خلاف دولي على كنز بحري.. من يستحق الثروة؟
السفينة الإسبانية 'سان خوسيه'، التي غرقت قبل أكثر من 300 عام قبالة سواحل كولومبيا، تُعد واحدة من أكبر ألغاز البحار وأكثرها إثارة للجدل.
كانت هذه السفينة تحمل على متنها ثروة تقدر بنحو 18 مليار دولار من الذهب والفضة والزمرد، وقد أصبحت اليوم محط خلاف دولي بين الولايات المتحدة وكولومبيا، وحتى قبيلة من بوليفيا.
في عام 1708، خلال الحرب الإسبانية البريطانية، أغرقت السفينة 'سان خوسيه' بنيران القوات البريطانية، وهي في طريقها إلى أوروبا محملة بجواهر ثمينة، ومنذ ذلك الحين، ظل مكان الحطام لغزًا حتى عام 1981، عندما زعمت شركة الإنقاذ الأمريكية 'Sea Search Armada' أنها اكتشفت موقع الكنز.
لكن هذا الاكتشاف لم يكن نهاية القصة، فمنذ ذلك الحين، تتنازع الأطراف حول ملكية هذا الكنز البحري، وفي محكمة التحكيم الدولي الدائمة في لاهاي، تدور معركة قانونية بين شركة الإنقاذ الأمريكية والحكومة الكولومبية، التي تصر على أن الكنز يخصها، إذ تم العثور عليه في مياهها الإقليمية.
تقول كولومبيا إن موقع السفينة يقع ضمن نطاق مياهها، ما يجعلها صاحبة الحق في الكنز، من جهة أخرى، تدعي شركة الإنقاذ الأمريكية أنها اكتشفت الحطام، وبالتالي يجب أن تحصل على جزء كبير من الثروة.
ولكن الصراع لا ينحصر بين الولايات المتحدة وكولومبيا فقط، فقبيلة 'كارا كارا' من بوليفيا تدعي أيضاً أن لها حقًا في هذا الكنز، وتقول القبيلة إن هذه الجواهر تم استخراجها من مناجمها الاستعمارية خلال فترة الاحتلال الإسباني، وبالتالي فهي الأحق بالحصول على جزء من الثروة.
وفي خضم هذا الخلاف، يدخل علماء الآثار والمؤرخون البحريون على الخط، وهؤلاء الخبراء يؤكدون أن حطام السفينة 'سان خوسيه' له أهمية تاريخية وثقافية كبيرة، وبالنسبة لهم، الكنز ليس فقط عبارة عن ثروة مادية، بل جزء من تراث عالمي يجب الحفاظ عليه وعدم تقسيمه أو بيعه.
'سان خوسيه'، سفينة شراعية مجهزة بـ 62 مدفعًا وثلاثة صواري، كانت تحمل على متنها أكثر من 600 شخص عند غرقها في الثامن من يونيو عام 1708، وقد كانت واحدة من العديد من السفن الإسبانية التي قامت برحلات بين أوروبا والأمريكتين خلال الفترة ما بين القرن السادس عشر والثامن عشر، حاملة معها الثروات المستخرجة من المستعمرات في العالم الجديد.
اليوم، وبالرغم من مرور قرون على غرقها، لا تزال 'سان خوسيه' تثير الأطماع والأسئلة، من يملك الحق في هذه الثروة؟ هل هو مكتشف الكنز، أم الدولة التي غرقت في مياهها السفينة، أم الشعوب التي استُخرجت منها تلك الجواهر؟
بين الأطماع القانونية والمطالبات الثقافية، يبقى الكنز في قاع المحيط شاهدًا على تاريخ طويل من الصراع والغموض، فمن سيصل إلى هذه الثروة أولًا؟