتاج للعمل عليها أو تلك التي تظن بان معلوماتك عنها في حدها الادنى وجه إهتمامك نحوها وإختر المقالات والتحقيقات والكتب أو الفيديوهات التي تتطرق اليها وحتى يمكنك الإلتحاق ببعض الدورات التي تقام خلال شهر رمضان.
خذ العبرة من السبانخ
السبانخ من الأطعمة الخارقة وهو في الواقع من الأطعمة التي يتم وصفها بانها الافضل في العالم بسبب المواد الغذائية العديدة التي توفرها للجسم. ولكن الإفراط في تناول السبانج سيجعلك تستهلك كميات كبيرة من الأكسالات والتي تتسبب بحصى الكلى.
النظرية نفسها تنطبق على المعلومات. ولكن وخلافاً للسبانخ والتي عليك إستهلاكها بكميات كبيرة جداً قبل إصابتك بحصى الكلى فإن وصولك الى مرحلة «التخمة» المعلوماتية سهل جداً. أنت كل يوم وحتى قبل إطلاعك على أو إكتسابك أي معلومة جديدة تكون على حافة التخمة المعلوماتية. العقل وبشكل دائم يحاول إستيعاب كل ما يحصل من حوله وبالتالي هو متخم بالمعلومات من دون أي إضافة جديدة.
لذلك حدد لنفسك موضوعاً واحداً يومياً تريد التعلم منه أو عنه..لان كل المعلومات الاخرى التي تظن بانك حصلت عليها من مواضيع اخرى مصيرها النسيان ولكن تأثيرها هو تعطيل دماغك.
لا بأس بقراءة المسح في رمضان
للفئة التي لا تريد الإلتزام بما قمنا بذكره اعلاه يمكنها اللجوء الى قراءة المسح. ورغم ان قراءة المسح هي مجرد مسح للمعلومات من دون الغوص في العمق ولكنها على الأقل لا تستهلك الوقت والطاقة ولا تجعل العقل يصل الى مرحلة التخمة المعلوماتية.
لمن لا يعرف قراءة المسح، رغم انه على الارجح يقوم بها عشرات المرات يومياً فهي قراءة سريعة لمقال ما على الانترنت أو مشاهدة لفيديو مع القفز عن الاجزاء التي لا تهمك والاكتفاء بالإطلاع السريع على الاجزاء التي تهمك.
قلص العدد.. وحدد الوقت
أتذكر الموضوع الذي قرأته رمضان الفائت عن فوائد الخيار في رمضان والذي نسيت كلياً تفاصيله؟ ستجده مجدداً هذا العام ولكن وخلافاً للعام الماضي لا داع لقراءته. انت بت تعلم ان الخيار مفيد لك وهذا اقصى ما ستتذكره حتى بعد قراءة الموضوع مجدداً. بعد يوم أو يومين في الحد الاقصى ستنسى كل تفصيل في الموضوع مجدداً إلا في حال قمت بتطبيق ما ذكر في الموضوع وحولت المعلومات الخام الى تجربة فعلية.
في المقابل تحديد الوقت هام جداً.. اذ لا يجب أن تتجاوز اي جلسة للقراءة أو لمشاهدة التقارير الاخبارية الرمضانية نصف ساعة. إحرص خلال هذه المدة الزمنية أن تركز على المواضيع التي تهمك اكثر من غيرها والتي تكون قد حددتها منذ بداية الشهر لكونك تحتاج الى تطويرها.