وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريّف: المملكة تستعد لمرحلة جديدة.. والرؤية غيرت حياتي
نشأ بندر بن إبراهيم الخريّف في كنف أسرة سعودية عريقة تعمل في مجال التجارة، أخذ عنها المبادئ والقيم ومهارات التواصل. بعد التخرج في الجامعة اتجه للعمل في القطاع الخاص، ترأس وشارك بتأسيس العديد من الشركات المهمة في المملكة، متنقلاً بين قطاعات اقتصادية مختلفة، ما أتاح له فرصة فريدة للتعلم بالممارسة والاحتكاك مراكمًا الخبرات في مسيرة امتدت لنحو 27 عامًا في القطاع الخاص، قبل أن يتم تكليفه بمنصب وزير الصناعة والثروة المعدنية في المملكة قبل نحو 5 سنوات.
يدعو الوزير بندر بن إبراهيم الخريّف المستثمرين للمشاركة في هذه الرحلة الملهمة ويعدهم بوجود شركاء وداعمين، معتبرًا أن المملكة تعيش مرحلة ذهبية في النهوض والتنمية وتتجه لتكون مركزًا للصناعات المتطورة، ويرى في الثورة الصناعية الرابعة فرصة استثنائية، موضحًا أن الوزارة تسعى من خلال برنامج "مصانع المستقبل" وجميع المشاريع الجديدة لتهيئة الظروف الملائمة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمضي قدمًا لصناعة وملاقاة المستقبل.
منصة الرجل حاورت الوزير بندر بن إبراهيم الخريّف وتوقفت عند أبرز محطات حياته انطلاقًا من العائلة التي نشأ فيها ومرورًا بمسيرته المهنية ووصولاً للحظة تكليفه بمهام الوزير. تناول الحوار قطاع الصناعة السعودية والتحديات، كما تطرق إلى جوانب من تجربته الإنسانية واهتماماته الشخصية و"البيت الصغير المليء بالألفة الكبيرة" على حد تعبيره:
في أي بيئة نشأت وما الذكرى التي مازلت تحتفظ بها؟
ولدت في مدينة الطائف، حيث عمل جدي لوالدتي عبد الله المبارك، وهو من أهالي حريملاء مع الملك فيصل (رحمه الله)، في مكة المكرمة، وعاش بين مكة والطائف حسب مواسم السنة. ولدت في المنزل، لذلك تاريخ ميلادي غير دقيق، ويُقدر تقريبًا بـ 13 سبتمبر 1969.
كان لبيئة طفولتي أثر عميق في تشكيل شخصيتي، نهلْتُ من والدي إبراهيم الخريّف رحمه الله، ووالدتي منيرة المبارك حفظها الله الكثير من القيم والمبادئ، كما كان للمحيط الذي نشأت فيه دور بارز، حيث كنا نعيش مع جدي عبدالله الخريّف رحمه الله في بيت واحد يضم العائلة الكبرى في الرياض، من والدي إلى جدي وجدتي وأعمامي وعماتي، ما سمح لي بالتعلم من مختلف التجارب التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
بيئة محفزة:
نشأت في بيت مليء بالقدوات، وكان محطة مهمة للأقارب والأصدقاء، تعلمتُ من هذه البيئة معنى الترابط الأسري والتكافل الاجتماعي، كما اكتسبت مهارات التواصل والتعامل مع مختلف الشخصيات، حيث كان هناك التزام كبير بالبرامج اليومية، بما في ذلك الصلاة والفروض والتعليم والتعلم واللقاء مع الناس، فما زلت أستذكر تلك الدروس وأستعين بها في حياتي اليومية.
التعلم من المحيط:
تعلمت من والدي وجدي وأعمامي أهمية العمل والالتزام وقيم التكامل بين أفراد الأسرة. هذا المحيط، غرس في نفسي قيم الاحترام والتضحية والإيثار، وقد واجهت تحديًا في طفولتي تمثل في عدم وجود ذكور بنفس عمري، لكن هذا أعطاني فرصة للاحتكاك بمن هم أكبر مني سنًا والتعلم منهم.
بيتنا كان محطة
كان بيتنا في الرياض يقع مقابل (شركة الخريّف)، في عز طفرة العمل التجاري والزراعي، وكان العملاء يأتون من خارج الرياض لشراء أو إصلاح المعدات وقطع الغيار. وفي ذلك الوقت، لم يعتد الناس على المطاعم أو الفنادق، كما نشاهده اليوم، لذلك كان بيتنا هو المحطة الرئيسة لاستقبال العملاء، ساعدتني هذه التجربة على تعلم أهمية خدمة العملاء والاحتكاك بالناس، وهو ما أركز عليه في لقاءاتي اليوم مع الشركات التي نعمل معها، وأخبرهم كيف تربينا على خدمة العملاء في بيتنا وكيف كنا نستقبلهم ونقدم لهم الضيافة.
اقرأ أيضًا: الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو: الدرعية وعد المستقبل.. وشغفي الأعظم هو الناس والضيافة
كيف بدأت خطواتك الأولى وماذا كانت أحلامك وطموحاتك؟
نشأتُ في عائلة تجارية تعمل في مجال المعدات الزراعية وخدمة القطاع الزراعي، ما أثر على طموحاتي منذ الصغر. حلمتُ بدخول كلية الهندسة، لكن واجهت صعوبات في اختبارات الثانوية العامة بسبب مرض والدي رحمه الله وانتقاله للعلاج في أمريكا ووفاته قبل الاختبارات بأسبوع عام 1985م، أدى ذلك إلى تغير مساري الدراسي، فكان الخيار البديل هو دخول كلية الزراعة انطلاقًا من عملنا في هذا القطاع.
تخرجت عام 1989م، ثم درست الماجستير وأنهيت المواد بدرجة متفوقة لكنني للأسف لم أكمل الرسالة لانشغالي بالعمل، بدأت كمتدرب في مجموعة من شركات الخريّف، تنقلت بين 13 شركة خلال تلك الفترة، وانتهى بي المطاف في شركة تم الاستحواذ عليها في ذلك الوقت كجزء من تنويع أنشطة المجموعة والخروج من التركيز على القطاع الزراعي، إلى بيع المعدات الصناعية (الطباعة والتغليف) وكان معظم عملائي من المصانع.
كانت هذه التجربة رائعة وفريدة من نوعها، حيث اكتشفت قطاعًا جديدًا وتعلمت مهارات ساعدتني على دخول مجالات بعيدة عن تخصصي، ولكنني واجهت صعوبات في البداية وتغلبت عليها من خلال الدورات التدريبية، كان هذا بمثابة نقلة نوعية في الفكر والتفكير وفي حياتي المهنية، حيث أدركت أن تعلُّم مجال جديد ليس مستحيلًا، وبالفعل بدأت بدخول أنشطة متنوعة واكتساب خبرات جديدة في مجالات مختلفة.
رحلة عبر التجارب والتحديات
عملت قرابة 27 عامًا في شركات خاصة متنوعة ما المحطة الأهم وما الدروس التي خرجت بها؟
يُمكنني القول إنني محظوظ حقًّا، حيث تنقلت من نشاطٍ إلى آخر، ومن تجربة إلى أخرى، سواء من خلال العمل المباشر أو من خلال الاشتراك في مجالس الإدارات أو التأسيس.
من أهم المحطات التي واجهت فيها تحديات كبيرة، وكيفية التعامل معها، كان العمل في شركة الخريّف بمثابة مدرسة كبيرة جدًا، حيث تنوعت النشاطات، وكان هناك تقاطع كبير مع شركات عالمية رائدة في تخصصاتها، الأمر الذي أتاح لي فرصة فريدة للتعلم من خلال الممارسة، ومن خلال الاحتكاك أيضًا بالشركات.
بعد ذلك، شاركت في تأسيس بعض الشركات، سواء بشكل مباشر أو بشكل خاص، وكانت آخر محطةٍ لي هي شركة أراسكو، التي أعتبرها أيضًا مدرسة أخرى في قطاع مهم وحيوي.
لقد أضافت هذه التجارب إلى رصيدي مجموعة من الخبرات والتجارب من مختلف الجوانب؛ على سبيل المثال، في مجال الصناعة، كانت البداية في بيع المعدات الصناعية لمصانع التعبئة والتغليف والمطابع، ثم عملت في مصنع لإنتاج الورق، حيث مارست عملية إدارة المصنع وكل تحدياته لفترة طويلة، كالتعامل مع الموردين ومع العملاء والجهات الحكومية والتشريعية والعمالة وغيرها، بالإضافة إلى تحديات التمويل.
من العمل المباشر إلى الاستراتيجي
بعد ذلك، انتقلتُ للعمل في مجال الاستثمارات من خلال مجالس الإدارات والاستراتيجيات المرتبطة بمحفظة العمل في مجموعة الخريّف وغيرها، كما عملت أيضًا مع الغرف التجارية لدعم القطاع ومحاولة إيصال تحدياته للجهات الحكومية.
نظرة شاملة
بفضل الله ثم هذه التجارب المتنوعة، أستطيع القول بأنني أتيحت لي الفرصة لتكوين نظرة شاملة على القطاع ومعالمه المختلفة، وذلك من خلال زوايا متعددة مثل العمل المباشر، والعمل الاستراتيجي، والعمل مع الجهات الحكومية، والعمل مع الغرف التجارية.
الوزارة شرف عظيم
بعد خبرة تقارب 5 سنوات في قيادة دفة الصناعة، برأيك ما هي مواصفات الوزير الناجح؟ وهل كانت الوزارة ضمن توقعاتك؟
دون شك إن خدمة الوطن في موقع وزير هو شرف عظيم وفخر، إلا أنه لم تكن الوزارة ضمن توقعاتي، بل بالعكس فوجئت بتكليف سمو سيدي حفظه الله بهذه المهمة، خاصةً أنه طلب مني ترشيح شخص آخر، وبالفعل رشحت شخصًا كنت على قناعة تامة بقدرته على النجاح في هذا المنصب.
أدركت أن النجاح في القطاع الحكومي، خاصة في موقع الوزير، يتطلب مهارات خاصة، أهمها إيجاد توازن بين العمل مع الجهات الأخرى، وضمان التأييد والدعم من أصحاب المصلحة، ومركز الحكومة وبالطبع القيادة.
يجب أن يكون الوزير قادرًا على شرح وجهة نظره بوضوح، والإصرار عليها إذا لزم الأمر، والدفاع عنها دون تساهل أو تنازل، كما يجب عليه شرح وجهة نظره لجميع الأطراف، وفهم ملاحظاتهم، وأسباب مواقفهم.
لا يمكن لأي مسؤول حكومي أن يحقق النجاح دون دعم من القيادة، وهذا ما لمسناه بالفعل من سمو سيدي حفظه الله، إضافة إلى وضوح الرؤية والتمكين، الذي يشعرنا بالمسؤولية في إدارة الوزارة والمنظومة، لذلك، ركزت على ثلاثة عوامل مهمة:
فريق قوي لمساندة الوزير أو المسؤول لتحقيق الأهداف، ووجود تفاهم بين الوزير والقيادات في الوزارة والمنظومة حول التوجهات والأهداف الكبيرة، وتمكين القيادات وترك التفاصيل وإعطائهم الحرية للعمل ضمن صلاحياتهم.
وعلى مستوى المنظومة، حرصت على خلق بيئة عمل جاذبة، بقيم رفيعة تضمن استقطاب الكفاءات والحفاظ عليها، مع ضمان أن تكون أجواء العمل محفزة وتدعم المرونة في العمل وتطوير الأعمال والابتكار. وأخيرًا، يجب إعطاء المساحة الكافية للناس للعمل دون الشعور بالرقابة الشديدة أو القيود، والحمد لله، عملنا بالفعل على كل هذه المسارات، من الاستراتيجيات العليا إلى فريق القيادة إلى الفريق الأكبر في المنظومة.
كيف تلخص لنا قصة نجاحك؟ برأيك ما الذي أوصلك إلى المكان الذي تحتله اليوم؟
في البداية، أؤكد أن تقييمي لفرص النجاح لا ينبع من وجهة نظري الشخصية، بل هي نابعة من إيماني بقدرتنا على تحقيق النجاح بتوفيق الله عز وجل ودعم وتمكين القيادة الرشيدة، ممثلة في مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
فإيمان سموه بأهمية قطاعي الصناعة والتعدين ودور هذه القطاعات في تنمية المملكة وتوسيع قاعدتها الاقتصادية وخلق الفرص الاستثمارية والوظيفية والرفاه للمجتمع، يمثل دافعًا قويًّا لنا للمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافنا.
وأخيرًا، أؤكد على أهمية العمل الجاد واستشعار المسؤولية والمبادرة، وعدم الاستسلام للتحديات، بل العمل على حلها، فبدلًا من لوم الآخرين، يجب أن نلوم أنفسنا وهو السبيل للتغيير وإيجاد الحلول الفعّالة.
اقرأ أيضًا: محافظ هيئة الحكومة الرقمية أحمد الصويان : يهدف التحول الرقمي لرفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية وتحسين التجربة
ثقة ولي العهد أهم المكاسب
ما المكسب الأهم بعد أربع سنوات من العمل والبرامج في وزارة الصناعة؟
الثقة والتمكين اللذان حظيت بهما من سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، هما المكسب الأهم في مسيرتي؛ وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنه، وفي الحقيقة أشعر بالاستمتاع بالعمل في بناء قطاع مهم والإحساس بالمشاركة في بناء قاعدة صناعية وتطوير قطاع التعدين. كل هذه التفاصيل هي في الحقيقة تعد مكاسب وقد حققنا الكثير من الأمور التي نفتخر بها، بفضل الله، ولكن هذه الإنجازات ليست لي شخصيًّا، بل هي إنجازات المنظومة بأكملها والوطن.
أبرز التحديات التي تواجه قطاع الصناعة في المملكة؟
تحديات اقتصادية: منذ انضمامي إلى العمل الحكومي، وهذا ما كنت أقوله دائمًا واجهتُ تحديًا مهمًّا، يتمثل في المنافسة التي يواجهها قطاع الصناعة من قطاعات استثمارية أخرى مثل العقارات، والتجزئة، والخدمات، والسياحة، والترفيه، وغيرها، والتي تظهر دائمًا على أنها أفضل من حيث العوائد والمخاطر من القطاع الصناعي، وجعلت البعض ينظر إليه على أنه قطاع ذو عوائد قليلة ومخاطر عالية، ومسؤوليتنا تغيير هذه الصورة النمطية عن القطاع، وإبراز مزاياه والتعامل مع تحدياته.
تحديات داخلية: يواجه القطاع أيضًا تحديات داخلية ومتغيرة مرتبطة بعدالة المنافسة، وتركيبة التكاليف، وتوفر الخدمات والتقنيات والتمويل والأيدي العاملة، ولم نستسلم لهذه التحديات، بل تعاملنا معها خلال الأعوام الماضية وإيجاد الحلول الفعالة لتحسين البيئة الاستثمارية والتشريعية في القطاع، وأثمرت هذه الجهود ولله الحمد تحقيق نتائج إيجابية تمثلت في تحسين بيئة الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات إلى القطاع، حيث يبلغ اليوم إجمالي عدد المصانع 11757 مصنعًا، باستثمارات تبلغ أكثر من 1.5 تريليون ريال، فيما يبلغ إجمالي عدد العاملين في القطاع أكثر من 784 ألف عامل، كما قمنا بإنشاء عدد من اللجان لمعالجة التحديات وتسهيل رحلة عمل شركائنا مثل لجنة عدالة المنافسة، ولجنة معوقات الصادرات، والتوطين والمحتوى المحلي. ونتطلع إلى المستقبل، من خلال مواصلة العمل بجهد أكبر لتعزيز تنافسية القطاع وجعله وجهة مفضلة للمستثمرين، إيمانًا منا بأهميته في تحقيق التنمية الاقتصادية والرخاء للمجتمع.
رحلة نحو الريادة الصناعية
ماذا عن الطموحات في ظل الثورة الصناعية الرابعة؟ وتوظيف الذكاء الاصطناعي؟ أين موقع المملكة صناعيًّا؟
الطموحات كبيرة، فالمملكة تُعِدّ نفسها لدخول حقبة جديدة من الريادة الصناعية، مدعومةً بأساس متين من المقومات والإمكانات، حيث تُشكل الثورة الصناعية الرابعة فرصة استثنائية، وهو ما تهيأنا له من خلال برنامج "مصانع المستقبل" وجميع المشاريع الجديدة لتهيئة الظروف الملائمة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد.
وتُناسب هذه التقنيات المرحلة التي تمر بها المملكة، وتساعدها على النهوض بالقطاع الصناعي بشكل أسرع، كما أنها تتوافق مع التركيبة السكانية، حيث يجد الشباب والشابات أنفسهم قادرين على تبنيها بسهولة.
أهم ما يميز الصناعة في المملكة؟
تتمتع المملكة بموقع صناعي متميز، خاصة في بعض الصناعات مثل البتروكيماويات، لكن طموحاتها أكبر من ذلك، حيث تهدف إلى أن تصبح مركزًا للعديد من الصناعات الأخرى، ولذلك حددت الاستراتيجية الوطنية للصناعة 12 قطاعًا يمكن تقسيمها إلى 3 مجموعات رئيسة:
1. الأمن والصمود:
ويشمل ذلك قطاعات الأمن الغذائي والعسكري والصحي والمائي.
2. تعظيم الفائدة من المزايا النسبية:
نسعى إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية للمملكة مثل النفط والغاز والمعادن، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز، لبناء صناعة متقدمة في سلاسل الإمداد ومواد الخام في التعدين والطاقة وغيرها.
3. صناعات المستقبل:
تهدف المملكة إلى أن تكون في مقدمة الدول التي تتطلع إلى صناعات المستقبل وتكون جاهزة لها، مثل الصناعات المرتبطة بالفضاء والطيران والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، ولكن هناك أمورًا جديدة قد لا ندركها اليوم، ولذلك نعمل على رفع وتطوير بيئة البحث والتطوير والابتكار لتحقيق الجاهزية المناسبة لهذه المجالات لضمان مستقبل صناعي مزدهر.
تنويع القاعدة الاقتصادية
أين نحن من الهدف الاستراتيجي بالاستغناء عن البترول ونقل قاطرة الاقتصاد السعودي للصناعة؟
لا أعتقد أننا نسعى للتخلي عن البترول بوصفه هدفًا رئيسًا، بل نسعى إلى تنويع قاعدة اقتصادنا الوطني، ولله الحمد، نشهد اليوم توسعًا ملحوظًا في قطاعات مختلفة مثل الصناعة والتعدين، والسياحة والترفيه، والرياضة والخدمات، والنقل وغيرها.
مشاركتنا في منظومة الصناعة والثروة المعدنية في هذا الجانب، تهدف إلى خلق مشاريع نوعية تُثري الاقتصاد الوطني، وتقوية سلاسل الإمداد، وتحويل المملكة إلى مركز مهم للصناعات المتطورة، بما يلبي احتياجات السوق المحلي والتصدير إلى الأسواق العالمية، حيث نؤمن بأن تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني يُعزز استقراره ويزيد من قدرته على مواجهة التحديات المستقبلية.
اقرأ أيضًا: رجل الأعمال أنس بن عبد الصمد القرشي: سر نجاحي الشغف والانضباط والتطور
الرؤية مثال يحتذى
الانطباعات الشخصية عن التحولات التي تشهدها المملكة على كل المستويات، ماذا غيرت رؤية 2030 في حياتك؟
خلال الأعوام السبعة الماضية، أثبتت رؤية المملكة 2030 قدرتها على أن تكون منهج عمل واضحًا وفعالاً، فقد قادت بالفعل إلى تحول هائل في مختلف جوانب الحياة، ونرى ذلك جليًّا في الأرقام والإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها، حيث باتت بالفعل نموذجًا يُحتذى به على مستوى العالم، فهي غيّرت الكثير في حياتي وحياة جميع السعوديين، بدءًا بطريقة عملنا ومعيشتنا وتفكيرنا، ووصولاً إلى التغيرات التي نشعر بها بشكل يومي في كل أنماط حياتنا.
ما يميز هذه الرؤية العظيمة، هو تأثيرها الواسع على جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الشباب والأطفال، فقد أوجدت هذه الرؤية رغبة قوية لدى الشباب للمشاركة في بناء الوطن، وزرعت فيهم مشاعر الفخر والاعتزاز بوطنهم وطموحاته، لذلك نراهم يتابعون باهتمام ما نقوم به من عمل، ولديهم الرغبة الكبيرة بالمساهمة في كل شيء.
كيف تنظر إلى مساهمة القطاع الخاص صناعيًّا، ماذا تقول للمستثمرين وبماذا تنصحهم؟
يُعدّ الاستثمار في القطاع الصناعي رحلة مثيرة مليئة بالتحديات والمكافآت، ولحسن الحظ، لا يواجه المستثمرون هذه الرحلة وحدهم، بل يجدون إلى جانبهم شركاء داعمين، يمدّونهم بالفرص والدعم اللازمين لتحقيق النجاح.
فخلال الأعوام الماضية، ساهمت رؤية المملكة 2030 في وضوح التوجهات وتحديد معالم الفرص، حيث حرصت الحكومة على تهيئة بيئة استثمارية جاذبة في القطاع الصناعي، من خلال توفير البنية التحتية المتقدمة والحوافز والتسهيلات، فاليوم الأبواب باتت مُشرعة أمام المستثمرين للاستفادة من هذه الممكنات، واغتنام الفرص المتاحة في مختلف المجالات الصناعية، بما في ذلك، تعزيز الطلب المحلي من خلال المحتوى المحلي وأدواته.
إنّ الانضمام إلى هذه الرحلة لا يعني فقط تحقيق الربح، بل هو مساهمة فعّالة في تنمية الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل جديدة. لذلك، ندعو جميع المستثمرين، من داخل وخارج القطاع الصناعي، إلى الانضمام إلينا في هذه الرحلة الملهمة، لنبني معًا مستقبلاً أكثر تنافسية وازدهارًا.
العائلة والألفة الكبيرة
كيف تصف علاقتك بعائلتك الصغيرة؟
منذ صغري، نشأت في بيئة تُقدّر العائلة وتُعلي من شأنها، حيث غرس جدي رحمه الله، ووالدي، وأعمامي في نفسي مشاعر الفخر والاعتزاز بانتمائي لهذه العائلة. ومع مرور الوقت، كبرت هذه المشاعر وتجذّرت بداخلي، لتُصبح أساسًا لعلاقتي الجميلة التي أعيشها اليوم مع عائلتي الصغيرة.
زوجتي شريكة حقيقية في رحلة حياتي، وتتحمل المسؤولية الكبرى، بل كل المسؤولية المتعلقة بالبيت وشؤونه، وأولادنا، فلدي 4 بنات وابن، وكلهم بحمد الله متفوقون دراسيًّا، ويتمتعون بصحة وعافية ولله الحمد. كل ذلك بفضل الله عز وجل، ثم بدعم زوجتي وحرصها، فبيتنا الصغير مليء بالأُلفة الكبيرة، وأتعامل مع أبنائي وكأنني جزء منهم، لا أحاول أن أفرض سلطة الأب بأي حال من الأحوال، تعلمت من والدي أن التربية هي بالقدوة وبالمثل الأعلى، وليست بالسلطة.
صحيح أن وقتي صعب بعض الشيء، لكنهم يُقدّرون ذلك وأحاول قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت معهم، والسفر برفقتهم، وأعوض الكم بالنوع.
إلى أي مدى تشعر أنك تحقق التوازن ما بين العمل والأسرة والمقربين منك؟
أدرك أن تحقيق هذا التوازن ليس بالأمر السهل، لكنه ممكنٌ بالتخطيط الجيد وإدارة الوقت بفاعلية، فمن خلال تحديد الأولويات والتنظيم، يمكننا إيجاد الوقت الكافي لأداء واجباتنا ومسؤولياتنا وعلاقاتنا الشخصية، فمثلاً أحرص في الصباح أن أرى أبنائي قبل ذهابهم للمدارس والجامعات، وفي المساء نذهب للعشاء خارج البيت من وقت لآخر. أرى والدتي بشكل شبه يومي، ونجتمع أسبوعيًّا في غداء عائلي يضم الإخوان والأخوات، إضافة إلى لقاء دوري بالأعمام، والزملاء والأصدقاء قدر المستطاع، فالحمد لله راضٍ إلى حد كبير عن هذا الموضوع.
اقرأ أيضًا: رجل الأعمال أحمد الراشد لـ"الرجل": طموحي صعود "العُلا" لدوري المحترفين
الهوايات وجلسات النقاش
ما هي أهم هواياتك واهتماماتك خارج العمل، وهل تمارسها؟
للأسف ليس لدي هوايات كثيرة، لكنني أحاول أن أخصص بعض الوقت للرياضة قدر الإمكان. ليس لدي ميول رياضية أو اهتمام مثلاً بكرة القدم، لكنني أمارس الرياضة من خلال النادي، أو المشي، أو الجري، كنت أحب لعب التنس في الماضي، لكنني تركته منذ فترة، أستمتع أيضًا باللقاءات مع الزملاء وجلسات النقاش التي تفتح الذهن على مواضيع مختلفة.
ما هي أمنيتك التي لم تتحقق؟ وهل تخطط لتحقيقها؟
على المستوى الشخصي كان لدي اهتمام بالدراسات العليا ولكن مع انشغالي في العمل لا أعتقد الآن أن هناك تفكيرًا جديًا تجاه هذا الأمر، أخطط الآن لبناء بيت المستقبل، وهذا من الأمور التي ستحدث قريبًا إن شاء الله.
المستقبل وتبني الجديد
نعيش في عالم متغير وإيقاعات سريعة، ماذا تحب وما لا تحب في عالم اليوم ؟
من المهم الحفاظ على القيم الإسلامية والعربية، وثقافتنا الأصيلة، فهي أساس مهم لا يمكن التخلي عنه مهما واجهنا من تغيرات، فأرجو ألا يؤدي الإيقاع السريع للحياة إلى تغيرات في بعض الأمور التي أعتبرها جوهرية وجميلة في حياتنا وثقافتنا، مثل التقارب الأسري والعلاقات الاجتماعية القوية، فهذه الأمور مهمة للغاية لبناء الثقة بين أفراد المجتمع، ولتحقيق التكامل والتعاون في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك العمل، ولكنني أومن أيضًا بأهمية تبني الجديد وتجنب المعارضة لكل ما هو جديد لمجرد أنه جديد، بل يجب علينا السعي لفهم الجديد واكتسابه بشكل لا يتعارض مع القيم والمبادئ التي نؤمن بها ونمارسها.
كيف تنظر إلى المستقبل بشكل عام؟
متفائل جدًا بالمستقبل بإذن الله، فنحن نعيش في فترة ذهبية من حيث النهضة التي تشهدها المملكة المتمثلة في رؤية 2030، والعمل جارٍ على قدم وساق لجعل المملكة محطة مهمة في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، الأمر الذي سيعزز بإذن الله رفاهية المواطن والوطن بشكل عام.
كلمة أخيرة ترغب في إضافتها؟
أختم بنصيحة أوجهها لنفسي ولكل مواطن، وهي استشعار نعم الله علينا من أمن واستقرار وسعة في الرزق ونمو وازدهار، وأن نكون متفائلين ولدينا ثقة بالله -عز وجل- فهو خير معين في كل خطوة يخطوها وأن يعمل بالأسباب، فنحن نعيش اليوم في وطن مليء بالفرص، والمستقبل المشرق ينتظرنا، فلنكن جزءًا من هذا الحراك لبناء مستقبلنا بأيدينا.
البطاقة التعريفة:
الاسم: بندر بن إبراهيم بن عبد الله الخريّف
مكان وتاريخ الميلاد: مدينة الطائف 13 سبتمبر 1969
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه أربع بنات وولد
الدراسة: تخرج في جامعة الملك سعود قسم الاقتصاد، وحصل على دورات في الإدارة والقيادة والاستثمار من IMD بسويسرا. خبرة تمتد لأكثر من 27 سنة في مناصب قيادية في المجال الصناعي والتجاري والاستثماري.
المنصب الحالي: وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي منذ 30 أغسطس 2019، ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الصناعية السعودي ورئيس مجلس إدارة بنك التصدير والاستيراد السعودي ورئيس مجلس إدارة هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية منذ 23 أغسطس 2020.
السيرة المهنية
رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية للجبيل وينبع
الرئيس التنفيذي لشركة أبناء عبد الله إبراهيم الخريّف.
الرئيس التنفيذي لشركة الخريّف لحلول الطباعة.
نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة العربية للخدمات الزراعية (أراسكو).
عضو مجلس إدارة في مجموعة الخريّف.
رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط لحلول الأغذية - مفسكو (بالشراكة مع شركة كارجيل الأمريكية).
رئيس مجلس إدارة مجموعة الدخيل للاستثمار AFG.
عضو في مجلس إدارة شركة أماكو بأوكرانيا.
عضو مجلس إدارة الشركة العربية لإنتاج وتسويق زيوت التشحيم كاسترول بالشراكة مع شركة بريتش بتروليم BP.
عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض.
نائب رئيس اللجنة الصناعية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض وعضو اللجنة الوطنية الصناعية.
عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية.
عضو مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي.
عضو اللجنة التنفيذية للمجلس الصناعي.
عضو في الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام.
كما تولى مناصب سابقة مثل:
رئيس مجلس إدارة شركة ميزات للتطوير العقاري.
رئيس مجلس إدارة شركة المركز الآلي السعودي.
نائب رئيس مجلس إدارة شركة مكين كابيتال.
عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة المراجعة في مؤسسة عسير للصحافة والنشر – جريدة الوطن.
عضو مجلس إدارة وعضو في لجنة المراجعة في شركة سما للطيران.
عضو مجلس إدارة الشركة السعودية للتمويل.
عضو مجلس إدارة شركة الخريّف للبترول.
مدير عام شركة النخيل للصناعات الورقية.