4 كتب عن صناعة القرار ليست أُحجية.. درّب عقلك وانتظر النتائج..!
لسنوات طويلة عكف العلماء على دراسة عقولنا، باعتبارها آلات مبدعة تعمل بشكل إعجازي يتجاوز حدود المنطق البشري ومقاييس الزمن، مثلما درسوا تلك العمليات المعقدة التي تتم بين أدمغتنا للقيام بالعديد من الوظائف والأفعال، ومنها اتخاذ القرارات، التي قد تكون بطبيعتها عرضة لسوء الحكم أو الاعتماد على البيانات غير المؤكدة.
لقد اكتشفت عديد من الدراسات أننا نتصرف في بعض المواقف دون تفكير كامل، بل حتى دون معرفة أسباب تصرفنا بطريقة معينة، وربما نخالف هنا المعلومات والبيانات والإحصائيات أيًّا كانت طبيعتها ودقتها، لنصدر أحكامًا عفوية غريزية في موضوع ما، ثم نخلص لها ونلتزم بها، وهو ما يطرح سؤالًا: هل يمكننا تعطيل تلك الديناميكيات الفطرية، أو تطويرها لصالحنا وبما يخدم عمليات تفكير أكثر وضوحًا لدينا؟ وهل يمكن حقًا تدريب عقولنا على اتخاذ القرار الأفضل في العمل والحياة؟ هذا ما تتناوله الكتب التالية.
Thinking, Fast and Slow
التفكير، بسرعة وببطء
الكاتب: دانيال كانيمان
تحول هذا الكتاب الأكثر مبيعًا على مستوى العالم بإصداراته وتنسيقاته المتنوعة، إلى أحد الكلاسيكيات التي لا يمكن تجاهلها ونحن نتناول إمكانية تدريب العقل على اتخاذ القرار، إذ لا يزال يحتفظ بريادته في هذا الخصوص، حيث يأخذنا كاتبه "دانيال كانيمان"، عالم النفس الشهير والحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، في جولة بين أدمغتنا يشرح خلالها النظامين اللذين يحركان الطريقة التي نفكر بها، مؤكدًا أننا محكومون بعقلين منفصلين تمامًا: نظام سريع وبدهي وعاطفي "تلقائي"، ونظام أبطأ وأكثر منطقية "واعٍ". ومن خلال هذين النظامين وتداخلهما معًا تتشكل أحكامنا وقراراتنا، بدءًا من الاستثمار والأعمال وصولًا إلى التخطيط لعطلاتنا القادمة وألوان ملابسنا.
الكاتب الذي أثرت دراساته في علم النفس والاقتصاد السلوكي بتغيير الطريقة التي نفكر بها في التفكير نفسه، يكشف هنا عن القدرات غير العادية وتحيزات التفكير السريع والتأثير السائد للانطباعات البدهية على أفكارنا وخياراتنا، وأين يمكننا أن نثق بحدسنا، وكيفية الاستفادة من فوائد التفكير البطيء، بينما يقدم رؤى عملية ومفيدة حول كيفية اتخاذ القرار، مع استخدام تقنيات مختلفة للحماية من مواطن الخلل العقلية التي غالبًا ما توقعنا في المشكلات، ولعل إحدى الأفكار المثيرة للاهتمام تأتي في خاتمة الكتاب، إذ يؤكد كاتبه أهمية تحسين عملية صنع القرار لدينا، والدور الذي يمكن أن تقوم به التكنولوجيا في تحقيق ذلك في المستقبل.
Super Deciders: The Science and Practice of Making Decisions in Dynamic and Uncertain Times
أصحاب القرار الفائقون: العلم والممارسة في اتخاذ القرارات بالأوقات الديناميكية وغير المؤكدة
الكاتب: ستيفان بروسوني، وآخرون
في هذا الكتاب يقدم فريق من الباحثين ومستشاري الأعمال المشهورين تطبيقًا لأحدث الأبحاث ذات الصلة في علم الأعصاب، لتقديم نموذج عملي يمكنك استخدامه ليس فقط للتنقل في سيناريوهات صنع القرار المعقدة، ولكن أيضًا لجعلك أحد أصحاب القرار الفائقين، إذ يجمع هؤلاء على أنه قد يكون بعض الأفراد أفضل من غيرهم في اتخاذ القرارات، ولكن يمكن للجميع أن يصبحوا أفضل في ذلك، فيما يمكنهم اتخاذ القرارات الأكثر صعوبة بشكل فعال، في بيئات ديناميكية سريعة الخطى والتغير، يغلب عليها غياب المعلومة والغموض وعدم اليقين، بينما تزداد الحاجة إلى التنبؤ بالنتائج.
يضم الكتاب ثلاثة أجزاء، يحتوي الأول إطارًا عمليًّا لاتخاذ القرارات الفعالة في ظل عدم اليقين، وفي الجزء الثاني يناقش أساليب التنفيذ الفعال لتلك القرارات، ومن ثم إدارة التغيير على كل المستويات، وأخيرًا يقدم اقتراحات حول الكيفية التي يمكن بها تشخيص وتحسين القدرات المعرفية ذات الصلة باتخاذ القرار، وما نسميه بالقرارات الفائقة أو العظيمة، التي لا تحكمها قاعدة عامة أو صيغة رياضية، لكن فهم بعض المبادئ البسيطة والأساسية لعلم الأعصاب وعلم النفس في عملية صنع القرار يمكن أن يعززها بشكل كبير، فيما يشرح المؤلفون نموذجهم والأبحاث ذات الصلة بطريقة سهلة في مجموعة متنوعة من المواقف، بدءًا من صياغة الاستراتيجيات، وصولًا إلى اتخاذ قرارات التوازن بين العمل والحياة.
اقرأ أيضًا: 4 كتب عن حوكمة الشركات.. قارب نجاة وسط أمواج متلاطمة!
The Confident Mind A Battle-Tested Guide
العقل الواثق: دليل تم اختباره في المعركة
الكاتب: نيت زينسر
أمضى مؤلف الكتاب الدكتور "نيت زينسر" حياته المهنية كأستاذ متسع الخبرة في علم نفس الأداء، حيث عمل على تدريب عقول طلاب الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، وهم يستعدون للقيادة والأداء عندما تكون المخاطر في أعلى مستوياتها بساحة المعركة، كما قام أيضًا بتدريب رياضيين عالميين مع العديد من الحائزين ميداليات أولمبية، والمديرين التنفيذيين والكثيرين غيرهم في برنامج التدريب العقلي الأكثر شمولًا في البلاد، وقد قام بتعليم كل هؤلاء التغلب على الضغط والنجاح في المراحل الأكبر والأكثر خطورة، ومن خلال كل الخبرة التي اكتسبها، أدرك "زينسر" أن هناك سمة عقلية واحدة فوق كل السمات الأخرى، تجعل الأداء الأقصى ممكنًا، وهي الثقة أو الإيمان بالذات، التي رأى أنها مهارة يمكن لأي شخص تعلمها وتحسينها وتطبيقها مع التدرب عليها لتعزيز حياته.
وفي كتابه الأحدث استخلص الكاتب عصارة أبحاثه وسنوات خبرته، ليزود القراء ببرنامج عملي خطوة بخطوة، لتسخير إيمانهم بأنفسهم على أفضل وجه ممكن لتحقيق النجاح في أي مجال، فقد وصل إلى قناعة بإمكانية تدريب عقلك على كل شيء، بما في ذلك قدرته على تحديد الأولويات واتخاذ القرار الواثق، ومن ثم فقد قدم هذا الدليل لعلم الثقة، الذي يتضمن: كيفية فهمها، وكيفية بنائها، وكيفية حمايتها، وكيفية الاعتماد عليها عندما يكون أداؤك هو الأكثر أهمية في هذه المرحلة الحاسمة.
Blink: The Power Of Thinking Without Thinking
وميض: قوة التفكير دون تفكير
الكاتب: مالكولم جلادويل
على نهج الكتاب الأول، اعتبر كتاب الصحفي الشهير "مالكوم جلادويل" منهجًا كلاسيكيًّا بجدارة في مجال التفكير، فقد أثرت مفاهيمه على ما جاء بعده من الكتابات، حيث أعاد تعريف الطريقة التي نفهم بها العالم بداخلنا، وكيفية تفكيرنا دون تفكير، من خلال الاختيارات التي يبدو أننا نتخذها في غمضة عين، والتي هي في الواقع ليست بسيطة كما تبدو، فيما طرح الأسئلة الأهم مثل: لماذا يكون بعض الأشخاص صناع قرار بارعين، يتخذون قرارات سريعة بشكل استثنائي؟ بينما يختنق آخرون تحت الضغط ويكون البعض الآخر غير أكفاء دائمًا؟ لماذا يتبع بعض الناس غرائزهم وينتصرون، بينما ينتهي الأمر بالبعض الآخر إلى الوقوع في الخطأ؟ كيف تعمل أدمغتنا؟ وهل تؤثر المتغيرات الظرفية مثل محيطنا المباشر على قدرتنا على اتخاذ القرارات؟ ولماذا تكون أفضل القرارات في كثير من الأحيان هي تلك التي يستحيل شرحها للآخرين؟!
لقد افترض الكاتب أن العامل الرئيس في قدرة الناس على اتخاذ قرارات أفضل يكمن في القدرة اللاواعية على تحليل الأنماط في سيناريوهات، بناءً على ومضات قصيرة من الخبرة، والتوصل إلى استنتاج بناءً على تلك المعرفة، واعتمد "جلادويل" على أمثلة من الحياة الواقعية والقرائن لتوضيح هذه الأفكار، معتبرًا أن الفارق الرئيس بين صانع القرار الجيد والسيئ هو إتقان التحليل الدقيق، الذي يمكنك تعلمه بالاعتماد على أحدث العلوم النفسية والعصبية.