ميتافيرس 101.. مستقبل البشرية نحو الحياة الافتراضية
في أكتوبر 2021، أعلن الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ عن تغيير العلامة التجارية لشركته الغنية عن التعريف لتصبح Meta بدلًا من Facebook. وعلى مدونتها الرسمية، أُعلن أن الشركة ستعمل على تطوير تطبيقات وتقنيات "لجلب الميتافيرس Metaverse إلى الحياة، ومساعدة الأشخاص على التواصل، وإيجاد المجتمعات وزيادة حجم الأعمال".
في ذلك العام وحده، 2021، زاد معدل البحث عن مصطلح "metaverse" على الإنترنت بنسبة 7200%، ناهيك عن أن الشركات جمعت ما يزيد عن 10 مليار دولار بناءً على هذا المصطلح، وهو ما يزيد عن ضعف الرقم الذي حصلوا عليه في العام السابق 2020. وفي عام 2022، تجاوز الرقم الـ 120 مليار دولار، وبحسب شركة الاستشارات الشهيرة "ماكنزي- McKinsey"، فمن المتوقع أن يقفز إلى 5 تريليون دولار بحلول عام 2030، أي بعد 6 سنوات فقط من الآن!
ما هو الميتافيرس Metaverse؟
بحسب تعريف شركة Meta نفسها، فإن الميتافيرس هو "الثورة القادمة في مجال التواصل الاجتماعي وخليفة الإنترنت كما نعرفه اليوم". تقول Meta: "مثل الإنترنت الذي نعرفه اليوم، سيساعد الميتافيرس الأشخاص على التواصل عندما يكونون في أماكن متفرقة، ولكن هذه المرة سيكون التواصل واقعيًا ويجعلنا نشعر وكأننا موجودون في نفس المكان".
حتى الآن لا يمكننا ترجمة هذا التعريف إلى شيء حقيقي ملموس، لأننا لم نزر بعد الميتافيرس الذي أشارت إليه شركة Meta، ولكن التصور المنتشر، والذي نحسبه الأدق، هو أن الميتافيرس عبارة عوالم افتراضية متصلة ببعضها ويمكن أن نزورها ونتفاعل فيها وكأننا في العالم الحقيقي، فبدلًا من التواصل المقتصر اليوم على رسائل الدردشة وحتى "الفيديو كول"- وهذه أشياء لم نكن لنحلم بها في الماضي- تخيل أنك تستطيع زيارة شخص يعيش في أمريكا وأنت في غرفتك في أستراليا مثلًا!
بالطبع للميتافيرس تطبيقات أعمق وأكثر من ذلك بكثير، وسنتحدث عنها لاحقًا، ولكن مَن صك هذا المصطلح؟ أو من أين انبثقت كلمة "ميتافيرس"؟ هل الفضل يعود لزوكربيرغ؟
تاريخ الميتافيرس
يعود أصل هذا المصطلح، أو هكذا يمكننا أن نقول، إلى السير تشارلز ويتستون، الذي يعتبر أول من توصل إلى الرؤية المجسمة ثلاثية الأبعاد 3D عام 1838، والذي بفضله أيضًا تم تطوير منظار " الاستريوسكوب- stereoscope" الذي تقوم على أساس فكرة عمله نظارات الواقع الافتراضي VR الموجودة اليوم.
يمر قرنٌ من الزمان تقريبًا، وتحديدًا إلى عام 1935، وينشر كاتب الخيال العلمي الأمريكي ستانلي وينباوم كتاب خيالٍ علمي يُسمى "Pygmalion's Spectacles"، وهو الأول من نوعه تقريبًا الذي يتحدث باستفاضة عن الواقع الافتراضي، وفيه تستكشف الشخصية الرئيسية عالمًا خياليًا باستخدام نظارات متطورة تقدم تجربة شبه حقيقية تتاح فيها الحواس كلها تقريبًا من إبصار وسمع وتذوق ورائحة ولمس.
ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 1992 والتجارب الافتراضية لا تنفك عن التطور، إلى أن جاء العام المذكور- 1992- وقتها كانت المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مصطلح "ميتافيرس- Metaverse" من قِبل كاتب الخيال العلمي نيل ستيفنسون في روايته "Snow Crash"، والتي وصف فيها عالمًا افتراضيًا ثلاثي الأبعاد يمكن للناس أن يشغلوه ويتواجدوا فيه كما العالم الحقيقي.
الأمور ظلت تتطور إلى أن وصلنا إلى الواقع الافتراضي Virtual Reality (VR)، بل والواقع المعزز AR والمختلط MR وطورنا ألعابًا مثل Pokémon Go، وFortnite، وMinecraft، وRoblox، وغيرهم؛ جميعهم استطاع اللاعبون فيهم أن يتفاعلوا سويًا من خلال عوالم افتراضية. سنسرد لذلك حديثًا مستقلًا في المستقبل.
ما الفرق بين الواقع الافتراضي والميتافيرس؟
بمعرفة الفرق بين الميتافيرس Metaverse والواقع الافتراضي VR، سيزداد استيعابك للمفهوم الذي نتحدث عنه لا ريب.
في الواقع الافتراضي VR، تدخل إلى عالم افتراضي واحد فقط وتتفاعل معه بشكل محدود للغاية إذا ما قارناه بعالم الميتافيرس، الذي على الجانب الآخر، يُعتبر المفهوم الأوسع لاشتماله على أكثر من بيئة أو عالم افتراضي يمكن التنقل بينها والتفاعل معها ومع الأشخاص والعناصر الموجودة فيها بسهولة وسلاسة.
لتدخل عالم افتراضي Virtual Reality للعبة ما -على سبيل المثال-، فإن كل ما ستحتاجه هو نظارة VR، وإذا أردت أن تنتقل إلى عالم افتراضي آخر (لعبة أو تطبيق آخر)، فستحتاج إلى الخروج من اللعبة الأولى أولًا ثم الدخول للثانية وهكذا، ناهيك عن أن التفاعل يكون محدودًا جدًا كما ذكرنا، بمعنى أنك لن تستطيع أن تفعل إلا الأشياء التي أتاحها المطورون.
أما بالنسبة للميتافيرس، ونقصد هنا الميتافيرس بالمفهوم الذي عرّفته شركة Meta، فلا نعرف إلى يومنا هذا كيف يمكننا الدخول إليه، ولكن ما نعرفه جيدًا أننا سنتمكن من التنقل بين العوالم الافتراضية به دون أن نخرج من التطبيق أو اللعبة مثلًا كما هو الحال في الواقع الافتراضي، والأهم من ذلك أن كل شيء فيه سيكون متاحًا مثلما هو الحال في الحياة الحقيقة، ما يعني أن الاحتمالات به لن يكون لها نهاية.
مما يتكون الميتافيرس؟
للميتافيرس 7 عناصر أو طبقات أساسية لفهم ماهيته والطبيعة التي يعمل بها، وهي كالآتي:
1. التجارب Experiences: والتي يمكن أن تكون ثنائية الأبعاد 2D أو ثلاثية الأبعاد 3D، وهي ببساطة أي نشاطٍ يمكن القيام به داخل هذا العالم الافتراضي مثل التسوق أو اللعب أو التفاعل مع الآخرين، إلخ.
الاكتشاف Discovery: بداخل عوالم الميتافيرس الافتراضية يُعد الاكتشاف سمةً أساسية لأنه يساعد المطورين على إثراء التجارب، فلا شك أن عوالم الميتافيرس الافتراضية ستتطور مع الوقت، وذلك بالاكتشاف والتجربة.
2. اقتصاد صناع المحتوى Creator Economy: المقصود بهذا العنصر إمكانية صناعة المحتوى "بكل أشكاله" وتطويره بسهولة وبواسطة أدوات بسيطة، وصناعة المحتوى بالتحديد لأنها الركيزة الأساسية ورأس مالك داخل عالم الميتافيرس (نعم يمكنك أن تكسب مالًا حقيقيًا بداخله!).
3. الحوسبة المكانية Spatial Computing: إحدى التقنيات الأساسية لفهم آلية عمل الميتافيرس؛ يجمع هذا المفهوم بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز والمسح المكاني وغيرهم، والأهم من ذلك أنه المسؤول عن التجربة الانغماسية داخل العوالم الافتراضية.
4. اللامركزية Decentralization: وذلك لضمان أمان وخصوصية المستخدمين عند الدخول لعالم الميتافيرس، ما يُساعد على ذلك هي تقنية "البلوك تشين" Blockchain أو سلسلة الكتل التي تقوم على أساسها العملات المشفرة.
5. الواجهة الإنسانية Human Interface: والتي تعتبر بمثابة بوابتنا إلى عالم الميتافيرس، وتتمثل في الهواتف المحمولة أو النظارات الذكية أو الأجهزة القابلة للارتداء، أو أيًا كانت الوسيلة التي سنستخدمها لدخول عالم الميتافيرس.
6. الاتصال Connectivity: أخيرًا وليس آخرًا، عَصَب الميتافيرس؛ الوسيلة التي ستربطنا بهذا العالم والتي إذا قُطِعَت، سنعود إلى الواقع، لهذا يجب أن يكون الاتصال بالإنترنت قويًا سواء عن طريق شبكات الجيل الخامس 5G -أو أيًا كان الجيل الأحدث من الاتصالات وقتها- أو الحوسبة السحابية أو أيًا كانت وسيلة الاتصال.
إضافة إلى هذه الطبقات أو المكونات التي تُشكل أساسيات الميتافيرس، فهناك تقنيات أخرى يجب الاعتماد عليها للوصول إلى العوالم الافتراضية التي نتحدث عنها، وعلى رأسهم الذكاء الاصطناعي بالطبع، وإنترنت الأشياء (IoT)، والنمذجة ثلاثية الأبعاد 3D Modeling، والحوسبة المكانية وحوسبة الحافة Spatial and Edge Computing، وغيرهم.
أمثلة على تطبيقات الميتافيرس
لقد كنا نعرف أن الجمع بين عالمنا الحقيقي والواقع الافتراضي هو شيء لا بد منه، ومع وصول جائحة كورونا أصبحنا متأكدين من ذلك، والآن؛ أصبح كل شيء مُرقمنًا تقريبًا. لك أن تتخيل أن بعض المؤسسات تستفيد في الوقت الراهن من الميتافيرس التي وصلنا إليها، وإن كانت مختلفة تمامًا عن "ميتافيرس" شركة Meta، على سبيل المثال:
- في وقت انتشار الجائحة، وبالتعاون مع شركة Columbia Records للموسيقى، أقامت منصة الألعاب الأونلاين الشهيرة Roblox أول حفلة افتراضية للمغني Lil Nas X، وهذا مثال لتطبيقات الميتافيرس في مجال الترفيه.
- في مجال الصحة مثلًا، وبما أن نظارات الواقع المعزز Augmented Reality (AR) والواقع المختلط Mixed Reality (MR) تندرج تحت مفهوم الميتافيرس، فالجراحون قد استعانوا بنظارات الـ Apple Vision Pro لإجراء عملية بالعمود الفقري، فهذه النظارات يمكنها أن تُحاكي العملية قبل أن تحدث مما يقلل من نسب الخطأ ويزيد من فرص النجاح.
- على مستوى التعليم، يمكن أن يفيد الميتافيرس بتطبيقاته الطلاب والمُعلمين على حدٍ سواء؛ تخيل أن تحصل على خريطة مجسمة للدول في مادة الجغرافية أو تُخرج الحمض النووي من الخلايا وتضعه أمامك في الهواء لتدرسه بمادة الأحياء.
على مستوى أكبر قليلًا، وإذا تم الوصول إلى الميتافيرس بالمعنى المُشار إليه من شركة Meta، فقد يتم الاستفادة من هذه العوالم الافتراضية بشكلٍ أكبر، إذ قد تُبنى فيها شركات بالكامل ونرى الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs تعود للواجهة مرةً أخرى.
لماذا خفت بريق الميتافيرس؟
ولكن أين "الميتافيرس" الآن؟ سؤال وجيه كوننا لم نعد نسمع عن هذا المصطلح بكثرة كما كان الحال في 2021.
في أواخر عام 2022، ظهر روبوت الدردشات الأشهر، والذي أدخل عددًا مهولًا من الأشخاص إلى عالم الذكاء الاصطناعي، "تشات جي بي تي"؛ لفت هذا النموذج- الذي طورته OpenAI- انتباه العالم أجمع وجعل الجميع يكثفون جهودهم ويوجهون البوصلة صوب الذكاء الاصطناعي AI وتطويره.
Reality Labs، وهو القسم المسؤول عن الواقع الافتراضي بشركة Meta التي أحيت مفهوم الميتافيرس من مرقده وسباته العميق، قد بلغت خسائره التشغيلية أكثر من 13 مليار دولار في نفس العام (2022)، وفي العام اللاحق (2023) خسر هذا القسم أكثر من 16 مليار دولار!
ميكروسوفت، وهي الأخرى كانت مهتمة للغاية بالواقع الافتراضي والميتافيرس، لم تعد تعبأ بهذا المصطلح بقدر اهتمامها بالثورة الجديدة المتمثلة في الذكاء الاصطناعي، ما جعلها تُسرح الكثير من الموظفين بقسم الواقع المختلط (تقنية تجمع بين الواقع الافتراضي والعالم الحقيقي) وتكثف جهودها أيضًا لتطوير الذكاء الاصطناعي وأدواته وهذا يتجلى في استثمارها في OpenAI بالمليارات. أما ديزني، فأغلقت قسم الميتافيرس نهائيًا، والشيء نفسه -بدرجات مختلفة- ينطبق على الكثير من الشركات الأخرى.
أيضًا من العوامل التي أدت إلى تراجع سيرة الميتافيرس هي عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا، أو على الأقل من زاوية بعينها، فالحاجة إلى عالمٍ افتراضي يؤوينا في ظل انتشار COVID-19 كانت شيئًا لا مناص عنه، على عكس الوضع القائم الآن.
هل الميتافيرس أكذوبة؟
وهذا يأخذنا إلى هذا السؤال إذا كان مصطلح "الميتافيرس" قد هوى إلى القاع بهذه السرعة، فما الذي يجعلنا متيقنين من أنه شيء يمكن الوصول إليه؟ فوصولنا إليه بشكلٍ جزئي أو حديث الشركات عنه أو اهتمامها به والاستثمار فيه بشكل كبير لا يعني أن الميتافيرس بالمفهوم الذي صورته شركة Meta هو شيء قابل للتحقيق، أليس كذلك؟ بلا، ولكن في نفس الوقت هناك دلالات على بقاء مفهوم "الميتافيرس" وعلى أنه شيء سيتحقق في يومٍ من الأيام.
فوفقًا لاستطلاعٍ للرأي أجرتها شركة الاستشارات ماكينزي -مؤخرًا- على عينة من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و70 سنة، قال 20% منهم إنهم سيقضون المزيد من الوقت في المستقبل لممارسة الرياضة والعمل والقراءة والتسوق عبر الإنترنت، ولقد قال 10% منهم إنهم جربوا الواقع المعزز أو شكلًا من أشكال الميتافيرس بالفعل مُعبرين عن استمتاعهم به بدلًا من الحياة الواقعية.
وإذا كنت تعتقد أن هذه النسب قليلة نوعًا ما، فدعنا نُخبرك أن عدد الخاضعين لهذه الدراسة أو الاستطلاع هو 1000 شخص فقط. وبعيدًا عن هذه الدراسة تحديدًا، فهناك علامات أخرى تُجيب على سؤال "هل الميتافيرس أكذوبة؟" بالنفي:
1. وتيرة التطور التكنولوجي فائقة السرعة والمتمثلة في العديد من الأشياء مثل قوة الحوسبة وقوة الإمكانيات التقنية بفضل شركات مثل إنفيديا التي تنتج بطاقات رسومية (كروت شاشة) جبارة، لا سيما بعد وجود الذكاء الاصطناعي الذي أجبر الشركات على شد الهمة قليلًا في المنافسة، ولنا في شركة Apple وما وصلت إليه بنظارة الـ Apple Vision Pro خير دليل على ذلك.
2. بعيدًا عن الخسائر التي تعرضت Meta، فالشركات قد ضخت استثمارات هائلة في الميتافيرس لدرجة أن جميع الشركات التكنولوجية الآن، كبيرةً كانت أم صغيرة، تسعى للمشاركة.
3. الشوط الطويل الذي قطعناه في سبيل الوصول إلى الميتافيرس؛ يُذكر أن كوريا الجنوبية أعلنت أن العاصمة سول ستصبح أول مدينة "ميتافيرس" في العالم وأنها تسعى لتكون خامس أكبر سوق "ميتافيرس" بحلول عام 2026.
4. انتشار التجارة الإلكترونية لدرجة أن البعض أصبح يعتبرها القاعدة وليس الاستثناء، وهذا بالطبع بسبب المميزات الكثيرة لهذا النوع من التجارة.
5. نزعة الجيل زد GenZ وميلهم نحو الرقمنة والعوالم الافتراضية المتزايدة، والتي تدفع الشركات بقوة للتفكير في إرضاء هذه الفئة المؤثرة من المجتمع.
6. التسويق المؤثر influencer marketing (التعاون بين الشركات والمؤثرين على مواقع التواصل) الذي جعل جميع المهتمين بالمجال التقني تقريبًا على دراية بمفهوم الميتافيرس.
شركات مهتمة بالميتافيرس
لعل أبرز دليل على أن الميتافيرس ليس أكذوبة هو اهتمام الكثير من الشركات به إلى يومنا هذا، ومنها:
Apple
في فبراير الماضي أذهلت شركة Apple العالم وخطفت الأنظار عندما أعلنت عن نظارات الواقع المختلط Apple Vision Pro، والتي على الرغم من سعرها الباهظ مقارنة بنظارات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، فإن إمكانياتها لا تُضاهى وهي أقوى دليل على اهتمام شركة Apple بالميتافيرس.
Amazon
تلعب أكبر شركة في العالم في الخدمات الحوسبية دورًا فارقًا في تطور الميتافيرس بفضل ما لديها من إمكانيات مذهلة على مستوى الذاكرات التخزينية storate، وقواعد البيانات databases، وبالطبع الشبكات والذكاء الاصطناعي وخدمات سلسلة الكتل "البلوك تشين" وغيرها.
Epic Games
من المنطقي أن تهتم شركات الألعاب بالميتافيرس، إذ سيشكل نقلة نوعية وسيغير مفهومنا عن ألعاب الفيديو، ولهذا لا عجب أن شركة Epic Games، وهي مالك متجر الألعاب الشهير الذي يحمل الاسم نفسه فضلًا عن محرك Unreal Engine ولعبة Fortnite وغير ذلك الكثير، قد تعاونت مع شركة ديزني في فبراير من العام الجاري أيضًا لتطوير ما أسموه بالعالم المستدام أو المستمر " persistent universe" للألعاب والترفيه.. قيمة هذا التعاون مليار ونصف المليار دولار بالمناسبة.
خبرة جوجل في مجال الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR، ناهيك عن الحوسبة المكانية، والسحابة cloud، والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وصناعة المحتوى والكثير والكثير في عالم التقنية، يؤهلها لأن تكون لاعبًا أساسيًا في صناعة الميتافيرس. ولقد أعلنت جوجل في عام 2023 أنها لن تتخلى عن نظارات الواقع المعزز التي أطلقتها في 2013 ولاقت فشلًا ذريعًا.. بالتأكيد ستعود أقوى مما كانت في القريب العاجل.
Microsoft
تمتلك ميكروسوفت إمكانيات مُرعبة وأموالًا طائلة، وبالتأكيد قسمًا للألعاب من الأشهر في العالم (قسم Xbox) يحتاج بشدة إلى تقنيات الواقع الافتراضي والميتافيرس. وعلى الرغم من تسريحات الموظفين وتركيزها على الذكاء الاصطناعي في الفترة الأخيرة، فإنها يمكن أن تعاود الاهتمام بالميتافيرس في أي وقت.
Nvidia
إنفيديا من أكبر الشركات في العالم حاليًا وواحدة من الشركات القلائل التي تمتلك سلطة كبيرة جدًا في قبضتها بفضل كروت الشاشة الجبارة التي تُصنعها والتي لا يمكن للشركات التقنية، وشركات الذكاء الاصطناعي بالتحديد أن تعيش بدونها.
أطلقت هذه الشركة في 2022 منصة Nvidia Omniverse الموجهة خصيصًا لتطوير تطبيقات الميتافيرس، ولقد تم الترويج لهذه المنصة على أنها تشكل مستقبل الميتافيرس ثلاثي الأبعاد وأنها ستغير نظرتنا لهذا المصطلح.
Meta
تركنا الشركة التي يُنسَب لها الفضل في شهرة كلمة "ميتافيرس" إلى النهاية، والتي على الرغم من خسارتها لـ 30 مليار دولار تقريبًا بين عامي 2022 و2023 فقط واهتمامها بالذكاء الاصطناعي أيضًا مثل باقي الشركات، فإنها لم تتخل عن حلم الوصول إلى الميتافيرس وها نحن ذا نجدها تطور نظارات قوية جدًا للواقع المعزز AR، أبرزها Meta Quest 3.
كيف يمكننا الدخول إلى الميتافيرس؟
إذا كنا نتحدث عن الميتافيرس بمفهوم شركة ميتا، فإننا- مثلما قلنا- لم نصل إليه بعد ولا نعرف كيف سندخله إن كنا سندخله من الأساس، ولكن الخبر السار أن هناك نسخةً من الميتافيرس، محدودة نعم، ولكن يمكننا الوصول إليها وتجربتها الآن، والكثير من المنصات تتيح هذا الأمر، وإليك الخطوات:
1. اختر المنصة: هناك الكثير من الخيارات، ولكن اختيارك ينبغي أن يكون نابعًا من الهدف من وراء الدخول إلى عالم الميتافيرس، ولكن دعونا نستقر على منصةٍ مثل Decentraland كونها منصة لامركزية تجعل الأمر تحت إدارة المستخدمين أنفسهم.
2. جهز محفظةً للعملات المشفرة: فالكثير من منصات الميتافيرس تستخدم العملات المشفرة بدلًا من العملات والأموال الحقيقية كوسيلة للمعاملات. هناك العديد من الخيارات هنا أيضًا، ومنها: Coinbase، وTrust Wallet، وMetamask، وExodus، وغيرهم.
3. استخدام حاسوبًا أو هاتف محمول قوي: على الرغم من أن بعض المنصات تتطلب نظارات الواقع الافتراضي والأجهزة المشابهة للدخول إلى عالم الميتافيرس، فإن هناك بعض المنصات التي لا تتطلب سوى حاسوبٍ قوي، أو حتى هاتف محمول، للدخول إلى عالمها.
4. نظارات الواقع الافتراضي: إذا اخترت منصة تتطلب هذه النظارات فلن تتمكن من زيارة الميتافيرس الخاص بها بدون وسيلة الدخول، لذا فالأمر يعتمد على اختيارك.
5. أنشئ حسابًا واستكشف الميتافيرس: إذا وصلت إلى هنا فكل ما ستحتاجه للدخول إلى الميتافيرس هو إنشاء حسابٍ على المنصة وتخصيص شخصيتك أو الـ "Avatar"، والذي يكون ممثلك في الميتافيرس، بالطريقة التي تفضلها وأخيرًا الاستمتاع بالتجربة.
بالأخير، قد تشعر بالإحباط قليلًا من التجربة، ولكن تذكر أنها ليست سوى البداية؛ لقد قطعنا شوطًا طويلًا للوصول إلى الميتافيرس ومع تطور الذكاء الاصطناعي والقدرات الحوسبية ربما نصل إلى "الميتافيرس" الذي يدور مخيلتنا في وقت أقرب مما نتوقع بكثير، وإذا صدقت توقعات مارك زوكربيرغ، فإننا قد نصل في أواخر العقد الجاري وبدايات العقد الجديد.