عام زايد.. هذه قصة تأسيس أول فيدرالية عربية
العام ٢٠١٨ يحمل شعار عام زايد في الإمارات وذلك للإحتفاء بالذكرى المئوية لميلاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والذي هو الوالد المؤسس لدولة الإمارات.
الإمارات تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي تعتمد النظام الفدرالي كأساس للحكم. ومنذ إعلان هذا النظام منذ أكثر من ٣ عقود والدولة تشهد التطور والإزدهار على مختلف الأصعدة.
النجاح هذا له أهميته الكبيرة لانه يأتي ضمن بيئة غير معتادة على هذا النوع من الأنظمة.. وما فعلته الإمارات هي أنها تمكنت منذ البداية من مواجهة التحديات التي واجهتها وبالتالي تمكنت من بناء الهيكل العام الذي يحترم خصوصية كل إماراة ولكنه في الوقت عينه يحقق التوازن في إحتياجاتها وأهدافها الخاصة والمشتركة.
فكيف بدأت حكاية أول نظام فيدرالي عربي؟
شاهد| سعودي تبرع بكليته لإنهاء معاناة شقيقه.. تعرف على 7 نصائح قبل التبرع بكليتك
أولاً.. من هو الشيخ زايد ؟
ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في أبوظبي عام ١٩١٨. والده هو الشيخ سلطان بن زابد الذي كان حاكماً لإمارة أبو ظبي وكان الشيخ زايد خلال طفولته يرافق والده في كل المجالس التي كان يستقبل المواطنين فيها ويستمع الى همومهم ويحاول حل مشاكلهم .
عين عام ١٩٤٦ ممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط حاكم إمارة أبو ظبي في المنطقة الشرقية وامتدت ولايته لعشرين عاماً. كان كما والده يملك شخصية قيادية وكان سمعته طيبة لأنه كل تركيزه إنصب على بناء الروابط القوية مع أفراد شعبه والإستماع الى همومهم ومشاكلهم .
الطريق لتوحيد الامارات
لم يكن يتخذ قراراً إلا بعد حصوله على موافقة القبائل المختلفة.. كما كان يكترث كثيراً لأحوال الناس ومن هنا حظي بحب شعبه وإحترامه لانهم كانوا يشعرون بأنه واحد منهم.
في الفترة الممتدة بين ١٩٢٠ و ١٩٣٠ كانت البلاد تعاني من كساد تجاري مع تراجع تجارة اللؤلؤ الطبيعي بسبب بروز اللؤلؤ الصناعي. ولكن إكتشاف النفط في أبو ظبي في أواخر الخمسينات وضع حداً لهذه المعاناة ومع تصدير أول شحنة للنفط عام ١٩٦٢ بات واضحاً أن البلاد مقبلة على إنتعاش إقتصادي وإجتماعية وثقافي ولكن التحدي الأكبر كان السياسي.
مجلس حكام الإمارات المتصالحة
حتى منتصف الخمسينات وقبل النفط لم تمنح بريطانيا التي كان مسيطرة على المنطقة أنذاك أي إهتمام لتنمية البلاد إقتصادياً وحتى حين تم إكتشاف النفط وحاول الشيخ زايد الحصول على دعم بريطاني من أجل الإصلاحات الإقتصادية ومن أجل تمويل إكتشاف النفط فإن بريطانيا وافقت على الشق الأول ورفضت دعم الثاني فما كان منه حينها الا التوجه الى الأميركيين من أجل الحصول على الدعم.
خلال فترة تجاهل بريطانيا للتنمية كان حكام مختلف الإمارات يعملون على تحسين الاوضاع وحينها قاموا بتشكيل مجلس حكام الإمارات المتصالحة عام ١٩٦٧ وكان مركزه دبي.
في العام ١٩٦٨ ومع إعلان بريطانيا نيتها الإنسحاب من مستعمراتها في شرق المتوسط في نهاية العام ١٩٧١ أدرك الشيخ زايد بأنه يجب تحصين الجبهة في منطقة الخليج لمواجهة الأطماع الخارجية.
في إجتماع عقد بين الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد تبلورت فكرة الإتحاد وكان ذلك الإجتماع في قرية السميح الحدودية في ١٨ فبراير عام ١٩٦٨ وكان الإتفاق أن السبيل الأفضل لمواجهة التحديات هو بقيام إتحاد فيما بينهم.. وهذا ما تم بالفعل إذ وجهت دعوة بالإضافة الى الإمارات السبع الى كل من إماراتي قطر والبحرين. وكان من المفترض أن يكون الاتحاد تساعياً ولكن المحاولة الأولى فشلت وأعلنت كل من قطر والبحرين وإستقلالهما.
تعثرت الجهود فحاولا مجدداً ضم الإمارات السبع ولكن الخلافات حالت دون تحولها الى واقع ملموس. إجتمع مجدداَ الشيخ زايد والشيخ راشد وقررا تشكيل إتحاداً بينهما وكلفا عدي البيطار المستشار القانوني لحكومة أبو ظبي بكتابة الدستور على أن يتم دعوة حكام الامارات الباقية للإجتماع وخلاله يقررون الإنضمام إذا شاؤوا.
قيام الإتحاد
في ١ ديسمبر عام ١٩٧١ أقر دستور الإمارات الإتحادي وفي اليوم التالي إجتمع حكام الإمارات في قصر الضيافة في دبي ووافق ٤ منهم على مشاركة أبو ظبي ودبي في الاتحاد في حين لم يوافق حاكم رأس الخيمة على الإنضمام. ووقعت ٦ إمارات على الدستور وهي أبو ظبي، دبي، الشارقة، الفجيرة، أم القيوين وعجمان وبذلك منح الإتحاد الشرعية وبالتالي الإستقلال عن بريطانيا. في ذلك اليوم رفع علم الدولة في قصر الضيافة وانتخب الشيخ زايد رئيساً للاتحاد والشيخ راشد نائباً له.
بعد ذلك بدأت الدول العربية بالإعتراف بالامارات العربية المتحدة وانضمت الى الجامعة العربية في ٦ ديسمبر عام ١٩٧١ ثم الى الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر من العام نفسه. كما قامت بإنشاء المجلس الإستشاري الإتحادي في عام ١٩٧١.
في ٢٣ ديسمبر من العام ١٩٧١ ارسلت رأس الخيمة خطاباً للمجلس الاعلى للإتحاد طالبة الإنضمام للدولة فتم الموافقة على طلبها لتصبح الامارة السابعة رسمياً في ١٠ فبراير عام ١٩٧٢.
نجاح الفيدرالية
قاد الشيخ زايد مسيرة بناء الامارات وتطويرها وسخر مواردها الطبيعية لخدمتها فسطع نجمها. مسيرة أكملها أبناء زايد الذي جعلوا الامارات واحدة من أكثر الدول جذباً لرؤوس المال والسياح وللمشاريع. من أبرز نقاط قوتها هو رفع مستوى المعيشة للمواطن بالإضافة الى الإرتقاء في مفهوم المواطنة وترسيخ الوحدة الوطنية داخل الدولة.
النظام الفيدرالي للإمارات أثبت بأنه أكثر نجاحاً من الأنظمة الاخرى في الدول العربية المجاروة خصوصاً وأن الدولة لم تشهد النزاعات ولا الصراعات ولا المشاكل التي شهدتها الدول الاخرى.
فيديو| العثور على 2000 قطعة أثرية بالنرويج منذ 1300 عام قبل الميلاد