الرحالة السعودي بدر الشيباني لـ"الرجل": هذه قصة مغامرتي بين قمم الأعمال والجبال
"بدر الشيباني"، رحالة ومغامر ورجل أعمال سعودي، يمتلك مسيرة ملهمة تجمع بين ريادة الأعمال وروح المغامرة. من خلال مسيرته، نجح في تأسيس وإدارة مجموعة من الشركات في مجالات متعددة، منها الرياضة والسياحة والعلاقات العامة، وبجانب نجاحه المهني خاض "بدر" مغامرات فريدة حول العالم، متسلقاً أعلى القمم، ومغامراً في بيئات غير مألوفة، ما يعكس شغفه الدائم لاكتشاف المجهول وتحقيق الإنجازات.
من هو بدر الشيباني؟
رحالة ومغامر ورجل أعمال سعودي، صنفته مجلة "فوربس" الشرق الأوسط ضمن أكثر رواد الأعمال إبداعاً في المملكة العربية السعودية، وهو الرئيس التنفيذي لشركة "كاي القابضة"، التي تملك وتدير مجموعة من الشركات في مجال الرياضة والعلاقات العامة و السياحة واستثمارات أخرى متنوعة.
حصل بدر على بكالوريوس في الصيدلة الإكلينيكية، وماجستير في إدارة الأعمال من "جامعة ثندربيرد" الأمريكية، وماجستير تنفيذي في إدارة الأعمال من "كلية لندن للأعمال"، وله مؤلفان: الأول بعنوان "انفصل لتتصل"، والثاني بعنوان "كتاب في العضل"، وللاقتراب أكثر من عالمه الخاص أجرت منصة "الرجل" هذا الحوار.
كيف بدأت رحلتك في عالم ريادة الأعمال؟
تعد رحلتي في مجال ريادة الأعمال تجسيداً للعبارة التي تقول "تُولد المنحة من رحم المحنة"، فبعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية، كنت أمر بفترة حزينة جداً حيث تحطم حلمي لدراسة الماجستير والدكتوراه هناك، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حينها فكرت في إنشاء نادٍ رياضي بمواصفات فريدة، وحينما تحدثت مع أبي في هذا الأمر رحب بالمشروع ودعمني مالياً، حيث منحني مئة ألف ريال في عام 2004 لأبدأ المشروع.
نقطة الانطلاق
النادي الرياضي كان نقطة البداية في عالم ريادة الأعمال.. حدثنا عن ذلك؟
بالفعل، إذ شكل تجربة واقعية لتعلم ريادة الأعمال بالممارسة، وأصقل ذلك بالعديد من القراءات والدورات التدريبية في ريادة الأعمال، وأحطت نفسي بمجتمع الأعمال، حيث أسسنا وقتها لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية في جدة، واللجنة الوطنية لشباب الأعمال في الغرف التجارية بالرياض، كما افتتحنا فرعًا لمنظمة رواد الأعمال العالمية. وفي عام 2006 قررت مواصلة دراساتي العليا لدراسة درجة الماجستير في إدارة الأعمال.
ومنذ ذلك الحين توسعت المشروعات التي أديرها، وتنوعت ما بين الرياضة وتقديم الخدمات الاستشارية والسياحة والعلاقات العامة، وصولًا للحلول الأمنية، وأصبح يعمل معي أكثر من 350 موظفاً، وهكذا سارت الأمور بين ارتفاع وانخفاض.
ما أكبر التحديات التي واجهتها في مسيرتك المهنية؟
قطاع الأعمال يتأرجح بين المكسب والخسارة، ويتأثر بالسياق العام والأحداث العالمية والإقليمية والمحلية، ولا شك أنني واجهت الكثير من التحديات والصعوبات، لعل أبرزها الاهتزازات الاقتصادية في عام 2017، التي دفعتنا لتقليص حجم شركاتنا والتركيز على أربع شركات فقط، تمثلت في الفعاليات الرياضية والسياحة والعلاقات العامة والاستشارات، واستمر الوضع هكذا إلى أن جاءت أزمة جائحة كورونا في عام 2020 وزاد الوضع سوءًا.
وماذا فعلت للتغلب على هذا التحدي؟
قررت حينها التركيز على شركتي "ساش آند كومبني"، شركة الاتصال والعلاقات العامة وهي تعد الأكبر في شركات الاتصال الحكومي، وشركة "سبورت هب"، المتخصصة في تنظيم الفعاليات الرياضية، والتي استحوذ عليها مؤخراً شركة لجام "المالكة للعلامة التجارية وقت اللياقة"، ما يعد تتويجاً لجهودنا على مدار ست سنوات منذ تأسيس الشركة، وأعتقد أن التغلب على التحديات الصعبة في مجال ريادة الأعمال يتطلب المزيد من الصبر والمرونة في تعديل الخطة أو تغيير الاتجاه إن لزم الأمر.
اقرأ أيضًا: مصمم الطائرات السعودي منير بخش يصنع طائرته الخاصة ويحصل على تصريح الطيران الأمريكي
تحدي القمم السبع!
ماذا عن المغامرات الأخرى التي خضتها؟
بفضل الله زرت حتى الآن أكثر من 95 دولة حول العالم، ونجحت في تحقيق "تحدي القمم السبع"، واستمتعت بتحقيق الإنجاز في كل مرة مع اعتلاء أعلى قمة جبل في كل قارة، بدءاً من قمة "كلمنجارو" أعلي قمة في إفريقيا، ثم قمة "البروس" أعلى قمة في أوروبا، فقمة "كازايوسكو" أعلي قمة في إستراليا، ثم قمة "فنسن" أعلي قمة في القطب الجنوبي، وقمة "أكونكاجوا" أعلي قمة في أمريكا الجنوبية، وقمة "إيفريست" أعلي قمة في آسيا، وقمة "دينالي" أعلي قمة في أمريكا الشمالية، وأخيراً زرت أقصى بقاع العالم في القطب الجنوبي.
الأمر لم يتوقف على زيارة قمم الجبال فقط.. حدثنا عن باقي المغامرات؟
يمتلكني شغف خاص بتجربة الأشياء الغريبة، وفي بعض الأحيان الخطيرة، أحب تجربة ذلك، فعلى سبيل المثال زرت بركان حي، ومؤخراً قمت بزيارة أكبر كهف في العالم، والقائمة مفتوحة لتجربة مغامرات جديدة خلال السنوات المقبلة بإذن الله.
ما الرسالة التي توجهها إلى الآخرين من خلال تجاربك ومغامراتك؟
إن مساحة المجهول في العالم كبيرة، وإن الحياة متسعة بشكل لا يمكن استيعابه، فاخرجوا من الصناديق الضيقة، براح الكون يمنحكم براح التفكير، والحياة، والاستمتاع بالعيش، وقراءة المشهد بمنظور مختلف، سافروا لأن السفر ليس رفاهية، لكنه ضرورة لنتعلم ونرتقي في مختلف مناحي الحياة، قد يعتقد البعض أن الأمان في الراحة، لكن الأمان يأتي مع معرفة التأقلم، والتأقلم يأتي من خلال فهم سيرورة الحياة، وهو ما يمنحك إياه السفر والترحال والتنقل.
كيف توازن بين عملك وحياتك الشخصية؟
"التوازن" هو كلمة السر في النجاح في كل شيء، الكثير من رجال الأعمال يفتقد للتوازن بين العمل والحياة، فينسى نفسه وعائلته ويركز فقط على العمل، ويعتبر أن هذا هو النجاح. ومن تجربتي الشخصية أخصص وقتاً للعائلة ووقتاً للممارسة الرياضة وعيش حياة صحية، ووقتاً مقدساً للسفر والمغامرات وتجربة أشياء جديدة، تجدد بداخلي الطاقة وتساعدني في رؤية الحياة من منظور مختلف، لذا أحاول قدر الإمكان الموازنة بين الاستمتاع بالحياة والعمل.
المستقبل وريادة الأعمال
ما النصائح التي تقدمها للشباب الذين يرغبون في دخول مجال ريادة الأعمال؟
نصيحتي للشباب الراغبين في دخول مجال ريادة الأعمال هي التحلي بالشغف والإصرار، فالبداية صعبة وتتطلب المزيد من العمل المتفاني والجاد، تسلحوا برؤية واضحة وهدف محدد، وكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات وعدم الاستسلام بسهولة.
ابحثوا عن مجالات شغفكم، واعملوا بها وفقاً لمهاراتكم، لا تخافوا البدء بمشاريع صغيرة أو تجربة الأفكار الجديدة، تعلموا من أخطائكم ونجاحاتكم، وكونوا دائماً مستعدين للتكيف والتعلم المستمر، وحافظوا على بناء شبكة علاقات قوية، وتذكروا أن الإبداع والاستمرارية في التفاني هما المفتاح في ريادة الأعمال.
ما العوامل التي تأخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرار الاستثمار في شركة ناشئة؟
ثمة مجموعة من العوامل التي أركز عليها عند الاستثمار في شركة ناشئة، ومنها الفريق المؤسس لهذه الشركة، دائماً اختار رواد الأعمال الذين يمتلكون الشغف والخبرة والرؤية الواضحة والقدرة على التكيف ومواجهة التحديات، نظراً لأن ذلك يلعب دوراً كبيراً في نجاح المشروع، والعامل الثاني هو فكرة الشركة، فكلما كانت جديدة ومبتكرة وقابلة للتطبيق وعليها طلب في السوق، كلما كان ذلك أفضل.
أما العامل الثالث فيتجسد في إمكانية نمو الشركة وحجم السوق الذي تعمل به، فكلما كانت إمكانية نمو الشركة أكبر ولديها فرصة للتوسع في السوق كان ذلك أفضل، والعامل الرابع أن يكون للشركة نموذج تجاري مستدام، يوضح آلية تحقيق الأرباح وتوسيع النشاط، ومن ثم أقوم بتقييم المخاطر المحتملة، وأدرس مدى تماشي استراتيجية الشركة واستراتيجيتي الاستثمارية، وأخيراً الميزة التنافسية للشركة، فلا بد أن تكون هناك ميزة تنافسية تعزز النجاح في السوق.
كيف ترى مستقبل الاستثمار في المملكة العربية السعودية؟
لدي تفاؤل كبير بمستقبل الاستثمار في المملكة العربية السعودية، لاسيما في ظل رؤية السعودية 2030، التي تسعى بقوة لتنويع الاقتصاد في المملكة وتقليل الاعتماد على النفط، ما خلق فرصًا هائلة للمستثمرين في شتى المجالات، لاسيما مع البيئة المحفزة على الاستثمار، التي تتضمن بنية تحتية قوية ومتطورة، تبني أحدث الحلول التقنية، وحلول الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى البرامج والمبادرات التي تدعم الشركات الناشئة وتجذب المستثمرين، لذا أرى أن المملكة أصبحت وبحق وجهة استثمارية جاذبة بفضل سياسات الحكومة الداعمة للاستثمار، والفرص الواعدة.
ما هي القطاعات التي تعتقد أنها ستكون الأكثر نمواً في السنوات القادمة؟
من وجهة نظري أن هناك مجموعة من القطاعات التي ستشهد نمواً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قطاع التقنية والابتكار، والرياضة، والرعاية الصحية، والضيافة، والتعليم، والسياحة والترفيه، بالإضافة إلى الزراعة والأمن الغذائي، وذلك بفضل توجه المملكة نحو التنوع الاقتصادي، الذي يوفر فرصاً واعدة لهذه القطاعات.
تحقيق الأهداف واتخاذ القرار
كيف تقيم أداء استثماراتك وما هي المعايير التي تستخدمها؟
يعد تقييم أداء الاستثمارات جزءًا أساسيًا من استراتيجيتنا لضمان تحقيق الأهداف المالية والاستثمارية، وأعتمد في ذلك على مجموعة من المعايير، أبرزها القدرة على التكيف والابتكار، والنمو والايرادات وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، بالإضافة إلى متابعة المؤشرات المالية الرئيسة، وهذا التقييم الدوري يساعدنا على تقييم مسار أعمالنا، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب والصحيح.
ما أكبر فشل واجهته في مسيرتك وكيف تعلمت منه؟
أكبر فشل واجهته كان مشروع المطعم، ربما لأني لم أقدر الموقف وقتذاك بطريقة صحيحة، وافتتحت المشروع على أمل أن يحقق مكاسب جيدة، لكن التنفيذ لم يكن بالشكل المطلوب، مما تسبب في خسائر مالية، لكنني تعلمت من هذا الفشل درساً كبيراً فيما يتعلق بالتخطيط والتقييم الجيد، واستثمار الوقت والموارد بحكمة، ولا أخفي عليك أن الله وفقني لتحويل هذا الفشل لنجاح كبير بالمصادفة البحتة، حيث إننا أقمنا حفل تأبين عند إغلاق المطعم واعتبرناها راية استسلام لهذا الفشل، لكن الرياح أتت بما تشتهي أنفسنا، حيث لاقى حفل التأبين صدى إعلامياً كبيراً تم على إثره إنشاء شركتنا في العلاقات العامة والاتصال "ساش آند كومباني"، وهي تلعب دوراً كبيراً الآن في رسم الصورة الذهنية والإعلامية الجيدة لعدد من أكبر الشركات الحكومية والخاصة في المملكة.
كيف تُعرف النجاح في مجال ريادة الأعمال؟
لدي تعريفي الخاص للنجاح في ريادة الأعمال، وهو قدرتي على تحقيق الأهداف التي وضعتها لي ولشركتي، وقدرتي على الابتكار والتفوق، حيث يتطلب النجاح في قطاع الأعمال قدرة على تلبية احتياجات السوق بطريقة مبتكرة، ما يجعلني أشعر بالنجاح على المستوى الشخصي والمهني، لأن النجاح ليس مجرد أرقام، لكنه يتضمن شعوري بالرضا كوني تركت أثراً إيجابياً على المجتمع والفريق، من خلال تحسين حياة الناس وخلق المزيد من فرص العمل، ثم تتويج كل هذا بقدرتي على التوسع والنمو.
اقرأ أيضًا: رويد بن علي باعامر: اختراعي يحمي البيئة ويحقق وفورات بمليارات الدولارات للصناعات البحرية
لحظات الفخر
ما هي اللحظة التي شعرت فيها بأكبر فخر في حياتك المهنية؟
أكثر اللحظات التي أشعر فيها بالفخر هي اللحظات التي أرى فيها شركاتي وأعمالي تحدث فرقاً ايجابياً في حياة الناس، وتغير حياتهم للأفضل، أو تساعد عملائي على أداء أعمالهم بطريقة مبتكرة، يمتلكني هذا الشعور الرائع أيضاً عندما أرى فريق عملي يحقق نجاحات فردية وجماعية، وأشعر أنني غيرت حياتهم للأفضل ومنحت لهم الفرص لتحويل أحلامهم لحقيقة.
هل يمكنك أن تخبرنا عن أحد المشاريع أو الشركات التي تشعر بأنها كانت الأكثر تأثيراً في حياتك المهنية؟
شركة "ساش آند كومباني" هي الأكثر تأثيراً، لأنها شركة اتصال وتواصل، منحتني فرصة للتواصل مع عملاء من القطاع الحكومي والخاص، وتحويل رؤيتهم الاتصالية والإعلامية لحقيقة، ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم.
كيف ترى دور الابتكار في تحقيق النجاح في ريادة الأعمال؟
الابتكار هو كلمة السر في عالم الأعمال، إن لم تكن متجددًا ومبدعًا سيتجاوزك السوق وستختفي تماماً، ولدينا الكثير من الأمثلة على ذلك، فمن لم يتجدد يتبدد، أقول دائماً: "أوجد حلولاً غير تقليدية للمشكلات التقليدية".
ما هي التوجهات الجديدة في مجال التكنولوجيا التي تثير اهتمامك؟
هناك توجهات عديدة في مجال التقنية تثير اهتمامي أهمها هذه الفترة الذكاء الاصطناعي وتطور الآلة، وأدرس مع فريق عملي كيفية الاستفادة في هذه القدرات الهائلة في تطوير أعمالنا وأعمال شركائنا.
كيف تحافظ على تحديث معرفتك ومواكبة التطورات في مجالك؟
أصبحت الحياة الآن في تطور سريع، وأبذل قصارى جهدي لمواكبة التطورات في مجال ريادة الأعمال، من خلال متابعة أحدث الكتابات في هذا المجال، سواء الكتب أو الأبحاث المنشورة، بالإضافة إلى التواصل المباشر مع مجتمع رواد الأعمال.
ما هي الأهداف التي تسعى لتحقيقها خلال السنوات القادمة؟
أهدافي المستقبلية تتمثل في تحقيق النمو المستدام لشركاتي، والبحث عن فرص اندماج أو استحواذ، وخلق المزيد من فرص العمل والسفر لمزيد من الدول، والبحث عن مغامرات جديدة.
كيف تستمتع بوقتك خارج العمل؟
لدي وقت مخصص للسفر والمغامرة كل عام، ولدي برنامج صارم ألتزم به وأستعد له بدنياً ومالياً، لقد زرت العديد من دول العالم، وجربت الكثير من الأشياء الجديدة والمختلفة، ولدى شغف كبير لتجربة المزيد واستكشاف المزيد.