ساهمت في بناء ثرواتهم.. أمور يتجنب الأثرياء العصاميون الإنفاق عليها
قضى الكاتب والمخطط المالي "توم كورلي" سنوات في دراسة الأثرياء من أصحاب الملايين، للتعرف على عاداتهم وطرق تفكيرهم، قبل أن يكتب العديد من الكتب التي كشفت جوانب هامة عنهم، مثلما كشفت بعضًا من أسرار تكوين الثروة واستثمارها والحفاظ عليها، مثل كتاب "غير عاداتك تغير حياتك" وكتاب "عادات غنية وعادات فقيرة".
ولعل من المثير أن جميع مقابلاته مع هؤلاء المليونيرات العصاميين خرجت لتؤكد على نقطة هامة، حيث اتفقوا جميعًا على أن توقفهم عن إهدار المال على أشياء لا قيمة لها من وجهة نظرهم، هو أحد الأسباب الهامة التي ساهمت في بناء ثرواتهم. فرغم أنهم يملكون المال الكافي لشراء كل ما يريدونه، إلا أنهم في الواقع كانوا مقتصدين للغاية عندما يتعلق الأمر بإنفاقهم الخاص.
قائمة أشياء يتجنب أصحاب الملايين الإنفاق عليها
نفس هذا المعنى تحدث عنه العديد من الكتاب اللاحقين، الذين نقلوا لنا هذه الزاوية العامة من تفكير أصحاب الملايين. فقد يكون من المغري أحيانًا شراء سترة أو سيارة حديثة، إلا أن اقتناء الأغراض بدافع النزوة ليس من عادات الأثرياء
وهذا لا يعني بالطبع أن أصحاب الملايين لا يشترون سلعًا فاخرة، وإنما يعني أنهم يفكرون كثيرًا قبل الإقدام على ذلك، فيما يبدو الأمر بالنسبة لبعضهم تحديًا ممتعًا، عندما تكون قادرًا على شراء شيء ما، ثم تختار عدم القيام بذلك. بينما يتفق غالبية هؤلاء على أنهم يتجنبون الإنفاق على بعض الأشياء، فما هي؟!.. هذا ما سنعرضه في السطور التالية.
العلامات الفاخرة
عندما صرح "إينغفار كامبراد" مؤسس علامة "إيكيا" لمجلة "نيوزويك" بأنه لا يرتدي سوى الملابس من سوق السلع المستعملة، عبر الكثيرون عن دهشتهم من هذا الأمر. فكيف لهذا المليونير العصامي صاحب العلامة الذائعة الصيت أن يفعل ذلك؟ ولكنه كان صادقًا في تصريحاته التي- ربما- يؤمن بها غالبية الأثرياء العصاميين. فرغم أنهم يستطيعون شراء أحدث صيحات الموضة من كبار المصممين، إلا أن ذلك لا يعني أنهم ينفقون أموالهم التي جمعوها بعد عناء كبير على الملابس الراقية.
وهنا تبدو القائمة طويلة، وفي مقدمتها الملياردير "بيل غيتس" الذي قال في تصريحه لمجلة "تايم" أنه لا يزال يرتدي ساعة بقيمة 10 دولارات رغم قدرته على شراء خزانة مليئة بساعات "رولكس".
وأيًا كانت دوافع هؤلاء للقيام بذلك، تظل حقيقة أنهم يفعلون مثل هذه الأمور أو يمتنعون عنها كمحصلة لخبرة طويلة يؤمنون بنتائجها. وإذا همّوا لاتخاذ قرار، فإنهم يدرسون الخيارات المتاحة بشكل جيد، لاختيار أفضلها من كافة النواحي وبشكل خاص من حيث القيمة والجودة.
الموضة السريعة
يؤكد المليونير العصامي "جوناثان سانشيز" مؤسس شركة Parent Portfolio، أنه يحافظ على ميزانية ملابس منخفضة، من خلال إبقاء الأمور واضحة. حسب كلماته، فإنه لا يفكر كثيرًا في ملابسه، أو الموضة السريعة المتغيرة، حيث يحتفظ بخزانة صغيرة من الملابس البسيطة والكلاسيكية التي لا تنتهي موضتها.
ويضيف: "إذا كنت أرتدي ملابس غير رسمية، سأرتدي الجينز الأزرق مع تي شيرت أو بولو، وإذا كنت سأحضر حدثًا رسميًا، فسوف أرتدي بدلة وربطة عنق". وهو ما يسمح له بتجنب إغراء الإنفاق على الملابس الجديدة البراقة، أو ملاحقة الموضة والأزياء التي سرعان ما تنتهي صرعتها، ويُجبر على التخلص منها.
وأخيرًا، يؤكد: "أنا لا أشتري سلعًا جديدة إلا عندما أحتاج إلى استبدال الملابس التي بها ثقوب لا ترحم بسبب التآكل الطبيعي". وهو نفس الأمر الذي يشترك فيه العديد من المليونيرات العصاميين، الذين يتجنبون إنفاق المال على المنتجات الرخيصة والرديئة أو الأكثر حداثة، وبدلاً من ذلك يفضلون الاستثمار في قطع عالية الجودة تدوم طويلاً، مع تجنب الملابس الرياضية الباهظة الثمن.
الضمانات الممتدة
المليونير العصامي "ستيف أدكوك" في نشراته حول عادات المليونيرات، والتي يطلقها كجزء من نصائحه لمساعدة الناس على الاستقلال المالي والتقاعد المبكر على طريقته، يؤكد أن النجاح المهني والاستثمار بحكمة والعيش بشكل مقتصد يساهم في تحقيق ذلك.
وحسب متابعيه، فلن تراه ينفق أبداً على الضمانات الممتدة على الأجهزة المنزلية والإلكترونيات من المتاجر والعلامات التجارية الكبيرة. وحسب وجهة نظره، فربما لن تستخدم هذا الضمان أبداً، وبالتالي فإنه "مجرد ربح إضافي للمتجر". وبدلاً من المطالبة بالضمان، يقوم "أدكوك" بوضع القليل من المال في صندوق الطوارئ الخاص به كل شهر لتغطية الإصلاحات. وبالتالي، عندما ينكسر أحد العناصر، يكون لديه الأموال اللازمة لتغطية ذلك.
أما إذا استمر جيداً إلى الأبد، فيمكنه وضع هذا المال المُجنب للطوارئ في نفقات أخرى، أو حتى في شراء أجهزة جديدة أحدث، بما يمكنك من مسايرة التقنيات المستقبلية والتكنولوجيا المتسارعة بشكل غير مسبوق. وهي أفكار تستحق التوقف أمامها للاستفادة من خبرات هؤلاء فيها.
اقرأ أيضًا: "حلقة الهلاك".. دروس عديدة من أبرز أزمات أوروبا الاقتصادية
المنازل الباهظة
يتجنب المليونيرات العصاميون كذلك تخصيص ميزانيات باهظة لشراء منازلهم. ورغم اهتمامهم بالإقامة في منازل رائعة، إلا أنهم دائماً ما يبحثون عن الصفقات الجيدة، ربما لأنهم يريدون أن يشعروا بقيمة أموالهم إلى أبعد الحدود، وبما يتناسب مع مقدار الجهد الذي بذلوه لتحصيلها.
والحقيقة أن هؤلاء لا يزالون ينفقون الملايين لهذا الغرض، إلا أنهم سيحاولون دائماً المساومة على الأسعار مثل أي شخص آخر. بل يتجاوز الأمر ذلك، لدرجة أن بعضهم يرفض تمامًا فكرة شراء منزل فاره.
وحسب التقارير الصحفية التي تعج بها وسائل الإعلام الأمريكية، فإن رجل الأعمال الأسطوري "وارن بافيت" لا يزال يعيش في المنزل الذي اشتراه عام 1958 مقابل 31 ألفًا و500 دولار فقط، لدوافع مثل التعود وتوفير الأموال التي يمكن تجنب إهدارها في عمليات البيع والانتقال. وربما يشاركه الكثيرون في هذا المبدأ، بينما فكر آخرون في تجنب بعض الأعباء المرتبطة بامتلاك المنازل وصيانتها، من خلال اللجوء إلى الاستئجار كبديل يمكنهم من ذلك، مثلما يمكنهم من توفير السيولة لاعادة استثمارها مرة بعد أخرى.
التقاعد والميراث
ربما يتماشى ما سبق مع تلك الأفكار التي يؤمن بها أصحاب الملايين العصاميين، وبشكل خاص من هؤلاء الذين قرروا أن يعملوا حتى النهاية دون تقاعد. حيث يضعون خطط عمل لا تتجاهل وضع هامش جيد للطوارئ، وكذلك هؤلاء الذين اتخذوا قرارات بعدم توريث أبنائهم، أمثال "بيل غيتس" و"مارك زوكربيرغ" اللذين صرحا في أكثر من مكان بأكثر من مناسبة، بأنهما يريدان أن يعمل أبنائهم على بناء مستقبلهم الخاص بدلاً من الاعتماد على الميراث أو الصدقة. ومن ثم يتبرع كلاهما بجزء هام من ثروتهما للجمعيات الخيرية. بينما يتجنب هؤلاء وغيرهم من أصحاب الثروة إهدار الأموال أو وضعها في غير مواضعها الأكثر مناسبة لأهدافهم، ولعل الأمثلة هنا كثيرة.
وبالعودة إلى كتاب "عادات الأثرياء" لمؤلفه "توماس كورلي"، فإن غالبية الأثرياء لا يستخدمون أكثر من بطاقة ائتمان واحدة، تجنباً للرسوم وتحجيماً للإنفاق، مثلما يتجنبون المدفوعات المتأخرة وما يصاحبها من غرامات. ولذلك قد يلجأون إلى تفعيل الدفع التلقائي من حساباتهم البنكية.