تجارة الوهم في السعودية.. رُقاة مزيفون وزيوت مباركة بأسعار خيالية
مشكلة حقيقة تفرض نفسها في السعودية والتي باتت تعرف باسم تجارة الوهم. فئة تستغل يأس الناس الذين يبحثون عن أمل ما في الشفاء من مرض معين أو في تحسين أوضاعهم أو الإنجاب أو غيرها، فيقوم البعض بإستغلالهم باسم الدين وبيعهم الوهم.
باعة الوهم يستغلون كل شيء ولا يتوقفون عند حد معين، فلكل منتج سعره والذي قد لا يكون اكثر من زيتاً تم النفث فيه.. والمضحك المبكي ان السعر يرتفع وفق «إسم» من نفث فيه فكل نفثة سعرها. في المقابل يستغلون الخوف من الحسد، والوسواس وحتى الحالات النفسية التي تصنف في خانة الامراض والتي تتطلب علاجاً حقيقياً يقومون بإقناع المصابين بها بان الخلطة هذه او تلك ستشفيهم.
التجارة هذه متشعبة جداً ومجالاتها عديدة جداً لكننا سنحاول الحديث عن تلك الاكثر شيوعاً وإنتشاراً .
المياه والزيوت المباركة
رش باعة الخضروات والفواكه بالماء ليس بالأمر المستغرب فهي تجعلها تبدو أكثر إنتعاشاً وبالتالي تغري الزبون بالشراء لكن رشها بالماء المبارك مختلف كلياً.الماء المبارك هو الماء المقروء عليه والذي نفث فيه احد الشيوخ وهو يستخدم لدرء الحسد والعين وجعل الأعمال أفضل. الماء هذا لا يباع فقط لتنشيط حركة البيع لكن وفق الرقاة فهي تفك النحس والحسد، وتعالج الامراض وطبعاً تصرف البضائع الكاسدة.
سعر الماء المباركة يترواح بين ١٥ دولاراً و٢٠ دولاراً لكل ١٠ ليترات من الماء رغم ان سعر الكمية نفسها من الماء لا يتجاوز الدولار الواحد. يتم بيعها عادة في محلات العطارة أو المتاجر التي تبيع الاغراض الدينية بحيث يكون سعر القارورة ١،٥ دولار اما قارورة الزيت المبارك فهي أغلى اذ تباع ٦ دولارات.
في حال اراد المعني جلب الماء أو زيته الخاص فان جلسة قراءة مع شيخ ما ستكلفه ١٠ دولارات.
الهوس هذا توسع وبات يطال كل شيء تقريباً، فبات يتم القراءة على النباتات والاعشاب والكريمات والاعشاب الطبية وحتى العسل. السعر يختلف بإختلاف الشيخ الذي يقوم بفعل القراءة، فان كان يملك سمعة طيبة ومعروف «بقدرته على الشفاء» فان الاسعار تتضاعف بشكل تلقائي. التسعيرة المرتفعة تأتي من المصدر أي ان الجهة التي قرأت عليها أو نفثت فيها تحدد سعرها، وبما ان المتجر عليه ان يجني ربحاً ما فالسعر مجدداً سيرتفع.
عيادات للقراءة
لم يعد الامر محصوراً بالمنتجات بل بات هناك عيادات خاصة يتم فيها ما يسمى القراءة الجماعية أو الفردية. القراءة الجماعية تتم من خلال جمع عدد من الزبائن في غرفة ويبدأ الشيخ بالقراءة عبر مبكر الصوت لمدة نصف ساعة. فلو إفترضنا مثلاً أن عدد المتواجدين هم ٢٠ شخصاً فان الشيخ هذا يتقاضى من كل واحدة منهم ٣٥ دولاراً للجلسة الواحدة وعليه فهو يجني ٧٠٠ دولار في نصف ساعة فقط. هناك فئة تستأجر الإستراحات وتقوم بالقراءة الجماعية، وذلك لان الشيخ لا يملك «الوقت» للقراءة على كل شخص بشكل منفرد. لكن في حال تبين ان احدهم يعاني من مس أو سحر أو عين حينها تخصص له جلسة منفردة لكن ثمنها يكون أعلى.
الرقاة المزيفون.. وهم وتحرش جنسي
غالباً ما تخرج تقارير صحيفة تتحدث عن مداهمة احد منازل الرقاة في منطقة ما في السعودية، أو محاكمة احدهم أو احالتهم للتحقيق . لكن الخطير في الأمر ان القبض عليهم لا يرتبط بخداع الناس أو ممارسة الرقية الشرعية بشكل غير قانوني ولكن بإستغلال الامر للتحرش بالنساء. ولعل القضية الاشهر التي خرجت الى العلن هي السيدة السعودية التي قدمت شكوى بعد قيام احد الرقاة في المدينة المنورة بلمس الاماكن الحساسة في جسدي ابنتي اختها اثناء قيامه بعمله.في المقابل هناك قصص اخر عن إقناع بعض النساء بضرورة معاشرتهن لطرد الجن لان ذلك السبيل الوحيد لذلك!
وفق هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هناك اكثر ٣١٥ شكوى من هذا النوع لديهم. ولكن بعيداً عن التحرش فان الجلسة الواحدة تصل تكلفتها الى ١٠٠ دولار ولكن زيارة الراقي قد تطول وتمتد لعامين وأكثر. الحجج تتنوع بين قوة السحر، أو عناد الجن الذي يتلبس الشخص وحتى حكايات تتنوع بين كون السحر مدفون في البحر، أو في كهف مظلم محروس بقوى شريرة. وطبعاً التكلفة لا ترتبط بالجلسة فهناك الاعشاب والخلطات والمياه والزيوت التي يتم «وصفها».
موقف علماء الدين
عدد كبير من العلماء السعوديين يؤكدون بانه لم يرد في الشرع ما يؤكد صحة ما يقومون به. وحتى ان الشيخ محمد بن عثيمين أكد في فتوى بانه النبي (ص) لم يكن يقرأ في الماء أو الزيت ليدهن به المريض أو يشربه ومع ذلك ما تزال هذه الممارسات تتوسع وتتحول الى تجارة. بعض العلماء يؤكدون بان ما يقوم به هؤلاء غير شرعي وهو إستغلال ليأس الناس أو لقلة معرفتهم من اجل جني المال بإسم الدين. وفق الدكتو عبد العزيز الموسوي المختص في التاريخ الاسلامي والذي قام بدراسة حول الامر فان ٧٤٪ من الرقاة مدعون و١٨٪ متحرشون و٨٪ فقط صادقون في رقيتهم.
«تزوج 3 نساء واحصل على الرابعة مجانًا».. هذا عرض جمعية سعودية!