كيف وصلت المياه إلى الأرض؟ دراسة حديثة تكشف
كشف فريق من الباحثين عن نظرية جديدة قد تفسر كيف وصلت المياه إلى كوكب الأرض بعد تشكل الكوكب، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم نشأة الحياة وتكوين المحيطات.
فرضيات تقليدية حول مصدر المياه
وتشير الدراسات العلمية إلى أن الأرض في بداية تكوينها كانت ذات حرارة مرتفعة جدًا، مما جعل احتفاظها بالجليد أمرًا مستحيلاً، وهذا يعني أن المياه التي تغطي جزءًا كبيرًا من سطح الكوكب يجب أن تكون قد جاءت من مصادر خارجية.
وتوضح الأبحاث أن المياه السائلة ظهرت على الأرض بعد نحو 100 مليون سنة من تشكيل الشمس، وهي فترة تعتبر "فورية" وفقًا للمقاييس الزمنية الفلكية، وفقًا لما نشرته صحيفة إندبندنت البريطانية.
ولسنوات طويلة، ظل علماء الفيزياء الفلكية في جدل مستمر حول كيفية وصول المياه إلى الأرض، وإحدى الفرضيات التقليدية تفترض أن المياه نشأت نتيجة للتفاعلات الجيولوجية داخل الكوكب، حيث أطلقت الصهارة الناتجة عن الانفجارات البركانية بخار الماء إلى السطح.
ومع تطور هذه النظرية، تم الأخذ بعين الاعتبار احتمالية أن تكون المذنبات الجليدية والكويكبات مصدرًا خارجيًا لهذه المياه.
اقرأ أيضًا: تغريدات تويتر ورسائل واتساب تجعل كوكب الأرض أثقل وزنًا
دور الكويكبات الجليدية في نقل المياه
وأظهرت دراسات حديثة أن الكويكبات، لا سيما الكربونية منها، قد تكون لعبت دورًا أساسيًا في توفير المياه للأرض، وتتشكل هذه الكويكبات في المناطق البعيدة عن الشمس حيث يكون الجليد مستقرًّا، وبفعل التفاعلات الجاذبية المعقدة بين الكواكب الصغيرة، يعتقد أن هذه الأجسام الغنية بالمياه نقلت إلى الأرض خلال مراحلها المبكرة.
واعتمد العلماء في دراستهم على تحليل نسب الهيدروجين الثقيل "الديوتيريوم" إلى الهيدروجين العادي في الصخور القادمة من الكويكبات والمذنبات عبر النيازك التي وصلت إلى الأرض، حيث أظهرت النتائج أن تكوين المياه على الأرض يتطابق بدرجة كبيرة مع المياه الموجودة في الكويكبات الكربونية.
آلية انتقال المياه عبر قرص بخار الماء
وتفترض النظرية الجديدة أن الكويكبات الجليدية تشكلت داخل "الشرنقة الكوكبية الأولية"، وهي قرص غني بالهيدروجين والغبار المحيط بالنظام الشمسي الناشئ، ومع ارتفاع درجة حرارة الكويكبات بسبب تأثير الشمس، بدأ الجليد في الذوبان، ما أدى إلى إطلاق بخار الماء إلى الفضاء المحيط.
وتشير الدراسة إلى أن بخار الماء المتشكل كون قرصًا حول حزام الكويكبات، ونتيجة للتفاعل مع الجاذبية وانتشار البخار نحو الشمس، اصطدم هذا البخار بالكواكب الداخلية، بما في ذلك الأرض، وهذه العملية ساهمت في "سقاية" الكوكب وتزويده بالمياه التي أدت لاحقًا إلى تشكل المحيطات والأنهار، وبدء دورة المياه المستمرة.
اقرأ أيضًا: براتب يصل إلى 187 ألف دولار سنويًا.. "ناسا" تعلن عن وظيفة "حارس كوكب الأرض"!
دعم علمي من البعثات الفضائية
واستند الباحثون إلى بيانات دقيقة جمعتها بعثات فضائية حديثة مثل "هايابوسا 2" التابعة لوكالة الفضاء اليابانية و"أوزيريس-ريكس" التابعة لوكالة ناسا.
وقد درست هذه البعثات كويكبات مشابهة لتلك التي يعتقد أنها ساهمت في تكوين قرص بخار الماء الأولي، حيث أكدت النتائج أن تركيب المياه على هذه الكويكبات يشبه إلى حد كبير تركيب المياه الأرضية.
الخطوات المستقبلية للبحث
ويعتزم الباحثون في الخطوة القادمة استخدام نماذج محاكاة رقمية متقدمة لدراسة آلية إزالة الغازات من الجليد وتشتت بخار الماء والتقاطه من قبل الكواكب، وهذه المحاكاة ستوفر فهمًا أعمق لكيفية نقل المياه إلى الأرض وتوزيعها في النظام الشمسي.
يذكر أن هذا البحث أعده "كوينتين كرال"، عالم الفيزياء الفلكية في مرصد باريس - PSL، بالتعاون مع جامعة السوربون وجامعة باريس سيتي، وهو يمثل خطوة مهمة نحو فك ألغاز نشأة المياه على الأرض ودورها في تطور الحياة.