كيف يخرج الذهب من قشرة الأرض؟ دراسة حديثة تكشف
نجح فريق من العلماء في جامعة جنيف في حل لغز قديم يتعلق بكيفية انتقال الذهب عبر قشرة الأرض، ما يسهم في تكوين رواسب من هذا المعدن الثمين الذي يعد أحد أكثر الموارد قيمة في العالم.
الاكتشاف، الذي نشر في مجلة "Nature Geoscience"، يتحدى النظريات السائدة حول آلية تشكيل رواسب المعادن الثمينة.
وأظهرت النتائج أن شكلاً معينًا من الكبريت، يسمى ثنائي الكبريتيد، يعمل كوسيط طبيعي لنقل الذهب عبر الصخور.
والاكتشاف يعيد صياغة الفهم العلمي لكيفية حدوث عمليات نقل المعادن في بيئات الأرض الداخلية، حيث ثبت أن هذا الشكل من الكبريت يلعب دورًا حاسمًا في نقل الذهب عبر السوائل شديدة السخونة التي تصاحب الصهارة – الصخور المنصهرة التي تتحول في النهاية إلى التكوينات البركانية التي نراها على سطح الأرض.
وفي هذا السياق، أوضح ستيفان فارسانج، المؤلف الرئيس للدراسة، قائلاً: "بسبب انخفاض الضغط، فإن الصخور المنصهرة التي ترتفع نحو سطح الأرض تتشبع بسائل غني بالمياه، يتم إطلاقه بعد ذلك على شكل فقاعات سائلة صخرية، تاركًا وراءه ذوبان السيليكات".
منهجية تجريبية مبتكرة
ولفهم هذه العملية بشكل أعمق، طور فريق البحث نظامًا تجريبيًا مبتكرًا يعيد خلق الظروف القاسية الموجودة في أعماق الأرض.
اقرأ أيضًا: التوصل إلى طريقة تحمي الأرض من كارثة متوقعة!
وتم في هذه التجربة إغلاق أسطوانة من الكوارتز مع سائل مركب خصيصًا داخل كبسولة من الذهب، ثم تم تعريضها لضغط شديد ودرجات حرارة تصل إلى 875 درجة مئوية، وهي ظروف مشابهة لتلك التي تحدث في الصهارة الطبيعية.
الكشف عن الأشكال الكيميائية الدقيقة
وسمحت هذه المنهجية الرائدة للعلماء بملاحظة شيء لم يتمكن الباحثون السابقون من ملاحظته، وهو الشكل الكيميائي الدقيق للكبريت في السوائل الصخرية التي تحتوي على الذهب.
وباستخدام تقنيات التحليل بالليزر، اكتشفوا أن ثنائي الكبريتيد، إلى جانب كبريتيد الهيدروجين وثاني أكسيد الكبريت، هي الأشكال الرئيسة للكبريت الموجودة في هذه السوائل تحت درجات الحرارة القصوى.
تحدي النظريات السابقة
وتتعارض هذه النتائج مع دراسة أجريت عام 2011 التي كانت تشير إلى أن مركبات الكبريت المختلفة هي المسؤولة عن نقل الذهب.
وفي هذا الصدد، قال فارسانج: "من خلال اختيار أطوال موجات الليزر بعناية، أظهرنا أيضًا أنه في الدراسات السابقة كانت كمية الجذور الكبريتية في السوائل الجيولوجية مبالغًا فيها بشكل كبير، وأن نتائج الدراسة التي أجريت عام 2011 كانت في الواقع تستند إلى قطعة أثرية للقياس، ما أدى إلى تسوية نقاش استمر عقدًا من الزمان في المجتمع الجيولوجي".
اقرأ أيضًا: نواة الأرض تتغير وتخفّض طول اليوم إلى أقل من 24 ساعة
دور هذا الاكتشاف في استكشاف المعادن
وهذا الاكتشاف يقدم فهمًا أعمق لآلية تكون رواسب الذهب والنحاس في العالم، حيث أن معظم الذهب والنحاس الذي يتم استخراجه في العالم يأتي من رواسب تشكلت بواسطة هذه السوائل المشتقة من الصهارة، وبالتالي، فإن فهم كيفية تشكل هذه الرواسب بدقة قد يساعد على تحسين جهود استكشاف المعادن في المستقبل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة نشأت من التفاعل المعقد بين الصفائح التكتونية، وهي أجزاء ضخمة من قشرة الأرض تتحرك ببطء ضد بعضها، وعندما تنزلق إحدى الصفائح تحت الأخرى، فإنها تولد صهارة غنية بالعناصر المتطايرة مثل الماء والكبريت والكلور.
ومع ارتفاع هذه الصهارة نحو السطح، فإنها تطلق سوائل تحمل معها المعادن المذابة، وهي العملية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تكوين رواسب الذهب التي اعتز بها البشر عبر التاريخ.
ويمثل هذا الاكتشاف خطوة كبيرة نحو فهم أعمق لآلية تكون المعادن الثمينة مثل الذهب في الأرض، ما قد يفتح أفقًا جديدًا في مجال استكشاف المعادن، ويتيح للعلماء والباحثين المزيد من الفرص لفهم ديناميكيات الأرض بشكل أدق.