الحاضر والمستقبل لاعلان الفيديو عبر الإنترنت
الحاضر والمستقبل لإعلان الفيديو عبر الإنترنت
سيزيد الوقت اليوميّ الذي يقضيه الناس في مشاهدة الفيديو بنسبة 19.8٪ في العام 2016، في حين تزيد مشاهدة الفيديو عبر الهاتف المحمول بنحو خمسة أضعاف معدل الأجهزة غير المحمولة، والتي تضمّ أكثر من نصف مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت، بحسب تقرير زينيث أوبتيميديا الأخير. ومع قضاء الأشخاص المزيد والمزيد من وقتهم وعلى نحو متزايد على الانترنت، يُعتبر الفيديو الرقمي بمثابة وسيلة أساسية للناس لتلبية احتياجاتهم من المعلومات والترفيه ولا عجب أنّ الإعلان قد حذا حذوه. منذ العام 1940 ومع أوّل إعلان تلفزيوني، أظهر الفيديو كفاءته في مجال الدعاية والإعلان ونشر هيمنته في العصر الرقمي المستمرّ.
اليوم، يستثمر المعلنون المزيد من الأموال في أفلام الفيديو الاجتماعية، التي يبدو أنّها تنشأ من ارتفاع عدد أفلام الفيديو على مختلف المنصات: يوتيوب وفيسبوك على سبيل المثال، وكذلك سناب شات وبيريسكوب وإنستاغرام على الهاتف المحمول. وتشير شركة سيسكو أنّه، بحلول العام 2017، ستحصد أفلام الفيديو نسبة 69٪ من مجمل حركة الإنترنت الاستهلاكية. يقوم الفيديو على الانترنت بتغيير الطريقة التي يتفاعل فيها الأشخاص مع المحتوى والإعلانات والعلامات التجارية. لذلك، لم يكن مفاجئًا أن تبدأ المؤسّسات الصغيرة والشركات على حدّ سواء بالاستفادة منها. ومع إتاحة الكاميرات للمستهلكين في المزيد من الأجهزة، يصبح تصوير أفلام الفيديو وسيلة جديدة للناس للتواصل، وكذلك وسيلة للشركات والعلامات التجارية للتواصل مع جمهورها.
وفي حين توفّر أفلام الفيديو مكمّلاً مثاليًّا للتسويق عبر الإنترنت، لا يأتي الإعلان عبر الفيديو من دون تحدياته والتي تتراوح من قياس أداء الحملة وتحقيق وصول كافٍ للهدف والإبداع والتكلفة والتسييل.
مواكبة التجزئة
في الماضي، كان الإعلان عبر الفيديو يقتصر على صندوق واحد. واليوم، تمّت تجزءته عبر شاشات متعدّدة. منذ ظهور الإنترنت، حصل تحوّل جذريّ في سلوك المشاهدة لدى المستهلك، ما أدّى إلى انخفاض مستمرّ في الوقت الذي يقضيه في مشاهدة التلفزيون، وزيادة في عدد المشاهدة الرقميّة. وفقًا لمسح أجرته شركة أكسنتشر في ما يتعلّق بالمستهلك الرقميّ، فقد التلفزيون نسبة 13٪ من جمهوره على الصعيد العالمي لمحتوى الفيديو الطويل في العام الماضي. وعلاوة على ذلك، يستخدم 87٪ من المستهلكين الآن التلفزيون وشاشة ثانية (الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي أو الكتاب الإلكتروني أو الحاسوب) في الوقت نفسه. وفي حين يساعد الفيديو الرقمي في إتاحة وصول مكمّل للمشاهدة التقليدية للتلفزيون، تسبّب هذا التحوّل في العرض الرقميّ بأشكال تجزئة عدّة تتضمّن تجزئة المحتوى والشاشة والتكنولوجيا والبيانات.
قسّمت تجزئة المحتوى اهتمام الجماهير عبر عشرات الآلاف من المواقع والأجهزة، وأنشأت عملية تخطيط إعلاميّة أكثر تعقيدًا مع أخذ العديد من القنوات بعين الاعتبار. وقال وسيم أفزال، المدير التنفيذي للحلول المتكاملة في شركة "أو أم دي" (OMD): "الوضع أكثر تعقيدًا جدًّا الآن، لأنّه ثمّة خيارات كثيرة من منظور المنصّة. ولم تعد مشاهدة الفيديو تقتصر على الحواسيب المكتبية فحسب، لذلك من الواضح أنّه تتمّ مشاهدة الفيديو أكثر بكثير على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وهلّم جرا." في حين توفّر تجزئة المحتوى العديد من الطرق لتواصل العلامات التجارية مع المستهلكين، يمكن لهذا الأمر أن يكون مثيرًا للاهتمام ولكن شاقًا أيضًا لكلّ من المعلنين والناشرين الذين يتعيّن عليهم اعتماد استراتيجيات إعلان الفيديو على شاشات متعدّدة وتنفيذها والتكيّف مع متطلّبات القنوات والأجهزة المختلفة وأشكالها.
يجب على العلامات التجارية التخطيط للتسويق عبر قنوات عرض متعدّدة، والتفكير في مجال الهواتف المحمولة أولاً. بين كلّ الأجهزة، تتحوّل مشاهدة الفيديو نحو الأجهزة المحمولة فيما يتحوّل المستخدمون إلى استخدام أجهزة عالية الجودة وتكبر الشاشات وتدعم الشبكات حمولة أكبر من البيانات. ووفقًا لمكتب الإعلان التفاعلي (IAB) (وهي جمعية لصناعة الإعلان تطوّر معايير الصناعة وتُجري الأبحاث وتقدّم الدعم القانوني لصناعة الإعلان عبر الانترنت)، يستخدم 48٪ من المستهلكين الهواتف المحمولة وتطبيقات الهاتف المحمول لمشاهدة الفيديو. وقال إيان مانينغ، رئيس الوكالات في فيسبوك الشرق الأوسط: "يشاهد الناس ويتمتّعون أكثر بأفلام الفيديو على العديد من المنصّات المختلفة ولكن بشكلٍ خاصّ على الهواتف المحمولة، ونحن نعلم أنّ ما يصل إلى 25٪ من الوقت الذي سيمضيه الناس على الهواتف المحمولة سيكون على الفيديو في العامين المقبلين".
بينما استحوذ الهاتف المحمول على أكثر من نصف الإنفاق الإعلاني الرقمي في العام 2015، لا تزال ثمّة تحديات كبيرة في هذا العالم الواعد للفيديو عبر الهاتف المحمول، بدءًا من التسييل والمعايير والقياس إلى العقبات بسبب الأشكال والمنصات المتعدّدة. من حيث المحتوى والوقت، يجب أن تكون إعلانات الفيديو مصمّمة بحسب الجهاز الذي سيتمّ عرضها عليه. ووفقًا لمكتب الإعلان التفاعلي، يحتاج المسوقون إلى تطوير إعلانات الفيديو مع أخذ الشاشات الأصغر حجمًا بعين الاعتبار، مع إعلانات أقصر للشاشات الأصغر حجمًا وإعلانات أطول للشاشات الأكبر حجمًا (مع أنّها لا تزيد عن 30 ثانية). ويوافق مانينغ مشيرًا إلى أنّه "يتمّ تصميم نماذج أعمال الوكالة الإبداعية بناءً على أشكال أطول... ولم تتغيّر بسرعة كافية لفهم أنّها بحاجة لجعل المحتوى أكثر تكيّفًا ونسخة أقصر من المحتوى الذي يمكن للمستهلكين مشاهدته في وقتٍ قصير".
بالإضافة إلى تصميم المحتوى بحسب الأجهزة، يجب على المسوقين أيضًا تكييف المحتوى لجمهورهم من خلال الاستهداف. مع زيادة عدد العلامات التجارية التي تقوم بإنشاء إعلانات الفيديو وتوزيعها، أصبح الأشخاص أقلّ صبرًا وتقبّلاً لإعلانات الفيديو، وبخاصّةٍ تلك التي لا علاقة لهم بها. في حين أنّ هذا ينطبق على كلّ الوسائط، يُعتبر الإطار الزمني للنجاح أقصر بكثير على الأجهزة المحمولة. وتزيد الإعلانات المستهدفة التي تناسب اهتمام المستهلكين وعادات التصفّح من فرصة جذب اهتمامهم ومشاهدة إعلان الفيديو بالكامل. وبالإضافة إلى ذلك، إنّ التسويق القائم على الموقع والذي يكسب الجاذبيّة، يوفّر للمسوقين التكنولوجيا لتقديم المحتوى للمستهلكين بناءً على مكان وجودهم في أيّ لحظة.
السعي للحصول على السيولة
يؤدّي الاستهداف ومشاركة المستهلكين أيضًا دورًا كبيرًا في تسييل إعلانات الفيديو. من أجل توليد المال، تحتاج إعلانات الفيديو أن تكون مناسبة لكلّ من الجمهور الذي يشاهدها وكذلك محتوى الصفحة التي تقع فيها. وينطبق هذا الأمر أكثر على فيديو البثّ المباشر، حيث تحتاج الإعلانات إلى التكيّف مع الطول والنمط وموضوع الفيديو الذي يتمّ عرضها عليه. ولضمان أقصى قدر من الملاءمة وقابلية المشاهدة، يحتاج الناشرون لتوفير مصادر الطلب مع أكبر قدر ممكن من البيانات الديمغرافية والسياقية عن جمهورهم، وكذلك تفاصيل المحتوى الذي سيتمّ تقديم إعلانات الفيديو حولها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أخذ موضع إعلان الفيديو ووظائفه مثل صوت السيارات (والذي من المحتمل أن يكون مزعجًا) بعين الاعتبار لتجنّب تنفير الجماهير.
ربّما يكون أحد أكبر التحديات التي تواجه الناشرين هو إيجاد التوازن بين إنشاء فرص التسييل (وحلول إعلان أكثر تفصيلاً) وإضافة قيمة إلى تجربة المستهلك. وتُعدّ مشكلة واحدة شائعة في إعلانات الفيديو هي الإعلانات ما قبل الفيديو التي يمكن أن تكون اقتحاميّة جدًّا وواحدة من الأسباب الرئيسيّة لتثبيت الأشخاص لأنظمة منع الإعلانات. ومع ذلك، قال فيكتور هو، مدير التسويق العالمي لشركة "دايلي موشن" (Daily Motion): "إذا تمّ استخدام وسائل الإعلام هذه بطريقة تعزّز المحتوى الحصري الجديد مثل استخدام إعلان تشويقيّ داخل الإعلانات ما قبل الفيديو، يمكن لهذه أن تحثّ حركة المرور وتدفعها إلى المحتوى الحصريّ الفعليّ". يمكن للمعلنين أيضًا الاستفادة من إعلانات الفيديو الأصليّة التي تتكامل بسلاسة في تغذية المحتوى بدلاً من إجبار المستخدم على تلقّيها.
وفقًا لمانينغ، الحلّ بسيطٌ مثل إنشاء محتوى وثيق الصلة للمشاهدين مع منحهم خيار مشاهدة الإعلان أو عدم مشاهدته. "من السهل جدًّا تخطّي الإعلان... ولكن إذا قمت بتوجيه الإعلانات إلى هذا الشخص، يمكنك استخدام البيانات المتاحة لديك لضمان أنّك تستهدف الأشخاص المناسبين... وتبتكر النوع المناسب من الرسائل الإبداعية لاستهداف هذه المعلومات". إنّ إعطاء المستخدم خيار الطريقة التي يريد المشاركة فيها في الإعلان (سواء اختيار مشاهدة فيديو واحد من اثنين أو القدرة على تصفّح أنواع منتج أو النقر للخروج منه والانتقال مباشرة إلى موقع على شبكة الانترنت) هو حلّ آخر. أضاف روب دردريان، مدير المبيعات في "فيديو فيرتكل دي أم أس" (Video Vertical DMS): "إنّ الحفاظ على عقل منفتح والاستماع إلى ما يبحث المستخدم عن تجربته بالإضافة إلى تزويده بالكثير من الأشياء الجديدة هي وسيلة بالنسبة لنا كناشرين ومعلنين لتوفير المزيد من القيمة للمستهلك وإضافة قيمة أكبر من حيث البيانات والمزيد من المشاركة بشكل عام".
إيجاد الحلول
وفقا لشركة "ديجيداي" (Digiday)، يملك أصحاب محتوى الفيديو اليوم المزيد من الفرص للوصول إلى المشاهدين أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وذلك بفضل شعبية مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت، والتي تمثل الآن أكثر من نصف كلّ حركة الهواتف المحمولة. ومع ذلك، مع عالم اليوم للشاشات المتعدّدة والأجهزة المتعدّدة، أصبح الجماهير مجزأين عبر الأجهزة وحتّى داخل هذه الأجهزة عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي. في حين يجلب هذا الأمر خيارات أكبر للمستهلكين الذين يقضون الآن 70 ساعة كلّ أسبوع على وسائل الإعلام الرقمية، فإنّه يولّد بعض التحديات للمعلنين والناشرين الذين يجب عليهم تحسين إنفاقهم عبر شاشات مختلفة وتخطيط الفيديو عبر كافة الأجهزة لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
تقدّم شاشات الهواتف المحمولة، على وجه الخصوص، تجربة غامرة بالكامل، وقدرة على استهداف المستخدمين مع جهاز فريد فضلاً عن فرصة للتواصل بعمق مع العلامات التجارية أكثر من التلفزيون أو عبر الإنترنت. في حين أنّ الجهاز المحمول موّجه لتوفير الناشرين بنسبة زائدة للوصول إلى الجماهير، تقوم التجزئة بالحدّ من الاكتشاف وكمية ونوعية البيانات المتاحة من أجل فهم أفضل لأذواق المستهلكين وتزويد إعلانات الفيديو. من أجل حصد الفوائد والاستفادة من سرعة تحميل الإعلانات عبر الهواتف المحمولة والمزيد من الوحدات الإعلانية التفاعلية، يجب على الناشرين تحسين قنوات الهواتف المحمولة الخاصّة بهم للمزيد من سهولة الاكتشاف والتسييل.
والخبر السارّ هو أنّ التقدّم في التشغيل المسبق للفيديو وتكنولوجيا إضافة الإعلان يجعل اليوم من الممكن تصميم الإعلانات والمحتوى عبر منصات وشاشات متعدّدة وتسليمها وتسييلها، وتوفير العديد من الفرص للعلامات التجارية التي تدير الحملات الرقمية للتسويق عبر قنوات عرض متعدّدة. ولتحقيق أقصى قدر من تسييل المحتوى، يجب على الناشرين تحسين تسليم الفيديو الخاصّ بهم لكلّ أحجام الشاشة/أنظمة التشغيل/أنواع الأجهزة وإدراج الإعلانات في المحتوى القصير أو الطويل الذي يستهدف المستخدمين بحسب الموقع والاهتمامات وبناء محتوى مهمّ وامتلاكه وتحليل أداء الإعلان في الوقت الحقيقي على كلّ منصّة.
ما من شكّ في أنّ إعلان الفيديو له مستقبل لامع: الجماهير تتزايد والتكنولوجيا تتحسّن وعدد متزايد من المعلنين يستثمرون في هذا الوسط. ومع تحوّل الفيديو إلى أولوية استراتيجية بالنسبة للشركات من كلّ حجم ونطاق وتركيز، ومع تطوّر أذواق المستهلكين والتقنيات الجديدة التي تجعل الفيديو على الانترنت فعّال على نحو متزايد للعلامات التجارية، ما من وقتٍ أفضل من الآن للناشرين والمعلنين للاستفادة من هذا التوجّه وتبنّي محتوى الفيديو المباشر.