علماء ينجحون في تحديد سبب ظاهرة "المد الأحمر"
في تطور علمي مهم، أعلن باحثون من "جامعة جنوب فلوريدا USF"، عن اكتشاف السبب الحقيقي وراء ظاهرة "المد الأحمر"، التي تضرب سواحل ولاية فلوريدا الأمريكية بشكل شبه سنوي، وتؤدي إلى كوارث بيئية وصحية واقتصادية.
وتوصل الفريق العلمي إلى أن المد الأحمر ناتج عن تفاعل طحالب سامة من نوع "كارينيا بريفيس Karenia brevis"، مع مجموعة من الفيروسات البحرية التي لم تكن معروفة سابقًا.
ويُعد هذا الاكتشاف الأول من نوعه، إذ تم تحديد ما يقارب 12 نوعًا من الفيروسات المرتبطة مباشرة بانفجار نمو الطحالب، وتحوّل مياه البحر إلى اللون الأحمر المائل للدم، وهي ظاهرة طالما حيّرت العلماء والجهات البيئية لعقود.
التفاعل الذي يغيّر لون البحر
لطالما ربط العلماء ظاهرة المد الأحمر بنمو الطحالب البحرية الضارة، لكن الجانب الفيروسي لم يكن واضحًا، ووفقًا للدراسة الجديدة، فإن الفيروسات المكتشفة تؤثر على دورة حياة طحالب "كارينيا بريفيس"، وتؤدي إلى تكاثرها بشكل مفاجئ وبكثافة عالية، ما ينتج عنه ظاهرة المد الأحمر.
وأوضحت "جان ليم"، الباحثة في كلية علوم البحار بـ"جامعة جنوب فلوريدا"، أن هذا الكشف سيُحدث نقلة في طريقة التعامل مع المد الأحمر، وقالت في تصريحها لصحيفة "الإندبندنت": "كنا نعلم أن الفيروسات تلعب دورًا في تطور المد الأحمر، لكن لم نكن نعلم ما هي الفيروسات المعنية، الآن وقد حددناها، يمكننا دراسة تأثيرها ومحاولة التنبؤ بتوقيت هذه الأحداث مستقبلاً".
متى وأين يحدث المد الأحمر؟
تحدث ظاهرة المد الأحمر عادةً في أواخر الصيف وأوائل الخريف، وتتركّز في السواحل الغربية والجنوبية الغربية من "فلوريدا"، وقد تؤثر على مئات الأميال البحرية، ما يؤدي إلى نفوق جماعي للأسماك، وهروب الطيور البحرية، وتلوّث الجو بسموم تؤثر على صحة البشر، خصوصًا المصابين بأمراض الجهاز التنفسي.
وتؤدي هذه الظاهرة إلى إغلاق الشواطئ السياحية، وتكبيد السلطات المحلية خسائر مالية كبيرة، نتيجة تراجع الإقبال السياحي والتدخلات الطارئة لتنظيف السواحل.
تغيّر المناخ وتفاقم الظاهرة
أشار الباحثون إلى أن عوامل مثل التيارات البحرية، وارتفاع درجة حرارة المياه، وزيادة المغذيات في المحيط تلعب دورًا في تسريع نمو الطحالب، وتعزيز نشاط الفيروسات، وبهذا الشكل، فإن التغيّر المناخي العالمي يسهم بشكل غير مباشر في تفاقم الظاهرة البيئية.
ويأمل الفريق العلمي أن يمهّد هذا الاكتشاف لتطوير أنظمة إنذار مبكر، يمكن من خلالها التنبؤ بموعد حدوث المد الأحمر، وبالتالي اتخاذ إجراءات وقائية لحماية السواحل والحياة البحرية والبشر على حد سواء.
وتعد هذه الدراسة نقلة نوعية في فهم واحدة من أخطر الظواهر البيئية البحرية، وقد تسهم في إنقاذ النظام البيئي الساحلي لفلوريدا من تأثيرات كارثية متكررة.