كيف تستاجر طائرة خاصة بسعر زهيد؟
لندن: عادل مراد
السفر على متن الطائرات الخاصة كان، حتى وقت قريب، حكرا على الاثرياء فقط الذين يقدرون قيمة الوقت اكثر مما يقدرون المال. ولكن هذا الوضع بدأ في التغير تدريجيا بداية من السوق الاميركي بفضل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من اجل توفير طائرات شاغرة الى راغبي السفر بأسعار متدنية. وساهم في انتشار الظاهرة سهولة الاتصالات ورغبة العديد من المسافرين في تجربة الطيران الخاص، بالاضافة الى فترة الكساد السابقة التي عصف بارباح شركات الطيران الخاص، ورغبة المسافرين في تجنب زحام ومتاعب المطارات التجارية، خصوصا فيما يتعلق بإجراءات الامن والتفتيش.
من اسرار صناعة الطيران الخاص ان نصف رحلاتها على الاقل تطير شاغرة بعد توصيل كبار العملاء الى وجهات السفر التي يطلبونها ثم العودة شاغرة، والذهاب مرة اخرى لرحلات العودة بطائرات شاغرة ايضا. وهنا بدأت شركة لندنية بفكرة ملء هذه المقاعد الشاغرة في اللحظات الاخيرة عبر موقع على الانترنت اسمه "إمتي سيكتور دوت كوم" وذلك بأسعار زهيدة نسبيا تجذب بها العملاء من جانبوتغطي لشركات الطيران الخاص تكلفة الوقود على الاقل في الرحلات الشاغرة.
ويطلع المسافرون على الرحلات المتاحة على موقع الشركة على الانترنت ثم يتصلون للاستعلام عن الثمن المطلوب.وهنالك ايضا العديد من المواقع الخاصة الاخرى من بينها موقع "جت سويت". والتي يمكن من خلالها مقارنة العروض المختلفة قبل الاتفاق.
وتعرض شركة "جت سويت" التي يقع مقرها في جنوب كاليفورنيا عن رحلات بالطائرات الخاصة تبدأ بسعر 499 دولارا، وتتيحها على موقعها على "فيسبوك" للرحلات الشاغرة التي تعود فيها الطائرة خاوية بعد توصيل العميل الاصلي. وتحمل هذه الطائرات اربعة ركاب وهي من طراز "فينوم 100" الذي تنتجه شركة امبرير البرازيلية.
وفي الماضي كان من المستحيل اقناع شركات الطيران الخاص بتأجير طائراتها الشاغرة بأي ثمن، لانها كانت تحافظ على خصوصية هذا النوع من الرحلات، ولكن في اجواء تريد فيها الشركات تغطية تكاليفها فهي لا تمانع في الاستفادة من اي دخل اضافي.
ولكن تأجير رحلات الطائرات الخاصة الشاغرة لا يخلو من متاعب. فإذا تغيرت مثلا ترتيبات رحلة مالك الطائرة، مثل الغاء السفر من والى نقطة معينة، يعنى ذلك ان الطائرة الخاصة لن تكون متاحة، وتلغى الرحلة في اللحظات الاخيرة. كما يجب على المسافر ان يتمتع بمرونة تامة في ترتيباته، كأن يكون مستعدا لدفع تكاليف الرحلة والذهاب الى الطائرة في غضون ساعات قبل بداية الرحلة. وتكون هذه الرحلات في اتجاه واحد على ان يدبر المسافر رحلة العودة. وفي معظم الاحيان يعود ركاب هذه الرحلات الخاصة بواسطة طائرات تجارية، ويدفعون مبلغا مماثلا لما دفعوه في رحلة الطيران الخاص. ويكون الفارق بين الرحلتين واضحا في عدم اضاعة الوقت في الانتظار داخل المطارات واو المرور خلال متاعب التفتيش الامني المتكرر في المطارات.
مشاركة في الرحلات
من المزايا الاخرى لاستخدام وسائط التواصل الاجتماعي امكانية تجميع المسافرين الى الجهة نفسها وتقسيم تكاليف السفر على متن طائرات خاصة بينهم. وهنا يمكن الاتفاق على حجز طائرة خاصة من دون انتظار رحلات شاغرة، وتقسيم المبلغ المطلوب على عدد المسافرين. وبدأت شركة "جت سويت" هذا العام خدمة جديدة اسمها "جت شير" للمشاركة في رحلات السفر. ويمكن لشخص واحد او اثنان استئجار طائرة خاصة ثم الاعلان عن مقاعد شاغرة عبر صفحة الشركة على "فيسبوك". وينخفض الثمن المطلوب من كل راكب مع انضمام ركاب جدد الى الرحلة.
واحد الامثلة التي وقعت فعلا في الشهر الماضي كانت رحلة جوية من من مدينة اوكلاند في كاليفورنيا الى مدينة لاس فيغاس على طائرة خاصة بسعر 1500 دولار. ويتطوع احد الركاب بحجز هذه الرحلة ودفع المبلغ ثم الاعلان عن وجود ثلاثة مقاعد شاغرة على الرحلة التي تتسع لاربعة مسافرين. واذا نجح في الحصول على راكب اخر ينخفض السعر الى 750 دولار لكل منهما. واذا انضم راكب ثالث يدفع الراكب الاول ومنظم الرحلة 375 دولارا فقط، وهو مبلغ يزيد قليلا عن ثمن الرحلة في الدرجة الاولى على طائرة تجارية. ولكن اذا انضم الراكب الرابع لهذه المجموعة، تكون رحلة الراكب الاول ومنظم الرحلة مجانية، بينما يدفع الراكب الثاني في ترتيب الحجز 450 دولارا والثالث 600 دولار والرابع 750 دولارا، وتضيف الشركة 300 دولار الى ارباحها.
ونشأت شركات تستخدم وسائط التواصل الاجتماعي من اجل مساعدة شركات تأجير الطائرات الخاصة في ملء المقاعد الشاغرة على رحلات طائراتها، وايضا مساعدة المسافرين على خفض تكاليف السفر الجوي الخاص بالمشاركة في الرحلات. وتساهم 57 شركة طيران خاص في هذه الخدمة لتقديم رحلات على 400 طائرة خاصة. ويتم تسجيل الركاب ايضا مع الشركة، واسمها "سوشيال فلايتس دوت كوم". ويدفع كل راكب ثمن مخفض لتذكرته اذا ما تم الحجز الجماعي لرحلات معينة. وتوسع المشروع الان لكي يشمل تأجير طائرات تشارتر تتسع احيانا لاكثر من 30 راكبا لنقل ركاب في مناسبات اجتماعية معينة مثل حضور مباريات رياضية في مدن اخرى. وفي حالة اكتمال عدد ركاب الطائرة يكون سعر السفر عليها ارخص من ثمن التذاكر السياحية على الطائرات التجارية.وتتيح الشركة ايضا خدمة الاعلان عن المقاعد الشاغرة على الطائرات الخاصة بأسعار تبدأ من 200 دولار للرحلات القصيرة.
واذا لم يكن المسافر يملك الوقت او الخبرة الكافية من اجل البحث عن رحلات الطائرات الخاصة وحجز المقاعد على الرحلات الشاغرة، يمكنه الاستعانة بوكيل متخصص يقوم بهذه المهمة ويحصل على افضل العروض او طلب تقديم عروض من شركات الطيران الخاص بالنيابة عنك. ويقوم الوكيل بهذه الخدمات لقاء عمولة متفق عليها بين الطرفين.
ويفيد استخدام وكيل جيد في حالات الطواريء التي لا يستطيع معها المسافر القيام بالرحلة، في هذه الحالة يستطيع الوكيل التفاوض مع الشركة من اجل الغاء السفر او استعادة معظم المبلغ المدفوع. ويعتمد الامر على العلاقة الجيدة بين الوكيل وبين شركات تأجير الطائرات الخاصة.
وفي بريطانيا، تقدم شركة "برايفت فلاي" خدمة مشابهة لتأجير رحلات الطائرات الخاصة للمسافرين الافراد وتقول الشركة ان الاسعار تكاد تنافس تكاليف السفر في الدرجة الاولى او درجة الاعمال في الطائرات التجارية. ويمكن للمسافر الحصول على سعر مباشر عن طريق تقديم بعض المعلومات السريعة على الانترنت حول نقطة بداية السفر ونقطة الوصول وتاريخ الرحلة في الذهاب والاياب وعدد المسافرين. ويتم الاستعلام ومقارنة الرحلات والحجز في موقع واحد.
وعلى رغم ان رحلات الطيران الخاص تكلف في العادة اكثر من الرحلات التجارية، الا انها في النهاية تجربة فريدة تعفي من متاعب وازدحام المطارات وتقنع الكثيرين بتكرارها على رغم التكاليف المرتفعة.
وتخضع الطائرات الخاصة لمعايير السلامة الجوية نفسها التي تخضع لها الطائرات التجارية، ويمكن الاطلاع على سجلات السلامة للشركات المختلفة قبل اختيار احداها للسفر الجوي على طائراتها. وهناك العديد من الشركات التي تتخصص في امور السلامة ويمكنها ان تقدم تقارير حول شركات الطيران وسجلات رحلاتها. ولكن هذه الخدمات ما زالت تقتصر فقط على الشركات الاوروبية والاميركية حتى الان.
بطاقات السفر الخاص: البديل الارخص لمدخل عالم طائرات الاعمال
في فئة المدخل للسفر الجوي على طائرات الاعمال تقدم العديد من الشركات بطاقات توفر لحاملها عددا من ساعات السفر يستخدمها وقتما يشاء خلال العام. فحتى اصغر طائرات الاعمال نكلف ما بين ستة وثمانية ملايين دولار مع تكاليف جارية تصل الى 25 الف دولار شهريا. وحتى الملكية الجزئية تأتي بتكلفة لا تقل عن مليون دولار وتكاليف جارية تصل الى 1600 دولار شهريا، ولا توفر اكثر من مائة ساعة طيران سنويا.
اما بطاقات السفر فهي تستغنى عن كل هذه التكاليف وتوفر السفر الجوي لحاملها بتكلفة تبدأ من 1850 دولارا للساعة في الطائرات الصغيرة، ترتفع الى 2900 دولار في طائرة متوسطة يصل ثمنها الى 25 مليون دولار، ثم الى خمسة الاف دولار في الساعة في قطاع الطائرات الكبيرة التي يصل ثمنها الى 35 مليون دولار.
وتتيح معظم الشركات هذه البطاقات بلا حدود قصوى لساعات الاستخدام وبلا رسوم عضوية او تكاليف اخرى متعلقة بالوقود او الصيانة او التأمين. ويحصل حامل البطاقة على مستشار سفر شخصي مع مرونة تامة في طلب السفر في غضون ساعات قليلة. وتعد هذه البطاقات هي الخيار الافضل لمن لا يريد اعباء صيانة وتشغيل طائرة خاصة او حتى المشاركة في ملكية هذه الطائرات.