سباق البحث العلمي: كم تخصص له الدول من ميزانياتها؟
يشهد العالم طفرةً كبيرة في الاستثمارات العالمية في البحث والتطوير (R&D)، فقد تضاعفت هذه الاستثمارات ثلاث مرات خلال العشرين عامًا الماضية، لتصل من 672 مليار دولار أمريكي عام 1992 إلى أكثر من 2.2 تريليون دولار بحلول عام 2021، وذلك حسب تقرير البحث والتطوير الصادر عن الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم (AAA). صحيحٌ أن جائحة كورونا قد أعاقت هذا النمو مؤقتًا، إلا أن الأرقام تُشير إلى استمرار اتجاه الاستثمار في البحث والتطوير بشكلٍ تصاعدي.
وتواصل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، التي تضم أكثر من مئة دولة، جهودها في الاستثمار بالبحث العلمي، سعيًا منها لتعزيز مكانتها على الساحة العالمية. فما هي الدول الأكثر إنفاقًا على البحث العلمي؟ وكم هي النسبة التي تخصصها كل دولة من إجمالي ناتجها المحلي (GDP) للبحث العلمي؟
ملاحظة: تستند النسب المئوية المُخصصة للبحث العلمي من إجمالي الناتج المحلي إلى أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2021.
ونظرًا لتعقّد الموضوع واختلاف المعايير بين الأشخاص (حيث يرى البعض أهمية الترتيب حسب المبلغ المُنفَق، بينما يرى البعض الآخر أهمية الترتيب حسب نسبة هذا المبلغ من الناتج المحلي الإجمالي)، لن نُقيد هذه القائمة بترتيبٍ مُحدد، بل سنذكر فقط أبرز الدول إنفاقًا على البحث العلمي.
كوريا الجنوبية
- تنفق 4.93% من إجمالي الناتج المحلي (1.82 تريليون دولار) على البحث العلمي
وافقت اللجنة الاستشارية الرئاسية الكورية للعلوم والتكنولوجيا على زيادة كبيرة في الإنفاق على البحث والتطوير (R&D)، حيث تم تحديد ميزانية 23.5 تريليون وون، أي ما يعادل 20.7 مليار دولار أمريكي في ذلك الوقت، وذلك بزيادة 4.6% عن العام السابق.
تهدف كوريا الجنوبية من خلال هذا الاستثمار المتزايد إلى: تعزيز ريادتها التكنولوجية العالمية، ودعم ما يقرب من 1200 مشروع.
وتشمل مخصصات الميزانية: 21.3 تريليون وون للمشاريع الجارية. و1.9 تريليون وون للمناطق الجديدة (حوالي 290 منطقة). ويُظهر هذا الاستثمار التزام الحكومة الكورية بتطوير البلاد بشكل عام.
فرنسا
- تُنفق فرنسا 2.2% من إجمالي ناتجها المحلي (2.96 تريليون دولار) على البحث العلمي.
أنفقت فرنسا 65.67 مليار دولار في عام 2021 على البحث العلمي، وهو ما يعادل 2.2% من إجمالي ناتجها المحلي. ويُؤكّد هذا الإنفاق التزام فرنسا بالابتكار ويجعلها واحدة من الدول الرائدة في أوروبا في مجال البحث والتطوير.
الولايات المتحدة
- تنفق 3.46% من إجمالي الناتج المحلي (23 تريليون دولار) على البحث العلمي
اقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن في العام الماضي زيادةً كبيرة في التمويل الفيدرالي للبحث والتطوير، حيث وصلت الميزانية المقترحة إلى 204.9 مليار دولار. ويهدف هذا الاستثمار الضخم إلى الاستفادة من الإمكانات الكاملة للعلوم والتكنولوجيا لصالح الشعب الأمريكي.
وتشمل الميزانية المقترحة: 110.9 مليار دولار للبحوث الأساسية والتطبيقية. وتركيز على المجالات الحيوية مثل الاستعداد لمواجهة الأوبئة.
وعلى مدى 5 سنوات، تعتزم الولايات المتحدة تخصيص: 81.7 مليار دولار للصحة والخدمات الإنسانية. و16.9 مليار دولار للابتكار المناخي.
ويُظهر هذا الاستثمار التزام الولايات المتحدة الراسخ بتعزيز ريادتها في مجال العلوم والتكنولوجيا وتحسين حياة المواطنين الأمريكيين.
بلجيكا
- تنفق 3.46% من إجمالي الناتج المحلي (601 مليار دولار) على البحث العلمي
اقرأ أيضًا: "لحظات فارقة".. أشهر اكتشافات علمية حدثت بالمصادفة
أثبتت بلجيكا مكانتها كدولة رائدة عالميًا في مجال الابتكار، من خلال سعيها الدؤوب لزيادة إنفاقها على البحث والتطوير بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي منذ عام 2005. وقد وصل هذا الإنفاق إلى نسبة مرتفعة تُنافس بها الولايات المتحدة في هذا المجال.
وتعترف المفوضية الأوروبية ببلجيكا كـ "قائدة الابتكار" داخل الاتحاد الأوروبي، مُستشهدةً بأدائها القوي في مجالات الاستثمار، والتصنيع، والتصدير. كما يُصنّف المنتدى الاقتصادي العالمي بلجيكا من بين أفضل الدول الأوروبية من حيث الإنفاق على الابتكار.
سويسرا
- تنفق 3.36% من إجمالي الناتج المحلي (813 مليار دولار) على البحث العلمي
لا تشتهر سويسرا بالساعات الفاخرة وأجبانها اللذيذة فحسب، بل تُعدّ أيضًا من الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا والبحث العلمي على مستوى العالم. حيث تُخصص سويسرا نسبةً كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي للبحث والتطوير، تصل إلى 3.36%، ممّا يؤكّد التزامها بالحفاظ على مكانتها المرموقة وبيئتها المواتية للأبحاث على الصعيد العالمي.
السويد
- تُنفق السويد 3.42% من إجمالي ناتجها المحلي على البحث العلمي.
في عام 2022، خصصت الحكومة السويدية نحو 43.5 مليار كرونة سويدية للبحث والتطوير، ما يُمثل انخفاضًا بنحو 540 مليون كرونة مقارنة بعام 2021.
وقد تم تخصيص نصف هذا المبلغ تقريبًا، أي ما يُعادل أكثر من 42 مليار دولار، لدعم وتطوير الجامعات والكليات.
النمسا
- تنفق 3.26% من إجمالي الناتج المحلي (479 مليار دولار) على البحث العلمي
اقرأ أيضًا: من إيلون ماسك لمارك زوكربيرج.. ماذا يأكل رواد التكنولوجيا؟
تُعدّ النمسا من أكثر الدول الأوروبية ابتكارًا، حيث تخصص موارد كبيرة للبحث والتطوير. ففي عام 2021، خصصت الحكومة النمساوية 15.61 مليار دولار لهذا الغرض، وهو ما يُمثل 3.25% من ناتجها المحلي الإجمالي، ما يجعلها من بين أكبر الدول المُنفقة على البحث والتطوير في العالم.
فنلندا
- تنفق 2.98% من إجمالي الناتج المحلي (296 مليار دولار) على البحث العلمي
تُعدّ فنلندا من الدول الرائدة في مجال الالتزام بتطوير البحث العلمي. ففي عام 2021، خصصت الحكومة الفنلندية ما يعادل 2.98% من ناتجها المحلي الإجمالي البالغ 296 مليار دولار، أي ما يُقارب 8.86 مليار دولار، لدعم البحث العلمي، وذلك في مجالات رئيسة تشمل التكنولوجيا، والرعاية الصحية، والاستدامة البيئية. ويُساهم هذا الاستثمار في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للبلاد، كما يعزّز مكانتها الدولية كدولة رائدة في مجال الابتكار.
الدنمارك
- تنفق 2.81% من إجمالي الناتج المحلي (406 مليارات دولار) على البحث العلمي
تُعرف الدنمارك ببراعتها التكنولوجية، وتُعدّ من الدول الرائدة في مجال البحث والتطوير على مستوى أوروبا والعالم. ففي عام 2021، خصصت الحكومة الدنماركية 11.41 مليار دولار للبحث والتطوير، وهو ما يُمثل 2.81% من ناتجها المحلي الإجمالي البالغ 406 مليارات دولار.
ويُؤكّد هذا الاستثمار الكبير التزام الدنمارك بتعزيز مكانتها كمركزٍ رائدٍ للابتكار والبحث العلمي.
النرويج
- تنفق 1.93% من إجمالي الناتج المحلي (503 مليارات دولار) على البحث العلمي
بتخصيصها نحو 1.93% من إجمالي ناتجها المحلي للبحث العلمي في عام 2021، احتلت النرويج المرتبة التاسعة عشرة بين الدول الأكثر إنفاقًا على البحث العلمي.
وبشكل عام، تُعدّ النرويج وجهةً واعدةً لأبحاث البنوك الحيوية (Biobanks) على وجه الخصوص، وللمجال الطبي والصحي بشكل عام. ويُظهر هذا الاهتمام تركيز الدولة على تعزيز البحث العلمي في هذه المجالات، إلى جانب مجالات أخرى.
تركيا
- تنفق 1.40% من إجمالي الناتج المحلي (820 مليار دولار) على البحث العلمي
قد يرى البعض أن 1.40% هي نسبة قليلة مخصصة للبحث العلمي، لكنّها ليست كذلك بالنظر إلى ناتج تركيا المحلي الذي وصل إلى 820 مليار دولار في عام 2021، ما جعلها من بين الدول الأكثر إنفاقًا على هذا المجال.
ويُعدّ تركيز تركيا على البحث العلمي، حتى في ظلّ مواجهتها للكثير من التحديات الاقتصادية، دليلًا واضحًا على إدراكها لأهمية هذا المجال في تعزيز مكانتها على الساحة العالمية وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.