الشيف سما جاد لـ"الرجل": دروس الحياة تعلمتها من الطهي.. والمطبخ السعودي يعكس ثقافة الكرم
منزل سما جاد يمتد ليشمل العالم، حيث أصبح مطبخها نافذة على دروس الحياة والتحديات التي واجهتها بوصفها رائدة أعمال وطاهية. فالمطبخ، الذي يطل على صالون منزلها وحياتها، كان مصدر الإلهام والتغيير.
بعدما كانت حياتها تُرى باللون الوردي فقط، اكتسبت ألوانًا أكثر تنوعًا وغنًى مع الأبيض والأسود، خاصة بعد خوضها تجربة 'توب شيف' للعالم العربي في 2020. فوزها باللقب كان نقطة تحول مفصلية، لا تزال محفورة في ذاكرتها. تلك التجارب المتنوعة والتحديات التي واجهتها صقلت شخصيتها، وجعلتها أقوى وأكثر نضجًا، كما تصف نفسها.
في حوارها مع منصة "الرجل"، تحدثت رائدة الأعمال سما جاد بإسهاب عن تجربتها مع مطعمها الفاخر في جدة، الذي اضطرت إلى إغلاقه بعد فترة قصيرة من افتتاحه. إليكم نص الحوار:
اسمحي لنا أن ننطلق في الحوار عبر هذا السؤال: من هي سما جاد؟
أنا زوجة وأم وإنسانة لديها طموح كبير في مجالات متعددة مثل الطهي وريادة الأعمال، وكان من المهم بالنسبة لي تحقيق جائزة توب شيف للعالم العربي 2020، كونها لحظة فارقة في مسيرتي المهنية، ونجاحًا توج جهدًا كبيرًا بذلته في هذا الجانب، وأريد أن أضيف أني إنسانة أحب البساطة في كل شيء وأجد نفسي في ذلك.
المطبخ السعودي جذبني
لماذا اخترتِ عالم الطهي؟
ربما أن حبي للطعام والطهي منذ الصغر هو السبب في ذلك، ولكن في البداية لم أفكر يومًا ما بأخذ المسار الاحترافي لهذه المهنة، وعندما بلغت 9 أعوام نشأت علاقتي بالمطبخ مثل الأطفال الآخرين الذين يحبون أن يجربوا الطهي، حتى بدأت أفكر بطريقة مختلفة كون الأكل يجمع الناس معًا ويسهم في صنع أوقات مميزة، كما أنه نافذة على ثقافات الشعوب، والمطبخ السعودي جذبني إليه كونه ثريًّا ومتنوعًا ومضيافًا ويعكس ثقافة الكرم والعطاء، لذا كان هذا جانبًا مهمًّا في توجهي لعالم الطبخ.
دعم الأسرة
إذن توجهك نحو الطبخ هو دافع شخصي دون أن تتأثري بشخص ما؟
ربما أن نشأتي في عائلة مضيافة تقيم العديد من المناسبات، وكنت دائمًا أشاهد والدتي وهي تعمل في المطبخ وأساعدها في الكثير من المهام قد أثر عليّ، لا سيما أن والدتي طبّاخة ماهرة جدًّا ولديها نَفَس مميز في الطبخ.
كيف توازنين بين حياتك الأسرية وانشغالك بعالم الطهي؟
مع الكثير من الانشغالات في حياتنا اليومية أصبحت هناك كفة تطغى على الكفة الأخرى، وأنا أحاول دائمًا الموازنة كون هذا الأمر يشغلني لا سيما مع متابعة أبنائي الثلاثة، إضافة إلى الوقت الخاص بي الذي أحتاج إليه. ولكن الموازنة تنجح مع وجود زوج وعائلة تقدم لك الدعم والتشجيع بشكل دائم.
ما تعليقات أبنائك على الأطباق التي تقدمينها لهم؟ لا سيما أنك طاهية عالمية محترفة؟
أبنائي فخورون بي جدًّا وألمس ذلك فيهم كثيرًا، وعندما أقدم لهم الطعام في المنزل يقولون لي: الحمد لله أنك شيف. والجانب المهم هو التركيز على بناء خططهم وأن يكونوا أشخاصًا طموحين، وأن يعملوا على اختيار الأهداف المستقبلية. لدي إيمان بأن الطفل ينشأ لديه الطموح بحسب محيطه، وأنا لدي حرص كبير على أن ينشأ أبنائي في بيئة طموح، ويلاحظوا والدهم ووالدتهم وهم يعملون بشغف لإنجاز الأهداف وتحقيق الطموحات.
كيف تقضين وقتك اليومي مع الأسرة؟
هناك روتين يومي محدد أحرص عليه مع الأسرة، فيجب أن نجلس معًا ونتحدث ولو لساعة واحدة على الأقل، وكذلك يجب أن نتناول الطعام معًا، وأنا أستغل فترة الطعام لسؤال أطفالي عن يومهم الدراسي، وكذلك كيف يخططون لقضاء بقيته، وهذا الروتين يجعلني قريبة من أبنائي خلال يومهم.
التعلم الذاتي
دعينا ننتقل للجانب التعليمي.. ما هو مجال تخصصك الدراسي؟
لدي شهادة البكالوريوس في تخصص علاقات عامة وإعلام، ولقد درست في هذا القسم عن حب، كون العلاقات مهمة جدًّا في حياتنا، ولقد استفدت كثيرًا من تخصصي في حياتي العملية والشخصية. والتعليم مفيد ومهم كونه يزود الإنسان بمهارات العصر وينمي دافعيته للتعليم وكذلك يصقل الشخصية بشكل أكثر.
لماذا لم تختاري دراسة الطهي؟
الدراسة مهمة، وهي تختصر الكثير من الوقت عبر التوجيه والإرشاد الأكاديمي الذي تلقاه من الجهة التي تتعلم لديها، وكذلك تزويدك بالمراجع المهمة والمفيدة، لذا عندما تختار التعلم الذاتي سيكون الأمر أصعب نوعًا ما. وفي جانب الطهي الحمد لله أنني حققت الكثير من المنجزات، ولكن بقيت لدي رغبة خاصة في دراسة الطهي ومعرفة المزيد عنه.
اقرأ أيضًا: الفارسة السعودية أسمى السيهاتي: ليس كل من ركب الخيل خيّالًا.. أفتخر بتمثيل المملكة في أوروبا
الطبخ علمني الصبر
ماهي الدروس التي من الممكن أن نتعلمها من المطبخ أو الطبخ؟
هناك العديد من الدروس المهمة، فالطبخ يعلمك الصبر، يعلمك القوة عندما تقف أمام الحرارة لساعات طويلة. في الماضي كنت إنسانة عصبية وأريد أن أنهي الأعمال بسرعة، ولكن تعلمت الصبر والهدوء. كذلك من الدروس المهمة التي تتعلمها في المطبخ هي المرونة، لذا الطبخ يعلمك الكثير من الأمور.
لديك طاهٍ عالمي تستلهمين منه النجاحات؟
هناك طهاة عالميون أستفيد منهم وأتابعهم بشكل مستمر، لكن دائمًا أحرص على أن يكون لسما أسلوبها واتجاهها ومسارها الخاص بها. ودائمًا ما أقول إن كل شيء موجود في هذه الحياة منذ فترة طويلة من الزمن، ونحن نتوارثه أجيالًا بعد أجيال، لذا كل فكرة عليك تطويرها بطريقتك الخاصة.
طعام لذيذ وبسيط
ما هو أسلوبك الخاص في الأطباق التي تصنعينها؟
بكل بساطة أسلوبي هو تقديم أكل مريح وغير معقد، لذا لا أفضل تنفيذ الأطباق التي تزدحم فيها الأفكار والنكهات، فتوجهي دائمًا هو أن يكون الطعام لذيذًا وبسيطًا ومريحًا.
ماذا عن المطبخ الذي يستهويك؟
بكل صراحة يوجد مطبخان أحبهما، الأول هو المطبخ السعودي الذي يحتوي على نكهات مميزة وأطباق إبداعية. ويتنوع المطبخ السعودي باختلاف المناطق والتضاريس، فكل منطقة تشتهر بأكلاتها والحقيقة أنه لا يوجد ما يشبه المطبخ السعودي من ناحية التنوع والنكهات. والمطبخ الثاني هو المطبخ الآسيوي وتحديدًا الياباني فهو أيضًا يحتوي على نكهات متنوعة، ومن جانبي لدي تكنيك خاص للطهي في هذين المطبخين وأحب العمل بهما.
خرجت بمكتسبات
ما قصة المطعم الخاص بك الذي افتتحتِه بمدينة جدة، والذي أغلقتِه دون الإعلان عن السبب؟
الحقيقة لا يوجد قصة محددة، ولكن دائمًا أحمد الله على كل شيء وأنا لدي إيمان بأن كل ما يختاره الله لي هو الأفضل، وتجربة المطعم رائعة وتعلمت منها الكثير، ولقد غيرتني 180 درجة، وعندما أسأل عن سبب الإغلاق أجيب بأنه يوجد الكثير من الأسباب لذلك ولقد تخطيت الأمر.
هل تعاملت مع تجربة المطعم بطريقة عاطفية وليس لديك رغبة في الحديث عنه؟
لا، أنا إنسانة عقلانية، ولا أقحم العاطفة في العمل، ولكن أحب التفكير بطريقة إيجابية، ولا أستطيع أن أقول إن إغلاقي للمطعم أمر لم يضايقني خصوصًا لما أعطيته من وقت وجهد ومال، ولكن في المقابل هناك الكثير من الدروس التي استفدت منها خلال هذه التجربة، ولقد اكتشفت نقاط قوة جديدة وطورت الكثير من مهاراتي، وبما أنني خرجت من التجربة وأنا أوعى وأنضج أكثر من قبل فهناك مكتسبات يجب أن أنظر إليها.
إذن لديك طريقتك الخاصة في التعلم والتغلب على التحديات؟
جميع من ألتقي وإياهم في حياتي قد أتعلم منهم، والتحديات التي واجهتها في المطعم على سبيل المثال كانت صعبة، وكان هناك انهيارات كما يقال، خصوصًا أن الموضوع بالنسبة لي كان كبيرًا جدًّا، فأنا دخلت هذا التحدي وعمري حينها 27 عامًا، وهو يشكل ضغطًا كبيرًا، إذ إن جميع زبائنك سيتحولون إلى لجنة تحكيم، وسأكون تحت التقييم. ولكن كان الهدوء والتفكير بعقلانية وكذلك الحصول على الدعم في بعض الجوانب هو ما مكنني من التعامل مع التحديات الكبيرة.
تجربة توب شيف
ماذا عن تجربتك في برنامج توب شيف؟
لا أخفي أنه فور انضمامي لبرنامج توب شيف العالم العربي كان هدفي هو الفوز باللقب، وكنت أثق بقدراتي كثيرًا في هذا الجانب، ولكن هذا البرنامج لم يكن تجربة سهلة هو الآخر، فقد أخرجني من العالم الوردي الذي كنت أعيش فيه، وجعلني أصطدم بتجربة شاقة أمضيت خلالها شهرين بعيدة عن أسرتي وتحت ضغط كبير، ولكن فوزي باللقب أنساني جميع تلك المواقف القاسية، فحتى الآن لا تغيب عني لحظة الإعلان بفوزي باللقب والسعادة التي غمرتني في ذلك الوقت.
هل تفكرين في المشاركة بمسابقات أخرى؟
أبدًا لا أفكر بذلك، هذه فترة وتجربة وانتهت، فلم يعد لدي الطاقة لذلك.
بماذا تنصحين الشباب الذين يرغبون في الدخول لعالم الطهي والاحتراف فيه؟
أولًا يجب عدم الخوف من أي تجارب يرغب الشاب في الدخول إليها، ومن المهم الصبر وامتلاك روح التعلم والاجتهاد، إضافة إلى قيمة الالتزام في كل شيء.
أخطط لتعلم المزيد
أخيرًا ماذا عن خططك المستقبلية؟
ما زال لدي الكثير من الأهداف التي أرغب في تحقيقها، وعندما أصل إلى هدف محدد ينشأ لدي هدف آخر، لذا يجب الاستمرار في التخطيط والعمل والتطوير بشكل مستمر. كما يوجد العديد من المجالات الاستثمارية الأخرى التي أعمل بها وهي بعيدة عن مجال الطبخ، وكذلك لدي سما كوليكشن الذي يهتم ببيع أزياء وأدوات الطهي، إلى جانب تسعة أفرع للمخبز الخاص بي تتوزع في ثلاث مدن، وما زلت أخطط لتعلم المزيد من المهارات والدخول في العديد من التجارب.
البطاقة التعريفية
الاسم: سما جاد
الدراسة: بكالوريوس في العلاقات العامة والإعلام.
المهنة: رائدة أعمال وطاهية
اللقب: توب شيف العالم العربي 2020.