مفاهيم خاطئة عن الخبراء والمحللين.. هذه شروط الحصول علي هذا اللقب
لسنوات طويلة عشنا على وقع «صفة المثقف».
كانوا يحتلون الشاشات وصفحات الجرائد، كانوا «النخبة» التي تملك خطابها الخاص المنفصل كلياً عن أرض الواقع . هوة إتسعت أكثر فأكثر مع فشلهم أمام التحديات ولأن التناقضات كانت أكبر من أن يتم تجاهلها.. ماتت صفة المثقف وتلاشت .
ولكن بما أننا شعوب تحب الصفات والألقاب كثيراً ومن دونها لا يشعر الفرد بانه ذات قيمة كان لا بد من العثور على بدائل تتناسب مع المتغيرات. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام صفتين.. خبير أو محلل و أحياناَ لا مانع من أن يكون الشخص خبير ومحلل في الوقت عينه.
من هو المحلل ؟
يعرف المحلل بانه شخص يقوم «بتحليل» موضوع ما. والتحليل يرتبط بمهن عديدة فيكون الشخص محللاً في مجال التسويق، أو في مجال الرياضيات، أو قد يكون محلل إخباري أو مالي وغيرها. وجميع هذه المهن تتطلب شهادات جامعية وتخصصاً في هذا المجال أو ذاك.
مثلاً المحلل المالي هو الذي يوفر التحليل والمعلومات للشركات والاشخاص كي تتمكن من إتخاذ قرارات إستثمارية وفق التوصيات. تتطلب شهادة في الإدارة المالية أو المحاسبة وشهادة مهنية في التحليل المالي وتحليل الإستثمار من هيئات مستقلة.
المحلل السياسي اللقب الاكثر إعتماداً وإنتشاراً في عالمنا العربي. التحليل السياسي جزء من تحليل السياسات العامة وهو حقل متعدد التخصصات تتضمن دراسة العلوم السياسي والاقتصاد وعلم الاجتماع. وفي الواقع هناك مقاربات مختلفة لدراسة هذا المجال المتداخل مع مجالات أخرى كما أنه هناك مراحل عديدة ومعقدة للوصول الى التحليلات ولكن أكثر ما لفت نظرنا خلال البحث عن مؤهلات المحلل السياسي هو أن من مهام المحلل السياسي البحث عن أسس المشكلة وصياغة البدائل أي تقديم الحلول ثم تقييم النتائج.
وهذه عينة بسيطة من شروط وشهادات وخبرات طويلة يجب ان يملكها الشخص قبل أن يسمح له بإطلاق صفة محلل على نفسه.
من هو الخبير؟
الخبير هو شخص معترف به كمصدر خبرة في فرع من فروع المعرفة وعادة يكون في مجال المال والتجارة والإقتصاد أو الهندسة. الخبير عادة هو شخص أكاديمي انهى دراسته الجامعية وعمل عدة سنوات في مجال عمله وحصل على خبرة كبيرة وهو مصدر موثوق به من محيطه ومن جهات أعلى، كما عليه أن يمتلك مجموعة من الخصال التي تميزه عن غيره ومنها القدرة على التعرف على العلاقات ذات الاهمية في المشكلة، وأن يمضي غالبية وقته في التحليل المثمر، كما يندر وقوعه في الخطأ والاهم هو أنه يبت فقط في الفرع الذي تعلمه وإكتسب فيه الخبرة.
نعود الى عالمنا العربي فلدينا صفة نطالعها كثيراً مؤخراً الا وهي «خبير في العلاقات الدولية» .. صفة مما لا شك أنها تترك تأثيرها الكبير ولكن من يحمل هذه الصفة عليه أن يكون قد درس العلوم السياسة، أو العلاقات الدولية، التاريخ أو الاقتصاد، وهذه الشهادات لا تؤهله ليحصل على صفة خبير بل عليه أن يحصل على شهادة دكتوراه في مجال معين يرتبط ببقعة جغرافية معينة كما عليه أن يدرس أساليب التحليل .
خبير في الشؤون العسكرية من الألقاب التي توزع يميناً ويساراً على كل شخص يملك خلفية عسكرية في عالمنا العربي ومتقاعد. في الواقع بحثنا طويلاً عن مرادف لها باللغة الاجنبية كي نحاول معرفة المؤهلات المطلوبة ولكن النتائج كانت تؤكد بان الخبير في الشؤون العسكرية صفة محصورة باللذين ما زالوا ضمن الخدمة وبالتالي يقدمون تقاريرهم للمؤسسات التابعين لها وهم جزء من فرع في وكالة إستخباراتية.
كيف تكون خبيراً ومحللاً على الطريقة العربية؟
الخطوات بسيطة للغاية ولا تحتاج لشهادات أو للخبرة فكل ما تحتاج اليه هو:
-لفت النظر اليك: هذه النقطة يمكنك أن تحققها بسهولة من خلال مواقع التواصل أو يمكنك اللجوء الى فيسبوك لايف أو تسجيل الفيديوهات التي تحلل فيها الاوضاع .
-في حال لم تنجح الخطوة الاولى قم بمراسلة صحيفة ما أو موقع الكتروني ما واكتب مقالاً ضع فيه كل إبداعاتك الفكرية وطبعاً الامضاء سيكون المحلل الفلاني أو الخبير الفلاني.
-طرق أسرع: في حال كنت تعرف شخصاً يعمل في التلفزيون فشهرتك مرتبطة بإقناعه بإستضافتك أو أن يقوم هو بإقناع مقدم برامج معروف بإستضافتك ومنحك على الاقل ٥ دقائق أو بضع دقائق. لا اهمية سواء كنت على الهاتف أو مباشرة .
-عليك التصرف وفق الصفة التي تدعي انك تحملها، فان كنت محللاً عليك أن تكثر من الجمل التي تدل على ذلك مثل «برأيي» و «من وجهة نظري» ويجب تمرير ما هو أهم هنا الا وهو التحدث وكأنك تعرف ما يحدث داخل الغرف المغلقة في قصور الرؤوساء والزعماء.اما ان كنت خبيراً فعليك ان تتحدث بلغة معقدة لا يفهمها احد. النظارات الطبية ستساعدك بالتأكيد.
-هل عليك الصراخ والدخول في مشاجرات؟ كلا، هذا الامر ليس من صفات المحللين المبتدئين، عليك أن تحمل اللقب لعام على الاقل قبل أن يسمح لك بالدخول في مشاجرة على الهواء مباشرة.
- وأخيراً نظريات المؤامرة. تحدث كما لو كنت تملك كل المعلومات، وقم بالتلويح بملفات مطبوعة بلغة أجنبية يفضل الا تكون لا إنكليزية أو فرنسية، كي لا تفضح نفسك في حال كانت المذيعة أو المذيع يعرفون هاتين اللغتين، اختر لغة منقرضة فلا اهمية لذلك فان قلت أنها ملفات سرية .. فسيتم تصديقك.
فقط إن كنت فاحش الثراء ..شركة تقدم تجارب استثنائية لا تمحى من الذاكرة