أندرو غارفيلد: المملكة نبض جديد وقصص تُثري السينما العالمية.. تأثرت بسحر العلا وجدة "البلد"
أندرو غارفيلد، الذي حاز جوائز عالمية والمرشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل، يعد من أبرز نجوم السينما المعاصرة. سطع نجمه بأدائه المميز في أدوار درامية ملهمة مثل Hacksaw Ridge وTick, Tick... Boom!، ويُعرف بقدرته على تقديم أدوار تعكس العمق الإنساني والصدق الفني. لقد تمكن بوساطة خيوط العنكبوت التي تخرج من يديه وهو يؤدي دور "بيتر باركر" في فيلم "سبايدر مان"، أن يأسر في شباكه ملايين المحبين عبر العالم أجمع.
شارك أندرو غارفيلد في الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي التي استقطبت نجوم الشاشة الفضية في العالم، تجولوا ما بين 5 و14 ديسمبر الجاري، في قلب عروس البحر الأحمر النابضة بالحياة جدة "البلد" التاريخية. حضور غارفيلد شكل وهجًا خاصًا وقيمة إبداعية ومعرفية من خلال مساهمته في الفعاليات الحوارية، مؤكدًا أهمية مهرجان البحر الأحمر في بناء جسور التعاون السينمائي بين مختلف الثقافات العالمية.
في حواره الحصري مع منصة "الرجل"، لا يكشف أندرو غارفيلد عن انطباعاته حول مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي فحسب، بل يذهب للتعبير عن تأثير الثقافة السعودية عليه، مشيدًا بسحر العلا ودفء مدينة جدة، وبخاصة منطقة البلد، معربًا عن امتنانه لاكتشاف هذه المواقع التاريخية التي تركت بصمتها في قلبه، وأضافت مشاعر جديدة إلى تجربته الشخصية والمهنية. إليكم تفاصيل الحوار:
الاستقبال والأجواء الرائعة
في بداية لقائنا.. اسمح لي أن أسألكم أندرو عن الذي أعجبكم في الثقافة السعودية، خصوصًا أنها زيارتكم الثانية لها؟
نعم هذه زيارتي الثانية إلى المملكة العربية السعودية، فلقد كنت هنا العام الماضي وكان لي تجربة عميقة وجميلة هنا، ودائمًا أجد استقبالًا حارًا، وهذا ما شعرت به عند قدومي إلى مهرجان البحر الأحمر السينمائي حيث تناولنا العشاء في تلك الليلة ضمن أجواء اجتماعية رائعة. كما أعجبتني تصاميم الأسقف للبنايات في منطقة البلد، إلى جانب الموسيقى التراثية والأدوات المتعلقة بها مثل آلة العود. لقد توافق كل شيء مع إشعاع القمر ولمعة النجوم. أيضًا الناس هنا طيبون للغاية ومرحبون وغير متصنعين، وأنا لمست ذلك عندما قضيت وقتًا مع منتجي أفلام سعوديين.
ودعني أضيف أن قرب مدينة جدة من مكة زادها جمالًا وقوة وقد أحسست بهما وشعرت بالامتنان لذلك، كما أنه في زيارتي الأخيرة ذهبت الى العلا ذلك المكان الساحر والجميل، لذا فأنا أشعر بالامتنان وأني محظوظ كوني تعرفت على هذه الثقافة في هذه البقعة من العالم.
لقد سمعتكم ذات مرة تتحدثون عن الغذاء والأطباق الشعبية التي تناولتموها في السعودية؟
الأكل هنا لذيذ، ولقد تناولت طبقًا يشبه "الروزيتو" المشبع بالكريمة (الجريش) وكذلك العديد من الأطباق الأخرى اللذيذة.
الإلهام السعودي لـ هوليوود
أنتم تلاحظون التطور السينمائي الذي يحدث في السعودية، ما هو تعليقكم على الدور الذي يقوم به مهرجان البحر الأحمر السينمائي ومساهمته في تطوير السينما العالمية؟
أعتقد أنه من الممتع أن نرى هذا في السعودية الدولة التي تتطور سريعًا، وأعتقد أن هذا المهرجان والقائمين عليه قد عملوا طويلًا وباهتمام ليبنوا ويمدوا جسورا بين السينما الأمريكية وصناعتها والسينما السعودية وللعرب جميعًا والشرق الأوسط كذلك. وأعتقد أنهم بدأوا يجنون ثمار عملهم الشاق حيث نشاهد الآن طاقة محفزة أعتقد أن هوليوود في حاجة ماسة لمثل هذه الطاقة والإلهام، والسعوديون لديهم الكثير منه، لذا في رأيي أن هذا هو المكان الذي تأتي منه الكثير من القصص المثيرة والمبدعة.
الدراما العاطفية
فيما يخص الدراما العاطفية أعتقد أننا نفتقد إليها لاسيما التي تخاطب المشاعر وتحتوي على قصص مؤثرة. باعتقادكم لو تم إنتاج أفلام مماثلة لفيلم "نحن نعيش في الوقت المناسب" فكيف سينظر الجمهور العالمي إلى مثل هذه الأعمال؟ وكيف تؤثر فيه؟
لقد تأثرت كثيرا بعمل فيلم "نحن نعيش في الوقت المناسب" وسعدت جدا عندما رأيت أن القصة أثرت في الناس والجمهور حول العالم، وبالطبع هذا ما كنت أتمنى عندما بدأنا تصوير الفيلم لأنك لا تعلم إذا كنت سوف ترضي تطلعات الجمهور وخصوصا أنك كممثل ليس لديك سيطرة على آراء الناس وتطلعاتهم.
ولكن أعتقد أنني عندما قرأت النص تأثرت كثيرًا وقلت في نفسي إذ كان قد أثر عليّ هكذا فإنه على الأقل سيحدث نفس التأثير في الجمهور، لأن الفيلم يتحدث عن قضية إنسانية وعالمية موضوعها الإنسان الحي وما يتطلبه ذلك من شجاعة ومخاطرة وخوف من فقدان كل شيء مقابل أن يعيش حياة لها معنى مليئة بالحب والعلاقات الإنسانية.
ويؤسفني أني لم أحضر العرض الأول لفيلم "نحن نعيش في الوقت المناسب" في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ولكن علمت أنه كان هناك الكثير من مشاعر الفرح والدموع والحزن، والأمور كانت مطمئنة وكنت سعيدًا جدًا لذلك.
اقرأ أيضًا: سلمان البدران الرئيس التنفيذي لـ"موبايلي": القيادة بالإبداع.. ونحن في قلب التحول الرقمي
فيلم يلامس حياة كل إنسان
لم أشاهد كامل الفيلم ولكن شاهدت مقتطفات وقد أحسست أنكم كنتم تجسدون شخصيتكم أندرو. لقد جعلتني خلال العشر الدقائق الأولى من الفيلم أبكي خصوصًا عندما نظرت إلى عينيك.. فهل هناك تجربة خاصة بكم هي التي دفعتكم الى القبول بهذا الدور أردتم من خلالها التنفيس عن هذه التجربة والتخلص منها؟
لا أعلم شيئًا عن التخلي والتخلص من مشاعر الحزن التي تخلفها بعض التجارب السيئة، ولكن أؤمن بالتعبير عن المشاعر بالتأكيد. المغزى الحقيقي لهذا الفيلم هو أن القصة التي يقوم عليها قد تكون قصة أي شخص أو إنسان أعتبره محظوظًا إذا عاش خسارة أليمة.
أعلم أن تعبيري هذا قد يكون غريبًا بعض الشيء ولكن أنا أعتقد أنه من الرفاهية أن تحب بقوة ثم تخسر خسارة أليمة، هذه الخسارة قد تكون خسارة شريك أو أم أو أب أو صديق أو أخ.
نعم لقد كانت تجربة مؤثرة ولكن أعتقد أن هذا الفيلم شخصي يلامس حياة كل إنسان من الجمهور بطريقة ما، ولكنني لم أكن أنظر لحياتي بطريقة تأملية عميقة. لقد كنت أريد أن أكون مبدعا وعندما قرأت النص أحسست أن هذا سيكون عملًا إبداعيًا تلقائيًا.
هل الدور الذي قمت به كان قريبًا من شخصيتكم؟
من ناحية الشخصية في الفيلم لا أعتقد أنها كانت قريبة من شخصيتي بل مختلفة عني تمامًا. نعم أنا أستخدم نفس لهجتي وهذا ما قد يخدعكم ويجعلكم تعتقدون أني أجسد شخصيتي الحقيقية (ضاحكًا)، ونعم قد تكون نفس الضحكات كذلك. لقد كان هناك بعض مشاعر التخلي ولكن بطريقة مختلفة، إنه التخلي عن التفكير العميق، ذلك التخلي التلقائي عن العمل الشاق والاستسلام وترك الأشياء تسير كما هُيئ لها أن تكون والثقة بأنه مع الوقت الأمور ستكون على ما يرام.
التحدي الممتع
في فيلم " نحن نعيش في الوقت المناسب" نرى شخصية "توبياس" خلال زمنين مختلفين.. هل كان هناك صعوبات وتحديات للقيام بذلك الدور؟
أعتقد أنه كان ممتعًا لأن كتابة النص والقصة كانت ممتازة وواضحة حيث شخصية "توبياس" موجودة خلال هاتين الفترتين الزمنيتين وكان واجبي المهني أن أكون صادقًا خلال هاتين الفترتين. وأعتقد كذلك أن الذي ميز الفيلم وجعله بهذه الدرجة من المصداقية والجمال هو عندما ننظر إلى هذه العلاقة فإن الوقت يصبح ضمنيًا، ويختفي الخط الزمني المحسوس ويصبح أقرب إلى كونه خطًا زمنيًا عاطفيًا تطغى عليه المشاعر، وقد أعطانا هذا المساحة والحرية.
لقد كانت تجربة ممتعة حقًا أن تكون قادرًا على تجربة جوانب ولحظات مختلفة من هذه الشخصية.
معرفة الذات ميزة
هل تعتقدون أن معرفتكم لذاتكم سيجعلكم تمثلون الشخصية بصدق؟ وهل هذا هو النمو المهني والفني الذي كنتم تسعون إليه في حياتكم المهنية؟
نعم بالتأكيد معرفتك بذاتك من المميزات التي يحظى بها الممثل، ويعتمد ذلك على الدور الذي ستقوم به فإن ذلك يمكنك من سبر أغوار النفس ومكنوناتها لتصل إلى أجزاء في ذاتك قد تكون ظلامية ولم يسبق لك التعبير عنها من قبل، وقد تكون ضبابية ومزعجة، كما قد يرى في نفسه قدرات لم يكن يعلم أنها موجودة، وذلك بحسب تصميم الشخصية.
و أعتقد أني أميل إلى معرفة نفسي على أكمل وجه ممكن وبشكل كامل قدر الإمكان. إنني أسعى الى أن أكون صادقًا مع نفسي ومع الآخرين ومع العالم المحيط بي وكذلك عملي.
لا للنكران والتخلص
في شخصيتكم الواقعية.. ما هي النواحي التي ترغبون في التخلص منها؟
هناك جوانب في شخصيتي أتمنى أنها غير موجودة مثل الجميع، ولكن الخطر يكمن إذ حاولنا أن ننفي هذه النواحي ونعيش في حالة نكران مما نحن عليه، وقد يؤدي ذلك إلى ضرر كبير على الذين من حولنا. لذلك فإنه من المهم بالنسبة لي إيجاد هذه النواحي في شخصيتي ومعرفتها والاعتراف بها والتحكم بها بدلًا من أن تتحكم هي في أفعالي وتوجهاتي بلا وعي.
التحكيم ممتع ومفيد
كيف كانت تجربتكم التحكيمية في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش؟ هل تعتقد أنها ستؤثر على اختياراتكم المهنية مستقبلًا؟
نعم رحلتي الى مراكش للمشاركة في التحكيم للجائزة الكبرى كانت من أجمل وأمتع الإجازات، كوني كنت أشاهد فيلمين يوميا الساعة 11 صباحا والثالثة مساء مع محكمين ملهمين مثل لوكا وبتريشا وزويا وسنسي مليه.
هؤلاء فنانون رائعون جدًا، وكانت فرصة لي لأستمع إلى أحاديثهم عن السينما، ما زاد من معرفتي بالسينما، وكان هناك الكثير من المخرجين الشباب الذين كنا نشاهد أعمالهم في مراكش، وكانوا صانعي أفلام للمرة الأولى أو الثانية وقد كنت أشعر بإحساس الحيوية في تلك الأفلام المليئة بالأمل والشوق والإلهام، وبخاصة تلك الأفلام القادمة من بقاع ودول في هذا العالم لم أزرها من قبل مثل فلسطين والصومال والسودان. لقد تواصلت مع ثقافات لم أمتزج معها من قبل وكان ذلك ثراء لي كممثل حيث أدركت مدى صغر حجم المفاهيم الغربية عن أهمية الذات. وكان هناك فيلم رائع من ميانمار نال إعجابنا جميعًا.
لقد كانت تجربة جعلتني أنظر للفن بطريقة مختلفة وأدرك أن هناك العديد من الطرق لصناعة الفن ورواية القصة، ومشاهدة كل هذه الأفلام وهذا الإبداع نجم عنه شعور مليء بالدهشة وهو ملهم للغاية.
البطاقة التعريفة:
الاسم: أندرو راسل غارفيلد
تاريخ ومكان الميلاد: وُلد في 20 أغسطس 1983 في لوس أنجليس، كاليفورنيا، الولايات المتحدة
الجنسية: يحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية
الدراسة: مدرسة المركزية للخطابة والدراما التابعة لجامعة لندن، حيث تخصّص في التمثيل
الحالة الاجتماعية: غير متزوج وليس لديه أبناء
هواياته: بالإضافة إلى التمثيل يهوى ركوب الأمواج
الجوائز والتكريمات:
- جائزة "توني" لأفضل ممثل في مسرحية عن دوره في "Angels in America"
- جائزة "غولدن غلوب" لأفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي عن دوره في "Tick, Tick... Boom!".
- كما ترشّح مرتين لجائزة الأوسكار.
أبرز الأفلام التي شارك فيها غارفيلد بأدوار مهمة:
- "تيك، تيك... بوم!" (2021): بدور جوناثان لارسون.
- "عيون تامي فاي" (2021): بدور جيم باكر.
- "سبايدرمان: لا عودة إلى الديار" (2021): بدور بيتر باركر/سبايدرمان.
- "تحت بحيرة الفضة" (2018): بدور سام.
- "هاكسو ريدج" (2016): بدور ديزموند دوس.
- "99 منزلًا" (2014): بدور دينيس ناش.
- "الرجل العنكبوت المذهل 2" (2014): بدور بيتر باركر/سبايدرمان.
- "الرجل العنكبوت المذهل" (2012): بدور بيتر باركر/سبايدرمان.
- "لا تدعني أذهب أبدًا" (2010): بدور تومي.
- "الشبكة الاجتماعية" (2010): بدور إدواردو سافيرين.