10 نصائح للتعرف إلى الاقليم الاخضر توسكانا معجزة طبيعية
توسكانا
توسكانا، قبل أن أحزم أمتعتي وأعود أدراجي، قررت أن أكتب هذه الاسطر. لئلا يفوتني أي إحساس، لئلا تفلت مني أي فكرة. لئلا أسهوعن أي تفصيل. أردت نقل إحساسي كما هو، لئلا يبهت مع الايام. هنا، من تحت خيوط شمس توسكانا الحالمة، من بين نسماتها التي تداعب وجه زائرها.
هذه الجنة الخضراء تأسر زائرها منذ لحظة وصوله. بهدوئها الذي لا يخترقه سوى زقزقات العصافير وحفيف الاوراق، بخضرتها اللامتناهية، ببِسَاطها الذي يتمايل تلالاً وسهولاً وهضاباً. هنا، للتضاريس إيقاع مختلف. للتعرجات أفق يثير في نفس الزائر فضولاً لاكتشاف المزيد.
قرية تلو قرية، تنجح توسكانا في خطف قلب زائرها وفي الاستحواذ على كل حواسه. يصبح المرء مشدوهاً بهذا القدر من الجمال الخام. وكأن الطبيعة هنا لا تزال على حالها لم تشوّهها يد انسان. قرية تلو قرية، الزيارات أشبه بمن يغرف جواهر من بئر لا ينضب.
كثيرة هي القرى التي تستحق الزيارة، خصوصاً إذا كنتم من النوع الذي يقدر الارث والاصالة والأماكن التي تعبق بالتاريخ ولا تزال تحمل تراثها وتقاليدها بفخر. من سيينا وفولتيرا الى لوكا وبيينزا ومونتالسينو وسان جيميجيانو... وسواها من الاماكن. الخريطة طويلة وكل محطة تتدفق جمالاً. الزيارات أشبه بمن يجمع عنقوداً او حلقات لكي تأتي التجربة مكتملة. غريبٌ هذا التناقض الذي يصادفه المرء في توسكانا: الجمال والهدوء المُتساكنان يُنسِيان الزائر الزمن والحياة بشكلهما المُعتاد، لكن الوقت يعود ويتسارع، فيُقحمك في سباق لرؤية المزيد والمزيد، قبل ان تدق ساعة العودة.
أجمل ما في الرحلة، أن تحجزوالأنفسكم مكاناً في بيت او فيلا او غرفة فندقية في إحدى هذه البلدات التي تزيّن هذه الامواج الخُضر. فما من شيء أجمل من ان تستيقظ وسط هذا المكان المفعم بالدفء والجمال والرومنسية.
موطن الجمال وموئل الفن والمذاقات والتراث
في البداية، لا بدّ من التذكير ان توسكانا هي إقليم ايطالي يمتد على مساحة 23 ألف كيلومترمربع، عاصمته مدينة فلورانس التي تعدّ من جواهر ايطاليا ،وسنخصّص لها تقريراً في عدد مقبل.
توسكانا مهد النهضة الإيطالية الحقيقي، إذ إنها احتضنت كبار الفنانين الذين خطوا بأناملهم الارث الفني، في تاريخ الفنون والعلوم مثل بترارك، ودانتي، وبوتيتشيلي، ومايكل أنجل، ووليوناردودافينشي، وغاليليوغاليلي، وأمريكوفسبوتشي، ولوكاباتشولي، وبوتشيني.
لهذا ليس مستغرباً ان تنتشر المتاحف في توسكانا مثل غاليري أوفيزي، وقصر بيتي، ومتحف كياتشيانو للفنون. على اي حال، نضع بين أيديكم بعض النصائح لكي تأتي تجربتكم معزّزة.
- إذا كنتم تنوون تمضية 10 أيام، على سبيل المثال، في توسكانا، فلا بدّ أن تخصصوا سبعة أيام منها لزيارة القرى، وثلاثة لمدينة فلورانس التي تعجّ بالمتاحف والكاتدرائيات والكنائس التي تستقطب ملايين السيّاح، لما تزخر به من قيم فنية رفيعة. إذا كان الامر ممكناً، فلا تتوانوا في استئجار سيارة مع سائق، أو من دونخ، لكي تتمكنوا من التنقل بحرية في هذا الاقليم، إذ إن القطارات لا تصل الى كل أنحائه. أما داخل مدينة فلورانس، فتنقلوا مشياً لأنها الطريقة المثلى في هذه المدينة التي تتمتع بشوارع ضيقة وأرصفة صغيرة. كذلك، لا تخصصوا أكثر من نصف يوم او يوم واحد، لزيارة برج بيزا المائل والمتحف المجاور.
- عند زيارة كل قرية، لا تغادروا قبل ان تحملوا معكم تذكاراً ولو صغيراً. من البطاقات البريدية، أو الصور المغناطيسية او القطع الفنية المبتكرة أو أواني البورسلين او الفخاريات التي تشتهر بها بعض القرى.
- أحد اجمل التذكارات التي يمكن ان يحملها معه الزائر هو كتب عن المطبخ التوسكاني المتميز، إذ إنه يعبق بمجموعة من النكهات والمذاقات التي لا يمكن ايجاد ما يشبهها في أي مطبخ آخر. كذلك، يمكنكم احضار بعض المكونات التي تتوافر حصراً في هذه القرى.
- لا تغادروا هذه المنطقة قبل ان تتذوقوا المعكرونة الشهية التي تسمى "بيتشي" ويشتهر بها المطبخ التوسكاني. كثيرة هي الاطباق التي تستحق التجربة، إذ إنها مصنوعة وفق تقاليد طهو تعدّ حكراً على هذه المنطقة. أما إذا قررتم زيارة أحد المطاعم التي تتمتع بنجوم "ميشلان"، فاحرصوا على حجز طاولة مسبقاً، إذ إن هذا النوع من المطاعم يستقطب أعداداً كبيرة من الرواد.
- إحدى أشهى النكهات التي يجب الا تفوتوها، هي المثلجات المصنوعة يدوياً في تلك القرى الصغيرة التي تحتضن نكهات فاكهة متنوعة بمذاقات أصيلة. انسوا أمر حميات التخسيس، فلا الزمان ولا المكان مناسبان لها.
- إذا كنتم تبحثون فعلاً عن تجربة مميزة، فلا تترددوا في استئجار دراجة هوائية او دراجة "فيسبا" النارية. إذ إن توسكانا هي المكان الانسب للاستمتاع بهذه الرياضة واكتشاف هذا البساط الأخضر على طريقة أهل البلد.
- إذا كنتم تستقلون السيارة للتنقل من مكان الى آخر، فلا تكتفوا بمشاهدة المناظر الطبيعية من خلف الزجاج. أوقفوا المحرك، وترجلوا من المركبة وخذوا ما يلزمكم من الوقت للاستمتاع بالطبيعة. صورة "فال دورسيا" هي من الامثلة المذهلة التي تحفر في الذاكرة.
- أجمل ما في هذه القرى الصغيرة هو تلك الساحات العامة، حيث يجتمع السكان والزوار، في هذه الاماكن المفتوحة، تكتشفون بُعداً مختلفاً للمكان الذي تزورون. واحدة من أجمل الساحات على الاطلاق، هي ساحة بلدة سيينا الاثرية التي ترقى الى القرون الوسطى وتسمى "بيازا ديل كامبو". تشرف هذه الساحة على كاتدرائية البلدة والقصر الشعبي وبرج دل مانغا. نادراً ما تخلو ساحات هذه القرى والبلدات من صرح أثري او متحف، أو على الاقل زاوية تجتذب اليها الناس لاطلالها على مشهد مهيب من مشاهد توسكانا المكللة بالقرميد.
- اكتشاف الازقة وشوارع البلدات والتحدث الى السكان، هما من اجمل ما يمكن ان يختبره المرء في هذه الواحة الخضراء. الواقع ان توسكانا مجبولة بالجمال الخالص، هذا الجمال لا يقتصر على الطبيعة او البلدات، بل يمتد الى نفوس السكان الذين تراهم دوماً جاهزين للترحيب بالزائر او مساعدته متى احتاج.
- إذا كنتم تخططون لتمضية إجازة عائلية، فانسوا أمر المتاحف، خصوصاً إذا كان الأطفال لا يتجاوزون سن الرابعة او الخامسة. وفروا على أنفسكم العناء، وتوجهوا بدلاً من المتاحف، الى احدى الساحات العامة او الحدائق الكبرى او الاسواق او حتى الأزقة الآمنة.
- يتمتع هذا الاقليم بمناخ متوسطي، بمعنى آخر إن الوقت الأمثل للزيارة يبدأ من أبريل/ نيسان، الى نهاية يونيو/ حزيران، قبل ان ترتفع درجات الحرارة، خلال يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، ثم تعود وتنخفض تدريجاً في سبتمبر/ أيلول، وصولاً الى أكتوبر/ تشرين الأول.