الفوزان: 11 مليون وافد يحوِّلون سنويًّا 135 مليار ريال.. ألا يرى أبناؤنا هذه الأرقام في السعودية
صرَّح عضو مجلس الشورى، الدكتور عبدلله الفوزان، خلال زيارته لمهرجان الزهور والحدائق بينبع الصناعية بأن "قضية الإسكان هي من أهم القضايا في الدولة حاليًا - ولله الحمد -، والدولة دائمًا تقوم بهذا المجهود تجاه شعبها، وطوال السنين الماضية التي مضت نحن نعرف أن هناك صندوق التنمية العقاري لدعم الشعب السعودي بمناطق السعودية كافة ، الذي ساهم في إيجاد السكن، والآن ربما زيادة السكان الهائلة فرضت واقعًا جديدًا، ولا شك في ذلك عند الدولة والمسؤولين".
وأضاف "الفوزان": من حسن الحظ أن هذه القضية صارت اليوم قضية رأي عام، وأيضًا حتى قيادتنا الرشيدة مدركة أن هناك مشكلة اسمها (أزمة الإسكان)؛ وبالتالي اليوم هناك محاولات للبحث عن حلول، خاصة في ظل الطلبات المتزايدة على قضية الإسكان. وحتى أكون صادقًا معكم، نحن في مجلس الشورى كان هذا الموضوع أحد الموضوعات الرئيسة التي طُرحت بالمجلس، وتم التساؤل حول هذا الموضوع، وطُرحت الكثير من الآراء.
وتابع: تم طلب استدعاء للوزير بالمجلس لمناقشة هذا الأمر مع معاليه. أيضًا مجلس الشورى يجب أن يراعي هموم الناس؛ فهذه القضية ما زالت قائمة، لكن أزمة السكن ليست فقط لدينا، بل موجودة في المجتمعات كافة، وهذا يعكس عدم التخطيط السليم في السابق لاحتواء الزيادة الكبيرة في عدد السكان والحاجة للمساكن؛ ولذلك نقول إنها الآن أصبحت القضية رقم واحد في المجتمع السعودي على المستويات كافة، وعلى مستوى الدوائر والوزارات، وبخاصة وزارة الإسكان، وأيضًا حتى على مستوى مجلس الشورى أنا أعتقد أنه من القضايا التي فرضت نفسها.
ويلخص "الفوزان" المشكلة في مصادر التمويل قائلاً: اليوم يبدو أن هناك إشكالية في قضية التمويل في مثل هذه المشاريع. وما شاء الله، الأعداد هائلة جدًّا في الطلبات.. وأيضًا الارتفاع الهائل الذي وصلت إليه أسعار الأراضي وأسعار الشقق والفلل. ولا بد من إيقاف هذا الارتفاع غير المنطقي الذي أصاب العقار في مرحلة ما، ولا بد أن يعود الوضع إلى السعر المعقول؛ ليستطيع المواطن أن يمتلك سكنًا يؤويه، ويؤوي أولاده. ولعل فرض الضرائب على الأراضي البيضاء يساهم في خفض أسعار العقار.
وأضاف "الفوزان": أعتقد أن جزءًا منها محاولة إيجاد مصادر التمويل، وأيضًا في الوقت نفسه إعادة السوق العقاري إلى الواقع الحقيقي؛ لأن ما حصل لدينا من تضخم في العقار شيء لا يصدق، وليس في متناول المواطن؛ لذلك إرادة الدولة أن تجعل سوق العقار اليوم يعود إلى واقع طبيعي، يجعل بإمكانية أي مواطن -بإذن الله تعالى- أن يتملك على الأقل سكنًا يؤويه ويؤوي أولاده عن طريق برامج يمكنه من خلالها امتلاك منزل العمر.
وعن مشكلة البطالة في السعودية أجاب "الفوزان": البطالة - بطبيعة الحال - مشكلة عالمية، ساهم في حدوثها الكثير من العوامل. بالنسبة في مجتمعنا السعودي - حقيقة – فإن عندنا 11 مليون عامل وافد، وعندنا بطالة؛ وهذا ما يجعل البعض ربما سيبتسم كثيرًا، وسيندهش أنه كيف يمكن أن يكون ذلك؟ طبعًا، لا شك أن عوامل البطالة في المملكة العربية السعودية متعددة، ولا يمكن أن تحصرها بعامل أو عاملين، ولكن أرى أن متطلبات سوق العمل أولاً لا تتماشى مع الأنظمة التعليمية؛ وعلينا مراجعة سياستنا التعليمية بما يجعل فعلاً الخريج مستقبلاً يلبي متطلبات سوق العمل.
وأكمل "الفوزان": ثانيًا الثقافة المجتمعية. فالمجتمعات الحقيقية يديرها أولادها في نواحي أمور الحياة الطبيعية الراسخة القوية كافة، وهناك ثقافة اجتماعية تزدري كثيرًا من الأعمال والحرف والمهن؛ وبالتالي – للأسف - برزت عندنا المشكلة. وأيضًا لا شك في عدم قيام رجال الأعمال بدور وطني لتوظيف الشباب.
وتابع: لا بد أن نتوسع في بناء المشاريع والخدمات التي تستطيع أن تستقطب هؤلاء. انتهى زمن الدولة التي توظِّف، واليوم لا بد أن يلعب القطاع الخاص، وبخاصة المشروعات الصغيرة دورًا. أمريكا - وهي أمريكا - من يقوم بإنشاء المشاريع وتوظيف الشباب هناك القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمؤسسات الصغيرة، وليست المؤسسات الكبرى؛ لذلك علينا أن نشجع المبادرات، وما نسميه شركات متوسطة الحجم التي يمكن أن تستوعب الأعداد الكبيرة من شبابنا.
وأردف: ثم بعد ذلك قضية إيجاد عدم وجود روافد لشبابنا لتموين المبدعين والمبدعات، وإن كان صندوق تنمية الموارد البشرية يقوم بهذا الدور، ولكن نتمنى أن يجد شبابنا من المبدعين والمبدعات والراغبين أنهم فعلاً يقومون بما يسمى بالمبادرات وإدارة الأعمال بما يجدون من الدعم الكافي الذي يمكن من خلاله تقليل الاعتماد على أن الدولة توظف. نريد أن نسمع رجال أعمال المستقبل الذين أيضًا يساهمون في توظيف أولادنا وبناتنا. هذه جملة من العوامل حول مسألة البطالة، ولكن أيضًا هذه القضية - كما قلت - ليست غائبة عن القيادة. وأيضًا محاولة دعم القطاع الخاص لدعم المشاريع، وأيضًا جلب الاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص الأجنبي للاستثمار الأجنبي؛ حتى يستثمر بالسعودية.. والهدف هو خلق فرص عمل لأولادنا وبناتنا، وإيجاد منافذ مشروعة للعمل؛ لذلك القيادة مدركة لهذه المشكلة.
وأضاف: نريد من شبابنا - حقيقة - أن يبادروا هم بأنفسهم لخلق خطوات فيها خير، ولكن دائمًا أتساءل وأقول: هذه هي الكعكة الموجودة عندنا، التي يراها 11مليون وافد، ويدفعون المال للقدوم إلى السعودية. وهنا أتعجب: ألا يرى أولادنا وبناتنا ما يراه الوافد بأن ذلك مربح بالنسبة لهم؟! فتحويلاتهم العالم الماضي بلغت 135 مليار ريال، حولها الوافدون لميزانيات دولهم! طيب، هذه الكعكة ألا يراها أولادنا وبناتنا ويستثمرون؛ وبالتالي يحل أولادنا محل هذه العمالة، وهي بالتأكيد تعادل ميزانية دول.
وأكد "الفوزان" أن المادة الـ777 اتُّخذت في عهد وزير العمل السابق، وكان الهدف منها هو خدمة الموظف، لكن جاء في مرحلة من المراحل موضوع الفصل التعسفي، وحاول أن يستغلها، وهي تعطيه امتيازات برواتب شهرين. يعني أن هناك من كان يستغلها في الأزمة المالية التي تمر بها دول العالم.
وأشار إلى أن مجلس الشورى قام بدراسة هذه المادة مع الموظفين المفصولين ووزارة العمل وأصحاب الشركات، واستمعنا للآراء كافة، ونسعى لنستقطب الأطراف كافة؛ لنسمع منها؛ حتى يكون قرارنا في النهاية عادلاً، وليس انفعاليًّا بهذا الشكل؛ لأن رجل الأعمال مواطن سعودي، وأيضًا المفصول مواطن؛ لذلك من باب العدالة أن نسمع للأطراف كافة؛ وبالتالي نأخذ القرار الأنسب. وأبشركم، المجلس قام بدراستها، وبإذن الله عن قريب نأخذ قرارًا فيها، ورفعها لولي الأمر.
وزاد الفوزان: البعض لا يعي دور مجلس الشورى جيدًا، ويعتقد أنه جهة تنفيذية، لكنه يقدم المشورة فقط والتوصيات لولي الأمر، وهو ليس ملزمًا بمناقشة الأمر، ولا يشترط تطبيقه، وإنما يرفع لولي الأمر، وولي الأمر يرى المصلحة أين تكمن، وقيادتنا الرشيدة - حفظها الله - لديها المعرفة بالأولوية وتنفيذها.
وعن الخدمات الصحية بالسعودية قال "الفوزان": لا شك عند أحد في أن الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية ما زالت تتطور، وتفاءلنا خيرًا بالحزام الصحي الذي كان الدكتور المانع أراد تطبيقه في مدن طبية في بعض المناطق، ولكن – للأسف - لم يرَ النور حتى الآن، ولكن زيادة عدد السكان وزيادة الأمراض وأمراض الحضارة اليوم تستدعي منا - حقيقة - تطوير الصحة. وترون أنتم اليوم أن ولاة الأمر - حقيقة - حريصون على أن يفعلوا شيئًا، ويخصصون ميزانيات هائلة جدًّا للقطاع الصحي، لكن القطاع الصحي بطبيعته ليس من السهولة أنك تطوره بيوم وليلة. وحتى أكون صادقًا، الكوادر الطبية المتميزة تحتاج إلى رواتب ضخمة؛ فالمناطق النائية أحيانًا لكي توظف فيها أناسًا تجد إشكالية كبرى في عملية إيجاد كوادر.
وأكمل "الفوزان": الحمد لله، أنا مسرور من جامعاتنا التي افتتحت فيها كليات الطب؛ لتدعم القطاع الصحي بشكل كبير جدًّا من خلال المستشفيات التابعة لهذه الجامعات، بأن تكون مستشفيات متخصصة، وأن تغذي ذاتها بذاتها، فأسرتها وأسر التدريب فيها لشبابنا وبناتنا بكليات الطب. وأنا متفائل بالمستقبل، وبإذن الله تعالى نجد جامعات أُنشئت وأُنشئ فيها كليات طب، وسوف تكون رافدًا أساسيًّا لوزارة الصحة لإيجاد مستشفيات نموذجية وخدمات صحية تعالج المرضى كافة.
وتمني "الفوزان" إعادة فتح ملف الحزام الصحي الذي أعلنه وزير الصحة آنذاك الدكتور المانع لإقامة المدن الطبية، ولكن المدن الطبية أيضًا ليست بالصورة التي نتخيلها. هي تحتاج لكوادر وتجهيزات، وتحتاج إلى خبرات.. المسألة ليست مسألة ألف مبنى، ولكن المسألة أيضًا كوادر بشرية. لكن عمومًا يكفينا فخرًا أن الدولة ما زالت تقدم خدمات صحية. وما يقلق الدول كلها هو الخدمات الصحية؛ لأنها – بصدق - مكلفة جدًّا، لكننا نأمل من معالي وزير الصحة التعامل مع الجامعات.
وتابع: أنا أضرب لكم مثالاً: العام الماضي خرجنا في جامعة حائل من بنات وأبناء حائل نحو 600 طبيبًا وطبيبة. من كان يتخيل أن هذه رافد لجامعاتنا، رافد حتى بتهيئة الكوادر البشرية؟ أن متفائل بالمستقبل.
وعن بعض الأشخاص المستهترين الذين وصلوا إلى الشهرة بتخليهم عن القيم أجاب "الفوزان": أنا أحلل هذه القضية على أمرين: الأمر الأول: من صنع هؤلاء؟ والذين يتابعونهم صاروا بالملايين! نحن الأفراد والمجتمع ساهمنا بأننا نتابعهم أكثر من متابعة الناس الذين يقدمون شيئًا. البُعد الآخر هو الإعلام نفسه؛ فللأسف، يقدم الإعلام نماذج مثل هؤلاء على أنهم قدوات، ويُستضافون. وأنا أقول: هناك في المجتمع نماذج مبدعة، سواء أطباء وشبابًا وشابات، أبدعوا، وهم متميزون، عملوا أعمالاً منهكة بالنسبة لهم، وأبدعوا، وحققوا نجاحات.. ألا يحق لهؤلاء أن يكونوا النماذج؟ يجب أن نعمل على مستويَيْن: المستوى الاجتماعي بأنه يجب أن يكون معينًا؛ فليس هؤلاء من يستحقون المتابعة.. والاهتمام بأن هؤلاء لا يقدمون للمجتمع شيئًا.. وأيضًا رجال الأعمال الذين أصبحوا يستثمرون ويصنعون منهم أبطالاً يجب أن يتوقفوا؛ وبالتالي البحث عن الربح لا يعني المجاهرة بالقيم، والبحث عن الإثارة الإعلامية لا يعني المتاجرة بالقيم؛ لذا أقول: نحن المجتمع يجب أن نتوقف عن هؤلاء، فلولا أنهم يجدون من يعطيهم مكانة ويتابعهم بالملايين لم يشتهروا. ثم بعد ذلك دور رجال الأعمال باستقطاب مثل هؤلاء، ثم بعد ذلك دور الإعلام بعملية صناعة وتقديم مثل هؤلاء النماذج.
وأضاف: دورنا بالإعلام هو أننا فعلاً نقدم النماذج المفخرة الشاب، كالقاعد في مخرطة يشتغل ويتعب ويشقى ليعيش هو وأمه وأبوه. هذا الذي أقدمه للإعلام في سبيل أن يصير هذا نموذجًا وقدوة للكفاح.. بالنماذج الصالحة كالذين يحفظون الطعام ويجمعونه، ويعطونه الفقراء.. هؤلاء نقدمهم كنماذج للمجتمع، ونقول هذه هي النماذج.. وكذلك الفتيات اللاتي يساهمن في خدمة المجتمع بأي شكل من الأشكال في أي من الجمعيات.. هؤلاء أقدمهن للمجتمع، وأقول هؤلاء هن النماذج..
نقدم هؤلاء لأولادنا وبناتنا، وليس النموذج السيئ.. وكأنه إذا أردت أن تشتهر ويُسلط عليك الضوء فعليك أن تكون سيئًا وتمارس أشياء خاطئة حتى تصبح نجمًا!!