الحدائق على متن اليخوت.. فخامة تحتضن الطبيعة
مفهوم الفخامة لم يكن يوماً ثابتاً، بل كان وسيكون رؤية متغيرة ومتبدلة، وفي العالم الأكثر فخامة، ألا وهو عالم اليخوت الخاصة، فإن الأذواق بدأت ومنذ سنوات بالتبدل، ففي السابق كانت الفخامة تجنح باتجاه كل ما هو مثالي، ليتحول تدريجيًّا نحو احترام "عدم الكمال".
ولعل الرغبة في فخامة واقعية أدت إلى البحث عن الروعة المستمدة من عشوائية الطبيعة، حيث النمو الحر والألوان المتباينة، واستخدام ما يعرف بالعيوب الطبيعية الأنيقة، التي امتدت لتحول اليخوت الفاخرة، بما تضمه من أزهار ونباتات معلقة واستوائية، إلى حدائق خاصة تضيف لمسة من الواقعية والحيوية على التصاميم.
نقل الطبيعة الخضراء إلى الماء
صعد "أكسيل ماسمان" للمرة الأولى على متن يخت فاخر في التسعينيات، الرجل الذي يعمل في هندسة المناظر الطبيعية شعر بأن الأجواء "باردة" للغاية من دون حياة طبيعية. نقص لم يتمكن من فهمه، وعليه قرر نقل الطبيعة الخضراء إلى الماء، وهكذا ولدت شركته "يات غرين Yacht Green" المتخصصة في تنسيق الحدائق لليخوت.
المبدأ كان مستغرباً حينها، ولكنه لم يكن مرفوضاً، وحالياً وبعد عقود أصبح دمج المساحات الخضراء في اليخوت أكثر شيوعاً، وقد تنوعت الحدائق على متن اليخوت وتباينت، منها المصغرة والبسيطة كتلك الموجودة على متن الـ"سي أول Sea owl"، وهي حديقة أعشاب تستخدم للطهي، إلى الحدائق الاستوائية كتلك الموجودة على متن "بوديسا Boadicea".
بناء الحدائق العائمة.. مسار معقد
بناء الحدائق على متن اليخوت ليس بالأمر السهل، وفي حال كان المالك يسعى إلى حديقة فعلية، فإن الطلب هذا يجب أن يكون ضمن المخططات الرئيسة لليخت، إذ إن هناك حاجة لبنية تحتية من تجاويف لزراعة الأشجار، خصوصًا الضخمة، بالإضافة إلى أنظمة الري والصرف والإضاءة وغيرها، فلا يمكنك هنا ري الشجر أو النباتات ببساطة باليد أو بخرطوم المياه!
التعقيدات المرتبطة بالبنية التحتية للحدائق تعتمد على نوعها وحجمها، فعلى سبيل المثال زراعة شجرة ضخمة بارتفاع لا يقل عن 3 أمتار، يتطلب تصميم الركيزة التي يجب بناؤها قبل إغلاق جميع الأسطح، كما يجب بناء حوض كبير يتسع للجذور، ومساحة تضمن نموها وتمددها.
وبعض الحدائق قد تحتوي على شلالات مياه، وهذا يعني الحاجة إلى خزانات ومحركات وإمدادات، وعليه فإن تضمينها ضمن خطة البناء يوفر الوقت والجهد والمال.
في المقابل يمكن تنفيذ حدائق أقل تعقيداً، كتلك المعلقة أو التي يتم زرعها في الأصص، ولكن وبغض النظر عن حجمها فجميعها تحتاج الى أنظمة ري وصرف وإضاءة.
بطبيعة الحال فإن مكان تواجد الحديقة يحدد ما تحتاج إليه، فإذا أردت الحديقة في الداخل، فإن هناك حاجة إلى نوع محدد من الإضاءة يتناسب مع نوعية النباتات، وفي حال كانت في الخارج، فإن هناك تدابير مختلفة يجب اتخاذها وفق نوعية النباتات المستخدمة، صحيح أنه غالباً ما يتم اعتماد النباتات التي تعيش في بيئة مالحة، ولكن بعض المالكين يريدون نوعاً محدداً، ومن ثم يتم اللجوء إلى الحدائق الخارجية المغلقة.
مسار رحلة اليخت أيضاً من العوامل التي يتم يوضعها بالحسبان، خصوصاً إن كان هناك مسار يتم اعتماده أكثر من غيره، ونحن لا نتحدث هنا فقط عن نوعية النباتات والمناخ، بل نتحدث أيضاً عن القوانين، إذ إن هناك دولاً معينة تمنع "استيراد" نباتات معينة، وإدخال هذه النباتات، حتى وإذا كانت مزروعة للاستخدام الشخصي على متن قارب، يمكنه أن يتسبب بالكثير من المشكلات القانونية.
لا حدود للإبداع رغم ضيق المساحات
نوعية الحدائق وحجمها وتعقيداتها اللوجيستية ترتبط بما يبحث عنه صاحب اليخت، فالبعض يبحث عن البساطة، وهذا ما نجده على متن "غالاكتيكا ستار Glagtica Star"، الذي زين بأحواض من الأعشاب البرية على السطح الخلفي، كذلك الأمر مع "أوشن براديس Ocean Pradiase"، حيث تم استغلال السطح الرئيس ليصبح حديقة يابانية "زن غاردن"، ومن ثم تحولت المساحة تلك إلى منطقة هادئة مثالية للتأمل، مع حصى وأشجار "بونساي" في أصص أنيقة.
من الحدائق البسيطة إلى تلك الأكثر تعقيداً، كالحديقة المائية المرفقة بجدار من الأعشاب والخضراوات على متن اليخت "نينا Nina". نمط آخر يتجسد في حديقة أعشاب عمودية شبه مغلقة من أربع طبقات على متن اليخت "لوريل Laurel"، وهو توجه بات العديد من أصحاب اليخوت يعتمدونه، خصوصاً أن الحديقة تخدم أكثر من غاية، فهي توفر التنوع المطلوب، كما أنها توفر مخزوناً دائماً طازجاً من الأعشاب للطهاة.
اقرأ أيضًا: حوّل يختك إلى جنتك الخاصة: أفضل مصممي الديكور الداخلي لليخوت
في الواقع بات العديد من أصحاب اليخوت يجنحون نحو تحويل المساحات المتاحة إلى حدائق بنباتات مثمرة، وهو الأمر الذي يتم من خلال الزراعة المائية والأكوابوتونيك.
فالزراعة المائية هي الحل المثالي لليخوت، لكونها لا تحتاج إلى التربة، بل يتم زرعها في مياه غنية بالمغذيات، وغالباً ما تكون الحديقة بشكل أسطواني، مع مصدر ضوء فوق البنفسجي في الوسط، حيث تدور حوله النباتات.
وفي المقابل يأتي "التثبيت" كأحد الحلول السريعة، وهي تقنية تسمح للنباتات بالحفاظ على مظهرها الأصلي ولا تتطلب أي عناية، وعادة يتم إزالة النسغ واستبداله بالغلسيرين، ما يمنح النباتات مظهراً طبيعياً، ويسمح للمصممين بدمجها مع الديكور لكونها لا تحتاج إلى ماء أو تربة، ولعل تصاميم المصممة البحرينية "فاطمة أحمد الميدان" لليخت "سيرينتي Serenity" تجسد روعة هذه التقنية، التي تبدو كلوحة تنمو من الحائط.
أجمل الحدائق على متن اليخوت
سكاوت - Scout
بالإضافة إلى المساحات الخضراء العديدة على متن اليخت، هناك دفيئة بجدار خشبي تسمح بتعليق النباتات والزهور، كما أنها تسمح بإنشاء حديقة عمودية مع سقيفة للأصيص في الميمنة، مزودة بمغسلة ومخزن لأدوات الحديقة.
اقرأ أيضًا: Project Orion يخت المستقبل: فخم ومستدام
فلاينغ فوكس -Flying Fox
هناك الكثير من المساحات الخضراء على متن اليخت، ولكنها مركزة أكثر في منطقة الصالون، حيث النباتات موزعة على الأطراف، مع أشجار "التين الباكي" العملاقة في الزوايا، فيما تملك المساحات الخضراء نظام الري والتغذية ومراقبة الحرارة والرطوبة المتصل مباشرة بغرفة المحركات حيث يمكن مراقبته.