متلازمة الأذن الموسيقية.. عندما تصبح الألحان ضيفًا ثقيلاً عليك!
ربّما تستمع إلى ألحان موسيقى تحبّها من وقتٍ لآخر، لكن هل يعني ذلك أنّك ترغب في سماع ذلك اللحن الموسيقي طوال الوقت؟
أصحاب "متلازمة الأذن الموسيقية" يسمعون ألحانًا موسيقية طوال الوقت بلا توقف، لكن ليست هناك مشغلات موسيقى تعمل بالقُرب منهم، ومع ذلك يستمرّ سماع صوت الموسيقى في آذانهم، حتى لو لم يكونوا يحاولون تذكّر تلك الموسيقى!
فهل هناك سبب لتلك المتلازمة؟ وهل يمكن أن يكون لها علاقة ببعض الاضطرابات النفسية كالفصام.. أم أنّها مستقلة بذاتها؟
ما هي متلازمة الأذن الموسيقية؟
متلازمة تُسبِّب هلاوس سمعية موسيقية (سماع موسيقى غير موجودة على الحقيقة)، ربّما بسبب ضعف السمع، وإن كان سبب حدوثها لغزًا حقيقيًّا حتى الآن، كما تُعرَف المتلازمة أيضًا بـ"طنين الأذن الموسيقي".
فمتلازمة الأذن الموسيقية شبيهة بطنين الأذن، الذي يُسبِّب أصوات رنين أو طنين أو هسهسة، وهي مرتبطة أيضًا بضعف السمع، لكن ما يسمعه الإنسان هو صوت موسيقى أو ألحان رغمًا عنه.
أنواع متلازمة الأذن الموسيقية
تنقسم متلازمة الأذن الموسيقية إلى نوعَين:
- أولية: تنشأ لدى أشخاصٍ لا يُعانُون مشكلة صحية مُسبِّبة للمتلازمة ابتداءً.
- ثانوية: تحدث لدى الأشخاص الذين يُعانُون مشكلة صحية أخرى تُسبِّب هلاوس سمعية، مثل الفصام أو الخرف.
أعراض متلازمة الأذن الموسيقية
هناك أعراض فريدة تميّز متلازمة الأذن الموسيقية، ورغم أنّ تلك الأعراض قد تختلف من شخصٍ لآخر، إلا أنها تشتمل على بعض الجوانب التي قد تتكرّر أو تتشابه بين جميع المرضى، ومنها:
- الهلاوس السمعية: عادةً ما يسمع الأفراد المُصابُون بمتلازمة الأذن الموسيقية الموسيقى أو النغمات الموسيقية غير الموجودة في الواقع، وهذه الهلاوس السمعية قد تتراوح من الألحان البسيطة إلى مقطوعات الأوركسترا الكاملة.
- نغمات مستمرة: غالبًا ما تستمر أصوات متلازمة الأذن الموسيقية بلا توقف، كما يمكن لها أن تستمر لدقائق أو ساعات أو حتى لفترة أطول، مما قد يجعلها تجربة مؤلمة أحيانًا للمرء.
- التنوّع في الموسيقى المسموعة: قد تتنوع الموسيقى التي يسمعها المصابون بمتلازمة الأذن الموسيقية، فبعضهم قد يسمع موسيقى كلاسيكية، وبعضهم يسمع أغاني شعبية، أو حتى غير ذلك.
- عدم القدرة على التحكّم فيما تسمعه: ربّما تتذكّر صوت أغنية أو موسيقى عندما تُفكِّر بها، لكن المُصاب بمتلازمة الأذن الموسيقية لا يتحكّم في بدء أو توقّف سماع الأصوات الموسيقية، بل تستمر رغمًا عنه.
- تأثير نفسي: قد تؤثر الهلوسة الموسيقية بشدة في المزاج والحالة النفسية للمرء، فقد يجد بعض الناس أنّها تُحزِنهم أو تهيمن على أفكارهم، دون قدرة على وقف ذلك، بينما قد يجد آخرون أنّ تلك الهلوسة الموسيقية مريحة!
- العُزلة: قد تؤدي متلازمة الأذن الموسيقية إلى الشعور بالعُزلة؛ إذ يتردّد بعض الأشخاص في مناقشة تجاربهم مع الآخرين، بسبب الخوف من أن يُوصَفوا بأنّهم مرضى عقليًّا.
اقرأ أيضًا:"حُرقة وألم".. ما أعراض متلازمة الأذن الحمراء وطرق علاجها؟
أسباب متلازمة الأذن الموسيقية
لم يُجمع الباحثون على سبب لمتلازمة الأذن الموسيقية، لكن يعتقد معظم الباحثين والمتخصصين في الصحة السمعية، أنّ الهلوسة الموسيقية مرتبطة بفقدان السمع.
فإدراكنا للصوت يمرّ بعملية معقدة، إذ يسافِر الصوت من البيئة الخارجية عبر الأذن، ثُمّ باقي الجهاز السمعي للوصول إلى الدماغ، لإدراك الأصوات المحيطة والتفاعل معها.
وعندما نشهد أصواتًا متنوعة في بيئتنا، يشارك الدماغ بنشاطٍ في فهم الأصوات، ومع ذلك، فعندما يُعانِي شخص ما من فقدان السمع، فإنّه يتعرّض لأصوات أقل.
ويُؤدِّي ذلك "الحرمان الصوتي" إلى تحفيز أقل لمناطق الدماغ التي تعالِج الصوت، ومع حرمان الدماغ من الأصوات الخارجية التي تحفّزها، يبدأ الدماغ في توليد وإدراك أصواته الخاصة من ذكرياتك السمعية، ما يؤدي إلى متلازمة الأذن الموسيقية.
لماذا يُصاب بعض الناس بمتلازمة الأذن الموسيقية؟
رغم عدم وضوح كيفية حدوث متلازمة الأذن الموسيقية، فلا تزال هناك بعض الأسباب التي قد تكون وراء حدوث المتلازمة، ومنها:
1. فقدان السمع:
قد يكون سماع موسيقى غير موجودة ناجمًا عن فقدان السمع أو ضعفه، لكن ذلك ليس السبب الوحيد المحتم، فقد تكون هذه الهلوسة السمعية جزءًا من اضطرابٍ نفسي يُعانِيه المرء، كما قد تُصاحِب متلازمة الأذن الموسيقية اضطرابات أخرى، مثل الخرف.
2. زراعة قوقعة الأذن:
أفادت تقارير للعديد من الحالات نشرت في "Otology & Neurotology"، أنّ زراعة القوقعة أو إزالتها حفّز متلازمة الأذن الموسيقية.
ولم تُدرَس الصلة بالكامل بين زراعة القوقعة ومتلازمة الأذن الموسيقية، ومع ذلك فقد أشارت دراسة صغيرة نشرت عام 2013 في مجلة طب الأنف والأذن والحنجرة Journal of Laryngology & Otology، شملت 82 مريضًا، إلى أنّ 22% منهم أُصِيبوا بمتلازمة الأذن الموسيقية؛ 7 أشخاص قبل زرع القوقعة، ونحو 11 شخصًا بعد زراعة القوقعة.
3. الأدوية:
قد تُسبِّب بعض الأدوية الهلوسة، بما في ذلك الهلوسة السمعية، التي تُعدّ متلازمة الأذن الموسيقية إحدى صورها. ومع ذلك فمن النادر أن يُؤدِّي تناول بعض الأدوية إلى متلازمة الأذن الموسيقية.
لكن إذا كُنت تعتقد أنّ دواءك يُسبِّب هلوسة من أي نوع، فيمكنك استشارة الطبيب لتعديل جرعة الدواء أو تغييره لدواءٍ آخر أقل في آثاره الجانبية.
اقرأ أيضًا:انسداد الأذن سبب الطنين المستمر لديك.. تعرف على أسبابه
هل متلازمة الأذن الموسيقية نفسية؟
يمكن أن تؤدي بعض الاضطرابات النفسية، مثل الفصام إلى هلوسة سمعية، بما في ذلك الهلوسة السمعية الموسيقية، ومع ذلك لا تُعدّ متلازمة الأذن الموسيقية اضطرابًا نفسيًّا.
وعمومًا فإنّ من يُعانُون هلاوس سمعية "سماع أصوات غير موجودة في الواقع" بسبب مرض نفسي، فإنّهم على الأرجح يُعانُون أعراضًا أخرى، مثل الأوهام أو التفكير غير المُنظّم أو السلوك غير الطبيعي، كما قد يُعانُون هلوسة سمعية ليست موسيقية "يسمعون أصواتًا غير موجودة على الحقيقة وليست موسيقية".
ومن الضروري ملاحظة أنّ بعض الأشخاص يمكن أن يُصابُوا بمتلازمة الأذن الموسيقية واضطرابات نفسية في آن واحد، مما قد يتطلّب مزيجًا من العلاجات للتغلب على الأعراض.
كيف تؤثر متلازمة الأذن الموسيقية في أسلوب الحياة؟
التعايُش مع متلازمة الأذن الموسيقية ليس يسيرًا؛ إذ تُؤثِّر بدرجةٍ بالغة في أسلوب حياة المرء، ليس فقط بسبب الهلوسة السمعية نفسها، ولكن أيضًا بسبب العواقب النفسية التي تحملها، وفيما يلي بعض الطرق التي تُؤثِّر من خلالها متلازمة الأذن الموسيقية على أسلوب الحياة:
- اضطرابات عاطفية: قد يؤدي الوجود المستمر للهلاوس الموسيقية إلى اضطراب عاطفي، خاصةً إذا كانت الموسيقى التي يسمعها المرء غير مرغوب بها أو مزعجة.
- اضطرابات النوم: قد تؤثر متلازمة الأذن الموسيقية في نوم الإنسان، مما يجعل من الصعب الحصول على قسطٍ جيد من الراحة ليلًا، ومِنْ ثَمّ زيادة الشعور بالتعب، وربّما المعاناة من مشكلات صحية أخرى.
- صعوبة التركيز: قد تُشتِّت الهلوسة الموسيقية المُصاب بها، وتجعله غير قادر على التركيز جيدًا في الأنشطة اليومية التي يؤديها.
- زيادة التوتر: قد تُؤدِّي ضغوط التعايش مع متلازمة الأذن الموسيقية إلى تفاقُم المشكلات الصحية الأخرى التي يُعانِيها الإنسان، كما قد تزيد توتره النفسي.
هل تحتاج متلازمة الأذن الموسيقية إلى علاج؟
لا يُوجَد علاج مُحدّد لمتلازمة الأذن الموسيقية، لكن ثمّة استراتيجيات علاجية مختلفة قد تساعد على تحسين جودة الحياة والتغلب -ولو قليلًا- على الهلاوس الموسيقية، مثل:
1. أجهزة السمع:
قد تساعد أجهزة السمع الأشخاص الذين يُعانُون فقدان السمع، إذ تُساعِد هذه الأجهزة على تحسين إدراك الأصوات الخارجية، مما قد يقلِّل حدوث متلازمة الأذن الموسيقية.
2. العلاج الصوتي:
قد يساعد العلاج الصوتي، الذي يتضمّن استخدام أصوات خارجية، مثل الضوضاء البيضاء، في تشتيت الانتباه عن الهلوسة الموسيقية أو إخفائها تمامًا.
اقرأ أيضًا:كيف تتخلص من شمع الأذن بطريقة صحيحة؟
3. العلاج بإعادة تدريب طنين الأذن:
تُدرِّب هذه التقنية عقلك على الاعتياد على أصوات طنين الأذن، ويمكن استخدامها أيضًا في علاج متلازمة الأذن الموسيقية.
4. العلاج المعرفي السلوكي:
لن يوقِف العلاج المعرفي السلوكي الموسيقى التي تسمعها، لكنّه قد يُعِينك على التعايُش معها؛ إذ يعتمد على أن تتدرّب على تجاهل الموسيقى تمامًا، وقد أظهر بحث نشر عام 2013 في "Audiology"، أنّ العلاج المعرفي السلوكي ساعد الناس على التعامل مع طنين الأذن، ومِنْ ثَمّ فقد يساعد أيضًا على التعامل مع الموسيقى المُصاحبة لمتلازمة الأذن الموسيقية.
5. الأدوية:
إذا لم تكُن متلازمة الأذن الموسيقية ناجمة عن تناول دواءٍ مُعيّن، ولم ينجح معها أي طريق للعلاج، فهناك بعض الأدوية التي قد تساعد على التغلّب عليها، مثل:
- هالوبيريدول.
- مضادات الذهان غير النمطية.
- أدوية الاكتئاب.
مع الانتباه إلى أنّ أي أدوية قد يكون لها بعض الآثار الجانبية، لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء.
6. التغلب على التوتر:
بالإضافة إلى الأدوية وأجهزة السمع، ينبغي التعامل مع التوتر أو إجراء تعديلات على نمط معيشتك اليومي، بما قد يُساعِد على تخفيف آثار متلازمة الأذن الموسيقية، ومن الأمور التي قد تساعد على تخفيف التوتر والتعامل مع متلازمة الأذن الموسيقية:
- التنفّس العميق.
- التأمل.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- العلاج بالتدليك.
- العلاج بالروائح العطرية.