مرض السيلياك.. كيف يؤثر على صحتك وما أهم خطوات العلاج؟
تتراوح نسبة الإصابة بمرض سيلياك بين 1 - 2% بين السعوديين، وهو مرض مختلف عن متلازمة القولون العصبي، وإن اتفق معها في بعض الأعراض، مثل الإسهال أو انتفاخ البطن.
فمرض "سيلياك" قد يضرّ قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية، ما قد يُنهِك الجسم ويحرمه من فوائد الطعام الذي يتناوله، خاصةً مع تناول الأطعمة الغنية بـ"الجلوتين"، كالخبز والقمح، فما أبرز أعراض مرض سيلياك وكيف يمكن علاجه؟
ما هو مرض سيلياك؟
"سيلياك" مرض مناعي ذاتي وراثي؛ إذ ينشأ كردة فعل في الجسم تجاه "الجلوتين"، فعندما يدخل الجلوتين الجهاز الهضمي، ينشط الجهاز المناعي بإفراز أجسامٍ مضادة للجلوتين، تُلحِق ضررًا ببطانة الجهاز الهضمي، ما يُضعِف قدرته على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
الأطعمة الغنية بالجلوتين
ومن أمثلة الأطعمة الغنية بالجلوتين التي قد تضرّ المصابين بمرض "سيلياك":
- القمح ومشتقاته.
- الشعير.
- الخبز.
- المعكرونة.
- الكعك والبسكويت.
- الفطائر والمعجنات.
أعراض مرض سيلياك
تختلف أعراض مرض "سيلياك" من شخصٍ لآخر، وربّما لا يُعانِي بعض الناس أي أعراضٍ على الإطلاق، لكن إن ظهرت أعراض، فقد تشمل:
1. الإسهال:
يُعدّ الإسهال أو البراز المائي أحد الأعراض الأولى لمرض "سيلياك"، فحسب دراسةٍ نشرت عام 2021 في "Reviews in Basic and Clinical Gastroenterology and Hepatology"، فإنّ نحو 43% من المُصابين بهذا المرض يُعانُون الإسهال.
وقد أسهم اتّباع نظامٍ غذائيٍ خالٍ من الجلوتين في تخفيف الإسهال، مقارنةً بمن لم يفعلوا ذلك، حسب دراسةٍ نشرت عام 2016 في مجلة "Nutrients"، ومع ذلك يجب استبعاد أسباب الإسهال الأخرى، مثل العدوى، قبل اعتباره عرَضًا من أعراض مرض "سيلياك".
اقرأ أيضًا:«حساسية القمح».. ما هي أعراض المرض؟ وكيف يمكنك التعامل معه؟
2. انتفاخ البطن والغازات:
الانتفاخ من الأعراض الشائعة لمرض سيلياك، بسبب التهاب الجهاز الهضمي، وحسب دراسةٍ نشرت عام 2020 في "BMC Pediatrics"، شملت 120 طفلًا مُصابًا بهذا المرض، عانى 47% منهم زيادة انتفاخ البطن.
ومع ذلك فإنّ هناك أسبابًا أخرى لانتفاخ البطن، مثل:
- الإمساك.
- انسداد الأمعاء.
- الاضطرابات الهضمية.
كذلك تُعد كثرة الغازات في الجهاز الهضمي من علامات مرض سيلياك، لكنّها قد تحدث أيضًا بسبب الإمساك أو عُسر الهضم أو متلازمة القولون العصبي.
3. التعب والإرهاق:
ليست أعراض مرض "سيلياك" هضمية فحسب، بل قد يصحبها تدنّي طاقة الجسم، فقد وجدت مراجعة كبيرة نشرت عام 2019 في مجلة "أمراض الجهاز الهضمي والكبد Journal of Gastroenterology and Hepatology"، ارتفاع مستويات الطاقة لدى المُصابِين بمرض "سيلياك" بعد التزام نظامٍ غذائيٍ خالٍ من الجلوتين.
علاوة على ذلك، فإنّ مرض سيلياك قد يضرّ بطانة الأمعاء، ما يُؤدِّي إلى صعوبة امتصاص المعادن والفيتامينات، ومِنْ ثَمّ قد يؤدي نقصها إلى انخفاض طاقة الجسم.
ومِمّا قد يُسهِم في الإرهاق أيضًا مشكلات النوم التي يُواجِهها المُصابون بمرض "سيلياك"، حسب دراسةٍ نشرت عام 2017 في "Frontiers in Neuroscience".
4. فقدان الوزن:
قد يكون ذلك خبرًا سارًا لك إذا كُنت ترغب في خسارة الوزن، لكنه للأسف يحدث بسبب ضعف قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية بسبب الإصابة بمرض "سيلياك"، ما قد يؤدي إلى سوء التغذية وفقدان الوزن.
ومِمّا يدلّ على ذلك أنّ المصابين بمرض سيلياك بعد حصولهم على علاجٍ مناسب، لم تختفِ أعراض المرض لديهم فحسب، بل اكتسبوا وزنًا زائدًا بلغ متوسطه نحو 7.75 كيلوجرام، حسب دراسةٍ نشرت عام 2008 في "مجلة طب الجهاز الهضمي السريرية Journal of Clinical Gastroenterology".
لكن ينبغي الانتباه إلى أنّ فقدان الوزن دون سببٍ واضح، قد يكون دليلًا على مشكلات صحية أخرى، وليس بالضرورة مرض "سيلياك"، وذلك مثل مرض السكري أو السرطان أو مشكلات الغدة الدرقية.
5. الإمساك:
نعم، قد يُسبِّب مرض "سيلياك" الإسهال عند بعض الناس، لكن عند غيرهم، قد يكون الإمساك من الأعراض الأساسية، فعندما تتلف الخملات المعوية (نتوءات شبيهة بالأصابع داخل الأمعاء لامتصاص العناصر الغذائية)، بسبب مرض "سيلياك"، لا يتمكّن الجسم من امتصاص العناصر الغذائية، لكن قد يمتصّ كثيرًا من السوائل بدلًا من ذلك، ما يجعل البراز أصلب وأصعب في المرور، ما يُسبِّب الإمساك.
اقرأ أيضًا:لماذا تتدهور صحة الجهاز الهضمي مع تقدم العمر؟ وكيف تُحافِظ عليه؟
أعراض مرض سيلياك عند الأطفال
قد يشعر الأطفال المصابون بمرض "سيلياك" بالتعب، كما قد لا يزداد وزنهم بالوتيرة المتوقّعة، أو ربّما يتأخّر بلوغهم، كما تضمّ الأعراض الشائعة لذلك المرض لديهم:
- خسارة الوزن.
- انتفاخ البطن.
- ألم البطن.
- الإسهال المستمر أو الإمساك.
- القيء.
أسباب الإصابة بمرض سيلياك
قد تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بمرض سيلياك، مثل:
1. إصابة أحد الأقارب بالمرض:
مرض سيلياك مُعتمِد على الوراثة بدرجةٍ كبيرة، لذا فهو أكثر شيوعًا لدى من سبقت إصابة أحد أفراد أُسرهم بالمرض نفسه؛ إذ تبلغ نسبة الإصابة به 5 - 10% من أفراد عائلة الأشخاص الذين شُخِّصوا بالإصابة بمرض "سيلياك".
2. الجينات:
نحو 95% من المُصابين بمرض سيلياك لديهم جين "HLA-DQ2"، ومعظم الـ5% المتبقين لديهم الجين "HLA-DQ8"، وتساعد الاختبارات الجينية على معرفة ما إذا كُنت تمتلك أحد هذين الجيـنَـين أو كليهما.
ولا يعني وجود الجين أنّك ستُصاب بالمرض بالتأكيد، لكنّه قد يدلّ على زيادة المعدل المتوقع لخطر الإصابة بمرض سيلياك.
3. بعض الأمراض المناعية:
تزداد فرص الإصابة بمرض "سيلياك" في وجود بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل:
- مرض السكري من النوع الأول.
- مرض الغدة الدرقية المناعي.
- متلازمة داون.
- متلازمة تيرنر.
- التهاب المفاصل الروماتويدي.
اقرأ أيضًا:كيف تحافظ على الجهاز الهضمي من الأمراض؟
مخاطر مرض "سيلياك"
قد يُسبِّب مرض "سيلياك" العديد من المشكلات، خاصةً مع صعوبة امتصاص بعض العناصر الغذائية، ومن هذه المخاطر:
1. فقر الدم:
قد يُؤثِّر مرض "سيلياك" في امتصاص الحديد، ما قد يؤدي إلى فقر الدم، وقد أشارت مراجعة نشرت عام 2020 في مجلة "Nutrients"، إلى أنّ نحو 40% من المُصابِين بمرض "سيلياك" يُعانُون فقر الدم.
وذكرت دراسة أخرى منشورة عام 2017 في "Journal of Pediatric Gastroenterology and Nutrition"، شملت 455 طفلًا مُصابِين بمرض "سيلياك"، أن نسبة فقر الدم بينهم كانت 18%، وقد زال فقر الدم لدى 92% من المُشاركين في الدراسة بعد اتّباع نظامٍ غذائيٍ خال من الجلوتين لمدة سنة في المتوسط.
2. الاكتئاب:
قد يؤدي مرض سيلياك إلى الاكتئاب، إلى جانب الأعراض الأخرى المذكورة سلفًا، فقد ربطت بعض الدراسات بين الاكتئاب وهذا المرض، ما قد يؤثر سلبًا في جودة الحياة.
ومع ذلك فهُناك أسباب أخرى للاكتئاب ينبغي استبعادها أولًا، مثل التوتر أو الحُزن أو تغيّر مستويات بعض الهرمونات في الجسم.
3. الطفح الجلدي:
قد يُسبِّب مرض سيلياك التهاب الجلد الهربسي الشكل، وهو نوع من الطفح الجلدي المصحوب بحكّة، قد يظهر على المرفق أو الركبة أو المؤخرة أو أي مكان آخر، ونحو 17% من المُصابِين بمرض "سيلياك" يُعانُون هذا الطفح الجلدي.
ونادرًا ما يُعانِي المُصابون بذلك الطفح الجلدي الأعراض الهضمية الشائعة لمرض "سيلياك".
4. زيادة خطر الإصابة بالأمراض:
يُعدّ المُصابون بمرض "سيلياك" أكثر عُرضةً مرتين للإصابة بمرض الشريان التاجي، و4 مرات للإصابة بسرطانات الأمعاء الدقيقة.
اقرأ أيضًا:هل تعاني آلام القولون العصبي؟ جرب النظام الغذائي قليل الفودماب
كيف يمكن علاج مرض "سيلياك"؟
يُعدّ مرض سيلياك من الأمراض التي تستمر مدى الحياة، وليس لها علاج، لكن يمكن التغلب على أعراضه وتخفيفها بتجنّب الأطعمة الغنية بالجلوتين، وتناول الأطعمة الخالية منه:
وهذا كافٍ لمعظم المرضى، لكن قد يحتاج بعضهم إلى علاجاتٍ إضافية، مثل:
- مكملات غذائية لتعويض نقص بعض العناصر الغذائية المفقودة.
- أدوية لعلاج الطفح الجلدي الهربسي الشكل، مثل "دابسون".
- "الكورتيكوستيرويدات"، لتخفيف الالتهابات الشديدة التي لا تستجيب سريعًا للنظام الغذائي.
وبشكل عام يجد معظم الناس أنّ الأعراض بدأت في التحسّن على الفور بعد بدء اتّباع نظام غذائي خال من الجلوتين، وقد يستغرق تعويض نقص العناصر الغذائية عدة أسابيع، كما قد يستغرق الأمر شهورًا حتى تلتئم الأمعاء تمامًا.